الغضب

للاإيمان الشباني

الحوار المتمدن-العدد: 8294 - 2025 / 3 / 27 - 07:57
المحور: قضايا ثقافية
    

الغضب نار مشتعلة تأكل صاحبها قبل أن تصل إلى من حوله، قبل أن يكون انفعالا عابرا، هو حالة تهيمن على النفس والعقل، تقود الإنسان إلى قرارات قد يندم عليها لاحقًا. عندما يستسلم الإنسان للغضب، فإنه يسلم نفسه إلى قوة عمياء لا ترى العواقب، فتدفعه إلى تصرفات طائشة قد تؤذيه قبل أن تؤذي الآخرين. الغضب يدمر العلاقات، يحطم الثقة، ويفتح أبواب الندم. كم من كلمة قيلت في لحظة غضب دمرت صداقة أو فرقت بين زوجين أو أفسدت علاقة عمل. كم من قرار اتخذ في ثورة غضب قاد صاحبه إلى الهاوية، وجعله يتمنى لو عاد به الزمن ليغير موقفه.

الإنسان الغاضب يشبه النار المشتعلة، إن لم يتمكن من إطفائها في الوقت المناسب، ستزداد اشتعالًا حتى تحرق كل ما حولها. أحيانًا يكون الغضب نتيجة ظلم أو استفزاز، لكن حتى في هذه الحالات، فإن التعامل معه بحكمة هو ما يميز الإنسان العاقل عن المتهور. التحكم في الغضب لا يعني الاستسلام، بل يعني امتلاك القوة الحقيقية، قوة السيطرة على الذات وعدم الانجرار وراء لحظة انفعال قد تكون عواقبها وخيمة. الصبر والتأني يمنحان الإنسان فرصة لرؤية الأمور من منظور أوسع، حيث يمكنه أن يجد حلولًا أكثر حكمة بدلاً من ردود أفعال متهورة تزيد الطين بلة.

الغضب يؤثر أيضًا على الصحة، فهو يرفع ضغط الدم، يزيد من التوتر، ويؤثر على القلب والجهاز العصبي. الشخص الذي يعيش في حالة غضب مستمرة يكون عرضة للأمراض أكثر من غيره، كما أن نفسيته تكون مضطربة وغير مستقرة. هناك من يعتقد أن الغضب دليل قوة، لكن الحقيقة أنه دليل ضعف، لأن القوة الحقيقية تكمن في القدرة على التروي وضبط النفس. في الحديث النبوي الشريف، حين سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل القوي، قال: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب". هذه الحكمة تلخص الفرق بين القوة الحقيقية والقوة الزائفة.

التعامل مع الغضب يحتاج إلى وعي وتدريب، فمن الأمور التي تساعد على تهدئة النفس، تغيير الوضعية عند الغضب، كأن يجلس الإنسان إذا كان واقفًا أو يشرب الماء أو يستغفر الله. التنفس العميق والمشي في الهواء الطلق يساعدان أيضًا في تخفيف حدة الانفعال. كما أن التعبير عن المشاعر بطريقة سليمة، مثل الكتابة أو الحديث مع شخص مقرب، يساهم في تفريغ الطاقة السلبية دون إيذاء النفس أو الآخرين.

الأهم من كل ذلك هو الإيمان بأن كل شيء في الحياة يمكن التعامل معه بهدوء وحكمة، وأن الغضب ليس حلاً، بل مشكلة تضيف المزيد من التعقيد للموقف. عندما يدرك الإنسان أن الغضب يأكله من الداخل ويؤذيه قبل أن يؤذي غيره، سيبدأ في البحث عن طرق للتحكم فيه، ليعيش حياة أكثر سلامًا ورضا.

#للاإيمان_الشباني (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات