|
عن الدولة الأندلسية في الإسكندرية
خلف علي الخلف
الحوار المتمدن-العدد: 8294 - 2025 / 3 / 27 - 17:16
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
إن القارئ للأدبيات التي كتبت عن "دولة الأندلسيين" في الإسكندرية يلاحظ اضطراباً وعدم دقة في التواريخ والمعلومات بدأها المقريزي، وبناء على النقل منه استمر هذا الاضطراب وعدم الدقة. يذكر المقريزي في كتابه "كتاب المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار"، ما نصه "وفي سنة تسع وتسعين ومائة، عظمت الحروب بديار مصر بين المطلب بن عبد الله الخزاعيّ أمير مصر، وبين عبد العزيز بن الوزير الجرويّ، الثائر بتنيس، فعقد المطلب على الإسكندرية، لمحمد بن هبيرة بن هاشم بن خديج، فاستخلف محمد خاله، عمر بن عبد الملك بن محمد بن عبد الرحمن بن معاوية بن خديج، الذي يقال له: عمر بن ملاك، ثم عزله المطلب بعد ثلاثة أشهر، بأخيه الفضل بن عبد الله بن مالك، وكانت بالإسكندرية مراكب الأندلسيين قد قفلوا من غزوهم، وكان سبب قدوم هذه المراكب ما جرى لأهل قرطبة بوقعة الربض مع الحكم بن هشام في سنة اثنتين وثمانين ومائة، فأخرج جماعة منهم، فوصلوا إلى صغر الإسكندرية، زيادة على عشرة آلاف". إن التاريخ الذي يذكره المقريزي لثورة الربض غير صحيح، فثورة الربض، أو وقعة الربض، هي انتفاضة وقعت في مدينة قرطبة في 13 رمضان 202 هـ / 25 مارس 818م، حيث قام أهل المدينة، وبشكل خاص سكان ربض شقندة، بالتمرد ضد حكم الأمير الحكم بن هشام. وكادت هذه الثورة أن تطيح بحكمه، وأسفرت عن إجلاء عدد كبير من سكان الربض من قرطبة.
لكن سبق ثورة الربض احتجاجا آخر حدث في عام 198 هـ (813م)، حيث دبر مجموعة من فقهاء قرطبة، منهم يحيى بن يحيى الليثي، وعيسى بن دينار، وطالوت بن عبد الجبار المعافري، مؤامرة لخلع الحكم بن هشام بسبب ما لاحظوه من قسوة في حكمه، وخروجه عن أحكام الدين، بالإضافة إلى بذخه واهتمامه باللهو والشراب. قاموا بتحريض العامة ضد الحكم من على المنابر، ورأوا في محمد بن القاسم المرواني بديلاً مناسباً للحكم. لكن الرجل خشي عواقب فشل المؤامرة، فبادر بإبلاغ الحكم الذي قبض على بعض المشاركين في المؤامرة، بينما فر البعض الآخر، وكان من بينهم يحيى بن يحيى وعيسى بن دينار. أمر الحكم بصلب اثنين وسبعين من المتآمرين، مما أثار الخوف والعداوة في قلوب العامة. وإذ يذكر التاريخ بمصادر متعددة وثابتة أن الأندلسيين تم إجلائهم من الاسكندرية بعد أن حاصرها عبدالله بن طاهر الذي نقله المأمون من الجزيرة، حيث أبلى بلاءً حسنا في إخماد الفتن والتمرد هناك، إلى مصر لإخماد الفتن والتمرد الذي لم ينقطع فيها. استسلم «عبيد الله بن السري» لوالي المأمون الجديد في (5 صفر 211هـ | 17 مايو 826)، ثم بعد ذلك قضى على حكم الأندلسيين بعد أن حاصرهم تسعة أشهر كما يذكر ديونسيوس التلمحري الذي كان معاصرا لذلك الحدث. إذا يكون إجلاؤهم قد حدث في أول عام 827 م. وقد دامت "دولتهم" أكثر من عشر سنين بحسب المؤرخين وفق معلومات متقاطعة. هذا يجعل الأندلسيين الذي شاركوا في حكم الاسكندرية سابقين على ثورة الربض والجلاء الكبير الذي أمر به ابن هشام. وعليه قمت بإعداد هذا المسرد التاريخي، للتاريخ المحيط بهذه "الدولة" تفصيلا موسعا، ليكون مرشدا لمن يريد أن يبحث في تاريخ الدولة الأندلسية في الاسكندرية أو الحكم الأندلسي في الإسكندرية وأسبابه وتواريخه الدقيقة وراجعت خلال هذا المسرد، الكتب التاريخية والمقالات المعاصرة التي كتبت عن تلك الحقبة وأفدت منها، وأعتذر عن عدم وضع المراجع والهوامش والإحالات في هذا المسرد لأنه مجرد مقال وليس بحثا تاريخياً.
