أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خلف علي الخلف - يامبليخوس: الفيلسوف الذي شكل الأفلاطونية المحدثة














المزيد.....

يامبليخوس: الفيلسوف الذي شكل الأفلاطونية المحدثة


خلف علي الخلف

الحوار المتمدن-العدد: 8290 - 2025 / 3 / 23 - 11:04
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


يامبليخوس (245م – 325م) كان فيلسوفًا من سوريا الرومانية، يُعتبر من أبرز ممثلي الفلسفة الأفلاطونية المحدثة في المشرق والعالم القديم. وُلد في مدينة قنسرين الواقعة بالقرب من حلب، وكان ينتمي إلى أسرة ملكية غنية، ومن المحتمل أن يكون مرتبطًا بالأسرة الملكية الحمصية، التي تنتسب إليها الإمبراطورة جوليا دومنا. كان يامبليخوس معروفًا بمواقفه الفلسفية العميقة، وكذلك بتعليماته الروحية التي كانت تدمج بين العقلانية والعنصر الديني، وكان له تأثير واسع في الفكر الغربي والشرقي.

نشأته وتعليمه
نشأ يامبليخوس في بيئة غنية بالتراث الثقافي والفلسفي، وكان يتلقى تعليمه في أسرة تمتاز بالثراء والسلطة. كان يامبليخوس محافظًا على هويته الأصلية، حيث رفض أن يحمل اسمًا يونانيًا وحافظ على اسمه الأصلي، وهو ما يعكس فخره بانتمائه الثقافي. تعلم في بداية حياته على يد معلمه أنطوليوس اللاذقي، الذي كان واحدًا من كبار المفكرين في ذلك الوقت، ثم انتقل إلى مدينة أنطاكية حيث درس على يد فرفوريوس الصوري، الذي كان تلميذًا لأفلوطين، مؤسس الأفلاطونية المحدثة.

لكن العلاقة بين يامبليخوس وفرفوريوس الصوري كانت مشحونة بالخلافات الفكرية، حيث تباينت آراؤهما حول الممارسات الدينية والفلسفية. كان يامبليخوس يصر على ضرورة الجمع بين الفلسفة والدين بشكل أعمق، حيث اعتبر الثيورجيا (السيمياء أو الطقوس الروحية) وسيلة للوصول إلى الحقيقة الإلهية، في حين كان فرفوريوس أقل تأييدًا لهذا الاتجاه. ولرد على فرفوريوس، قام يامبليخوس بكتابة عمله الشهير "الأسرار المصرية" الذي تناول فيه ضرورة تطبيق الطقوس الدينية كوسيلة للوصول إلى الفهم العميق للكون.
تأسيس مدرسته في أفاميا.

في عام 304م، عاد يامبليخوس إلى مدينته، حيث أسس مدرسته الخاصة في أفاميا، التي كانت تشتهر بتنوعها الثقافي وفكرها الفلسفي. بحضوره ومشاركته، شهدت أفاميا ازدهارًا في الفلسفة الأفلاطونية المحدثة. كان يامبليخوس يَدرس ويُدرِّس طلابه تفسيرًا جديدًا للفلسفة الأفلاطونية، مستعينًا بأفكار أفلاطون وأرسطو، مع إضافة عناصر من المعتقدات الدينية الشرقية.

كانت مدرسته في أفاميا بمثابة مركز حيوي للفكر الفلسفي والديني، حيث توافد إليها طلاب من مختلف أنحاء الإمبراطورية الرومانية للتعلم من يامبليخوس. وكان يامبليخوس يشجع على دراسة المحاورات الأفلاطونية وترتيبها بطريقة منطقية بحيث يمكن للطلاب التوصل إلى تحولات روحية من خلال هذه المحاورات.

أفكار يامبليخوس وأعماله
تُعدّ أفكار يامبليخوس جزءًا من الفلسفة الأفلاطونية المحدثة التي قامت على دمج الفلسفة مع الروحانيات. كان يرى أن الفلسفة ليست مجرد دراسة عقلية بحتة، بل هي طريق للتقرب من الله وفهم الحقيقة الإلهية. كان يامبليخوس يعتقد أن الفلسفة يجب أن تشمل الطقوس الدينية التي تساعد في تطهير الروح وتوحيدها مع العقل الإلهي. بالإضافة إلى ذلك، اهتم بمفاهيم الثيورجيا التي تعني استخدام الطقوس لاستحضار الفعل الإلهي، وهي كانت جزءًا أساسيًا من فلسفته.

من أبرز أعماله التي تناولت هذا الموضوع كتاب "الأسرار المصرية" الذي دافع فيه عن أهمية الطقوس والطقوس الدينية في الحياة الفلسفية. كما قام بكتابة مجموعة من الكتب حول الفلسفة الفيثاغورثية، بالإضافة إلى كتبه عن الحياة الفيثاغورثية وتعاليمه حول الرياضيات والحساب.
كما كتب يامبليخوس أعمالًا أخرى مثل "الدليل إلى الفلسفة"، "حول علم الرياضيات العام"، و"المبادئ اللاهوتية لعلم الحساب". في هذه الأعمال، اقترح يامبليخوس ترتيب المحاورات الأفلاطونية وفقًا لمبدأ معين يساعد في التحول الروحي. اعتبر يامبليخوس أن الفلسفة الأفلاطونية يجب أن تكون تجربة روحانية تؤدي إلى فهم أعمق للوجود الإلهي.

