أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - شريف حتاتة - حتى لا تصبح المعرفة مزيفة أو ناقصة أو مشوهة














المزيد.....

حتى لا تصبح المعرفة مزيفة أو ناقصة أو مشوهة


شريف حتاتة

الحوار المتمدن-العدد: 8293 - 2025 / 3 / 26 - 22:15
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


ألغيت الحمايه البريطانيه على مصر سنه 1922. ثم وضع الانجليز على رأسها ملكا عرف بالفساد والغطرسة . وفي السنه التاليه اصبح للبلاد دستور ، وأحزاب ارادوا ان يحكموا من وراءها باسم الاستقلال . كانت خطوة حققتها ثورة 1919 . لكن ظلت البلاد مستعمرة.
ولدت في ذات السنه ثم مرت خمس سنين فارسلني ابي الى المدرسه . كانت مدرسه ارساليه انجليزيه . وكان المدرسون الانجليز ، ينظرون الي وكانني من جنس ادنى متخلف . يضعون انفسهم في اعلى سلم الحضاره ، ويطلون علينا من فوقه .
فحاولت ان أتشبه بهم . حفظت اشعار رديارد كييلينج ، وتغنيت بأمجاد الامبراطوريه وشمسها الساطعة التى تؤكد امتيازهم . لكن مرت الايام كبرت وذهبت الى الجامعه . اصبحت طالبا في كليه الطب . تعلمت اشياء عن الصحه والمرض قليله الفائده ، مفصوله عن المجتمع ، وعن صله العقل بالبدن والاعضاء ببعضها . لكننى اخذت اطل على اشياء تحدث في البلد ، صور تكتشف بالتدريج ان سمه صله ، بين المظاهر ، بين السياسه والاقتصاد والدين والقيم الثقافية السائدة . فكلما تظاهر الطلبه ضد جنود الاحتلال ، اطلقت الحكومه عليهم قوات امنها ، وذهب الاخوان المسلمون على الهتاف الله اكبر ، ثم مهاجمتهم بالجنازير والخناجر.
في سنه 1946 تخرجت طبيبا . وفي عنابر المستشفى الجامعي المسمى فؤاد الاول ، ادركت ان المرض والفقر مرتبطان ان الصله بينهما لا تنفصم . وكانت الخطوه التاليه هي ان ادرك الصله بين الفقر وحكم الاستعمار والملك ودور الطبقات في المجتمع وعلاقه الاقطاع بالاجنبي واسعار القطن الهابطه ، واستيلائه على الاراضي الزراعيه وانتزاعها من ملاكها وعلاقه الافكار بكل ما يحدث . هكذا اصبح محور حياتي ، هو اكتشاف الصلة بين الظواهر فبدونها تظل المعرفه مزيفه او مشوهه او ناقصه . تلك المعرفه التي تخفيها كل السلطات ، السلطات السياسيه كانت او فكريه او دينيه . والهدف هو ألا نصل الى الحقائق ، وحتى نظل ندور معصوبي العينين ، مسلوبى الإراده ، عاجزين عن الابداع او التجديد او اجراء تغيير حقيقي في بلادنا.
وفي عصرنا هذا حدث تغيير شامل ، وهو ان العلاقات خرجت من نطاقها المحلي او القومي او الاقليمي ، الى العالم الواسع ومن حوله ، الى الكون في الفضاء اللانهائي . اصبحنا نعيش في عالم يخضع لنظام واحد ، اسمه العولمة ، أو الكوكبة .
ان كل ما يدور في بلادنا وفي حياتنا من احداث ، يرتبط ارتباطا وثيقا بما يدور في العالم ، ولا يمكن فهمه ، الا بإدراك مختلف عناصر هذا الترابط .
كانت سنين ما بعد الحرب العالميه الثانيه ، بالنسبه الى الشعوب محملة بآمال كبيره فالكثيرون امنوا بالاشتراكيه ، وظنوا انها تحققت بالفعل في ثلث العالم . ولم يروا بوادر الانهيار الذي حدث فيما بعد في الاتحاد السوفيتي وبلاد شرق اوروبا . والكثيرون آمنوا بالنظم المسماه ديمقراطيه وباحتمالات التقدم التي تتيحها ، او تفائلوا بمستقبل بلدان اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينيه ، السائره بخطوات سريعه في طريق الاستقلال.
ولكن انهارت هذه الامال الكبيره تحت ضربات الاستعمار الجديد ، المتعدد الجنسيه ، المهيمن على السوق العالمي السائر بخطوات سريعه في كوكبه النظام الاقتصادي والعسكري والثقافي ، والتي تشكل اهم ظاهره في هذه المرحله من التاريخ .
لقد أدى ضياع الآمال، وفشل الحركات الشعبيه ، وتدهور أحوال المعيشة في ظل الاوضاع الاقتصاديه الحاليه ، والهجوم الكاسح الذي يشنه النظام الكوكبي على مصالح الشعوب وتاريخهم وثقافتهم وحريتهم ، الى حدوث رد فعل عميق . ففي غيبه الحركات الاجتماعيه السياسيه الشعبيه ، كان من الطبيعى احياء الثقافة ، والعادات والافكار التي ظلت تشكل جزءا من التكوين العام .
في وقت الازمه، يبحث الناس عن الاطمئنان عن الاستقرار عن المعروف والمالوف ، فى عهود ماضية . هكذا تتحول الحركه الاجتماعيه المتجهه الى الامام ، الى حركه تتجه الى الخلف ، إلى الماضي .
هكذا تقوى وتتدعم كل الحركات السلفيه ، التى تركن الى الاسره المغلقه والجماعه المغلقه ، الى العرق والطائفه ، الى التطرف القومي والديني ، والى كل ما يميزها عن الاخر ، دون النظر الى الشيء المشترك بينها وبين غيرها .
ان الهويه والاصاله والجذور ، اشياء مهمه في حياه الافراد وتاريخ الامم ، وهى وضروريه للتطور والازدهار . لكنها تصبح مدمرة ، اذا ما اصابها الانغلاق والعزلة ، واذا لم تتفاعل مع القوى الأخرى .
================================================