خلفية تاريخية
في بداية عهد المأمون، ولّى عبّاد بن محمد على مصر، ثم عزله وولّى المطلب بن عبد الله الخزاعي عليها سنة 198هـ / 814م، فأقام سبعة أشهر، ثم عزله وولّى العباس بن موسى بن عيسى الهاشمي على مصر سنة 199هـ / 815م. فوجه ابنه عبد الله بن العباس إليها نيابة عنه، بينما بقي في الحجاز، فحبس الخزاعي، وصيّر شرطته إلى عبد العزيز بن الوزير الجروي.
وساءت سيرة عبد الله بن العباس، فوثب السري بن الحكم الزطي واستمال الجند، ثم حارب عبد الله بن العباس حتى أخرجه من البلد، وأخرج المطلب بن عبد الله الخزاعي من الحبس، فبايع له وأعاده إلى الولاية، ونزل دار الإمارة، واستولى على بيت عبد الله بن العباس، وأخذ كل ما كان معه من الأموال، وحبسه، وجعل أخاه الفضل بن عبد الله الخزاعي عاملًا على الإسكندرية وعزل صاحب الشرطة الجروي.
عند ذلك، مضى صاحب الشرطة المعزول عبد العزيز بن الوزير الجروي إلى تنيس، فأقام متغلبًا عليها وعلى ما والاها من كور أسفل الأرض، في حين غلب السري بن الحكم على قصبة الفسطاط والصعيد. أقبل العباس بن موسى بن عيسى العباسي من مكة إلى الحوف في مصر طالبًا استعادة ولايته عليها، فنزل بلبيس ودعا قيسًا [!] إلى نصرته، ثم مضى إلى عبد العزيز الجروي في تنيس فشاوره، فأشار عليه أن ينزل دار قيس. فرجع العباس إلى بلبيس، ويُقال إن المطلب الخزاعي دسّ إلى قيس محذرًا إياه من العباس، فقاموا بتسميم العباس في طعامه، فمات في بلبيس.
وأقبل عبد الله بن موسى إلى مصر طالبًا الثأر لمقتل أخيه العباس، فخرج إليه المطلب بن عبد الله الخزاعي في أهل مصر، فحاربوه في صفر سنة 200هـ / أكتوبر 815م وهزموه. وعندما عيّن المأمون علي الرضا وليًّا للعهد، انضم المطلب الخزاعي إلى المنادين بـ إبراهيم بن المهدي خليفةً وخلع المأمون. لكن مجموعة من الجند في مصر خرجوا على المطلب الخزاعي وبايعوا السري بن الحكم على ولاية مصر، وقاتلوا جند المطلب حتى قتلوا صاحب شرطته هبيرة بن هاشم بن حديج. وطلب المطلب الخزاعي الأمان من السري بن الحكم على أن يسلِّم إليه الأمر ويخرج من مصر، فوافق السري، وخرج المطلب في بحر القلزم (البحر الأحمر) متجهًا إلى مكة. وكان ذلك في بداية رمضان سنة 200هـ / أبريل 816م. عندما استعاد السري بن الحكم الحكم في مصر، اندلعت مواجهة عنيفة بينه وبين عبد العزيز بن الوزير الجروي، حيث لم تهدأ الصراعات بينهما. وخلال ولايته الثانية، تلقى السري أمرًا مباشرًا من الخليفة المأمون بضرورة مبايعة علي الرضا وليًّا للعهد، فبادر إلى تنفيذ الأمر وأعلن المبايعة رسميًا في مصر.
