أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - الغش في المجتمع: آفة تهدد القيم والأخلاق















المزيد.....


الغش في المجتمع: آفة تهدد القيم والأخلاق


عبدالباقي عبدالجبار الحيدري

الحوار المتمدن-العدد: 8289 - 2025 / 3 / 22 - 20:06
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الغش ظاهرة قديمة، لكنها اليوم أصبحت أكثر انتشارًا وتأثيرًا في مختلف جوانب الحياة، حتى بات البعض يعتبرها جزءًا طبيعيًا من التعاملات اليومية. والمفارقة أن كثيرًا من الغشاشين يؤدون الفرائض الدينية، ويحلفون بأغلظ الأيمان على صدقهم، رغم أن الإسلام، وكافة الأديان، تحرم الغش وتحذر منه بشدة. قال النبي ﷺ: "من غشنا فليس منا"، ومع ذلك نجد أن هذه الظاهرة أصبحت متجذرة في حياتنا اليومية، بدءًا من الأسواق وحتى منابر السياسة والدين.

الغش في مختلف المهن: من التجارة إلى الطب والتعليم
لم يعد الغش مقتصرًا على فئة معينة، بل انتشر في مختلف المجالات، حتى بات من الصعب العثور على قطاع يخلو منه.

1. الغش في الأسواق والتجارة
التجار: التلاعب بالأوزان والمقاييس، بيع منتجات مغشوشة أو منتهية الصلاحية، ورفع الأسعار دون مبرر.

أصحاب المطاعم: تقديم أطعمة بجودة رديئة، أو استخدام لحوم غير صالحة للاستهلاك.

باعة الملابس والأجهزة: بيع السلع المقلدة على أنها أصلية بأسعار مرتفعة.

سوق السيارات: التلاعب بعداد الكيلومترات، وإخفاء العيوب الميكانيكية.

2. الغش في المجال الطبي
الأطباء والمستشفيات: وصف أدوية غير ضرورية لزيادة الأرباح، ورفع أسعار العمليات والخدمات الطبية دون وجه حق.

الصيدليات والمختبرات: بيع أدوية مغشوشة، والتلاعب بنتائج الفحوصات الطبية.

3. الغش في التعليم
الجامعات الأهلية: أصبحت بعض الجامعات تهتم بجمع الأموال أكثر من تقديم تعليم حقيقي، مما يؤدي إلى تخريج طلاب غير مؤهلين لسوق العمل.

الغش في الامتحانات: أصبح الغش جزءًا من ثقافة بعض المؤسسات التعليمية، مما يضعف مستوى الخريجين ويؤثر سلبًا على المجتمع.

لماذا انتشر الغش؟
تفاقم ظاهرة الغش يعود إلى عدة أسباب:

ضعف الوازع الديني: رغم تحريم الغش، إلا أن البعض يفصل بين الدين وسلوكهم اليومي.

غياب الرقابة والمحاسبة: ضعف القوانين، أو عدم تطبيقها بشكل عادل، جعل الغشاشين يشعرون بالأمان.

الجشع وحب المال: تحقيق أرباح سريعة دون مراعاة الأخلاق.

ثقافة "الجميع يفعل ذلك": عندما يصبح الغش سلوكًا عامًا، يجد الأفراد مبررًا للاستمرار فيه.

الغش في الدين: استغلال الإيمان لتحقيق المصالح
من أخطر أشكال الغش، استغلال الدين لتحقيق مكاسب شخصية، سواء في جمع التبرعات، أو استغلال موسم الحج والعمرة، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

1. الغش في جمع الزكاة والصدقات
جمع التبرعات لمشاريع خيرية وهمية، بينما تذهب الأموال إلى جيوب القائمين عليها.

تصوير الفقراء والمحتاجين لاستدرار العواطف، بينما يحصلون على جزء بسيط من التبرعات.

2. الغش في الحج والعمرة
استغلال الحجاج ماليًا، عبر تقديم وعود زائفة بخدمات ممتازة ثم تقديمها بشكل سيئ.

بيع الفتاوى الدينية والتوجيهات مقابل المال، رغم أن الدين يجب أن يكون متاحًا للجميع دون مقابل.

3. استغلال وسائل التواصل الاجتماعي
بعض رجال الدين أصبحوا أكثر اهتمامًا بجذب المتابعين وتحقيق الأرباح عبر تيك توك ويوتيوب.

استخدام قضايا الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة لجذب المشاهدات وزيادة الأرباح، دون مراعاة كرامتهم.

الغش في السياسة: وعود انتخابية زائفة ومصالح شخصية
لم يعد الغش مقتصرًا على التجارة والدين، بل أصبح أسلوبًا متبعًا في السياسة، حيث يطلق السياسيون وعودًا براقة خلال الانتخابات، لكن بمجرد وصولهم إلى السلطة، تتبخر تلك الوعود.

أشكال الغش السياسي
الوعود الكاذبة: تحسين الأوضاع الاقتصادية، توفير الوظائف، وتقديم مشاريع خدمية، لكن دون تنفيذ حقيقي.

شراء الأصوات: استغلال المال أو النفوذ لتوجيه الانتخابات.

إثارة العواطف: استخدام قضايا حساسة لكسب تأييد الناخبين، دون نية حقيقية لتحقيق التغيير.

النتائج الكارثية للغش السياسي
فقدان الثقة بالحكومات، مما يؤدي إلى عزوف المواطنين عن المشاركة السياسية.

تفاقم الفساد والمحسوبية، حيث تصبح السلطة وسيلة لتحقيق المصالح الشخصية.