من كتاب : " العولمة والاسلام السياسى " كتاب الأهالى 2009
==========================================



#شريف_حتاتة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعادة النظر فى مسالة الوطنية .. التنوير استعمارى والأسلمة عو ...
- العولمة و- النخب - الفكرية فى بلادنا
- النهب الرأسمالى فى النظام العالمى الجديد
- استئناس العقول وصنع المشوهين والمجرمين
- عمل النساء فى مصر
- النساء ومشاريع التحرر والتقدم
- المرأة من العبودية الى العولمة
- العولمة والحرب الصليبية الجديدة
- العولمة والفكر فى مصر
- الاعلام وبرمجة الانسان
- اسلام مجاهدى خلق
- شفافية أم تغطية ؟
- عمل المرأة فى العولمة
- حول الاقتصاد العالمى الجديد
- لحظات من الدفء فى بلاد الثلج
- حديث الهجرة
- أحاديث الترحال
- ليس مهما جواز السفر
- فى سوق الخلفاوى
- هل يمكن أن نصنع مواطنا عالميا ؟


المزيد.....




- انتشال جثامين 15 مسعفاً بعد أيام من مقتلهم بنيران إسرائيلية، ...
- إعلام: طهران تجهز منصات صواريخها في أنحاء البلاد للرد على أي ...
- -مهر- عن الخارجية الإيرانية: الحفاظ على سرية المفاوضات والمر ...
- صحيفة -لوفيغارو-: العسكريون في فرنسا ودول أوروبية أخرى يستعد ...
- الخارجية الروسية: لن ننسى ولن نغفر كل شيء بسرعة للشركات الأو ...
- -حماس-: ما يشجع نتنياهو على مواصلة جرائمه هو غياب المحاسبة ...
- ترامب يعلن عن قرار بقطع شجرة تاريخية في البيت الأبيض بسبب مخ ...
- -أكسيوس- يكشف موعد زيارة ترامب للسعودية
- حادث إطلاق نار في مورمانسك بشمال روسيا.. والأمن يلقي القبض ع ...
- ترامب: زيلينسكي يحاول التراجع عن صفقة المعادن وستكون لديه مش ...


المزيد.....

- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - شريف حتاتة - حتى لا تصبح المعرفة مزيفة أو ناقصة أو مشوهة