في هذه الأثناء، كانت بغداد تشهد ثورة ضد المأمون، حيث أعلن الثوار تنصيب إبراهيم بن المهدي خليفة بديلًا له. وفي إطار توطيد حكمه، أرسل إبراهيم رسائل إلى قادة الجند في مصر يدعوهم إلى خلع المأمون ورفض ولاية علي الرضا، إضافة إلى معارضة سلطة السري بن الحكم. استجاب لهذه الدعوة عدد من القادة العسكريين الذين تمركزوا في مناطق مختلفة من البلاد، تزعم الحارث بن زرعة بن قحزم الدعوة إلى خلافة إبراهيم بن المهدي في الفسطاط، وانضم إليه كل من عبد العزيز بن الوزير الجروي الذي فرض نفوذه على أسفل أرض مصر، وسلمة بن عبد الملك الأزدي الطحاوي الذي قاد الحركة في الصعيد، كما التحق بهم سليمان بن غالب بن جبريل وعبد العزيز بن عبد الرحمن الأزدي. اجتمع هؤلاء القادة على معارضة حكم السري بن الحكم، وأعلنوا تنصيب عبد العزيز الأزدي واليًا على مصر، في تحدٍّ مباشر لسلطة المأمون وولايته. لم يتردد السري بن الحكم في التحرك لمواجهة التمرد، فقاد حملة عسكرية ضد عبد العزيز الأزدي، تمكن خلالها من الانتصار عليه وقتله، وأمر بالقضاء على جميع أفراد أسرته في عام 202هـ / 817م، مما دفع عددًا من القادة المعارضين إلى الفرار والاحتماء بـ عبد العزيز الجروي.
بعد هذه الأحداث، تحول ميزان القوى مجددًا، إذ أنه في 4 ربيع الأول 201هـ / 17 سبتمبر 816م، اندلعت ثورة بين صفوف الجند في مصر، تمكنوا خلالها من الإطاحة بـ السري بن الحكم، وأودعوه السجن. لتنتهي بذلك ولايته التي استمرت ستة أشهر فقط. وبايع الجند سليمان حفيد جبريل بن يحيى البجلي واليًا جديدًا على مصر. كان سليمان البجلي أحد القادة الخراسانيين البارزين الذين ساهموا في الثورة العباسية، كما شغل منصب صاحب شرطة مصر خلال ولاية السري بن الحكم. عند توليه السلطة، عين أبا بكر بن جنادة بن عيسى المعافري مسؤولًا عن الشرطة، لكنه سرعان ما عزله، وأسند المنصب إلى عباس بن لهيعة بن عيسى الحضرمي. لكن الأوضاع لم تستقر له، إذ سرعان ما انقلب عليه الجند، مما اضطره إلى التنحي في شعبان 201هـ / فبراير 817م، أي بعد خمسة أشهر فقط من توليه الحكم. نتيجة لذلك، عاد السري بن الحكم مجددًا إلى ولاية مصر في 201هـ / 817م، وظل حاكمًا حتى وفاته في الفسطاط سنة 205هـ / 820م.
تولى محمد بن السري بن الحكم حكم مصر بعد وفاة والده في عام 205 هـ (820م) من قِبل المأمون، وكان له دور بارز في مواجهة علي بن عبد العزيز الجروي، الذي تولى بعد وفاة أبيه في الإسكندرية، واتسعت سلطته قد اشتدت في أسفل أرض مصر والحوف الشرقي. وعندما تولى محمد حكم مصر، جهز نفسه للقتال ضد علي الجروي، الذي أصبح يشكل تهديدًا كبيرًا لسلطة العباسيين في تلك المنطقة. فخرج محمد بنفسه لملاقاة علي الجروي، حيث دارت بينهما عدة معارك. يذكر بعض المؤرخين أنه في إحدى المعارك، أرسل محمد جيشًا بقيادة أخيه أحمد بن السري، الذي التقى مع جيش علي الجروي في شطانوف، حيث دارت معركة عنيفة انتهت بهزيمة أحمد بن السري. ثم أرسل محمد أخاه مرة أخرى لحرب علي الجروي، فالتقى الجيشان في دمنهور، وكانت المعركة هناك شديدة جدًا، حيث سقط فيها العديد من القتلى من الجانبين. وبعد المعركة، عاد أحمد بن السري إلى الفسطاط، ولكن لم يكن محمد بن السري قادرًا على الاستمرار في محاربة علي الجروي، إذ أصيب بمرض شديد لزم معه الفراش، مما أدى إلى وفاته في عام 206 هـ (822م) بعد أن حكم مصر لمدة عام وشهرين فقط. بعد وفاته، تولى حكم مصر من بعده أخوه عبيد الله بن السري.
في هذه الأثناء، كان الخليفة المأمون يسعى لفرض سلطته على مصر، فعين خالد بن يزيد الشيباني واليًا جديدًا بديلًا عن عبيد الله بن السري في 206هـ / 821م، إلا أن الأخير رفض الامتثال لقرار الخليفة، واستقل بإدارة الفسطاط، محكمًا سيطرته على الوجه القبلي وجزء من الوجه البحري. اشتبك عبيد الله بن السري في معركة مع خالد بن يزيد الشيباني، انتهت بأسر الأخير. لكن بدلاً من معاقبته، أكرمه عبيد الله، وعرض عليه خيار البقاء في مصر أو الرحيل، فاختار خالد بن يزيد مغادرة البلاد متوجهًا إلى مكة عبر بحر القلزم (الأحمر).
