أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - الشهبي أحمد - المغربي: بطل الأساطير في مسرح الحياة اليومية.














المزيد.....

المغربي: بطل الأساطير في مسرح الحياة اليومية.


الشهبي أحمد
كاتب ومدون الرأي وروائي

(Echahby Ahmed)


الحوار المتمدن-العدد: 8299 - 2025 / 4 / 1 - 23:18
المحور: كتابات ساخرة
    


إذا كنت مغربيًا ونجحتَ في قراءة هذه السطور دون أن يُطفئ انقطاع الكهرباء نور حماسك، أو دون أن تعرقلك حفرة في الطريق فتجبرك على إعادة حساباتك في قوانين الجاذبية، فأنت لست مجرد مواطن، بل بطل أسطوري في ملحمة يومية تُدعى "الحياة المغربية". تهانينا، فأنت لم تنجُ فقط من الفوضى، بل أصبحت أحد الناجين القلائل من رحلة يومية أشبه بمغامرات "إنديانا جونز" ولكن بنكهة مغربية خالصة!

في هذا البلد الساحر، حيث الأحلام تُصنع من الإسمنت المسلح ولكن الطرقات تُرمَّم بوعود شفافة، تتجدد المشاريع كما تتجدد مواسم المسلسلات الرمضانية: نفس الفكرة، أسماء جديدة، نفس النهاية الغامضة. كل بضع سنوات، يُضاف طلاء جديد إلى جدران التنمية، لكن الأساسات تبقى كما هي، صامدة في وجه المنطق والزمن.

السياسة هنا ليست مجرد خطط واستراتيجيات، بل لعبة أرقام وحظ أشبه بلعبة "البيلوط"، حيث الفائز هو من يعرف كيف يرمي ورقته الأخيرة في اللحظة المناسبة. قرارات الدعم والأسعار تدور داخل آلة حظ عملاقة، وعندما تعتقد أنك فزت بخبر سار، تكتشف أن الأرقام كانت تُقرأ بالمقلوب.

أما عن المشاريع الكبرى، فلا تقلق، فالمغرب دائمًا في ورشة إصلاح مستمرة، مشاريع تُطلق باحتفالات ضخمة وتُنقل على جميع القنوات الرسمية، ثم تختفي كما تختفي القطارات عندما تحتاجها بشدة. نسمع كثيرًا عن "الجهوية الموسعة"، لكنك ما زلتَ تحتاج إلى جواز سفر داخلي إن أردت إنجاز وثيقة من مدينة أخرى. "المخطط الأخضر" كان حلمًا جميلًا، لكن يبدو أنه اختفى في مكان ما وسط صحراء الوعود.

في الشارع المغربي، يمكنك أن تجد درسًا في الصبر وأطروحة دكتوراه عن فن التكيف. في الصباح، قد تُفاجأ بأزمة نقل غير متوقعة لأن الحافلة الوحيدة في الحي قررت أن تأخذ يوم إجازة غير معلنة. إذا كنت من محظوظي الدراجات النارية، فلا تنسَ اختبار مهاراتك في تفادي الحفر التي تظهر فجأة مثل فِخاخ الأفلام. أما سيارات الأجرة، فهي تجربة وجودية بحد ذاتها، حيث السائق هو الفيلسوف الذي يحلل الوضع السياسي بينما يتجاوز إشارة المرور الحمراء بإيمان راسخ في القضاء والقدر.

أما إذا كنت تظن أن القطاع العام هو الملاذ الآمن، فانتظر حتى تزور مصلحة إدارية حيث الزمن يتوقف، والموظف الوحيد المتاح مشغول بإعداد شاي لا ينضب، بينما صف الانتظار يمتد كأنه جزء من طريق الحرير. هنا، الأوراق تُعاد إليك بسبب نقص توقيع غير واضح، وعندما تعود غدًا بالتوقيع المطلوب، تُفاجأ بأن المكتب المعني قد انتقل إلى مبنى آخر على بعد كيلومترات، بدون إعلان مسبق طبعًا.

وبالحديث عن الإصلاحات، لا بد أن نشيد بروح الابتكار التي يتمتع بها المسؤولون. فعندما لا يجدون حلًا لمشكلة معينة، يبتكرون طريقة لجعل الناس يعتادون عليها بدلًا من حلها. إذا اشتكى المواطنون من الازدحام، تُطلق حملة "المشي مفيد للصحة". إذا ارتفعت أسعار المواد الأساسية، يخرج خبير اقتصادي ليشرح لك فوائد الصيام المتقطع. وإذا اختفت الميزانيات المخصصة للمشاريع، فستجد أن "التقشف" أصبح فضيلة يُنصح بها.