مواقف يامبليخوس الشخصية
كان يامبليخوس معروفًا بتواضعه وحبه للعلم، وكان يُعتبر رمزًا للأخلاق الفاضلة. كان يميل إلى عمل الخير ورفض أية ممارسة ضارة بالحياة الطبيعية أو الكائنات الحية. على سبيل المثال، كان يامبليخوس نباتيًا وكان يدعو إلى احترام الحيوانات وعدم الاعتداء عليها، فالتضحية بالحيوانات لأغراض دينية أو كوسيلة للإرضاء الآلهة هي ممارسة خاطئة، ودعا السياسيين إلى أن يكونوا نباتيين ليكونوا قدوة حسنة لبقية الناس.

تأثيره وإرثه الفلسفي
إن تأثير يامبليخوس لم يقتصر على المشرق فحسب، بل امتد إلى الغرب أيضًا. فقد كان له دور كبير في إرساء مبادئ الأفلاطونية المحدثة التي ستستمر في التأثير على الفلاسفة اللاحقين في العصور الوسطى، بما في ذلك الفلسفة المسيحية والفلسفة الإسلامية. كانت أفكار يامبليخوس عن الروحانية والعقل الإلهي مصدر إلهام لعدد من المفكرين، مثل أوغسطينوس وفلاسفة العصور الوسطى.
يامبليخوس هو الممثل الأبرز للأفلاطونية المحدثة في المشرق، وأسهم بشكل كبير في نشر هذا التيار الفلسفي وتطويره. رغم أن معظم أعماله قد ضاعت بمرور الزمن، إلا أن تأثيره لا يزال قائمًا في الفلسفة الغربية والشرقية.

يامبليخوس هو واحد من أعظم المفكرين الذين جمعوا بين الفلسفة والدين، واستطاع أن يقدم فلسفة تمتزج مع الروحانيات والطبيعة الإنسانية. من خلال أسلوبه الفلسفي الذي يجمع بين العقل والروح، استطاع يامبليخوس أن يكون جسرًا بين الفلسفة اليونانية القديمة والعالم الروحاني والديني، مما جعل إرثه الفكري لا يزال حيًا حتى يومنا هذا.



#خلف_علي_الخلف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وجوب محاسبة من تلطخت كلماتهم بالدماء في سوريا
- معايير تشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني في سوريا والجدل ...
- مقاربات عملية لحل معضلة قسد في إطار سوريا الجديدة
- الدور السعودي في سوريا الجديدة
- الوهابية الثقافية العربية
- رسالة تأخرت سنة إلى طالبي فتح الحدود
- الحسين مجرد طالب سلطة وليس ثائرا
- دفاعًا عن الأدب العربي المترجم إلى اليونانية وليس بيرسا
- عبدالله الريامي: جيشٌ من رجلٍ واحدٍ يحارب على جبهات متعددة
- قصيدة النثر بالعربية: إضاءات من زوايا شخصية
- بولاق الفرنساوي لحجاج أدول والحنين للماضي
- هل احتل العرب المكسيك؟
- عن المغاربة الذين لا يعرفون أن الأندلس أموية
- السوريون وهواية أسطرة الفوارغ
- العلاقة بين اليهود وحائكي السجاد في رواية بازيريك للماجدي
- سلام حلوم في «كسْر ِالهاء»: الحنين كمنبع للشعر
- المهنة كوسيلة لفهم تركيب وسلوك الشخصية السورية
- السياسة في سوريا بين الجهل النظري وافتقار الممارسة
- نصوص فاطمة إحسان: بين صفاء الموهبة وخداع النماذج المكرسة شعر ...
- دفاعاً عن لبنان الضحية بوجه الإجماع السوري


المزيد.....




- هوت وتحولت لكتلة لهب.. كاميرا مراقبة توثق لحظة سقوط طائرة وت ...
- السعودية.. محمد بن سلمان يصدر 5 توجيهات بعد ارتفاع أسعار الع ...
- مركز الفلك ينشر صورة هلال شوال صباح الأحد
- مساعدات -الناتو- تباع على مواقع أوكرانية (صور)
- دور قطري في إطلاق سراح أمريكية احتجزتها -طالبان- بتهمة استخد ...
- أول بيان لتشارلز الثالث منذ دخوله المستشفى: أشعر بالصدمة وال ...
- اختلاف موعد أول أيام عيد الفطر يشعل جدلاً رقمياً، فكيف تفاعل ...
- حركة المقاومة في ميانمار تعلن وقفًا جزئيًا لإطلاق النار لتسه ...
- إعلام: ثغرة دستورية تمنح ترامب إمكانية البقاء في السلطة حتى ...
- سلاح دفاع جوي روسي يصيب صواريخ -هايمارس- بضربات حركية


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - خلف علي الخلف - يامبليخوس: الفيلسوف الذي شكل الأفلاطونية المحدثة