دولة الأندلسيين في الإسكندرية
أما في الإسكندرية، فقد كان الوضع مختلفًا. في عهد الوالي عباد بن محمد بن حيان، الذي حكم مصر من 196 هـ (811م) إلى 198 هـ (813م)، غلبت لخم وبنو مدلج على الإسكندرية، وكان رئيس لخم رجل يُدعى أحمد بن رحيم اللخمي. تحالف اللخمي مع الأندلسيين الذين هربوا إلى الإسكندرية بعد حادثة محاولة خلع الحكم بن هشام في قرطبة سنة 198 هـ (813م). وقد تغلب عليهم الحكم، وأمر بصلب اثنين وسبعين رجلاً منهم، مما أدى إلى نشر البغضاء والرهبة في قلوب العامة، حيث شعر الناس بالخوف من العقوبات القاسية التي فرضها الخليفة على المعتدين. في عام 198 هـ (813م)، دبر مجموعة من فقهاء قرطبة، منهم يحيى بن يحيى الليثي، عيسى بن دينار، وطالوت بن عبد الجبار المعافري، مؤامرة لخلع الحكم بن هشام بعد أن رأوا منه قسوة شديدة وخروجًا عن أحكام الدين، إلى جانب بذخه وشغفه باللهو والشراب. وقد ألبوا العامة ضد الحكم من على المنابر، معتبرين أنه لا يصلح للحكم. رأى هؤلاء الفقهاء في محمد بن القاسم المرواني بديلاً يصلح لخلافة الحكم بن هشام. لكن محمد بن القاسم، خشيةً على مصيره في حال فشل المؤامرة، أبلغ الحكم بن هشام الذي بدوره قام بالقبض على بعض المشاركين في المؤامرة، فيما فر آخرون. من بين الذين فروا كان يحيى بن يحيى وعيسى بن دينار اللذان هربا إلى طليطلة، بينما فر آخرون إلى الإسكندرية، التي كانت تعد من أهم المدن التجارية في ذلك الوقت بالنسبة للأندلسيين.
فقد بدأت قصة الأندلسيين عندما وصلوا في مراكب تجارية إلى ميناء الإسكندرية حيث أرسوا في الرمال. ولحقت بهم جماعات أخرى، حتى بلغ عددهم نحو ثلاثة آلاف رجل. استقروا على ساحل البحر وبجواره، لأن الأمراء في الإسكندرية لم يكونوا يسمحون لهم بالدخول إلى المدينة. بدلاً من ذلك، كان الناس يخرجون إليهم من الأنحاء المجاورة لبيع حاجياتهم وشراء بضائع الأندلسيين.
ضمَّت أساطيل الأندلسيين التجارية، الهاربين من قرطبة، سفنًا أخرى انضمت إليهم من مدن مثل بلنسية وطليطلة هاربين من حكم الحكم بن هشام نتيجة أحداث تاريخية لا فائدة من ذكرها هنا، حيث كان العديد من هؤلاء قد هربوا نتيجة ظلم الحكم بن هشام، لكن كان نواتهم الأساسية هم الهاربين من مؤامرة خلع الحكم في عام 198 هـ (813م)، التي جعلت هؤلاء الأندلسيين يفرون طلبًا للنجاة، لكن من بين هؤلاء الأندلسيين من كانوا يمتهنون القرصنة في البحار أيضا.
وفي العودة إلى الديار المصرية والإسكندرية، فكما مر معنا فقد نشبت في سنة 199 هـ (814 م)، حرب عنيفة في ديار مصر بين المطلب بن عبد الله الخزاعي والي مصر، وعبد العزيز بن الوزير الجروي الذي قاد تمردًا في تنيس. إذ ذاك لم تكن ثورة الربض قد اندلعت، لكن كان هناك في الإسكندرية مراكب الأندلسيين، الذين تشكلت نواتهم الرئيسية من الفارين من قرطبة، الذين عادوا من رحلة تجارية، وقد جعلوا شاطئ الإسكندرية مقرًا لهم. وعندما عزل المطلب عمر بن هلال، قام عبد العزيز الجروي بإرسال رسالة إليه يدعوه للوثوب على الإسكندرية وإعلان تأييده له. استجاب عمر بن هلال لدعوة الجروي، فقام بالاتصال بالأندلسيين لدعوتهم للانضمام إليه في طرد الفضل من الإسكندرية. فاستجاب الأندلسيون، وكانوا بضعة آلاف قدروا بثلاثة، وخرجوا معه، ونجحوا في إخراج الفضل من المدينة، كما قاموا بالدعوة للجروي.
لكن، لم يمضِ وقت طويل قبل أن ينقلب أهل الإسكندرية على الأندلسيين، حيث أخرجوا الأندلسيين من المدينة وأعادوا الفضل إلى منصبه. كما قُتل بعض الأندلسيين في هذه المعركة، واضطر الباقون للفرار إلى مراكبهم. بعد ذلك، قرر المطلب الخزاعي عزل أخيه الفضل، وعيّن مكانه إسحاق بن أبرهة بن الصباح في شهر رمضان 199 هـ (814 م). وبعد فترة، قام المطلب أيضًا بعزل إسحاق بن أبرهة وعين أبا بكر بن جنادة المعافري بدلاً منه. أما عندما نشبت المعركة بين السري بن الحكم والمطلب بن عبد الله الخزاعي، وتمكن السري من الانتصار والسيطرة على مصر. عقب ذلك، قام عمر بن هلال الحديجي بالتحرك ضد أبي بكر المعافري الذي كان قد عينه المطلب الخزاعي واليًا على الإسكندرية، فتمكن من إخراجه من المدينة وأعلن تأييده لعبد العزيز الجروي. ولكن الجروي لم يعترف بولاية السري على مصر واستمر في معارضته له.
الأندلسيون كان لهم دورا كبيرا في دعم عمر بن هلال، ولكنهم أساءوا إلى المدينة، حيث أفسدوا في الإسكندرية فأمرهم عمر بن هلال بالخروج إلى مراكبهم. ولم يكن هذا القرار محببًا لدى الأندلسيين. في تلك الأثناء، ظهرت في الإسكندرية جماعة تُسمى الصوفية، الذين كانوا يعارضون السلطان ويأمرون بالمعروف، وترأسهم أبو عبد الرحمن الصوفي. انضم الصوفية إلى الأندلسيين، وتلقوا دعمًا من لخم، الذين كانوا يتمتعون بنفوذ كبير في الإسكندرية. وقعت مشادة بين أبو عبد الرحمن الصوفي وعمر بن هلال الحديجي بسبب قضية تتعلق بامرأة، وحكم عمر بن هلال ضد أبو عبد الرحمن، مما جعله يشعر بالاستياء، فذهب إلى الأندلسيين وطلب منهم مساعدته في الانتقام من عمر بن هلال. ونجح الأندلسيون في تجميع حوالي عشرة آلاف مقاتل، وقاموا بحصار عمر بن هلال في قصره. وعندما شعر بأن القصر لن يحميه، وخشي من أن يقتحموه ويهجموا عليه في بيته، قرر أن يواجه مصيره. اغتسل وتحنط وتكفن، وأمر أهله أن يدلوه إليهم، فدُلي إلى الخارج حيث سقط قتيلًا على يدهم. بعد قتل عمر بن هلال، تولى محمد بن عبد الله، المعروف بـ جيوس، الحكم في الإسكندرية، ولكن لم يستمر طويلاً إذ قُتل هو الآخر. ثم خلفه عبد الله البطال بن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن معاوية بن خديج، وهو ابن عم عمر بن هلال، فقتل أيضًا. بعده تولى أبو هبيرة الحارث، فقتل، ثم خلفه خديج بن عبد الواحد، الذي قُتل أيضًا.
الأحداث في تلك الفترة شهدت سلسلة من المآسي والاغتيالات التي دمرت الوضع في الإسكندرية، وأدت إلى تصاعد الصراع بين الأندلسيين ولخم، حيث انقلبت الأمور لصالح الأندلسيين بعد أن انهزمت لخم. في ذي الحجة من سنة 199 هـ (814 م)، تمكّن الأندلسيون من السيطرة على الإسكندرية، وولوا عليها أبا عبد الرحمن الصوفي، الذي تسبب في فساد ودمار كبير في المدينة، من نهب وقتل حتى لم يُسمع بمثله من قبل. إثر ذلك، قرر الأندلسيون عزله، وعيّنوا بدلاً منه رجلاً آخر منهم يُدعى الكناني. إلا أن الصراع استمر، فاندلعت معركة بين بني مدلج والأندلسيين، حيث انتصر الأندلسيون وطردوا بني مدلج من الإسكندرية. بعد ذلك، لم يتمكن بني مدلج من العودة إلى المدينة إلا بعد أن طلب السري بن الحكم من الأندلسيين أن يسمحوا لهم بالرجوع، فأذنوا لهم بذلك وعادوا إلى الإسكندرية.
