أمين بن سعيد
الحوار المتمدن-العدد: 8294 - 2025 / 3 / 27 - 22:18
المحور:
كتابات ساخرة
(1): 99-44
أنا الأخير، وقبلي يوجد سبعة... يقول بعض أصدقائي أن أمي من فصيلة الأرانب، ولا أبالي كثيرا لقولهم، يقولونه في إطار مزاح، والحقيقة أنهم يستهجنون السلوك الأرنبي والتكاثر الحشري الذي انتهجه الزوج المقدس... لا يعنيني كل ذلك، ولا أغضب منه... أبي يكبرني بخمس وأربعين سنة، ولم أكن أظن أني سأحتاج لذلك الرقم يوما...
منذ صغري لم أفكر في إنشاء عائلة... أن أكون مواطنا صالحا كما يُقال... زوجة وأطفال ومنزل وحديقة و... كلب. مع عمل محترم وأموال وأعياد ومناسبات، ودموع أمي عندما أزورها وتنزل من السيارة الكنة والأطفال... لم يكن كل ذلك يستهويني، لكني كنتُ أعرف ألا هروب منه...
قلتُ لن أبحث عنها، وسألبي حاجياتي حتى أعرفها؛ التي ستجعلني أمشي على رأسي أقصد... امرأة الحياة، الحبيبة التي سأمضي الليالي دون نوم أفكر فيها، التي لن أستطيع السيطرة على قضيبي عندما أراها، التي لن أنظر إلى غيرها، التي سأسعد عندما أسمعها وأقرأ رسائلها، التي لن تغيب عن بالي حتى عندما أتقيأ أو أدخل الحمام عند إسهال...
بدأتُ أشعر بالحرج هذه الأيام، وقد بلغتُ الأربعين! ليست تلك القصة التي يقولونها عن الأربعين، لكن قصة الخمسة والأربعين! لا يزال عندي أربع سنوات لأجدها! أقصى فرق عمري مقبول عندي هو الفرق بيني وبين أبي... ابني الكبير لا يجب أن أكون أكبر منه بأكثر مما يكبرني أبي... برغم أني الصغير!
من السابعة عشرة إلى التاسعة والثلاثين، حسبتُ دون أن أفكر، وافتخرتُ أحيانا... لكني ما إن وصلتُ الأربعين حتى قررتُ طريقين... إما أن أتوقف عن الحساب، وإما أن أوقف العداد، وقررتُ الثانية... تسع وتسعين امرأة في أكثر من عشرين سنة بقليل، يُعتبر رقما محترما، ليس كبيرا، وليس صغيرا، وبإضافة عدم المرض بأي من تلك الأمراض في كل تلك المدة، تكون النتيجة جيدة اشتملت على العدد المحترم وعلى الحظ الجيد... لكني قررتُ أن أوقف العداد! رقم مئة يجب أن تكون امرأة حياتي!
عادتي، كانت الهجوم... أحيانا على حصان وبسيف ورمح، أحيانا بمسدس، أحيانا برشاشة، وأحيانا بدبابة! لم يكن من عادتي الانتظار، وكان الأمر لا يختلف عندي في شيء عن قضاء أي أمر، أدخل المكان وأهجم، أنظر في طريق، في حديقة، في طائرة، في قطار... في أي مكان، وأهجم، ونادرا ما لا أنجح... أغلب الأوقات لا أعود فارغ اليدين، ويستمر الأمر مدة، ثم أعاود الهجوم، وهكذا. حصل مرات قليلة أن تعرضتُ لهجوم، لكنها كانت قليلة، ولا تُذكر مقارنة بالعادة...
هذه المرة، قررتُ أن أنتظر، وألا أهجم... أنا على يقين، أني إذا هجمتُ كسالف عهدي، لن أجدها، وسأعود بما كنتُ أعود به، وإذا لم تكن المائة، لن أستطيع انتظار المائتين! وسأتجاوز حد الخمسة والأربعين!
(2): عنصري
- أحبكِ كسيجارة
- ماذا؟
- ...
- هكذا تراني؟
- ليس لألقيكِ بعد قضاء رغبتي، وأمر إلى غيركِ...
- قد تقلع يوما عن التدخين!
- لن أفعل... أنتِ إدمان... مازوشية...
- يبقى التشبيه...! يعني... لم يُعجبني...
- غبية
- ربما... هل لذلك علاقة بكوني لا أدخن؟
- أنتِ تفعلين ومنذ سنوات
- أعلم... لم أقصد التدخين الغير مباشر...
- المباشر ليس شأن النساء، الرجل يباشر ولذلك المدخنون رجال
- هناك نساء
- نعم... والتدخين علامة تحرر للمرأة قال اليهودي...
- ماذا؟
- لا شيء... نوبة معاداة سامية لم أستطع كبحها... تعلمين أني عنصري بغيض...