تدهور الأوضاع الاقتصادية والخدمية بسبب غياب الإصلاحات الحقيقية.

النتائج الكارثية لانتشار الغش
انعدام الثقة في المجتمع: عندما يصبح الغش أمرًا شائعًا، يفقد الأفراد ثقتهم في بعضهم البعض، مما يؤدي إلى تفكك العلاقات الاجتماعية.

تدهور الاقتصاد: الأسواق تنهار بسبب المنتجات والخدمات الرديئة، ويؤثر الغش على التنمية المستدامة.

إضعاف المؤسسات التعليمية والطبية: يؤدي الغش في التعليم إلى تخريج أجيال غير مؤهلة، كما أن الغش في المجال الطبي يهدد حياة الناس.

فساد المنظومة الدينية والسياسية: يؤدي الغش في الدين والسياسة إلى استغلال الناس، وانهيار القيم الأخلاقية في المجتمع.

كيف نواجه الغش؟
تعزيز القيم الدينية والأخلاقية: التذكير بأن الغش حرام، وأنه لا بركة في المال الحرام.

تشديد القوانين والرقابة: فرض عقوبات صارمة على الغشاشين لردعهم.

توعية المجتمع: عبر حملات إعلامية وتعليمية تسلط الضوء على مخاطر الغش.

القدوة الحسنة: إذا التزم أصحاب الأعمال والقادة بالنزاهة، فسيقتدي بهم الآخرون.
محاسبة المسؤولين: سواء كانوا تجارًا، أطباء، رجال دين، أو سياسيين، يجب محاسبة الغشاشين دون تمييز.

عدم الانخداع بالمظاهر: ليس كل من يحلف بالله صادقًا، وليس كل من يصلي أمينًا.
الغش داء مدمر، سواء كان في الأسواق، أو في المؤسسات الطبية والتعليمية، أو حتى في الدين والسياسة. عندما يصبح الغش أسلوب حياة، تكون النتيجة كارثية: مجتمع بلا ثقة، واقتصاد متدهور، ومؤسسات ضعيفة.
لكن رغم انتشار الغش، لا يزال هناك أفراد شرفاء يتمسكون بالقيم الأخلاقية ويحاربون الفساد. التغيير يبدأ عندما يرفض الأفراد المشاركة في منظومة الغش، سواء في عملهم، أو دينهم، أو اختياراتهم السياسية. إذا توقف الناس عن دعم الغشاشين، فإنهم سيفقدون قوتهم تدريجيًا، وسنتمكن من بناء مجتمع أكثر نزاهة وعدالة.
لذلك، لا فائدة من صلاة وصيام وزكاة، إذا كان المرء يغش الناس في أعماله وتعاملاته. الدين الحقيقي ليس تجارة، بل هو أمانة ومسؤولية، ومن يغش الناس فقد خان دينه قبل أن يخونهم.



#عبدالباقي_عبدالجبار_الحيدري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحليل نقدي لسوق نشتيمان(بازار نشتيمان) في أربيل من منظور الت ...
- لا حياة لمن تنادي: واقع العراق وإقليم كردستان بين التحديات و ...
- أربيل في ظل الاحتلال البريطاني (1918-1920): قراءة في كتاب -س ...
- إربيل في مرآة التاريخ والفلسفة: دراسة مقارنة بين ابن المستوف ...
- أربيل عبر العصور: من مدينة تاريخية إلى لواء إداري في العراق ...
- دراسة سوسيولوجية لمدينة أربيل: التعددية الثقافية والتحولات ا ...
- -تاريخ اربل- لابن المستوفي: دراسة تحليلية علمية
- أربيل عبر العصور: تطور المخطط العمراني من القلعة إلى المدينة ...
- مقارنة بين مجزرة الكرد في العراق ومجزرة سربرنيتسا في البوسنة ...
- مشروع إعادة تأهيل قلعة أربيل: من الفكرة إلى التنفيذ
- قصور إعادة تأهيل قلعة أربيل: الأسباب والمسؤولية
- إلى السيدة وزيرة المالية العراقية المحترمة، طيف سامي محمد
- حكومة العراق: بين النفوذ المسلح والتحديات السياسية
- سوق القيصرية في أربيل: رمز التراث والتاريخ
- أسماء الأحياء السكنية في قلعة أربيل
- الحضارات التي تعاقبت على قلعة أربيل.
- المئذنة المظفرية في أربيل: دراسة تاريخية، معمارية، وأدوارها ...
- تشكيل حكومة تكنوقراط
- تقييم تشكيلة الثامنة لحكومة إقليم كوردستان | العراق
- الحقيبة الوزارية للتركمان.. إستحقاقٌ قومي لا تصدّقٌ سياسي من ...


المزيد.....




- إسرائيل: قرار بتوسيع مستوطنات الضفة الغربية وتسهيل الهجرة -ا ...
- -يبلها ويشرب ميتها-.. هجوم مصري على ويتكوف بسبب تصريحاته عن ...
- اجتماع عربي إسلامي بالقاهرة بشأن غزة
- رئيس الوزراء الكندي يدعو لإجراء انتخابات مبكرة في 28 أبريل
- لماذا يشيب شعرنا؟
- خان يونس تُشيّع أبناءها: جنازات تلو الأخرى وسط حرب مستعرة
- ثلاثة أمور تتسبب في أغلب الخلافات مع شريك الحياة
- كيف يتحدى الحوثيون الضربات الأمريكية؟
- مراسل RT: غارات جوية تستهدف العاصمة اليمنية صنعاء
- الجزائر تباشر أولى خطوات سن قانون تجريم الاستعمار


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - الغش في المجتمع: آفة تهدد القيم والأخلاق