عندما بلغ عبد العزيز الجروي خبر مقتل ابن هلال الحديجي، فأسرع إلى الإسكندرية مع جيش قدره خمسون ألفًا، في سنة 201 هـ (816 م) وحاصر الأندلسيين في الإسكندرية. لم يطل الحصار حتى تم الاتفاق على فتح حصن المدينة والقبول بأميرٍ عليها من قبله. لكن، لم تمضِ سوى شهور قليلة حتى خلع الأندلسيون الأمير وطردوه من المدينة ودعوا للسري بن الحكم.
ثورة الربض والتحاق الأندلسيين بـ "دولتهم" في الإسكندرية
في عام 202 هـ (818 م)، اشتعلت ثورة في قرطبة، في ربض الشنقدة كادت أن تطيح بالحكم الأموي بقيادة الحكم بن هشام. كانت الأسباب التي أدت إلى هذه الثورة متعددة، وأهمها فرض الحكم ضرائب مرهقة أثقلت كاهل العامة، مما تسبب في استياء شديد بينهم. وقد عبروا عن غضبهم عندما مر الحكم من سوق الربض، حيث تعرضوا له بالقول، فقام بالانتقام منهم بأوامر صارمة وأمر بالقبض على عشرة من زعماء المعارضة وصلبهم. وكان السبب المباشر لهذه الثورة، أن مشادة حدثت بين أحد مماليك الحكم ورجل كان يعمل في صقل السيوف، انتهت بمقتل الرجل على يد المملوك. هذا الحادث أشعل شرارة الثورة، إذ حمل الثائرون السلاح، وعلى وجه الخصوص سكان ربض شقندة الواقعة جنوب قرطبة. توجه الثوار نحو القصر في محاولة للاطاحة بالحكم. استعد الحكم وحراسه لملاقاة الثوار، ثم بعث قائده عبيد الله البلنسي، وحاجبه عبد الكريم بن عبد الواحد بن مغيث مع قوة لمحاربة الثوار. قوبل الثوار بالهجوم وطردوا من فناء القصر، ثم استمر القتال حتى دخل الجنود ربض شقندة وأشعلوا فيها النيران، مما أجبر الثوار على التفرق والهرب إلى بيوتهم. استمر الجنود في مطاردة الثوار، فقتلوا العديد منهم ونهبوا ممتلكاتهم، وأمر الحكم بصلب ثلاثمئة ثائر منكسين على أبواب المدينة. بعدها، أمر الحكم بهدم منازل الثوار وإجلائهم من قرطبة، ففر عدد كبير منهم إلى مختلف مناطق الأندلس، فيما عبر البعض إلى المغرب. كما توجه الآلاف منهم إلى الإسكندرية. بعد أن وصل المشاركون في الثورة أو المؤامرة إلى الإسكندرية، تبعهم آخرون من الأندلسيين الذين كانوا خائفين من أن يُكشف أمرهم وانضموا إلى الأندلسيين الذين أسسوا "دولة الأندلسيين" في الأسكندرية.
حصار الجروي للإسكندرية ومقتله
عاد الجروي في سيرته الرابعة إلى الإسكندرية، حيث حاصرها ونصب عليها المجانيق. استمر الحصار سبعة أشهر من أول شعبان سنة 204 هـ (819 م) إلى صفر سنة 205 هـ (820 م). وفي أثناء الحصار، أصيب الجروي بحجر منجنيق وتوفي فتولى ابنه عليّ الخزاعي من بعده. استمرت الإمارة التي أقامها الأندلسيون في الإسكندرية وسط صراعات مريرة بين أطراف متعددة، وكان لضعف سلطة الخلافة على مصر الدور الأكبر في هذه الأحداث.
دور عبدالله بن طاهر بن الحسين الخزاعي
شهدت مصر خلال هذه الفترة سلسلة من الاضطرابات السياسية والصراعات المتكررة بين القادة العسكريين والجند، مما جعلها ساحة مفتوحة للتحولات السريعة في الحكم، وسط تراجع سلطة الخلافة العباسية في الإقليم. في بداية عهد الخليفة المأمون، انتشرت التمردات والاضطرابات في أنحاء الدولة، وكان من أبرزها تمرد نصر بن شبث العقيلي، الذي استطاع السيطرة على مساحات واسعة من الجزيرة الفراتية، مما شكل تهديدًا كبيرًا للسلطة العباسية. لمواجهة هذا التمرد، قرر المأمون تعيين عبد الله بن طاهر بن الحسين واليًا على الجزيرة الفراتية بعد وفاة والده، وذلك لما عُرف عنه من كفاءة عسكرية وحكمة سياسية.