- نعم... تعرف ذلك اليوم عندما صدم سيارتي...
- نعم... أتذكر
- الرجل الذي صدم سيارتي لم يكن يهوديا، لكن... ربما عنده صديق يهودي... وهو من حرضه...
- بالتأكيد، وإذا ظننتِ أني سأستبعد الفكرة تكونين لم تعرفي شيئا عني!
- هل يمكن أن يكون وراء حبي لك شيء يهودي؟
- لا شك في ذلك، لكن كيف بالضبط؟ لا أعلم... اليهود وراء كل شيء! حبكِ لي شيء... إذن، أكيد وراءه يهود أو شيء منهم!
- ...
- ماذا؟
- تصلح أن تكون ممثلا...
- ربما
- ملامحك وأنت تتكلم... كأنك تعتقد ما تقول دون أدنى شك...
- لذلك لا يُجارينا أحد؟
- تتذكر سلمى؟
- بالتأكيد... كانت رائعة!
- نعم! صدقتْ أننا نتمنى قتل كل مسلمي الأرض!
- الأطباء أغبياء عزيزتي... وسلمى؟
- طبيبة!
- الحقيقة أن كل من دخل جامعة غبي...
- كتاتيب!
- بنجو! قولي...
- نعم؟
- لماذا لا نُجرب كبد البشر؟
- أفضل الكلية!
- الكبد لي والكلية لكِ... ما رأيكِ؟
- موافقة... لكن من أين؟
- نذهب إلى سوريا
- أفضل صربيا ثم إسرائيل
- صهيونية؟!!
- وكيف سنجد أكبادا وكلى إذن؟
- نعم... عندكِ حق!
(3): مغرور
- هل تحبين القصص؟
- مللتُ من سماع قصص الآخرين...
- كنتُ سأروي قصتكِ...
- لا تعرف عنها شيئا قصتي، تعارفنا بالأمس!
- القصة بدأت بالأمس و
- لم تُعجبني نبرتكَ...
- ما الذي لم يُعجبكِ فيها؟
- التعالي... الغرور! كأنكَ الله تعرف المستقبل...
- هل تُجيدين الطبخ؟
- ...؟!!
- أنتِ بصدد طبخ شيء ما، عندكِ كل ما يلزم، وشرعتِ في التحضير، ثم الطبخ... هل تعلمين مستقبل ما تطبخين؟ إذا كنتِ بارعة، لن تستحقي حتى تذوق ما تطبخين، وسيكون مثلما تخيلتِه وأردتِه...
- كلهم لم يروا فيّ غير مادة جنس، أول مرة يراني أحد طبخة!
- في كل الحالات أنتِ مأكولة، جنسا كان أو طبيخا...
- لماذا تبتسم؟!
- لم تُلق عليّ لا كأسا ولا قارورة، ولازلتِ جالسة معي ولم تُغادري...
- ...
- ولم تصرخي ولم تشتميني... هل وراء ذلك شيء؟
- ...!
- اهتمام... ولو حتى بنسبة ضئيلة...؟
- حكمي كان صحيحا إذن!
- نعم... حدسكِ صدقكِ... وعليكِ أن تتبعيه... وقتها فقط ستكون لكِ قصتكِ
- واو! أنا محظوظة إذن؟
- قلتِ أنهم كلهم رأوكِ شيئا جنسيا؟
- وأنتَ رأيتني أكلا!
- لم أفعل، اتهامكِ باطل... ربما أحاكمكِ عليه في المستقبل...
- لن تستطيع!
- لماذا؟ كل شيء جائز...
- لأنه لن يكون مستقبل!
- ... لن أترجاكِ ألا تُغادري... لكن لن أنكر رغبتي في أن تبقي...
- بالأمس لم تُكلمني هكذا!
- نعم... خدعتكِ! هل لو لم أفعل، كنتِ ستقبلين أن نلتقي اليوم؟
- ...
- والآن أيضا خدعتكِ... المستوى حقا هزيل! بالأمس... واليوم... متى ستستيقظين؟!
- ...
- اجلسي... لا تغادري...
- ...
- وستدفعين الحساب...
- أول مرة يُـ
- لا تُكملي... أول مرة يكلمكِ أحد هكذا... أعرف... أنا فريد ولا أحد مثلي بين كل البشر...
- أنتَ حقا...!
- غضبتِ؟
- ...!
- لا تُغادري...
- ...!!
بعد مغادرتها بقليل، وقفتْ بجانبي نادلة...
- سيدي... هل اخترتَ؟
- نعم، لكنها تركتني...
- المعذرة؟
- ربما أحتاج منكِ خدمة في المستقبل...
