أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - ثم إختفت كميت من التاريخ















المزيد.....

ثم إختفت كميت من التاريخ


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 8304 - 2025 / 4 / 6 - 09:52
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


عندما إحتل الفرس كميت (مصر ) بقيادة قمبيز بن قورش. 525 ق.م .. كان للمصريين لغة تطورت عير الاجيال.مكتوبة بصيغتين .. احدهما لا يتداولها ( قراءة و كتابة ) إلا الكهنة.. ((بدأت ما بين عامي 4000 ق.م و3500 ق.م )) ..و اخرى ظهرت حديثا نتيجة لتعدد الأنشطة وكثرة المعاملات وخصوصاً الإدارية والتي تحتاج لسرعة في الإنجاز. ((يرجع تاريخ أقدم وثيقة (معروفة) مكتوبة بالدِّيموطية إلى السنة الحادية والعشرين من حكم الملك إبسماتيك الأول.)) أى حوالي 650 ق.م ... و كان .. لهم أديان متعددة إما مرتبطة بالشمس ( رع و أمون ) .. او واحدة من عقائد التجدد ( أوزيريس ) .. و طقوس و إحتفالات .. و ملامح و ملابس مميزة .. وحياة يحسدهم عليها أبناء الشعوب المجاورة .
كميت كانت المصدر الاساسي للحضارة و العلوم و الفنون في المنطقة غنية بمنتجاتها الزراعية و محصولها الذى ينتج مرتين في السنة .. و الصناعية التي تصدرها لأغلب أقطار الارض المعروفة في ذلك الزمن .. و ينتج حرفييها أجمل القطع الفنية و علي طول الوادى كان من الممكن مشاهدة المعابد و القصور و مؤسسات الخدمات ..و تسمع بجوار الأدعية و التراتيل .. الموسيقى و الغناء و ضحكات الشابات
المشكلة التي اضعفت كميت و جعلتها فريسة للغرباء كانت ثراء كهانها .. وإرتزاق جيشها المكون من جماعات غير مصرية مؤجرة من أجناس متعددة ..
الكهانة في كميت لها مفهوم خاص ..فكهنة أمون في ذلك الزمن كانوا يشكلون إرستقراطية إقطاعية والمعبد الذى أثرى من أموال المستعمرات و هدايا ملوك الاسرتين الثامنة عشر و التاسعة عشر .. كان يمتلك أراض شاسعة يزرعها بواسطة سكان القرى المجاورة ..
الكهان يحتكرون القراءة و الكتابة.و يتداولون بذلك الخبرة الدينية و العلمية فمنهم الاطباء و المهندسين ..والحرفيين و القادة العسكريين .. وكانت لهم مكتبات ضخمة وسلطات يتحكمون بها في إختيار الملوك .. الذين كانوا في احوال كثيرة بعد زمن الرعامسة منهم .
الشعب في نفس الوقت غير متعلم .. يعاني من الضرائب ..و تحكم جهاز السلطة ..و لكن له ثقافة مميزة و تقاليد توارثها عبر الاجيال و إحتفظ بها رغم كل التغيرات
لذلك .. عندما دخل قمبيز .. مصر .. لم يجد مقاومة تذكرمن الناس .. ( شعب غير مهتم ..و مرتزقة مرتشين في الجيش ) .. الغريب أن الغازى علي العكس وجد تعاونا .. من كهنة رع الذين همشهم الامونيون. و سلبوا منهم السلطة و المال و النفوذ .
سنة 330 ق.م غزا الإغريق بقيادة الإسكندر الأكبر كميت .. وطردوا الفرس أى بعد قرنين شهدت البلاد خلالها قلاقل ..و ثورات و حروب ..و إنتفاضات ..و نكسات..و صراع لم يتوقف ىين الفرس و الكمتيين .. لقد كان النظام لازال قادرا.علي المواجهه .وكان للكمتين ملامح يحتفظون بها . تتمثل في .لغة ..وأرباب و تقاليد و طموحات لم تذوى بعد .
الإستعمار الإغريقي شكل مرحلة جديدة من تاريخ كميت .. فلقد .. كانت هناك جالية واسعة منهم إستقرت منذ زمن أبسماتيك الأول و إستوطنت جزء من الدلتا .. ساعدت البطالسة بعد ذلك .. في نشر الثقافة الإغريقية ..
بدأ الامر بإهمال تطوير و تعليم السكان من الكميتيين عدا سكان مدينة الاسكندرية التي شكلت منارة علمية في منطقة البحر المتوسط .. بواسطة الإستيلاء علي مكتبات المعابد و مثقفيها وعلماءها ..
في جامعات الاسكندرية تعلم عدد كبير من فلاسفة اليونان .. ثم ترجمت كل هذه العلوم للغة اليونانية و عندما اصبحت لغة الدواويين .. توقف تعلم أساليب الكتابة المحلية .. حتي أنه مع الغزو الروماني 30 ق.م كانت اللغة السائدة في الاسكندرية حديثا و كتابة هي اليونانية ,