ورغم كل هذه التحديات، يظل المغربي شخصية استثنائية، يواجه المآسي بابتسامة ساخرة، وينتصر على الأزمات بنكته تُلخص الوضع أفضل من ألف تقرير رسمي. عند ارتفاع الأسعار، يُطلق نكتة تجعل الجميع يضحكون رغم المرارة. عندما يطول الانتظار، يحول الطابور إلى منتدى اجتماعي لمناقشة السياسة، والرياضة، وأسرار الحياة.

المغرب، يا سادة، هو مسرح التناقضات العظيمة. بلد يصنف ضمن "الاقتصادات الصاعدة"، لكنك تتساءل: لماذا صعدت أسعار الخضر أسرع من الاقتصاد؟ هنا، كل شيء ممكن، إلا الأشياء التي تحتاج فعلًا إلى أن تكون ممكنة. الإصلاحات تُعلَن يوميًا، لكنها تشبه سراب الصحراء، تلمع من بعيد، لكنها تتبخر عند الاقتراب.

لكن، أيها المغربي العزيز، لا تأخذ الأمور بجدية زائدة. في النهاية، أنت بطلٌ في هذا المسرح الكبير، والمشهد السياسي هو عرض كوميدي ممتد. قد لا تفهم القصة، لكنك ستضحك، ولو من خلف ستار الدموع الداخلية. والمغرب؟ هو ذلك المكان الذي نتذمر منه كثيرًا، لكننا نحبه أكثر مما نحب الاعتراف بذلك. فاستمتع بالعرض، أيها البطل، لأنه لا يبدو أنه سينتهي قريبًا.

#الشهبي_أحمد
#الكوميديا_السوداء



#الشهبي_أحمد (هاشتاغ)       Echahby_Ahmed#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صوتٌ يصدحُ من بين القيود: رؤيةٌ نقديةٌ ل-تحرير المرأة- مع قا ...
- شوبنهاور والعيد: سعي بلا نهاية نحو السعادة الزائفة
- التطرف السياسي والخيانة: عندما يصبح المبدأ عرضة للتغيير
- عندما تصبح الصحافة صراعاً شخصياً: هل نعيش عصر -الفرجة الإعلا ...
- صفعة تمارة: السلطة والمواطن بين القانون والثقة المفقودة
- الوعي المثقف: مرض ودواء في قبو دوستويفسكي
- -أصداف الدهور-: حين يصبح الزمن قفصًا، والماضي لؤلؤة مفقودة ف ...
- أصداف الدهور: حين يصبح الزمن قفصًا، والماضي لؤلؤة مفقودة في ...
- الليل لنا: تأملات في الغياب والحضور في رواية محمد مباركي
- السياسي والمؤرخ: صراع الزمن والقلم
- مزهوون بمتلاشيات الآخرين
- أنقاض الروح والكلمة: قراءة في مجموعة - تحت الركام- القصصية ل ...
- التعليم المغربي: حلم يتهاوى بين فوضى السياسة وصمت الجميع
- عبارات ملهمة: قراءة نقدية وتحليلية في أعماق الكلمة والوجود ل ...
- -ياسمين الخريف- لأحمد الشهبي: قراءة نقدية وتحليلية في المتاه ...
- -عبارات ملهمة-: سلطة الكلمة في مجموعة جواد العوالي القصصية
- عبارات ملهمة: تأثير الكلمة على أعماق الوجود الإنساني - قراءة ...
- كيكو: اغتصاب الطفولة في ظلّ ثقافة الإفلات من العقاب – مأساة ...
- تحديات الكتابة والنشر في عصر الرقمنة: أزمة قلة القراءة وصعوب ...
- غزة: الجريمةُ التي تُعيدُ تشكيلَ ضمير العالم


المزيد.....




- وفاة الممثل الأمريكي فال كيلمر عن عمر يناهز 65 عاماً
- فيلم -نجوم الساحل-.. محاولة ضعيفة لاستنساخ -الحريفة-
- تصوير 4 أفلام عن أعضاء فرقة The Beatles البريطانية الشهيرة ...
- ياسمين صبري توقف مقاضاة محمد رمضان وتقبل اعتذاره
- ثبت تردد قناة MBC دراما مصر الان.. أحلى أفلام ومسلسلات عيد ا ...
- لمحبي الأفلام المصرية..ثبت تردد قناة روتانا سينما على النايل ...
- ظهور بيت أبيض جديد في الولايات المتحدة (صور)
- رحيل الممثل الأمريكي فال كيلمر المعروف بأدواره في -توب غن- و ...
- فيديو سقوط نوال الزغبي على المسرح وفستانها وإطلالتها يثير تف ...
- رحيل أسطورة هوليوود فال كيلمر


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - الشهبي أحمد - المغربي: بطل الأساطير في مسرح الحياة اليومية.