تحرك عبد الله بن طاهر نحو الرقة في 206هـ / 821م، حيث خاض مواجهات طويلة ضد نصر بن شبث. استمرت الحرب بينهما لفترة، لكن الكفة بدأت تميل لصالح عبد الله بن طاهر، الذي تمكن من فرض حصار محكم على نصر في أحد حصونه، وضيّق عليه الخناق، مما أجبره في النهاية على طلب الأمان والاستسلام في 209هـ / 824م. وبذلك، نجح عبد الله بن طاهر في القضاء على واحدة من أخطر حركات التمرد التي واجهت الخلافة العباسية في تلك الفترة.
بعد أن أحكم سيطرته على الجزيرة الفراتية، استدعى المأمون واليه على الجزيرة عبدالله بن طاهر الذي أثبت نجاحات في محاربة المتمردين على سلطة الخلافة هناك وعينه واليا على مصر. قدم عبد الله بن طاهر إلى مصر في صفر سنة 212 هـ (827 م). توجه عبد الله بن طاهر بن الحسين بجيشه نحو مصر، التي كانت تعيش حالة من الفتن والاضطرابات المستمرة نتيجة تمرد ولاتها على السلطة العباسية. دخل عبد الله بن طاهر مصر في 211هـ / 826م، في محاولة لاستعادة السيطرة العباسية عليها، وإنهاء حالة الفوضى التي سادت هناك. أرسل إلى عبيد الله بن السري، والي مصر، يدعوه إلى السمع والطاعة لخليفة العباسيين المأمون. إلا أن ابن السري حاول رشوة عبد الله بن طاهر بهدية كبيرة أرسلها إليه خِفية، لكن عبد الله رفض الهدية. في النهاية، لم يجد ابن السري بدًا من الاستسلام، فاستسلم له في 5 صفر 211 هـ (17 مايو 826م)، ودخل عبد الله بن طاهر مصر واليًا عليها.
على الرغم من أن فترة ولاية عبد الله بن طاهر على مصر كانت قصيرة، إلا أنها شهدت استقرارًا وازدهارًا ملحوظًا في مختلف المجالات. فقد أعاد الأمن والهدوء إلى البلاد بعد أن قضى على الفوضى والاضطراب اللذين سادا في فترة حكم السري بن الحكم ومن قبله. كما شهدت مصر العديد من مظاهر العمران، فقد أدخل تحسينات ملموسة على جامع عمرو بن العاص في الفسطاط، حيث زاد من عدد أبوابه، ودعم جدرانه، ورقّم مبانيه، مما أضاف إلى جماله وقوته. كما شهدت فترة ولايته إصلاحًا اقتصاديًا، حيث اهتم عبد الله بن طاهر بتحسين أحوال الناس، والعمل على الارتقاء بظروفهم المعيشية. أظهر اهتمامًا خاصًا بـ الزراعة، وكان له دور بارز في إدخال زراعة البطيخ العبدلي الجيد في مصر، الذي سُمي على اسمه، وحقق نجاحًا كبيرًا. تميزت فترة ولايته بالعدل والنزاهة، وحسن السيرة، حيث يروى أنه عندما دخل مصر، منحته المأمون خراجها لعام كامل، فصعد عبد الله بن طاهر المنبر ولم ينزل منه حتى وزع الخراج بالكامل على الناس، مما يعكس روح العدل والتفاني في خدمة الناس.
نهاية دولة الأندلسيين في الإسكندرية
بعد أن قضى بن طاهر على تمرد عبيدالله السري، سار إلى الإسكندرية مع قوّاد من العجم من أهل خراسان، فحاصر المدينة لمدة تسعة أشهر، حتى خرج إليه أهلها وسلموا بأمان. إذ اتفق الأندلسيون معه على أن يسيرهم إلى حيث يشاء، بشرط ألا يخرجوا في مراكبهم أيّ شخص من مصر، سواء كان عبدًا أو آبقًا، وألا يخالفوا هذا الشرط، وإلا حلّت دماؤهم. لكن، نقض الأندلسيون عهدهم، فبعث ابن طاهر من يفتش على مراكبهم، فتم العثور على من انتهك هذا الشرط. فكان أمر ابن طاهر بإحراق مراكبهم، فطلب الأندلسيون أن يعاد إليهم شرطهم، فوافق ابن طاهر وأعادهم إلى الاتفاق. ثم سار الأندلسيون إلى جزيرة كريت التي يسميها العرب إقريطش، فملكوها، وأقاموا إمارة فيها وكان الأمير معهم عمر بن عيسى، أبو حفص البلوطي، الذي ملكها من بعده ابنه. وقام الأندلسيون بتعزيز الجزيرة وإعمارها حتى غزاها الروم في سنة 345 هـ (961 م) بعد حصار طويل، ونجحوا في احتلالها. ومن ضمن الأندلسيين الذين تم إجلاؤهم توجهت خمسين عائلة إلى الرقة.