- ماذا؟
- أسألكِ عن كلامي معكِ الآن، قلتُ أنها تركتني وأني اخترتها... فقط. وستحصلين على مكافأة... موافقة؟
- ...
- و... اختاري لي أنتِ... المهم في أقل وقت...
- بيتزا؟
- لا، أي شيء آخر... لا تقولي ماذا... دعي لي فرصة المفاجأة! من الآن إلى أن تعودي بما ستختارين، لن أُفكر إلا في تلك الأكلة الرائعة التي سأفترسها افتراسا... اذهبي الآن... بسرعة! أنا أتضور جوعا!
- ...
(4): كلاب
- ... أأأ... ما بكَ؟ لماذا توقفتَ؟
- كأني أضاجع كلبا، أو بصدد اغتصاب رهينة...
- لماذا تقول هذا؟!
- لا أعلم بالضبط ما الذي يحدث معكِ، لكني أرى أني أستحق أحسن من هذا...
- لا تلبس! انتظر! لماذا تفعل هذا؟
- عزيزتي... إن قبلتِ على نفسكِ هذا، أنا لا أقبله لكِ... أسمي ذلك حبا للمرأة، كلمتكِ عن ذلك عديد المرات... نعم، حب، حتى لو كانت لا تستحق...
- أنت تظلمني الآن وتهينني! هذا جزائي! هذه مكافأة حبي لكَ؟!
- كنتِ كعاهرة تبيع جسدها، نقصتكِ مجلة أمامكِ، وتنتظرين فيها حتى أنتهي... حب ماذا يا عزيزتي؟
- لا أصدق!
- عزيزتي، سأعطيكِ فرصة وحيدة للتدارك، لا تُضيعيها... سؤال: ما الذي يحدث معكِ؟
- لا شيء يحدث! لم يحدث أي شيء!
- وداعا عزيزتي... غدا غيركِ ستكون مكانكِ... لا أضاجع الكلاب، ولا العاهرات... أحب المرأة، ولا أقبل أن تهان، حتى لو كانت لا تستحق!
(5): ...
كنتُ متكئا على عمود، أسمع صوت الأمواج وهي ترتطم تحتي بالحجارة... كان يوما سيئا، وكنتُ أشعر بالضيق... حتى سمعتُ صوتا... فتكلمنا دون أن ألتفت... كانت تجلس على كرسي متحرك...
- تفكر في الانتحار؟
- ماذا؟
- قلتُ... هل تفكر في الانتحار؟ وقوفكَ هنا يُثير الريبة...
- ستُنقذينني لو كنتُ؟
- قلبي ضعيف ويرق بسرعة، أكيد سأفعل
- لم يكن ينقص يومي إلا مقعدة!
- لم تُعلمكَ أمكَ كيف تكون لبقا مع النساء؟
- ولم تُعلمكِ أمكِ أنه لا يجوز الاقتراب من الغرباء؟
- لا... توفيت وهي تلدني...
- عندي عمة تُوفيتْ على فراش الولادة... لا يزال بابا يصر على حبها العظيم لي، برغم أنها لم تعرفني إلا ثلاث سنوات
- رباني خالي... بابا كان سكيرا مقامرا... تعرف لم أشعر يوما أنه والد لي... حتى يوم مات لم أبكِ... لم أشعر بشيء!
- قلتِ أن قلبكِ رقيق...
- ليس مع كل الناس...
- أنا لستُ من كل الناس إذن؟
- القرار يعود لكَ
- لم يكن بيدي يوما شيء! غريب قصة خالكِ الذي رباكِ... بابا أيضا ربى ابنة أخته!
- نعم، غريب...
- كيف عرفتِ أني هنا؟
- لم تستقبلني، فجئتُ أبحث عنكَ... قلبي رقيق!
- وإلى متى... الكرسي؟
- شهران أو ثلاثة... ربما أقل...
- هل...
- نعم، غاضب منكَ! لم ترد على أي من اتصالاته...
- ذهبتُ إلى المطار... لكن... غادرتُ عندما رأيتُه...
- و... إلى متى ستبقى هكذا؟
- لا أعلم!
- لا أريد هذا...
- أنا أيضا... لكنـ
- ماذا؟! لن أقبل بهذا الوضع؟
- من أوصلكِ إلى هنا؟
- الشوفير
- تخلصي منه... ستأتين معي...
- بابا ينتظرني على العشاء!
-مثلما تريدين...
- أريد أن تعود معي...؟
- دعيني وحدي إذن... وسأتصل بكِ غدا...
- لن أدعكَ...
- لا تصري، لن أذهب معكِ...
- أذهبُ أنا إذن!
- سيغضب منكِ...
- سأتصل به، وأطلب إذنه
- نعم... اطلبي اذنه...قطة مطيعة
- ادفع بي الكرسي ولا تتكلم...
#أمين_بن_سعيد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