هذا السقوط الغريب سببه .. أن العلوم و القراءة و الكتابة ..و الفنون إنحصرت بين الكهنة .. بعيدا عن باقي السكان .. و هكذا عندما قهروا الكهنة .. و إستولوا علي تراثهم .. سقطت كميت ..و اصبحت إيجيبت
ستة قرون من الإستعمار الروماني و البيزنطي مرت .. قبل الغزو العربي .. كانت إيجيبت قد فقدت فيها .. كل خصائصها القديمة .. لم يعد لها لغة .. أو تاريخ مكتوب وإحتفت عبادة رع و أمون و أوزربس وحل محلها مسيحية قبطية ..
تخلف الناس .. و لم يعد منهم علماء أو فنانين أو فلاسفة أو رجال دين ..أما الريف فقد بقي علي حاله يحتفظ بتقاليد ..و سلوكيات.. وعلاقات و لغة غير مكتوبة .
بكلمات أخرى .. علي مسافة الفترة من ( 525 ق.م – 600 م ) .. كان الكيمتيون .. قد فقدوا علومهم ..و غنونهم و أديانهم .. و فلسفاتهم و تقاليدهم .. لم تعد اللغات المكتوبة علي جدران البرابي مفسرة .. و يسميها الناس لغة العصافير ..و ذلك بسبب إستعمار إستيطاني يوناني ..و اخر روماني بيزنطي .
عندما تزور الهند أو الصين أو كوريا أو اليابان .. اصحاب الحضارات القديمة .. ستتعرف علي إسلوب حياة ,,و ناس يتحدثون لغة اصلية ممتدة من الاف السنين ..وديانات و معابد لازالت يؤمها الناس ..
إنها حضارات ممتدة و مميزة .. لم تندثر قدر ما تطورت .. ستجد هذا بصورة أو أخرى في دول أوروبا ( اليونان إيطاليا أسبانيا المانيا المجر ... ) مصنوعات خاصة بهم ..و لغة و ملابس و إحتفالات .. و منشئات لن تجدها في اماكن أخرى رغم أن هذه الشعوب .قد لحقت بقطار المعاصرة .
إلا في بلادنا .. نحن الاقوام الوحيدة في العالم الذين يكرهون تاريخهم و حضارتهم .. سواء في بغداد أو دمشق أو القاهرة .. لقد حولنا .. ألإستعمار العربي .. لمسوخ .. نحن لسنا بدو الجزيرة العربية ..و في نفس الوقت .. لسنا احفاد الحضارة الكيميتة أو السومرية أو الكلدانية .. ناس منفصلين تماما .. عن الاجداد .. ولولا جهد علماء الغرب لفك طلاسم الكتابات القديمة .. لظل البعض منا يرى أن دلوكة كانت ملكة مصرية إستخدمت السحر لمنع الغزاة .
مع بداية القرن التاسع عشر .. خرج البعض منا من القمقم .. و تعرف علي نوع أخر من الحياة والعلوم في اوروبا ..و عاد مبهورا يحكي عن لندن و باريس .. ثم بدأت تغييرات .. ثقافية تحدث لسكان المدن ..
لقد إعتنقوا علوم و فلسفات كلها مستوردة.. الدارونية ، الماركسية ، الفاشيستية ، الليبرالية .. و حتي في الدين .. احضروا قراءات مستوردة .. من باكستان و شبه الجزيرة العربية ..
و تاهت مصر .. بين سكان الريف الذين لم يتغيروا كثيرا منذ عصور كميت القديمة .. و المثقفين المدنيين الذين يتبنون ثقافات كلها مستوردة .
و أصبحت مشكلة وجود .. من نحن .. هل سنسير خلف محاولات الدكتور ميلاد حنا .. و نحكي عن أعمدة سبعة مكونة للشخصية المصرية .. أم مع الدكتور طه حسيم .. و توجهاته عبر البحر المتوسط علي اساس اننا القاعدة و الاساس لحضاراتهم ..
أم خلف السلفيين ..و من يحاولون ضمنا للقبائل العربية علي اساس انه حدثت هجرات.. غيرت التركيبة السكانية للمصريين .
عندما نقابل الغرباء نذهب بهم للهرم و الكرنك ..و نحن نلعن الكفار الذين بنوها .. أم للازهر و جامع السلطان حسين .. و نقول هذا هو تاريخنا ..
المصريون غلابة .. مساكين . فقراء .. يسود الجهل بينهم .. حتي بين الحاصلين علي الدكتورا الذين يحكون علي أن أوزيريس هو النبي إدريس .
المخرج الوحيد لازمة الوجود هذه التي فشلنا رغم كل علوم العصر في تجاوزها .. هو أن ننتمي للإنسان .. الذى تحول عبر الاف السنين من وحش يتحرك في البرارى .. إلي وحش يجلس في البيت الابيض يهدد بصواريخ تحمل قنابل نووية ..
نحن فصيل بشرى .. ليست لنا علاقة إثنية أو عرقية واضحة بقدر ما نأمل أن نضيف في يوم ما للحضارة البشرية .. كما فعل سكان هذا الوادى منذ سبعة الاف سنة .



