أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هدى زوين - العطاء والحب..فلسفة تتجاوز الكلمات














المزيد.....


العطاء والحب..فلسفة تتجاوز الكلمات


هدى زوين
كاتبة

(Huda Zwayen)


الحوار المتمدن-العدد: 8291 - 2025 / 3 / 24 - 18:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في زحمة الحياة، نجد أنفسنا محاطين بأصوات كثيرة، ووعود تُلقى في الهواء بلا وزن، وكلمات حب تتكرر دون أن تجد لها مكانًا في الواقع. نُسرف في الحديث عن العطاء والحب، لكننا نادرًا ما نُجسّدهما في أفعال تعكس جوهرهما الحقيقي. وهنا، يقف الإنسان أمام سؤال جوهري: هل الحب والعطاء مجرد كلمات تُقال، أم أنهما أسلوب حياة يُمارَس؟

العطاء ليس مجرد فعل مادي يتمثل في تقديم الهدايا أو المال، بل هو انعكاس لطبيعة الإنسان وعمق إحساسه بالآخرين. إنه ذلك التصرف البسيط الذي يُشعر الآخر بأنه ليس وحيدًا، تلك اليد التي تمتد في وقت الحاجة، ذلك الصمت الذي يحمل في طياته دعمًا أكبر من أي كلمة.

العطاء الحقيقي لا ينبع من الرغبة في المقابل، بل من الإيمان بأن إسعاد الآخرين جزء من سعادتنا نحن. هو أن تمنح دون أن تنتظر، أن تُحسن دون أن يُطلب منك، أن تكون سندًا حتى دون أن يدرك الآخرون أنك كنت هناك. إنه ليس مظهرًا اجتماعيًا ولا واجبًا مفروضًا، بل هو طبيعة إنسانية تنبع من قلوب تدرك أن الحياة لا تكتمل إلا عندما يمتد الخير من شخص إلى آخر.

اما الحب ليس كلمات تُلقى بين السطور، ولا وعودًا تُحفظ في الذاكرة دون أن تجد طريقها إلى الواقع. إنه الأفعال التي تُثبت المشاعر، هو الاهتمام الذي لا يحتاج إلى طلب، هو الاحترام الذي لا يتزعزع، هو القرب الذي لا يُقاس بالمسافة، بل بالإحساس العميق بالأمان مع من نحب.

من يحب حقًا لا يتحدث كثيرًا عن الحب، بل يعيشه. هو ذلك الشخص الذي يعرف متى يصمت ليسمع، ومتى يتحدث ليواسي، ومتى يقف ليحمي. الحب لا يكون في لحظات الفرح فقط، بل يتجلى في أصعب الظروف، حين يكون الآخر ضعيفًا أو منهكًا أو حتى غير قادر على التعبير عن حاجته. الحب لا يُقاس بعدد الكلمات، بل بعدد المرات التي كنّا فيها ملاذًا لمن نحب.

كيف يمكن إعادة الحسابات... ومتى؟

أحيانًا، يتعين علينا التوقف وإعادة النظر في الطريقة التي نحب ونعطي بها. هل نحن نمنح حبنا دون شروط؟ هل أفعالنا تعكس ما نقوله؟ هل نُشعر من حولنا بأنهم مهمون حقًا؟ إن الإجابة على هذه الأسئلة ليست مجرد تمرين فكري، بل هي اختبار لمدى صدقنا مع أنفسنا ومع الآخرين.

إذا كنت تدّعي أنك شخص معطاء، فهل تعطي حين لا يراك أحد؟ وإذا كنت تؤمن بأنك تحب، فهل يحب الآخرون وجودك كما تحب أنت وجودهم؟ الحب والعطاء ليسا مجرد نظريات نناقشها، بل هما واقع نعيشه أو نخدع أنفسنا بمحاولة تقليده.
العطاء والحب... هما سر الحياة الحقيقية

في النهاية، تبقى الحقيقة واحدة: الحياة بلا حب صادق وعطاء نقي، ما هي إلا محض وجود بلا معنى. من يدرك سر العطاء يعرف أن السعادة ليست في الأخذ، بل في القدرة على أن تكون سببًا في سعادة الآخرين. ومن يفهم الحب لا يضيّعه في الكلمات، بل يصونه بالأفعال.

الحياة ليست انتظارًا لمن يمنحنا السعادة، بل هي رحلة نبحث فيها عما يمكننا أن نعطيه لمن نحب، دون حسابات، ودون مقابل. لأن الحب والعطاء لا يُقاسان بما نقول، بل بما نتركه من أثر في قلوب الآخرين.



#هدى_زوين (هاشتاغ)       Huda_Zwayen#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عاشق على حدود النار
- الشوق والحرمان: لغة العشق في الشعر الشعبي
- العراق..ياموطني، يارآية المجد التي لا تنحني
- أبي: إرث لا ينتهي، وأثر يظل أبديا
- الطمع والظلم: كيف يسلب الجشع إنسانية البشر
- الصبر بين الاحتراق والخلود: حين يصبح الصبر جمرا على الشفاه
- الشموع والزمن: إحتراق الروح في مسيرة الحياة
- حين تبوح الأيام بأسرارها..دروس تخط بمداد التجربة
- أنين البقاء: صمت يتهامس مع الزمن
- الثقافة ضمير وسلوك
- الأرجوحة التي لا تتوقف
- أمير من نار وعشق: حين يلتقي الشغف بالقوة
- أرض الظلال: مقاومة في بلد طغيان القادة وهوسهم بالنساء
- -حين تنهض الأرواح: القبور التي تلاشت وعادت من جديد-
- أرض الظلال:مقاومة في بلد طغيان القادة وهوسهم بالنساء
- حين يصبح اللازمن موطنًا
- رقصة على حافة الزمن
- أقنعة في عصر العولمة
- الابتزاز بقلم التطور الحضاري
- القرارات تحت طاولة المسؤولية


المزيد.....




- سرايا القدس تعلن إطلاق رشقة صاروخية على مستوطنات غلاف غزة
- مشادات كلامية بين نتنياهو ونواب المعارضة أثناء كلمته في الكن ...
- روسيا تطور درونات لتدمير المروحيات العسكرية والطائرات المسيّ ...
- لأول مرة، عيادة بريطانية تستخدم الذكاء الاصطناعي لمعاينة الم ...
- إسرائيل تطلق سراح مخرج فلسطيني حائز على جائزة أوسكار
- رئيس وزراء كوسوفو يقع في فخ مخادعين روسيين ويفضح ما يحضره ال ...
- مجلة -وايرد-: إدارة ترامب تتجه لإقالة مجموعة من العلماء في م ...
- مكتب نتنياهو ينفي تلقية أي تحذير بشأن -الأموال القطرية-
- موسكو تعلق على توقيف مولدوفا لرئيسة غاغاوزيا
- -تجربة أولية-.. قناة إسرائيلية تتحدث عن ذهاب دفعة من الغزيين ...


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هدى زوين - العطاء والحب..فلسفة تتجاوز الكلمات