وُلّي على الإسكندرية إلياس بن أسد بن سامان، بعد هذه الأحداث، وعاد عبد الله بن طاهر إلى الفسطاط في جمادى الآخرة سنة 212 هـ (827 م)، ثم سار إلى العراق.
الخلاصة
استحكم الأندلسيون في الإسكندرية وأقاموا "دولتهم" هناك في عام 814م (199هـ)، أي قبل ثورة الربض التي حدثت 13 رمضان 202 هـ / 25 مارس 818م، بأربعة أعوام. وكان الأندلسيون الذين استولوا على المدينة هم الفارون من تمرد قرطبة الأول ضد الخليفة الحكم بن هشام في عام 813م. بعد ثورة الربض، انضم إليهم أندلسيون آخرون مهاجرون من قرطبة. وبذلك، كانت "الدولة الأندلسية" قد تأسست بالفعل في الإسكندرية قبل وصول المهجرين. استمرت هذه الإمارة حتى عام 827م، حينما انتقل الأندلسيون إلى جزيرة كريت حيث أسسوا إمارة عربية استمرت حتى سقوطها على يد الروم في عام 961م.
#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يامبليخوس: الفيلسوف الذي شكل الأفلاطونية المحدثة
-
وجوب محاسبة من تلطخت كلماتهم بالدماء في سوريا
-
معايير تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني في سوريا والجدل
...
-
مقاربات عملية لحل معضلة قسد في إطار سوريا الجديدة
-
الدور السعودي في سوريا الجديدة
-
الوهابية الثقافية العربية
-
رسالة تأخرت سنة إلى طالبي فتح الحدود
-
الحسين مجرد طالب سلطة وليس ثائرا
-
دفاعًا عن الأدب العربي المترجم إلى اليونانية وليس بيرسا
-
عبدالله الريامي: جيشٌ من رجلٍ واحدٍ يحارب على جبهات متعددة
-
قصيدة النثر بالعربية: إضاءات من زوايا شخصية
-
بولاق الفرنساوي لحجاج أدول والحنين للماضي
-
هل احتل العرب المكسيك؟
-
عن المغاربة الذين لا يعرفون أن الأندلس أموية
-
السوريون وهواية أسطرة الفوارغ
-
العلاقة بين اليهود وحائكي السجاد في رواية بازيريك للماجدي
-
سلام حلوم في «كسْر ِالهاء»: الحنين كمنبع للشعر
-
المهنة كوسيلة لفهم تركيب وسلوك الشخصية السورية
-
السياسة في سوريا بين الجهل النظري وافتقار الممارسة
-
نصوص فاطمة إحسان: بين صفاء الموهبة وخداع النماذج المكرسة شعر
...
المزيد.....
-
انتشال جثامين 15 مسعفاً بعد أيام من مقتلهم بنيران إسرائيلية،
...
-
إعلام: طهران تجهز منصات صواريخها في أنحاء البلاد للرد على أي
...
-
-مهر- عن الخارجية الإيرانية: الحفاظ على سرية المفاوضات والمر
...
-
صحيفة -لوفيغارو-: العسكريون في فرنسا ودول أوروبية أخرى يستعد
...
-
الخارجية الروسية: لن ننسى ولن نغفر كل شيء بسرعة للشركات الأو
...
-
-حماس-: ما يشجع نتنياهو على مواصلة جرائمه هو غياب المحاسبة
...
-
ترامب يعلن عن قرار بقطع شجرة تاريخية في البيت الأبيض بسبب مخ
...
-
-أكسيوس- يكشف موعد زيارة ترامب للسعودية
-
حادث إطلاق نار في مورمانسك بشمال روسيا.. والأمن يلقي القبض ع
...
-
ترامب: زيلينسكي يحاول التراجع عن صفقة المعادن وستكون لديه مش
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|