#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اول خطوات التغيير .. دستور معاصر
- هل تمكنت المافيا العالمية منا
- لا نملك عقولا قادرة علي الإبتكار
- مسطرة محاسبتنا ليست واحدة
- الإستراتيجية المفتقدة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
- مؤتمر الخوف من ترامب
- سيناريو بداية إحتلال فلسطين
- بدو يحملون الجنسية المصرية أم مصريون من أصول بدوية
- الناس أكلت طاطورة
- عقد إجتماعي معاصر أم وصايا الدين
- هذه ثقافتهم علمهم و لسنا مدعويين
- مجتمع الكوارث والإنزلاق الطبقي
- عدوان البعض و دفاع الضعفاء دورة لا تتوقف
- غسيل أملاح المجتمع الضارة
- الأكل هناك ملهوش طعم
- لا بديل للتقدم لكسب الحرب
- السعادة .. في بلد مفتقد الأمان
- عندما ييحكم العالم أشخاص عاديين
- فليأخذ حبات عيونهم .. مش مشكلتي
- كأن الإمبراطورية الرومانية قد عادت


المزيد.....




- القوات الإسرائيلية تقتل فتى أمريكي - فلسطيني وتجرح اثنين في ...
- وزير الخارجية الإماراتي يلتقي نظيره الإسرائيلي للمرة الثانية ...
- 3 دول أفريقية تستدعي سفراءها من الجزائر
- مقتل رجل أعمال مصري.. قطعت جثته وخبئت في -مجمد-
- احتجزتهما إسرائيل.. نائبتان بريطانيتان تعودان إلى لندن
- فيديو.. حماس تعلن قصف أسدود في إسرائيل برشقة صاروخية
- -حصلتم على الرد الليلة-.. سموتريتش يعلق على هجوم حماس
- أوامر إخلاء جديدة في غزة.. ونتنياهو يتوعد بعد إطلاق الصواريخ ...
- قتلى ومصابون في صنعاء بعد غارات أميركية جديدة
- فيديو.. السيسي وماكرون يتجولان في خان الخليلي


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - محمد حسين يونس - ثم إختفت كميت من التاريخ