الحوكمة البيئية ودورها في مواجهة التغيرات المناخية

محمود محمد رياض عبدالعال

الحوار المتمدن-العدد: 8294 - 2025 / 3 / 27 - 00:27
المحور: قضايا ثقافية
    

الحوكمة البيئية ودورها في مواجهة المتغيرات المناخية: رؤية سوسيولوجية

المقدمة
تشكّل التغيرات المناخية أحد أكبر التحديات العالمية في القرن الحادي والعشرين، حيث تتفاعل العوامل البيئية والاقتصادية والاجتماعية بشكل معقّد. وفي هذا السياق، تبرز **الحوكمة البيئية** كإطار تنظيمي يهدف إلى إدارة الموارد الطبيعية وتخفيف الآثار المناخية عبر آليات سياسية واقتصادية واجتماعية. من المنظور السوسيولوجي، تتطلب الحوكمة البيئية فهمًا عميقًا للتفاعلات بين البشر والبيئة، ودور المؤسسات والقيم الثقافية في تشكيل الاستجابات المجتمعية للتغير المناخي.

مفهوم الحوكمة البيئية في الإطار السوسيولوجي
الحوكمة البيئية لا تقتصر على القوانين والسياسات الرسمية، بل تشمل أيضًا:
- الشبكات الاجتماعية (مبادرات المجتمع المدني، الحركات البيئية).
- الثقافة والقيم(إدراك المخاطر، المسؤولية المشتركة).
- العدالة البيئية(توزيع الأضرار المناخية بين الطبقات الاجتماعية).
- الديناميكيات المؤسسية (تفاعل الحكومات، القطاع الخاص، والمنظمات الدولية).

يرى علماء الاجتماع مثل أنتوني غيدنز أن التغير المناخي هو "مشكلة اجتماعية" تتطلب تحولًا في أنماط الاستهلاك والإنتاج، بينما يشدّد أولريش بيك على مفهوم "مجتمع المخاطرة" حيث تتفاقم الأزمات البيئية بسبب عولمة الاقتصاد.

التغيرات المناخية كقضية اجتماعية
- عدم المساواة في تحمّل العبء: تتأثر الفئات الفقيرة والمهمشة أكثر بالكوارث المناخية (مثل الجفاف والفيضانات)، رغم مساهمتهم الأقل في الانبعاثات.
- الهجرة البيئية: نزوح السكان بسبب تدهور الظروف المناخية يخلق صراعات اجتماعية وسياسية.
- الصحة العامة: تزايد الأمراض المرتبطة بالتلوث والتغيرات المناخية يزيد الضغط على الأنظمة الصحية.
دور الحوكمة البيئية في التكيّف مع التغير المناخي
أ) المستوى العالمي:
- اتفاقيات مثل اتفاقية باريس للمناخ (2015) تُظهر أهمية التعاون الدولي، لكن التنفيذ يعتمد على التزام الدول والمصالح الاقتصادية.
ب) المستوى المحلي:
- المشاركة المجتمعية: تمكين المجتمعات المحلية في إدارة الموارد (مشاريع الزراعة المستدامة، حصاد المياه).
- السياسات التشاركية: دمج المعرفة المحلية مع العلم الحديث في صنع القرار.
ج) الدور السوسيولوجي:
- تحليل المقاومة الاجتماعيةضد السياسات البيئية (مثل معارضة فرض ضرائب الكربون).
- دراسة التغيير الثقافي نحو الاستدامة (دور الإعلام والتعليم في تشكيل الوعي البيئي).
التحديات من المنظور الاجتماعي
- الفجوة بين السياسات والتطبيق: بسبب اختلاف الأولويات بين الدول والشركات.
- النزعة الاستهلاكية: ثقافة الاستهلاك المفرط تعيق التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
- اللامبالاة البيئية: انشغال الأفراد بالمشاكل اليومية قد يُقلل من الاهتمام بقضايا المناخ.
نحو حوكمة بيئية شاملة
تتطلب مواجهة التغيرات المناخية حوكمة بيئية تعتمد على:
- التكامل بين العلوم الطبيعية والاجتماعية.
- تعزيز العدالة البيئية لضمان توزيع عادل للموارد والأعباء.
- بناء تحالفات عالمية مع مراعاة الخصوصيات المحلية.
من خلال الرؤية السوسيولوجية، يمكن فهم كيفية تحويل التحديات البيئية إلى فرص لبناء مجتمعات أكثر استدامة ومرونة.

#محمود_محمد_رياض_عبدالعال (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات