أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - منذر خدام - العرب والعولمة( الفصل السادس)















المزيد.....



العرب والعولمة( الفصل السادس)


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 8289 - 2025 / 3 / 22 - 08:59
المحور: قضايا ثقافية
    


الفصل السادس
العرب ومنظمة التجارة العالمية
1- مقدمة
لم يعد خافيا أن العولمة الاقتصادية قد شملت جميع الدول بتأثيرها، سواء من كان منها منضما إلى هياكلها التنظيمية، مثل منظمة التجارة العالمية، أو لا يزال خارجها. لقد وصل الاقتصاد العالمي إلى درجة عالية من الترابط والاندماج بحيث لم يعد بمقدور أي اقتصاد وطني او إقليمي أن يبقى خارجه، او بمنأ عن التأثر بما يجري فيه. فعندما يكون نحو 98 بالمائة من التبادل التجاري العالمي يتم في إطار معولم، وعبر شركات دولية متعدية للقوميات بصورة رئيسية، فإن الحديث عن فرص بقاء بعض الاقتصادات الصغيرة خارج الأطر العولمية للمبادلات التجارية، هو حديث غير واقعي. وعموما فإن الدول التي لا تزال خارج منظمة التجارة العالمية، التي أصبحت تمثل بحق الإطار التنظيمي الأكثر شمولية وضبطا للعلاقات التجارية الدولية، قليلة العدد، وهي تنتظر ان يفتح لها الباب للدخول.
لقد كانت الفكرة الأساسية لجولة أورغواي من المفاوضات متعددة الأطراف، التي امتدت لسبع سنوات، والتي شاركت فيها دول عديدة، متقدمة ونامية، بعضها من ذوي الحجوم الإقتصادية الكبيرة، وبعضها الأخر من ذوي الحجوم الصغيرة، هي إنشاء نظام للتجارة الدولية يراعي مصالح جميع الأطراف المشاركة فيه، ويتصف بالشمولية، ويؤمن للجميع المعاملة ذاتها، من كان منهم قويا او ضعيفا، كبيرا او صغيرا، بحيث يتم احترام الحقوق والواجبات في إطار متوازن، تحكمه قواعد متفق عليها، وهكذا كانت ولادة منظمة التجارة العالمية. وقد اتخذت المفاوضات منذ البداية اتجاهين اثنين[1]
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- محسن أحمد هلال، "موقف الدول العربية من عضوية منظمة التجارة العالمية"، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي أسيا( الإسكوا)، الأمم المتحدة،2001، ص 1.
الاتجاه الأول وتم فيه بحث إمكانية توسيع النظام الاقتصادي الجديد بحيث يشمل قطاعات اقتصادية مهمة، مثل التجارة بالمنتجات الزراعية، وبالخدمات، وتنظيم الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية.
وفي الاتجاه الثاني ركزت المفاوضات على إيجاد قواعد جديدة متوازنة لمبدأ المنافسة العادلة، وتعديل بعض قواعد الجات في ضوء الخبرة العملية.
لقد تم التوقيع إلى جانب اتفاقية انشاء منظمة التجارة العالمية على 28 إتفاقا متعدد الأطراف، تشمل جوانب وموضوعات عديدة من التجارة الدولية، تشكل نوعا من التوليفة بين المصالح المتعارضة او المختلفة، بحيث تنطوي على تنازلات من جميع الاطراف، في إطار متوازن بين الإلتزامات والحقوق. وليس ثمة من خيار أمام الأطراف المعنية لسلوك انتقائي، بمعنى أن تنفذ الاتفاقيات التي لها مصلحة فيها، وتعلق الالتزام بالاتفاقيات التي تقدر أن لا مصلحة لها فيها، فالإتفاقيات جميعها تشكل حزمة واحدة، إما أن تقبل بصفتها كذلك أو أن ترفض.
لقد كانت الدول العربية، مثلها مثل أغلب الدول النامية، مهتمة منذ البداية بالمفاوضات الجارية في أورغواي، وفي غيرها من الجولات التفاوضية الأخرى، لتنظيم التجارة الدولية، غير أن هذا الاهتمام لديها قد تنامى كثيرا في السنوات الأخيرة، خصوصا لجهة الانضمام إلى المنظمة، ولكل منها أسبابه الخاصة. لكن إلى جانب هذه الأسباب الخاصة، هناك أسباب عامة، منها البدء بالاصلاح الاقتصادي، وتحرير التجارة، والتوجه نحو التصدير، وتنويع الانتاج المحلي، بالاضافة إلى شمول اتفاقيات المنظمة جوانب هامة من التجارة الدولية مثل التجارة بالخدمات، وهي تعني الدول العربية عموما وخصوصا دول الخليج العربي.
لقد ساد لدى الدول العربية، لفترة ليست قصيرة، نوع من الخوف من الأثار السلبية لاتفاقيات التجارة الدولية المتعددة الأطراف على اقتصاداتها الوطنية، انعكست بصورة واضحة في النقاشات المحلية المتعلقة بجدوى الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، والقطاعات التي يمكن ان تستفيد منها وتلك التي سوف تتضرر سواء في الأجلين القصير او البعيد المدى. وكان حاضرا في دائرة الوعي خلال النقاشات المستفيضة التي جرت في أوساط المعنين، والاختصاصيين، والمسؤولين الحكوميين، الأثار المحتملة للانضمام إلى اتفاقيات التجارة الدولية متعددة الأطراف، وإلى منظمة التجارة الدولية على الأجيال القادمة، لذلك كان التردد والتريث، وإعادة التقييم، والحساب، جميعها ضرورية في مثل هذا الشأن. مع ذلك فهناك بعض الدول العربية قد تاخرت كثيرا في عملية التكيف المطلوبة مع المناخات العولمية وما تقتضيه في مجال الاقتصاد والتجارة، بل هناك البعض منها، كان لا يزال، حتى حين، يفكر بطريقة انعزالية. بصورة عامة يمكن القول ان لامناص في النهاية من الانخراط في التيار العولمي الجارف، والانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وأن سلبيات عدم الانضمام أكثر بكثير من سلبيات الانضمام إليها.
2- الدول العربية و مسألة الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.
واضح إذاً ان التفكير الانعزالي في مجال الاقتصاد، والسياسات التجارية القائمة عليه، أصبحت من الماضي، وأن أي تأخير في تجاوزها سوف يكون له ثمنه. وبالفعل، وكما تبين لنا من معالاجات الفصول السابقة، فإن العرب يدخلون العولمة من مستويات منخفضة، مكبلين بالديون، يغلب على أقتصادياتهم الطابع الريعي، متأخرين جدا في مجال التفكير التكتلي، وإن حساسيتهم بالزمن واقتصادياته ضعيفة.
قد يكون السبب في كل ما ذكرناه، بالنسبة للدول العربية النفطية، كون النفط الخام وبعض مشتقاته هو السلعة التصديرية الرئيسية، و هو سلعة لا تعترضها الحواجز جمركية، او غير الجمركية(الكمية مثلاً)، بل تقدم لها تسهيلات جمركية وغير جمركية، وبالتالي لم يكن لدى الدول النفطية هواجس كبيرة من ان تتأثر صادراتها. لكن في ضوء التوجهات الجديدة لتنويع الصادرات، والشروع في تنمية القطاعات الصناعية المختلفة، بما فيها الصناعات القائمة على النفط، مثل البتروكيماويات، فإنه بات من المحتم أن تتأثر الصناعات الناشئة بالحواجز الجمركية وغير الجمركية عندما تدخل سوق المنافسة الدولية. ولذلك أصبح تخفيف القيود التي تعوق حركة الصادرات، محط اهتمام حكومات البلدان العربية وطبقة رجال الأعمال، نظرا لما لها من تأثير مباشر على مناخ الاستثمار في هذه الدول، وعلى حركة رؤوس الأموال العربية والأجنبية.
أما بالنسبة لدول عربية أخرى خصوصا تلك المنتجة والمصدرة للسلع الزراعية او المستوردة لها، فإن تحرير التجارة بالسلع الزراعية، ورفع الدعم عن صادراتها، والتخفيف التدريجي للتعريفات الجمركية، وخصوصا إلغاء الدعم عنها سوف يتيح للدول المنتجة للسلع الزراعية دخول منتجاتها أسواق الدول المتقدمة بقوة تنافسية كبيرة. لكن، من جهة أخرى، سوف يرفع أسعار المنتجات الزراعية كثيراً مما يزيد في فاتورة الدول المستورة لها. وان السماح لدخول السلع الزراعية إلى أسواق البلدان المتقدمة، او الحصول على تعويض جراء ارتفاع فاتورة المستوردات الزراعية لا تستفيد منه إلا الدول المنضمة إلى منظمة التجارة العالمية واتفاقيات التجارة المتعددة الأطراف.
من جهة ثالثة تعتبر جميع الدول العربية مستوردة للخدمات بكل أنواعها سواء المصرفية منها او الفنية، وإن تحرير تجارة الخدمات سوف يخفض كثيرا من تكاليف استيرادها، نظرا للمنافسة بين مصدري هذه الخدمات، كما سوف تتاح لمنتجيها من دول المنطقة الوصول إلى أسواق كانت مغلقة أمامها تقليديا. وحتى أن المتاجرة بالسلع لم تعد مصدر هواجس وخوف لدى الدول العربية من جراء تأثيرها المحتمل على الصناعات المحلية، نظرا لإجراءات الحماية التي تضمنتها الاتفاقيات الخاصة بذلك، سواء ما يتعلق منها بإجراءات الحماية المباشرة، او بإجراءت الإغراق، أو بإجراءات منع المنافسة غير العادلة..الخ. وينبغي ان نذكر أيضاً إجراءات الحماية للدول النامية والضعيفة التي منحتها إياها اتفاقية تسوية المنازعات التجارية الدولية في إطار منظمة التجارة العالمية، وكذلك المحاباة التفاوضية خصوصا من ناحية الأجال الزمنية لإعادة التكيف، والاستعداد للدخول في منظمة التجارة العالمية.
باختصار لم تعد الدول العربية مترددة في الدخول إلى المنظمة كما كانت في السابق، بل شاركت دول منها منذ البداية في المفاوضات التي جرت لتأسيسها، وخصوصا في جولة اورغواي، بحكم عضويتها في اتفاقيات الجات وهي مصر والمغرب وتونس والكويت وموريتانيا، ووقعت على اتفاقية إنشائها بالاضافة إلى الاتفاقيات الأخرى التي تم التوصل إليها في تلك المفاوضات بين الأطراف المتعددة في مراكش في نيسان من عام 1994. وقد شاركت في التوقيع أيضا كل من الامارات العربية المتحدة والبحرين وقطر، وبذلك أصبح ثمانية دول عربية من مؤسسي منظمة التجارة العالمية.
إضافة إلى الدول سابقة الذكر فإن الأردن وسلطنة عمان قد استكملت هي الأخرى إجراءات الانضمام، في وقت مبكر نسبيا،تبعتها السعودية وعمان وجيبوتي وتستعد كل من الجزائر ولبنان والسودان لاستكمال إجراءات الانضمام بعد أن وافقت على اتفاقيات المنظمة، وهي تحتل موقع المراقب في المنظمة، ولم يبقى خارج المنظمة سوى كل من سورية والعراق وليبيا وفلسطين، علما ان هذه الدول قد تقدمت بطلبات الانضمام.
3- التزامات وحقوق الدول العربية في إطار منظمة التجارة العالمية.
تختلف الالتزامات تجاه منظمة التجارة الدولية من دولة إلى اخرى بحسب نطاق تحرير التجارة التي التزمت به، وبالقياس إلى نطاق التزامات تتحدد الحقوق. لكن بمجرد تحديد الالتزامات المتفق عليها، فإن ما يترتب عليها من سلوك يشمل جميع الدول الأعضاء دون تمييز، وينطبق ذلك على نطاق الحقوق.
فيما يخص إلتزامات الدول العربية الأعضاء في المنظمة فإنها تتوزع على مجالات عدة نذكر منها[2] :
في مجال التجارة بالسلع، فقد التزمت الدول العربية بتحديد التعريفة الجمركية عند مستوى معين، لا يجوز تجاوزه بالزيادة إلا بعد التشاور مع بقية الأعضاء، والاتفاق على حجم الأضرار التي سوف تلحق بهم وكذلك على التعويضات المناسبة التي ينبغي ان تدفع لهم من خلال تثبيت او تخفيض التعريفة على بنود تجارية أخرى.
لقد التزمت الكويت بحدود التثبيت الجمركي بما يعادل 100 بالمئة على جميع السلع الزراعية وغير الزراعية، في حين كان إلتزام الإمارات بحدود التثبيت عند 40 بالمائة، والبحرين عند حدود 35 بالمائة على جميع السلع.أما تونس فقد كانت حدود إلتزاماتها بالتثبيت على السلع الزراعية تعادل 90 بالمائة، أما على السلع غير الزراعية فكانت حدود التثبيت تعادل نحو 200 بالمائة.
ثبت المغرب بدوره التعريفة الجمركية على السلع الزراعية عند حدود 40 بالمائة، أما على السلع غير الزراعية فقد كانت حدود التثبيت عند 289 بالمائة، في حين كانت أعلى نسبة تثبيت في مصر على السلع الزراعية تبلغ 80 بالمائة، أما على السلع غير الزراعية فقد تحركت حدود التثبيت في مجال واسع نسبيا حسب طبيعة السلعة من 3 بالمائة إلى 70 بالمائة. تعتبر الدول العربية سابقة الذكر قد اختارت حدودا عالية نسبيا للتثبيت، في حين دول عربية أخرى مثل البحرين وقطر والأردن وعمان قد اختارت حدوادا ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2-انظر بهذا الخصوص محسن أحمد هلال،" مواقف الدول العربية من عضوية منظمة التجارة العالمية"، مرجع سبق ذكره، ص 10 وما بعدها.
منخفضة للتثبيت سواء على السلع الزراعية او السلع الأخرى. ففي عمان تم تثبيت حدود التعريفة الجمركية على السلع الزراعية عند حدود متحركة من صفر إلى 15 بالمائة، وعلى السلع الأخرى عند حدود متحركة من 5 بالمائة إلى 15 بالمائة، وفي قطر تم التثبيت عند حدود من 12 بالمائة على السلع الزراعية، ومن 5 بالمائة إلى 30 بالمائة على السلع الأخرى. وثبت الأردن حدود التعريفة على السلع الزراعية عند حدود من 15 بالمائة إلى 35 بالمائة، وعلى السلع غير الزراعية من 20 بالمائة إلى 30 بالمائة، وهكذا دواليك.
من المعروف ان السلعة خلال عملية التجارة هي التي تنتقل إلى عند المستهلك، غير ان ذلك قد لا يصح على التجارة بالخدمات، هنا ثمة حالات عديدة:
يمكن أن تنتقل الخدمة من دولة عضو إلى مستهلكها من مواطني دولة عضو آخر.
لكنها قد تنتقل من دولة عضو إلى مستهلك الخدمة في أراضي دولة أخرى دون ان يكون من مواطنيها. وفي كلتا الحالتين قد يكون مستهلك الخدمة شخصية اعتبارية أو طبيعية.
وفي حالة ثالة قد يكون مورد الخدمة ليس من مواطني الدولة الموردة، بل هو موجود فيها بدوافع تجارية.
وفي مجمل الأحوال ينبغي مراعاة مبدأ الدولة الأولى بالرعاية(M F N ) عند تحديد الإلتزامات في جداول خاصة، إذ لا يسمح إلا للقطاعات المحددة في هذه الجداول بالوصول إلى أسواق الدول الأعضاء. وفي حال وجود شروط خاصة مثل شرط المعاملة الوطنية، أو غيرها ينبغي تدوينها في تلك الجداولإن تدوين الإلتزامات او الشروط الخاصة، تجعل السوق الوطنية مقيدة بها، وإلا فإن الدخول إلى الأسواق سوف يعتبر مفتوحا بلا قيود.
ينص اتفاق التجارة بالخدمات على التحرير التدريجي لتجارة الخدمات، مع السماح بتعديل الإلتزامات الواردة فيه بعد مرور فترة زمنية معينة حددها الاتفاق بثلاث سنوات على الأقل من تاريخ التوقيع على الاتفاق، وذلك بالتشاور مع بقية الأطراف الموقعة على الاتفاق، على ان يتم التعويض على الأطراف المتضررة. نذكر فيما يلي(جدول6- 1) القطاعات التي التزمت الدول العربية الأعضاء المؤسسين في منظمة التجارة العالمية بتحريرها:
جدول (6-1) القطاعات التي التزمت الدول العربية بتحريرها
الدولة القطاع
الإمارات العربية البريد السريع، الإنشاءات، البيئة، الخدمات المالية، السياحة، وبعض خدمات الأعمال.
البحرين التأمين وإعادة التأمين
قطر الخدمات المهنية(الاستشارات الهندسية، الخدمات الطبية، البحوث والحاسوب)، الخدمات المالية، السياحة، البناء، البيئة، البريد.
الكويت العمال، البناء والخدمات الهندسية، الخدمات البيئية، الخدمات الصحية والاجتماعية، السفر والسياحة.
مصر البناء والخدمات الهندسية، السياحة والسفر، الخدمات المصرفية، سوق المال، التامين وإعادة التأمين، النقل البحري والخدمات المساعدة.
المغرب بعض خدمات الأعمال، الاتصالات، البناء والهندسة، الخدمات البيئية، المصارف، التامين وإعادة التأمين، السياحة وخدمات السفر، بعض مجالات النقل
تونس المصارف، التامين وإعادة التامين، السياحة وخدمات السفر
الأردن الخدمات المهنية، خدمات الكمبيوتر، البحوث، البيع التأجيري، بعض خدمات الأعمال، الاتصالات، الخدمات المالية، البيئة، التوزيع، الصحة، التعليم، السياحة.
عمان الخدمات المهنية، خدمات الكمبيوتر، البحوث، البيع التاجيري، بعض خدمات الأعمال، الاتصالات، الخدمات المالية، البيئة، التوزيع، الصحة، التعليم، السياحة.
المصدر: محسن أحمد هلال، مواقف الدول العربية من عضوية منظمة التجارة، مرجع سبق ذكره، ص 13.
ونظراً للقصور والنواقص في كثير من جوانب اتفاق التجارة بالخدمات فقد ترك الباب مفتوحا لتطويره من خلال المفاوضات اللاحقة خصوصا ما يتعلق بالخدمات المالية والنقل البحري والاتصالات، وإنتقال الأشخاص الطبيعيين.
إلى جانب التزامات الدول العربية التي ترتبت عليها من جراء عضويتها في منظمة التجارة العاليمية، فإنها حصلت على مجموعة من الحقوق، يمكن إدراجها في الفئات التالية:
أ-الحق في نفاذ منتجاتها من السلع والخدمات إلى أسواق الدول الأعضاء ضمن حدود التثبيت والإلتزامات الخاصة بها.
ب-الحق في الاستفادة من التزام الأعضاء بقواعد السلوك التجاري المتفق عليها أثناء التعامل التجاري في المجالات التي تشملها الاتفاقيات.
ج-الحق في الاطلاع على السياسات التجارية للدول الأخرى، ومدى تقيدها بالاتفاقيات الموقعة.
د- الحق في المشاركة في المشاورات والمفاوضات التي تجري في إطار المنظمة، والمشاركة في صياعة الاتفاقيات.
هـ-الاستفادة من جهاز تسوية المنازعات وآلياته للدفاع عن مصالح الدولة في حال تعرضت للضرر من جراء سلوك الشركاء التجاريين المخالف للقواعد العامة للتجارة المتفق عليها.
على الرغم من أهمية المكتسبات التي حصلت عليها الدول النامية، ومنها الدول العربية نتيجة لجولة اورغواي، وكذلك الحقوق التي يمكن ان تتمتع بها من جراء الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، إلا ان ذلك ليس نهاية المطاف، فهناك الكثير من المطالب التي لا تزال غير محققة، بالنظر إلى مواقف الدول المتقدمة والنافذة في التجارة الدولية، إلى جانب ضعف الدول النامية وافتقارها إلى التنسيق المطلوب. المسألة بالنسبة للدول العربية والدول النامية عموما هي التنمية، ولذلك ينبغي الدفع باتجاه تكامل جميع السياسات التجارية والمالية وغيرها باتجاه تكثيف الاستثمار بما يحقق التنمية المنشودة، وليس التركيز على التجارة وحدها. مع ذلك فثمة ارتباط قوي بين التجارة والتنمية، ويكون هذه الترابط اكثر فعالية بقدر ما يتم التنسيق بين الدول العربية والدول النامية في مجال التجارة العالمية، خصوصا وأن منظمة التجارة العالمية واتفاقيات الجات تشجع على قيام التكتلات الاقليمية. من هذه الناحية وعلى الرغم من وجود جميع الاتفاقيات التكتلية العربية سواء في إطار جامعة الدول العربية او خارجها، فإن التنسيق بين الدول العربية في مجال التجارة الدولية ضعيف جدا، نظرا لاختلاف المصالح القطرية وتمايز التوجهات والارتباطات الخارجية. وقد أثبتت التجارب( مثلا مفاوضات الجات في كوبا اواخر الأربعينات من القرن الماضي حيث استطاع الوفد السوري واللبناني فرض صياغة المادة 24 من الجات) انه عندما تنسق مجموعات الدول مواقفها يمكنها ان تحقق الكثير مما يخدم مصالحها. للأسف الشديد دخلت الدول العربية إلى منظمة التجارة العالمية دون ان يكون لديها أية آلية للتنسيق فيما بينها، على الرغم من المشاورات التي كانت تتم في إطار ثنائي. في الفترة الأخيرة حاولت الدول العربية الاستفادة من كونها مجموعة متمايزة من اجل التنسيق فيما بينها، خصوصا قبيل انعقاد المؤتمر الوزاري للمنظمة، وكانت تعقد الاجتماعات في إطار الاسكوى في بيروت، وأحيانا في جنيف على مستوى المندوبين. في هذا السياق كان انعقاد مؤتمر وزراء المالية والتجارة العرب في القاهرة بتاريخ 17 و18 تموز من عام 2001 قبيل انعقاد مجلس وزرء منظمة التجارة العالمية في الدوحة من أهمها على الاطلاق، حيث تم فيه الاتفاق على[3] :
أ- عقد اجتماع وزاري تشاوري سنويا في إحدى الدول العربية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3- انظر محسن احمد هلال، مواقف الدول العربية من عضوية منظمة التجارة العربية، مرجع سبق ذكره، ص18.
ب- التنسيق مع الدول النامية
ج- رفع تقرير بذلك إلى مجلس سفراء الدول العربية في جنيف.
لقد كان من أولى ثمار الاتفاق بين الدولة العربية المنضمة إلى منظمة التجارة العالمية على التشاور والتنسيق هو المشاركة في مؤتمر الدوحة في قطر، وهم متفقين على جملة من القضايا التي طرحت في المؤتمر منها[4]:
- ضرورة تنفيذ الدول المتقدمة لالتزاماتها في اتفاقيات جولة اورجواي كشرط للدخول في جولة جديدة من المفاوضات تركز على التنمية في الدول النامية، مع مراعاة خاصة للدول العربية حديثة الانضمام إلى المنظمة.
- العمل على تحسين موقع الدول النامية والعربية في دوائر صنع القرار في المنظمة.
- النظر في امكانية التفاوض بشأن اتفاق التجارة والاستثمار مع مراعاة متطلبات التنمية، و وتقديم المساعدات المالية والفنية والتكنولوجية واشتراط الأداء، كل ذلك في إطار أهداف السياسة الاقتصادية والتنموية للبلاد
- وفي مجال المنافسة التجارية اتفق المجتمعون على ضرورة المشاركة بفاعلية في المفاوضات الجارية دفاعا عن مصالح العرب. ومما يساعد في هذا المجال صدور التشريعات الخاصة الوطنية في هذا المجال.
- المطالبة بالحصول على معونة فنية لتأمين متطلبات التجارة الإلكترونية.
- وضع قواعد عامة في مجال الشفافية في المشتريات الحكومية، وإبقائها خارج نطاق جهاز تسوية المنازعات.
- التاكيد على ان منظمة العمل الدولية هي الجهة المعنية بمعايير العمل، وبالتالي اخراج هذا الموضوع من المفاوضات القادمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4- انظر محسن أحمد هلال، مواقف الدول العربية من عضوية منظمة التجارة العالمية، مرجع سبق ذكره، ص 19.
- المطالبة بعدم اشتخدام المعايير البيئية لإعاقة تجارة الدول النامية.
- المطالبة بمعونة فنية لرفع كفاءة الأجهزة الإدارية المعنية بشؤون التجارة .
- المطالبة بمنح الدول النامية ومنها الدول العربية مرونة اكبر في مجال التقيد بالالتزامات التي نصت عليها اتفاقية التجارة بالسلع الزراعية، وإلغام المعاملة التمييزية التي تحصل عليها الدول المتقدمة خصوصا ما يتعلق منها بالاجراءات الوقائية الخاصة.
- المطالبة بمعونة فنية لتطوير قطاع الخدمات ونقل التكنولوجيا، وأن يرتبط تحرير هذا القطاع بمجهودات التنمية فيها.
- التاكيد على ضرورة فتح البلدان المتقدمة لحدودها امام حركة الأشخاص الطبيعين من الدول النامية.
إن المطالب السابقة التي اتفقت البدان العربية الأعضاء في المنظمة على إثارتها في الاجتماع الوزاري للمنظمة في الدوحة، تدل بشكل واضح على الثغرات الكبيرة التي لا تزال قائمة في نظام التجارة الدولي، الذي لا يزال يحابي الدول المتقدمة. ومن جهة اخرى فهي تؤكد على ضرورة استمرار المشاورات والتنسيق بين الدول العربية وبينها وبين الدول النامية من اجل تحسين قواعد اشتغال هذا النظام، ومنظمته التجارية العالمية.
4- الخصوصية العربية ومسألة العضوية في منظمة التجارة العالمية.
لقد ذكرنا أن ثمانية دول عربية قد شاركت في تأسيس منظمة التجارة العالمية، بعضها كان قد شارك في جولة اورغواي( خمسة دول) وبعضها لم يشارك، بل وقع وثائق واتفاقيات تأسيس المنظمة في مراكش عام 1994(ثلاث دول). هذا يعني ان هناك أربع عشرة دولة عربية لم تكن قد انضمت في ذلك الحين إلى منظمة التجارة العالمية لأسباب مختلفة كنا قد ذكرنا بعضا منها في المباحث السابقة. في هذا المبحث سوف نحاول التركيز على بعض جوانب الخصوصية العربية التي جعلت من مفوضات انضمام الدول العربية الأخرى تتأخر بعض الشيئ، بل لا يزال البعض منها خارج المنظمة لم تستكمل إجراءات إنضمامه بعد.
بداية ترى الدول العربية أن لها خصوصيتها الثقافية والدينية والأخلاقية التي ينبغي مراعاتها واحترامها. وتاليا فإن اقتصادياتها شديدة التخارج، يغلب عليها الطابع الأحادي في مجال الانتاج، محكومة ببنية سياسية وإدارية غير كفوءة، تفتقر إلى القدرات الفنية اللازمة للتفاوض. وثالثا فإن الحكومات العربية تتدخل بصورة واسعة في الشؤون الاقتصادية، وهذا يتعارض مع تحرير التجارة الذي هو في صلب اهتمام منظمة التجارة العالمية بل هي قائمة أساسا عليه ومن أجله، وتتخوف بعض الدول العربية من تهدم أساسات بنيان سلطتها السياسية في حال توقفت عن التدخل في الشان الاقتصادي. لهذه الاعتبارات وغيرها وضمن إجراءات التنسيق بين الدول العربية، تحاول تلك الدول العربية المنضمة إلى المنظمة مساعدة الدول العربية غير المنضمة وذلك من خلال العمل على المشاركة في فرق العمل التي تبحث طلبات الانضمام، والتاكيد على عدم فرض شروط والتزامات اكبر مما هو مطلوب من الدول الأخرى، واعتماد نظام سريع ومبسط للانضمام، الذي يطبق عادة على الدول الأقل نموا وفقا للبرنامج الصادر في بروكسل في أيار/2001. أضف إلى ذلك فقد وضعت الدول العربية التي انضمت إلى المنظمة خبراتها التفاوضية والفنية في تصرف الدول العربية الأخرى، وخاصة لجهة تدريب المفاوضين ورفع كفاءتهم، كما سعت لدى الدول الأخرى لتقديم العون والمساعدة الفنية للدول العربية الراغبة في الإنضمام إلى المنظمة الدولية للتجارة. وبالفعل فقد استفادت دول عربية انضمت لاحقا إلى منظمة التجارة العالمية مثل السعودية والجزائر، من مساعدة الدول العربية التي سبقتها في الانضمام إلى المنظمة، وهي تشارك معها في الوقت الراهن في تقديم العون والمساعدة للدول العربية التي لاتزال غير منضمة، وتستكمل إجراءات الإنضمام.
غير ان الخصوصية العربية لا تقف عند هذا الحد المتعلق بإجراءات الحصول على العضوية في منظمة التجارة العالمية، بل تتعداه إلى الأثار المترتبة على ذلك، وكيفية تلقيها، وانعكاسها على مجمل اقتصاديات الدول العربية، وعلى العلاقات التكتلية فيما بينها، وهذا ما سوف نبحثه في المبحث التالي.
5- الآثار المتوقعة من الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.
لقد ذكرنا في أكثر من موضع ان منظمة التجارة العالمية تضم أطرافا مختلفة، وغير متكافئة، سواء من ناحية حجومها الاقتصادية، او قدراتها الفنية والعلمية، او ادوارها السياسية، ولذلك فإنها سوف تكون مختلفة بالضرورة من ناحية تلقيها للأثار المترتبة على انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية. وعموما فإن أثار العضوية في المنظمة تتحدد في ضوء العوامل الخمسة التالية[5] :
1- هيكل الصادرات، ومدى تنوعه.
2- المدى الذي وصلته عملية تحرير التجارة، او الذي يمكن ان تصل إليه عملية التحرير بالنسبة للقطاعات ذات الأهمية بالنسبة للقطر المعني.
3- جغرافية الصادرات وتوجهاتها الاقليمية والدولية .
4- مدى اعتماد البلد المعني على استراتيجية التصدير، بدلا من التنمية المحلة للواردات، ومدى الانفتاح الاقتصادي فيه.
5- مستوى التنمية الذي وصل إليه البلد المعني.
تختلف البدان العربية فيما بينها كثيرا في هيكل صادراتها، منها ما يعتمد بصورة رئيسية على سلعة واحدة، وتضم هذه المجموعة الدول المصدرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
5- سعيد النجار، أثر منظمة التجارة العالمية على الأقطار العربية، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي أسيا( الإسكوا)، اوراق موجزة، الأمم المتحدة، نيويورك 2001،ص1 للنفط، ومنها ما يعتمد على تحويلات العاملين وعلى السياحة والخدمات المصاحبة لها، ومنها ما هو مصنف ضمن مجموعة الدول الأقل نموا، غير ان صادرات بعض الدول العربية تتنوع بعض الشيء. في ضوء ذلك من الطبيعي ان تتلقى كل منها أثارا مختلفة عن الأخرى من جراء انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية.
ففي الدول المصدرة للنفط ، ينطبق ذلك بصورة خاصة على دول الخليج العربي، يشكل تصدير النفط نسبة تزيد عن 80 بالمائة من حجم صادرات هذه الدول، وفي الكويت يصل إلى 95 بالمائة، وفي السعودية يزيد عن 87 بالمائة، لذلك من غير المتوقع ان تؤثر عضويتها في منظمة التجارة العالمية كثيرا على اقتصادياتها، خصوصا وان النفط سلعة غير جمركية، هذا من جهة، ومن جهة ثانية لم تتعرض هذه الدول لضغوط كبيرة من اجل انفتاح انظمتها التجارية وتحريرها بسبب الدخول المرتفعة نسبيا لمواطني هذه الدول. وقد أشار إلى هذه الواقعة السيد جيزس سيد( Jesus Seade) نائب سابق لمدير منظمة التجارة العالمية قوله: " من الصعب أن تتحقق التغييرات الشاملة على التعريفات الخاصة بالنفط الخام ومشتقاته، عندما يتم تطبيق نتائج جولة أورجواي التفاوضية، نظرا لكثرة الدول التي تعارض فرض رسوم على النفط، او زيادة الرسوم على مشتقاته"[6] :
اللافت فيما يتعلق بتصدير النفط ومشتقاته، تناقض المواقف من تصدير النفط الخام، وتصدير مشتقاته. ففي الوقت الذي يصدر النفط بدون رسوم جمركية، او برسوم منخفضة جداً، فإن مشتقات النفط وخاصة البتروكيماتويات تفرض عليها رسوم جمركية عالية، لكن بأقل شروط ملزمة. وعموما فإن عضوية الدول العربية المصدرة للنفط في منظمة ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6-جيزس سيد، نتائج جولة اورجواي، تحرير محمد سعيد النجار: " حول اوجواي والأقطار العربية، 1996.
التجارة العالمية، ومشاركتها في المفاوضات المقبلة، وتنويع صادراتها يمكن ان يجعلها تستفيد من انضمامها إلى المنظمة، التي سوف تؤثر عليها بصورة إيجابية.
أما بالنسبة للدول العربية التي لديها قائمة تصديرية متنوعة نسبيا، وهي مصر وسورية والأردن والمغرب وتونس واليمن ولبنان، تضم سلعا غذائية ومواد مصنعة ، ومواد خام معدنية..الخ، فإن أثار منظمة التجارة العالمية على اقتصاديات هذه الدول سوف تختلف بحسب طبيعة السلعة المصدرة.
بالنسبة للسلع الزراعية فإن اثر منظمة التجارة العالمية عليها يتوقف على مدى عمق تحرير أسواق الدول المصدرة لها والمستوردة على قدم المساواة. من المعروف ان مفاوضات تحرير التجارة بالسلع الزراعية لم تدرج ضمن اتفاقيات الجات وذلك لعدم رغبة الدول الأوربية وامريكا واليابان بذلك، ولكل منها أسبابه الخاصة. من المعروف ان قطاع الانتاج الزراعي من القطاعات الاقتصادية الذي تعرض ولا يزال يتعرض لتدخلات حمائية واسعة من قبل جميع حكومات الدول في العالم تقريبا، خصوصا من قبل حكومات الدول المتقدمة. وقد أخذت إجراءات الحماية أشكالا عديدة شملت التعريفات الجمركية، والقيود الكمية، ودعم الانتاج، وإعانة الصادرات..الخ.
في جولة اورغواي من المفاوضات متعددة الأطراف أدرج لأول مرة قطاع الزراعة في المفاوضات التي ركزت على ثلاث قضايا هي: إجراءات الحماية، والدعم المحلي، ومعونة الصادرات[7].
فيما يتعلق بإجراءات الحماية وخصوصا القيود الكمية منها فقد تم الاتفاق على تحويلها إلى قيود تعريفية غير تمييزية، والعمل على تخفيض مستوياتها في الدول المتقدمة بنسبة 36 بالمئة خلال ست سنوات اعتبارا من ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
7-سعيد النجار، أثر منظمة التجارة العالمية على الدول العربية، مرجع سبق ذكره، ص4-5
مطلع عام 1995، وبنسبة 24 بالمائة بالنسبة للدول النامية خلال عشر سنوات. وقد شملت التخفيضات الدعم المحلي وإعانات الصادرات ، بحيث تم تخفيضها بنسبة 20 في المائة خلال ست سنوات في البلدان المتقدمة، و13.3 بالمائة في الدول النامية خلال عشر سنوات.
ومع ان تحرير القطاع الزراعي لا يزال جزئياً، غير أن مما لا شك فيه ان تحويل القيود الكمية إلى تعريفات سوف تنعكس إيجابا على الدول المصدرة للمنتجات الزراعية، مع ان التعريفات التي حلت محل القيود الكمية كانت عالية جداً تجاوزت في كثير من الأحيان نسبة 200 بالمائة بل 300 بالمائة في بعض الأحيان. ومن المتوقع خلال جولات التفاوض التالية ان تكتسب عملية تحرير التجارة زخما جديداً. وبالمناسبة فإن الدول المتقدمة، وخصوصا الدول الأوربية واليابان، هي التي تتحمل المسؤولية عن تأخير تحرير القطاع الزراعي.
وهكذا فإن الدول العربية المصدرة للمنتجات الزراعية، خصوصا تلك التي تتوجه تجارتها بالمنتجات الزراعية نحو أسواق الدول المتقدمة، والأوربية منها بالتحديد، مثل مصر وسوريا والمغرب، سوف تستفيد من تحرير التجارة بالمنتجات الزراعية، في حال انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، نتيجة لفتح أسواق الدول المتقدمة امام منتجاتها الزراعية التي تتمتع بمزايا نسبية وتسويقية وتنافسية. اما بالنسبة للدول العربية التي تصدر إلى دول الخليج العربي بصورة رئيسية مثل لبنان والأردن فإن نتائج تحرير تجارة المنتجات الزراعية سوف تكون لها أثار إيجابية أقل عليها، وذلك نظراً لأن صادراتها الزراعية لا تتعرض لأية رسوم او قيود.
من جهة أخرى فإن الدول العربية المستوردة للمنتجات الزراعية، مثل مصر ودول الخليج وغيرها، سوف تعاني من أثار سلبية نتيجة لتحريرالتجارة بالمنتجات الزراعية، وذلك من جراء إرتفاع أسعارها. كما أن إلغاء الدعم المحلي وكذلك إعانات التصدير سوف تنعكس سلبا على المعونات الغذائية، نتيجة لتناقص الفوائض الزراعية، وكذلك إضعاف القوة التنافسية للسلع المصدرة من جراء ارتفاع أسعارها. ولتلافي هذه الأثار السلبية او للحد منها فقد تم الاتفاق في جولة اورجواي على انشاء آلية لاستمرار الدعم الغذائي للدول النامية والأقل نموا وتلك المستوردة بصورة صافية للسلع الزراعية.
بالنسبة للتجارة بالمواد المصنعة الأخرى، فإن أثر منظمة التجارة العالمية عليها سلباً او إيجابا يتوقف على مدى فتح الأسواق امامها، والذي بدوره يتوقف على مستوى تخفيض التعريفات الجمركية، وعلى المزايا النسبية التي تتمتع بها الدول المنتجة، وعلى القوة التنافسية بالسعر والجودة لهذه السلع. بصورة عامة يمكن القول أن الأثار الإيجابية على صادرات الدول العربية من السلع المصنعة كبيرة، خصوصا بعد تخفيض التعريفات الجمركية عليها بصورة كبيرة( من40 بالمائة إلى 6 بالمائة في نهاية جولة اورجواي)، وبعد الإلتزام الكبير( 95 بالمئة) للدول المتقدمة بالتعريفات الجديدة.
ثمة حالة خاصة تتعلق بقطاع المنسوجات الذي يمتلك مزايا نسبية كبيرة في الدول النامية، بسبب العمالة المكثفة ومستوى الأجور المنخفض، غير ان تجارته كانت تخضع لنظام الحصص سواء بصورة كلية، او فيما يتعلق بكل دولة مصدرة. ونتيجة لهذا النظام الذي عملت على ترتيبه ما يسمى باتفاقية الألياف المتعددة( Multifiber Arrangement-MUA) فقد حرمت الدول النامية لفترة طويلة من المزايا النسبية التي تتمتع بها، في حين تحملت الأثار السلبية. لكن ونتيجة لجولة أورجواي التفاوضية فقد تم التوصل إلى اتفاقية المنسوجات والملابس، التي وضعت برنامجا من عشر سنوات يطبق على ثلاث مراحل تخضع في نهايتها تجارة المنسوجات والملابس للشروط ذاتها التي تخضع لها بقية السلع، وتلغى بالتالي القيود الكمية وتخفض التعريفات الجمركية عليها. وبالفعل فقد دخلت الاتفاقية حيز التطبيق في مطلع عام 2005.
إن جميع الأثار التي يمكن ان تنعكس على أي بلد عضو في منظمة التجارة العالمية سواء الأثار الإيجابية منها، او الأثار السلبية، تتوقف إلى حد بعيد على طبيعة النظام الاقتصادي السائد في البلد المعني، وهيكله، ودرجة انفتاحه، وتوجهاته التنموية. ففي حال كان النظام الاقتصادي مبنيا من حيث الأساس والاستراتيجية لكي يكون متوجها نحو الداخل، أي لإنتاج السلع المحلة للواردات بدلا من التصدير، فمن الطبيعي حينئذ أن يتشدد في الاجراءات الحمائية، الجمركية وغير الجمركية، لحماية قطاعاته المنتجة للسلع. وبالنتيجة سوف ترتفع الأسعار ويضعف الحافز لدى المنتجين للبحث عن أسواق خارجية نظرا لمعدل الربح العالي في الداخل. بمعنى آخر تبقى الصناعة الوطنية بعيدة عن المنافسة الدولية، فتتخلف أصولها الانتاجية، وترتفع تكاليف الإنتاج، ويضعف الحافز للتوسع الاستثماري، وتتخلف الإدارة، وينتشر الفساد..الخ.
من جهة اخرى فإن الاقتصاد التصديري يتطلب مزيدا من الانفتاح على الخارج، والتعرض بالتالي للمنافسة الشديدة من قبل المنتجين المحليين او الأجانب مما يدفعه لتجديد أصوله الانتاجية باستمرار و تخفيض تكاليفه الانتاجية، وتحسين كفاءة إدارته، وتكتسب المنتجات عندئذ قوة تنافسية سعرية، تجعل المنتجين يبحثون باستمرار عن أسواق جديدة. كل ذلك يتطلب الحد من الاجراءات الحمائية، وتسهيل دخول وخروج السلع ورأس المال.
إن المفاضلة بين التوجه الانتاجي المحل للواردات، والتوجه الانتاجي التصديري، لا تستقيم بدون الأخذ بعين الاعتبار الظروف العامة للبلد، ومستوى التنمية البشرية فيه، ومدى توفر الموارد، والموقع الجغرافي..الخ. وعموما لا يوجد خط فاصل حدي بين التوجهين التنمويين، بل من الأصح من الناحية الاستراتيجية إيجاد توليفة بينهما بحيث يمكن تعظيم الأثار الإيجابية والتقليل من الأثار السلبية للعولمة، وللإنخراط في هياكلها التنظيمية، وخصوصا في منظمة التجارة العالمية.
من بين المسائل التي لا تزال عالقة، وتجد مقاومة كبيرة من قبل الدول المتقدمة، في مواجهة قوة الدفع الكبيرة أيضا من قبل الدول النامية، مسألة حق الأشخاص الطبيعيين بالانتقال من بلد إلى آخر سواء للعمل او للإقامة. بطبيعة الحال هنا الأثار المترتبة على ذلك متناقضة بصورة كبيرة، فالدول النامية لها مصلحة في الدفع باتجاه مزيد من الانفتاح في هذا المجال نظرا لفيض العمالة لديها، وطمعا في تحويلات العمالة الخارجية، وهي تحويلات أساسية بالنسبة للعديد من الدول العربية المصدرة للعمالة، ومنها مصر وسورية والأردن والمغرب والجزائر وتونس.
لكن من جهة اخرى تتخوف الدول المتقدمة من إغراق أسواقها بفيض من العمالة المهاجرة، مما سوف يتسبب بمزيد من البطالة للعمالة المحلية، ومزيد من الضغط السكاني، بالإضافة إلى المشكلات الاجتماعية والثقافية التي يمكن ان تنتج عن ذلك. باختصارلقد أبقيت مسألة حرية انتقال العمالة للاتفاقيات الثنائية او الإقليمية.
ومن الموضوعات التي تهم البلدان العربية أيضاً، و لا يزال الاتفاق بشانها غير ناجز بصورة كاملة هو مسألة السياحة. من المعروف ان القطاع السياحي يشكل مصدرا لدخل هام لبعض الدول العربية مثل مصر وتونس ولبنان وسورية، كما ان الدول الخليجية من البلدان المستوردة للخدمات السياحية نظرا لأن عددا كبيرا من سكانها يقضون فترات طويلة خارج البلاد بحكم الدخول المرتفعة فيها، والظروف الطبيعية القاسية. ومن المعروف ان استهلاك الخدمات السياحية مرتبط بحرية انتقال الأشخاص الطبيعين، هذه الحرية التي لا تزال معاقة بحواجز حدودية كثيرة بعضها من طبيعة جمركية، وبعضها الأخر من طبيعة غير جمركية.
لقد ميز اتفاق الخدمات في موضوع السياحة بين ما يسمى بالالتزامات العامة والتي تنطبق على جميع الأعضاء، مثل مبدأ الدولة الأولى بالرعاية، ومبدأ الشفافية في القوانين والأنظمة المحلية التي تنظم قطاع الخدمات الوطني، ما لم يرد نص بخلاف ذلك، وبين الالتزامات الخاصة المحددة في الجداول الوطنية.
تتأثر السياحة بحسب أنواعها وأغراضها بالبنية التحتية ومستوى تجهيزها وإعدادها، والخدمات التي تقدمها، وكذلك بالقوانين والأنظمة المحلية الناظمة لعملها. ومن تسهيل النفاذ إلى الأسواق السياحية من الأهمية بمكان معاملة فروع الشركات السياحية العاملة في الخارج معاملة الشركات الوطنية، وتقديم الخدمات السياحية دون تمييز، لا من حيث نوع الخدمة المقدمة والكيفية التي تقدم بها، ولا من حيث سعرها، ولا من حيث التحويلات الناجمة عن السياحة. غير ان هذه القضايا وغيرها لا تزال من ضمن الموضوعات التي سوف تعمل عليها المفاوضات القادمة.
بقي ان نشير ان الدول الأقل نموا ومنها، من بين الدول العربية موريتانيا والصومال والسودان، حظيت بمعاملة خاصة في اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، بالنظر إلى ظروفها الاقتصادية الصعبة، ومنحت بالتالي مساعدات فنية واقتصادية ومالية وتجارية، تساعدها في تنفيذ برامج التنمية فيها، ضمن شروط محددة عليها التقيد بها. وعموما فإن هذه الشروط تصب في مصلحتها، ومنها منحها آجال زمنية أطول للتكيف مع متطلبات اتفاقيات منجمة التجارة العالمية، والسماح لها بحماية إنتاجها الوطني وصناعتها المحلية بما يساعد على تطويرها وتنميتها لتستطيع الدخول إلى الأسواق التجارية العالمية. ومع ذلك فإن من حق الدول النامية والأقل نموا والتي تشمل الدول العربية، أن تبدي عدم رضاها عما تم إنجازه خصوصا لجهة بطء ومماطلة الدول المتقدمة بتنفيذ الاتفاقات الموقعة منها اتفاق الزراعة واتفاق المنسوجات والألبسة وإعاقة التقدم في المفاوضات المتعلقة بقطاع الخدمات ومنها على وجه الخصوص حرية انتقال الأشخاص الطبيعيين وغيرها. كما أنها انتقدت مساعي الدول المتقدمة لاقحام منظمة التجارة العالمية في موضوع معايير العمل، الذي هو من اختصاص منظمة العمل الدولية. لقد أثارت الدول النامية ومنها الدول العربية جميع هذه القضايا في مؤتمر سياتل للمجلس الوزاري للمنظمة، واشتكت من طريقة اتخاذ القرارات في المنظمة ان يعيق كثيرا تأثير الدول النامية والعربية على عمل المنظمة بما يخدم مصالحها بالدرجة الأولى.
6-أهم اتفاقيات منظمة التجارة العالمية وأثرها على العرب.
أثناء الاعلان عن قيام منظمة التجارة العالمية، تم الاعلان أيضا عن أكثر من عشرين اتفاقا دوليا متعدد الأطراف، يتعلق كل منها بجانب معين من جوانب التجارة الدولية، وهي حصيلة المفاوضات الدولية في جولاتها المتعددة، وخصوصا جولة أورغواي الأخيرة التي مهدت للإعلان عن قيام المنظمة التجارية الدولية. وفي المؤتمرات اللاحقة للمنظمة على المستوى الوزاري، تم التوصل إلى اتفاقيات جديدة، ولا تزال اتفاقيات أخرة قيد التباحث. في هذا المبحث سوف نتوقف عند أهم هذه الاتفاقيات للنظر في تأثيرها على العرب.
6-1 اتفاقية التجارة بالخدمات
ثمة اختلاف كبير بين الاقتصاديين حول الدور الذي يلعبه قطاع الخدمات في الاقتصاد بصورة عامة، وفي تحقيق النمو الاقتصادي بصورة خاصة. بعضهم ممن يصنف عادة على النظرية الاقتصادية التقليدية يعتبر قطاع الخدمات قطاع تابع للقطاعات الانتاجية، يتطور بتطورها، وفي ضوء احتياجاتها، فهو في المحصلة قطاع غير منتج للنمو، بل مساهم في توزيعه.
اما البعض الآخر منهم، ممن يصنفون على النظرية الحديثة، يعتبرون قطاع الخدمات قطاعا منتجا لمنتجات نهائية في صورة خدمات إنتاجية، وهذه الخدمات ضرورية لعمل القطاعات المنتجة السلعية. بمعنى آخر لا يمكن فصل قطاع الخدمات عن القطاعات الاقتصادية الأخرى، فهو وثيق الصلة والروابط بها، مساهما مثلها في الدورة الانتاجية، وفي النمو الاقتصادي، وفي تقديم منتجات قابلة للتجارة. يستند أصحاب هذه النظرية أساسا على التحولات العميقة التي أحدثتها التكنولوجيا الحديثة في قطاع الخدمات من حيث الوظيفة والدور والبنية الهيكلية المؤسسية[8].
مما لا شك فيه أن قطاع الخدمات يلعب دورا مهما في الحياة الاقتصادية سواء من خلال فروعه الخدمية الاستهلاكية، او فروعه المنتجة لخدمات قابلة للتجارة، والتي تدخل في الدورة الاقتصادية كمنتجات نهاية، في صورة مدخلات إنتاجية، او مدخلات استهلاكية مصاحبة. وهو يقوم بوظيفة حصرية، تعنى بتوصيل المنتج السلعي إلى مستهلكه النهائي سواء في الأسواق المحلية او الأسواق الخارجية. بهذا المعنى فإن تطور قطاع الخدمات يحصل بصورة مصاحبة لتطور الفروع الاقتصادية الأخرى، لكنه يمكن ان يكون قائدا للتطور ذاته بسبب ديناميكية تطوره المستقل نسبيا. لناخذ على سبيل المثال قطاع الاتصالات والمعلوماتية، وما أحدثته من ثورة حقيقية ليس فقط في مجالها بل في جميع المجالات الاقتصادية الأخرى.
إن تشخيص واقع الخدمات في الدول العربية، كمقدمة لدراسة تأثير منظمة التجارة الدولية عليها مسألة في غاية الصعوبة، ليس بسبب اختلاف المفاهيم المتعلقة بتجارة الخدمات، بل بالدرجة الأولى لغياب المعطيات والبيانات التي تكشف عن واقع ودور قطاع الخدمات في النشاط الاقتصادي. بصورة عامة يمكن القول ان قطاع الخدمات في الدول العربية كما هو حاله في الدول النامية، هو قطاع متخلف، يفتقر إلى التنظيم، مساهماته ضعيفة في الناتج المحلي، على عكس واقعه ودوره في البلدان المتقدمة. هنا فهو لاعب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8- محسن أحمد هلال " التجارة في الخدمات" ( اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي أسيا[ الإسكوا] ، اوراق موجزة،10/2001، الأمم المتحدة، نيويورك،ص 2)
رئيسي في الاقتصاد وفي المجتمع بصورة عامة، نظرا لارتباطه بالتكنولوجيا المتقدمة، وله مساهمات كبيرة في النمو الاقتصادي، وفي الناتج المحلي الاجمالي. لقد تحولت بعض قطاعات الخدمات، مثل خدمات الاتصالات والمعلوماتية إلى قطاعات قائدة في الاقتصاد الوطني وباعثة على النمو فيه.
من جهة اخرى فإن قطاع الخدمات في الدول العربية يختلف بطبيعته عن مثيله في الدول المتقدمة. هنا يتم التركيز على ما يسمى بخدمات اليد العاملة أو حركة الأشخاص الطبيعيين، وقد شملت هذه الحركة، سواء بين البلدان العربية، او بينها وبين الدول الأخرى، جميع نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية. فلم تعد تقتصر الخدمات التي تقدمها اليد العاملة المهاجرة للعمل، او للاقامة، على الأعمال اليدوية التي لا تتطلب مهارات معينة ( اعمال التنظيف والبلدية، والخدمات المنزلية وغيرها)، بل أصبحت تشمل الخدمات التي تتطلب درجة عالية من التأهيل مثل الخدمات الهندسية والطبية والتعليمية..الخ.
ومن المعروف ان في حركة وانتقال اليد العاملة فائدة كبيرة للدول المصدرة لها او المستوردة على حد سواء. فالدول المصدرة استفادت من فرص العمل المتاحة في البلدان المستوردة لتشغيل قواها البشرية، ومن تدفق النقد الجنبي نتيجة تحويلات العاملين في الخارج. لكن البلدان المستوردة هي الأخرى استفادت كثيرا من اليد العاملة المستوردة، سواء في تطوير اقتصادياتها، او في تيسير الحياة الاجتماعية فيها. فبدون العمالة المهاجرة إلى دول الخليج العربي، لا يمكن تصور وضع اقتصادياتها، وكذلك الأمر في ألمانيا وفي العديد من الدول المتقدمة الأخرى في العالم.
ويتم الركيز أيضا في الدول العربية على خدمات النقل بكل انواعه، خصوصا المرتبط بنقل النفط. لقد استفادت من هذه الخدمات الدول المصدرة لها لجهة تخفيض تكاليف النقل، واستفادة أيضا بلدان العبور من جراء الدخول المتولدة عن حركة العبور(رسوم، ريوع، أجور، وفرص عمل وغيرها) وكذلك استفادت الدول المستوردة على حد سواء، من خلال وصول المنتج المنقول في الوقت المناسب وبالشكل المناسب وبالسعر المناسب.
ويتم التركيز أيضا على قطاع الخدمات المتعلق بالتنقيب واستكشاف النفط والثروة المعدنية والطبيعية، باعتباره من القطاعتات الخدمية ذات الأهمية الاستثنائية في الدول العربية،. فهذا القطاع الهام جدا في الدول العربية يعتبر اهم قطاع جاذب لاستثمارات الخدمية، وان الدول العربية مستورد صاف لخدماته.
ولاعتبارات تاريخية وجغرافية وطبيعية يحوز قطاع الخدمات السياحية على اهمية خاصة في الدول العربية، نظرا لتوفر مقومات سياحة ناجحة وجاذبة في أغلب الدول العربية. أضف لذلك فإن قطاع السياحة قطاع مولد لأنشطة مرافقة متنوعة، مثل خدمات النقل والمطاعم والفنادق والترفيه والثقافة والعلاج وغيرها. لقد أصبحت الدول العربية مجالا للجذب السياحي سواء لمواطني هذه الدول او للمواطنين الجانب، وهناك تجارب ناجحة على هذا الصعيد في مصر ولبنان والأردن وسورية وغيرها.
وتنفرد الدول العربية النفطية بإمكانيات كبيرة لتطوير قطاع الخدمات المالية تصديرا واستيرادا، بل وهناك مجالات واسعة وإمكانات واعدة لتقديم هذه الخدمات على نطاق اوسع إلى الدول العربية الأخرى التي هي بأمس الحاجة إليها.
وتشمل قطاعات الخدمات ذات الأهمية الخاصة للدول العربية قطاعات الخدمات الطبية والتعليمية، وقطاعات الاستشارات الهندسية والإدارية، وقطاعات المقاولات والإنشاءات..الخ. جميع هذه القطاعت تلعب أدوارا هامة في تنمية اقتصاديات الدول العربية، وفي علاقاتها مع الدول المصدرة او المستوردة لهذه الخدمات.
بصورة عامة تفتقر قطاعات الخدمات في الدول العربية إلى البيانات الاحصائية التي تبين حجمها، وتوزعها القطاعي، وجهات الاستيراد او التصدير، وهذه من النواقص الخطيرة التي تعيق الكشف عن مدى تأثرها باتفاقيات منظمة التجارة العالمية الخاصة بالتجارة بالخدمات، وينبغي تركيز الجهود لتلافي هذا النقص الخطير.
6-1-1 المبادئ العامة لاتفاقية التجارة بالخدمات.
لقد قامت الاتفاقية العامة للتجارة بالخدمات(GATS) على ثلاث دعائم رئيسية وهي:
- الالتزامات والمبادئ العامة
- جداول التزامات تحرير قطاعات الخدمات
- ملاحق تتضمن بعض القطاعات الخدمية الرئيسية.
فيما يخص المبادئ العامة، فهي تشمل جملة من الإلتزامات على الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، تم التوصل إليها في جولة اورجواي للمفاوضات المتعددة الأطراف، مع الأخذ بعين الاعتبار ان تجارة الخدمات هي تجارة غير منظورة تتطلب انتقال الأشخاص والتكنولوجيا اللازمة لتقديم الخدمة. وقد شمل الاتفاق المجالات الأربع للخدمات وهي:
أ-الخدمات عبر الحدود والتي تعني ان الخدمة تنتقل دون انتقال المورد او المستهلك، مثل الخدمات المصرفية والخدمات الاستشارية وغيرها من الخدمات التي يمكن إرسالها بالبريد او الفاكس او البريد الإلكتروني وتسوية قيمتها لاحقا بعد الحصول على الخدمة.
ب-الخدمات المرتبطة بانتقال المستهلك، مثل الخدمات السياحية والتعليمية والصحية.
ج- الخدمات المرتبطة بالتواجد التجاري، والتي تطلب انتقال المورد من بلد المنشأ إلى البلد المستورد، مثال فتح فرع لمصرف او لشركة استشارية اجنبية في بلد عربي.
د-الخدمات المرتبطة بانتقال الأشخاص الطبيعين، مثل التشغيل المؤقت للعمالة الجنبية.
من المبادئ العامة التي تضمنتها الاتفاقية:
- مبدأ "الدولة الأولى بالرعاية"، والذي يرتب التزامات على الدول الأعضاء لجهة عدم التمييز في المعاملة بيد دولة واخرى، حتى ولو كانت دولة غير عضو في منظمة التجارة العالمية، من ناحية الإلتزامات بتحرير قطاعات الخدمات.
- مبدأ الشفافية والعلانية والذي يلزم الدول الأعضاء باتاحة القوانين والتشريعات والاتفاقيات التعلقة بالخدمات للاطلاع عليها.
- مبدأ القواعد المحلية والذي يتطلب تحديد فترة لإخطار من يتقدم بطلب لبناء مشروع في دولة اخرى بالمهل الزمنية لمنح الترخيص وفق القوانين المحلية، والمعلومات المتعلقة بقبول الطلب او رفضه.
- مبدأ الاعتراف بمتطلبات الخدمات المهنية. يتطلب هذا المبدأ تحديد إجراءات الترخيص للأجانب للعمل داخل الدولة، وفيما إذا كانت تعترف بالخبرة او الدرجات العلمية التي يحوزها طالب العمل.
- مبدا عدم الاحتكار، او تقييد الخدمات. يتطلب هذا المبدأ فتح قطاع الخدمات للمنافسة، مع احترام حق الأطراف في عدم الإفصاح عن المعلومات السرية المتعلقة بنشاط هذا القطاع.
إلى جانب المبادئ العامة التي قام عليها اتفاق التجارة بالخدمات، هناك مجموعة من الأحكام العامة، التي تراعي المصالح التجارية والتنموية لبعض الدول، مثل زيادة مشاركة الدول النامية في تجارة الخدمات، والسماح بقيام تكتلات اقتصادية مع دول اخرى، لتحرير بعض القطاعات الخدمية، وإبقاء بعضها الأخر خاضع للتقييد والحصر. والسماح بتكامل أسواق العمل، بحيث يتم تفضيل عمالة وافدة على اخرى، أو فتح الباب امامها وإبقائه موصدا امام العمالة الأخرى. والسماح باتخاذ إجراءا وقائية لحماية قطاعات الخدمات المحلية، وفرض قيود مؤقته لحماية ميزان المدفوعات.
وقد تضمن الاتفاق بعض الاستثناءات العامة، مثل عدم تطبيق الاتفاق على الإجراءات الخاصة بحماية الأداب العامة وحماية صحة الانسان والحيوان والنبات. وعدم الافصاح عن المعطيات الأمنية، والمعلومات السرية..الخ.[9]
أما فيما يخص الإلتزامات فقد شملت حرية النفاذ إلى الأسواق لجميع موردي الخدمات في لإطار الشروط المتفق عليها والمتضمنة في جدول الإلتزامات، والسماح لموردي الخدمات الأجانب باختيار الأسلوب المفضل لديهم في تصدير خدماتهم. من حيث المبدأ القاعدة المتبعة هنا هي المزيد من انفتاح الأسواق والأخذ بالأسلوب السلبي في وضع الشروط والحدود والضوابط.
وشملت الإلتزامات أيضاً مبدأ المعاملة الوطنية، بما يعني إتاحة فرص متساوية اما السلع والخدمات الأجنبية ومثيلتها الوطنية، بعد استيفاء الرسوم الجمركية. وإذا كان لا بد من تمييز بين المنتج الوطني والمنتج الأجنبي في المعاملة الوطنية، فلا بد من تدوين ذلك في جداول الإلتزامات الخاصة بكل عضو. من حيث المبدأ هنا أيضا تنحو المنظمة باتجاه المساواة الكاملة بين المنتج الأجنبي(سلعة او خدمة) والمنتج المحلي.
ومن الإلتزامات الواردة في الاتفاقية تحديد أسلوب التحرير التدريجي لتجارة الخدمات، والتوازن بين الا لتزامات والمطالب، والحق في طلب تعويضات عن الأضرار على ان يتم الاتفاق على كل ذلك من خلال المفاوضات..الخ.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9- لمزيد من التفاصيل أنظر: محسن احمد هلال" التجارة بالخدمات" مرجع سبق ذكره ص 5-10.
6-1-2-إلتزامات وحقوق الدول العربية في اتفاق التجارة بالخدمات.
بالنسبة للدول العربية الأعضاء في منظمة التجارة العالمية فإنها بحكم عضويتها ملتزمة بالاتفاقية العامة للتجارة بالخدمات، لأنه من شروط العضوية الإلتزام بجميع اتفاقيات منظمة التجارة العالمية كحزمة واحدة. اما
الدول العربية غير المنضمة بعد إلى منظمة التجارة العالمية فإنها لا تستفيد
من مزايا هذه الاتفاقية في تطوير قطاع الخدمات لديها.
تحدد الإلتزامت عادة في جداول إيجابية، بمعنى ان القطاع الخدمي غير الموجود في القائمة يعتبر مستثنى من الإلتزامات.، اما القطاعات المدونة في الجداول فتخضع لاتفاقية التجارة في الخدمات وفق ما نصت عليه من مبادئ وإلتزامات واحكام عامة.
ضمن هذا الإطار تختلف القطاعات التي تنطبق عليها اتفاقية التجارة بالخدمات من دولة عربية إلى أخرى.أنظر الجدول(6-2)
في مقابل التزامات الدول العربية المحددة في جداول الإلتزامات بفتح بعض فروع قطاع الخدمات امام التجارة الحرة الدولية، فإنها تحصل على بعض الحقوق والمزايا، وهي تتعلق أساسا بالمزايا النسبية التي تتمتع بها في بعض قطاعات الخدمات، مثل قطاع السياحة، والسفر، او الانشاءات والهندسة، او التعليم والصحة. أضف إلى ذلك فإن استيراد بعض الخدمات، يفسح المجال للحصول على خدمات أخرى مصاحبة يمكن الاستفادة منها في تطوير القطاعات المنتجة مثل الزراعة والصناعة. ينطبق ذلك بصورة خاصة على الخدمات المالية.
من جهة أخرى تستفيد الدول العربية من تحديد شكل التواجد الأجنبي لديها(شركات مشتركة، او مشروع اجنبي..) وكذلك شروط نقل التكنولوجيا.. كل ذلك في ضوء المصالح الوطنية.
ويسمح أيضا اتفاق التجارة بالخدمات للدول العربية بحماية القطاعات الوطنية من خلال تحديد درجة المعاملة الوطنية، وكذلك الحصول على

جدول (6-2) قطاع الخدمات الخاضعة لاتفاقية التجارة بالخدمات
في الدول العربية الأعضاء المؤسسين لمنظمة التجارة العالمية
البلد القطاع الخدمي
الكويت الأعمال، والانشاءات والخدمات الهندسية،و الخدمات البيئية،والخدمات الصحية والاجتماعية، والسفر والسياحة.
البحرين التأمين وإعادة التامين
قطر بعض الخدمات المهنية من ببينها الاستشارات الهندسية، والخدمات الطبية، والبحوث والحاسوب)، والبريد، والإنشاءات، والبيئة، والخدمات المالية، والسياحة.
الامارات العربية المتحدة بعض خدمات الأعمال، والبريد السريع، والإنشاءات، والبيئة، والخدمات المالية والسياحة.
مصر الإنشاءات والخدمات الهندسية، والسياحة والسفر،والخدمات المصرفية، وسوق المال، والتامين وإعادة التامين، والنقل البحري والخدمات المساعدة.
تونس المصارف، والتامين وإعادة التامين، السياحة وخدمات السفر
المغرب بعض خدمات العمال، الاتصالات، الإنشاء والهندسة، الخدمات البيئية، المصارف، التامين وغعادة التامين، السياحة وخدمات السفر، بعض مجالات النقل
الأردن الخدمات المهنية، وخدمات الكمبيوتر، والبحوث، والبيع التاجيري، وبعض خدمات الأعمال، والاتصالات،والخدمات المالية، والبيئة،والصحة،والتعليم، والسياحة.
عمان الخدمات المهنية،خدمات الكمبيوتر، البحوث والبيع التاجيري وخدمات العمال والاتصالات والخدمات المالية والبيئة والتوزيع والصحة والتعليم والسياحة
المصدر: محسن أحمد هلال" التجارة في الخدمات" مرجع سبق ذكره، ص20.
المعلومات التجارية والفنية للخدمات الأجنبية بما فيها الحصول على التشريعات الوطنية الخاصة بالتجارة بالخدمات من مصادرها.
اما بالنسبة للدول العربية المستوردة للعمالة او تلك المصدرة لها، فإنها تستفيد من عضويتها في منظمة التجارة العالمية لجهة تامين احتياجاتها التصديرية او الاستيرادية من العمالة وفق الشروط المحددة في جداول الإلتزامات. أضف إلى ذلك تستفيد الدول العربية من إمكامنية التكتل الاقتصادي او تكامل الأسواق التي سمحت بها اتفاقيو التجارة في الخدمات لتعزيز قدرتها التنافسية من خلال العمل المشترك.وفي مجمل الأحوال يسمح مبدأ الشفافية للدول العربية بالاطلاع المستمر على التطورات التي تحصل في الدول الأعضاء في مجال تحديث القواعد المحلية لتواكب التطورات العالمية في مجال قطاع الخدمات.
6-2-اتفاق التجارة في السلع الزراعية.
لقد مضى وقت ليس بالقصير، والدول النامية، ومنها الدول العربية، وهي في حالة توجس وخوف من العولمة، ومن منظمة التجارة العالمية كأحد الأشكال التنظيمية القطاعية لها. من جهة لكون الظاهرة لم تكن قد درست بشكل جيد، ومن جهة ثانية لكون ما بدى منها من أثار على العلاقات الدولية، قد طبعته امريكا، بحكم كونها القوة الوحيدة المهيمنة عالميا، بشيئ من التوحش والهمجية. في هذه الظروف كان الخوف والتردد هو المتحكم بسلوك ومواقف العديد من الدول من اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، فطالت المهل وكثرت الاستثناءات، وسلطن الحذر في الانفتاح على العالم، وكانهم يواجهون غولا يريد ان يفترسهم. بطبيعة الحال لم يكن كل ذلك بلا سبب او مبرر، فطبيعة المفاوضات الدولية المتعددة الأطراف سواء في إطار جولات اورغواي او في غيرها، كانت تبرز دائما الدور الكبير والمتحكم للدول الكبيرة وخصوصا الولايات المكتحدة الأمريكية، وأوربا واليابان، وقد تجلى ذلك في أوضح صوره أثناء المفاوضات لتحرير التجارة في السلع الزراعية.
لقد جاء اتفاق التجارة بالسلع الزراعية من حيث الأساس لحل الخلافات بين امريكا ودول الاتحاد الأوربي المتعلقة بسياسات الدعم للمنتجات الزراعية، تلك السياسات التي أضرت كثيرا بالدول النامية، ومنها الدول العربية، بل لحق الضرر أيضا بالدول المتقدمة المشار إليها ذاتها التي هي اصل الخلاف. لقد وصل الأمر بالعديد من الدول النامية إلى العجز عن تصدير منتجاتها الزراعية نتيجة الدعم الهائل الذي كان يقدم للسلع الزراعية، والذي تراوح بين 230 و270 مليار دولار سنويا[10]. بل وطال العجز دولا اخرى مصدرة للمنتجات الزراعية مثل أستراليا والبرازيل والأرجنتين وكندا ونيوزلندا وغيرها. لذلك ما عن بدات المفاوضات المتعلقة بتحرير التجارة بالسلع الزراعية حتى رمت هذه الدول بثقلها للتأثير في مجراها وفي نتائجها. وبالفعل فقد تم إدراج الموضوعات الثلاث التي كانت تعيق هذه التجارة، وهي حسب ما أصطلح عليها: النفاذ إلى الأسواق(Market Access) و الدعم الداخلي (Domestic Support ) و دعم التصدير(Export Competition) كحزمة واحدة على جدول المفاوضات التي استمرت سبع سنوات.
فيما يخص الدول العربية يمكن القول أنها بالغت كثيرا في مخاوفها من اتفاق التجارة بالمنتجات الزراعية لسببين على الأقل: الأول منهما هو ان الدول العربية ليست دولا مصدرة للمنتجات الغذائية الرئيسية، مثل الحبوب واللحوم والزيوت والألبان والسكر وغيرها، وهي المنتجات التي يتم دعمها عادة، بل هي دول في غالبيتها تستورد الغذاء من الخارج. وحتى بعض المتجات الزراعية التي تصدر، لا تمتلك مزايا تنافسية هامة، مثل الحبوب ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
10- محمد مامون عبد الفتاح " اتفاق التجارة في السلع الزراعية": قضايا تهم الدول العربية( اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي أسيا- الإسكوا،2001/9، الأمم المتحدةن نيويورك 2001)ص 1
في سورية، والأرز في مصر، وزيت الزيتون في تونس. أما المنتجات التي تمتلك بعض الدول العربية قدرات تنافسية فيها مثل الخضروات والفاكهة فهي لا تدخل في إطار الجدل الدائر حوال سياسات الدعم.
السبب الثاني يعود إلى التركيز على المصادر المحلية في كل دولة عربية على حدة، في تأمين الغذاء للشعوب العربية، الأمر الذي تطلب دعم هذا
القطاع، مما انعكس سلبا على كفاءته الانتاجية والإقتصادية. فالتخوف من تراجع الموارد الزراعية الذاتية نتيجة المنافسة الخارجية هي من الأسباب التي دفعت الدول العربية إلى المبالغة في مخاطر العولمة الزراعية على الزراعة العربية.
بطبيعة الحال لا يزال الكثير من القضايا المتعلقة بتحرير التجارة بالمنتجات الزراعية موضع تفاوض في إطار منظمة التجارة العالمية، وإن ما جرى الاتفاق عليه ليس أكثر من تعديل لما جاء في اتفاقية الجات. وإن الاستعداد للمشاركة بفعالية في المفاوضات اللاحقة أمر مهم ومطلوب، حتى لا تاتي الاتفاقيات الجديدة على الضد من المصالح العربية الزرعية.
6-2-1- مواقف الدول العربية من بعض قضايا التفاوض.
كثيرة هي القضايا غير المحلولة في مفاوضات التجارة بالسلع الزراعية، منها ما يتعلق بالتعريفة الجمركية، وسياسات الدعم والإعانات، ونظام الحصص وغيرها. وبطبيعة الحال تختلف مواقف الدول العربية منها بحسب كونها بلدان مستوردة للمنتجات الزراعية او الغذاء، او بلدان مصدرة لها. أ- فيما يخص التعريفة الجمركية ينبغي على البلدان المستوردة للغذاء وهي غالبية الدول العربية ان تركز جهودها في المفاوضات القادمة على ان يكون التخفيض على الرسوم الجمركية من خلال العرض والطلب، وعلى أساس الرسوم المربوطة وان تحصل على المرونة الكافية فيما يخص دفع الرسوم وذلك في ضوء سياساتها التنموية.
أما بالنسبة للبلدان المصدرة للمنتجات الزراعية والغذائية فالتركيز ينبغي ان ينصب على خفض التعريفة الجمركية على سلعها التصديرية مثل الخضروات والفواكه، وأن يطبق التخفيض على كل سلعة على حدة وعلى أساس الرسوم المطبقة.
أما فيما يخص نظام الحصص التعريفية، الذي تتمسك به اليابان وكوريا الجنوبية بصورة رئيسية وكذلك الاتحاد الأوربي، تضغط الدول المصدرة الرئيسية مثل الولايات المتحدة الأمريكية من اجل إلغائه، وتطالبة الدولتين بمزيد من الشفافية في تطبيق نظام الحصص التعريفية لديها.
أما بالنسبة للدول العربية سواء المصدرة منها او المستوردة للمنتجات الزراعية والغذائية فإنها لا تتاثر كثيرا بتطبيق هذا النظام، بل ربما هو بمعنى معين يخدم مصالحها ويحمي منتجاتها من المنافسة في هذه الأسواق في حال ألغى نظام الحصص.
لقد استفادت الدول المتقدمة التي حولت القيود الكمية على الواردات الزراعية إلى قيود تعريفية مما سمي بنظام الوقاية الخاصة لحماية بعض منتجاتها الزراعية، ولقد أضر هذا النظام بمصالح الدول النامية وكذلك الدول العربية، ولذلك ينبغي العمل في جولات المفاوضات اللاحقة على إلغائه. ومع ان ثمة صعوبة كبيرة في إقناع الدول المتقدمة المستفيد الرئيسي من هذا النظام بإلغائه، لذلك ينبغي العمل على الاستفادة منه لحماية منتجاتها المحلية دون القبول بتحويل القيود الكمية إلى قيود تعريفية.
ب- فيما يخص الدعم المحلي للمنتجات الزراعية، كان من المفروض ان يطبق عليه اتفاق " الدعم والرسوم التعويضية" الذي طبق على المنتجات الصناعية، والذي ميز بين ثلاثة انواع من الدعم: دعم ممنوع وينبغي إلغاؤه فورا وهو دعم الصادرات، ودعم يمكن تعويضه بفرض رسوم مكافئة له، ودعم مسموح به(دعم البحوث الزراعية وتطوير وسائل الانتاج).
الذي حصل ان جميع الدول بدرجات مختلفة قد احتالت على تطبيق هذا الاتفاق، نظرا لتعدد أشكال الدعم المحلي، ومع ان المفاوضات خلال التسعينات من القرن الماضي قد توصلت إلى ما يسمى بالمقياس الاجمالي للدعم المحلي، قسم الدعم بنتيجته إلى نوعين فقط: دعم مشوه للتجارة ( trade Distorting commitments) وهو الدعم الخاضع للتخفيض،تفرع منه نوع خاص من الدعم يتعلق بالحد من الانتاج، ودعم مسموح به، ومع ذلك تهربت دول كثيرة من الالتزام بتطبيقه.
من الواضح ان الدول المتقدمة هي الأكثر قدرة على دعم الزراعة،ولذلك فهي المستفيد الرئيس من سياسات الدعم المحلي للمنتجات الزراعية والغذائية. اما الدول النامية فهي في غالبيتها لا تملك الأموال الكافية لدعم الزراعة المحلية، لذلك فقد طالبت برفع الحد الدنى الذي لا يخضع لتخفيض الدعم عنه حتى 20 بالمائة، وتخصيص صندوق خاص بدعم التنمية في هذه الدول، وهي مطالب لا توافق عليها الدول المتقدمة.
الموقف من سياسات الدعم هو باختصار: من جهة الدول المتقدمة لا توافق على إلغاء الدعم المحلي للمنتجات الزراعية والغذائية، إلا بصورة تدريجية وبطيئة(وحتى هذه يتم التحايل عليها)، ومن جهة اخرى الدول النامية ومنها الدول العربية التي تطالب الدول المتقدمة بضرورة إجراء خفض كبير على الدعم الذي تقدمه للمنتجات الزراعية والغذائية، في حين تصر هي على إعفائها من ذلك. هذا التعارض في المواقف سوف يظل موضوعا للمفاوضات القادمة من اجل إيجاد مخارج منه تراعي مصالح الجميع.
ج-فيما يخص دعم التصدير لم تسفر جولة اورجواي على إلغاء دعم الصادرات ازراعية، بل اكتفت بتخفيض هذا الدعم بنسب معينة، وخلال مهل زمنية معينة، روعي فيها وضع البلدان النامية. ومع ان الدول المصدرة للمنتجات الزراعية وغالبية البلدان النامية توافق على إلغاء دعم الصادرات الزراعية إلى ان دول الاتحاد الأوربي تعارض ذلك بشدة، وتشترط لالغاء دعم التصدير إلغاء الدول الأخرى لأنواع من الدعم لا تقل في تأثيرها على تنافسية المنتجات الزراعية والغذائية من دعمها للصادرات، مثل المشتريات الحكومية والمعونات الغذائية وإئتمان التصدير.
الموقف هنا أيضا متعارض بين الدول، فالدول المصدرة للمنتجات الزراعية والغذائية لها مصلحة في إلغاء دعم تصدير السلع خصوصا تلك التي تستفيد من الدعم المحلي في الدول المتقدمة. ام الدول المستوردة ومنها غالبية الدول العربية، فليس لها مصلحة في إلغاء دعم التصدير لأن ذلك سوف يتسبب في ارتفاع كبير في الأسعار.
من جهة أخرى أدت سياسة دعم المنتجات الزراعية في البلدان المتقدمة ومنها دعم التصدير إلى اكتساب منتجاتها قوة تنافسية كبيرة في أسواق البلدان النامية المستوردة لها مما انعكس سلبا على الانتاج المحلي، ولحل هذه الاشكالية صدر ما سمي بإعلان مراكش الخاص بالدول النامية، والذي تضمن ضرورة توفير موارد كافية لتقديم المعونات الغذائية لها، وكذلك المعونات الفنية والمالية لتطوير انتاجها المحلي، توفير مساعدات مالية لسد العجز في موازينها التجارية الناجم عن إرتفاع أسعار المنتجات الزراعية. غير نقطة ضعف هذا الاعلان هو انه ذو طابع سياسي ولا يمتلك القوة القانونية لتطبيقه[11].
6-3-اتفاق الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية.
لقد انشغلت جولة اورغواي للمفاوضات المتعددة الأطراف بقضية الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية، وتبين انها من أعقد القضايا التي جرى التفاوض عليها، سواء لجهة التوصل إلى اتفاق دولي بشأنها، أو لجهة تعديل ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
11- لمزيد من التفاصيل حول اتفاق التجارة بالمنتجات الزراعية وسياسات الدعم، أنظر محمد مامون عبد الفتاح" اتفاق التجارة في السلع الزراعية" مرجع سبق ذكره. التشريعات الوطنية بما يتلاءم معها، او لجهة تنفبذ التشريعات الوطنية ذاتها. ومع ان جولة اورغواي انتهت إلى اتفاق دولي لحماية حقوق الملكية الفكرية، إلا ان هذا الاتفاق جاء متحيزا لصالح الدول المتقدمة التي تمتلك عمليا نحو 90 بالمائة من هذه الحقوق، وعلى الضد مما كانت تطالب به الدول النامية من إيجاد توازن بين حقوق أصحاب الملكية الفكرية وحقوق المجتمع وتسهيل انسياب التكنولوجيا وبراءات الاختراع، والمنتجات الثقافية المختلفة. ولقد ضغطت الدول المتقدمة خلال المفاوضات في جولة اورغواي
من اجل التوصل إلى هكذا اتفاق، بحيث يصبح جزءً من حزمة الاتفاقيات الأخرى التي ينبغي قبولها دفعة واحدة او رفضها. ولا ينبغي ان نتجاهل ضعف تمثيل الدول النامية في هذه المفاوضات، إلى جانب قلة خبرة مفاوضيها، الأمر الذي سهل تمرير هذه الاتفاقية التي اقترح نصها رئيس لجنة المفاوضات.
في هذه الأجواء التفاوضية، إذا، تم اقرار اتفاقية الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية(TRIPS ) لتكون من اكثر الاتفاقيات شمولا، من حيث تغطيتها لمجالات عديدة، ولكونها تضمنت ألية واضحة لتسوية المنازعات.
لقد قامت الاتفاقية على مبدا "المعاملة الوطنية" التي تقتضي معاملة صاحب الحق الأجنبي بالطريقة التي يعامل بها صاحب الحق الوطني، وكذلك مبدأ "الدولة الأولى بالرعاية" والذي يقتضي عدم التفرقة بين اصحاب الحقوق تبعا لجنسياتهم. ولقد حددت الاتفاقية مستويات الحماية بصورة مفصلة، سواء من حيث المجال او المدة، وكذلك الاجراءات الوطنية المطلوبة لتامين هذه الحماية..الخ. اللافت في هذه الاتفاقية انها لم تتضمن أية إجراءات تفضيلية للدول النامية، كما هو الحال في الاتفاقيات الأخرى. بل ولم تفضي جميع المراجعات للاتفاقية على تراجع البلدان المتقدمة لجهة تحقيق بعض مطالب الدول النامية، خصوصا ما يتعلق بأشكال الحياة الحيوانية والنباتية، والمؤشرات الجغرافية. ولقد اشتد الخلاف بين الدول النامية والدول المتقدمة منذ مطلع عام 2001، وتحول إلى نزاع حول حق الدول النامية اتخاذ الاجراءات الضرورية لحماية الصحة العامة وتوفير وسائل العلاج الضرورية، خصوصا لدوية لعلاج الأمراض الخطيرة مثل الأيدز وغيره.
بالنسبة للدول العربية فإن المواقف من الاتفاقية تتمايز بحسب وضعها في منظمة التجارة العالمية، فالدول المنضمة إلى المنظمة فهي ملزمة بتطبيق الاتفاقية، اما الدول غير المنضمة فإنها من حيث المبدأ غير ملزمة بتنفيذ الاتفاقية، لكنها عندئذ يمكن ان تتعرض لإجراءات مضادة من قبل الدول المتقدمة. بصورة عامة سوف ترتب الاتفاقية على الدول العربية اعباء إضافية لم تكن موجودة في اتفاقية الوايبو لحماية حقوق الملكية الفكرية، وخصوصا اتفاقية برن لحماية الحقوق الأدبية والفنية، واتفاقية باريس لحماية المنتجات الفكرية الصناعية، لجهة ارتفاع تكاليف هذه الحقوق، وبالتالي تحمل اعباء مالية وإدارية وتشريعية كبيرة.
من جهة اخرى تتضمن الاتفاقية بعض المزايا، مثل تحفيز الابتكار وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر ونقل التكنولوجيا، وحماية حقوق الملكية الفكرية الوطنية..الخ[ 12]
6-4- اتفاق العوائق الفنية أمام التجارة.
من المعروف ان جولة اورجواي التفاوضية متعددة الأطراف كانت قد نجحت في إزالة الكثير من العوائق غير الجمركية من امام التجارة الدولية، إضافة إلى تخفيض الرسوم الجمركية بصورة كبيرة خصوصا في الدول ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
12 انظر تفاصيل اكثر عن هذه الاتفاقية في: علاء شبلي" اتفاقية الجوانب التجارية المتعلقة بحقوق الملكية الفكرية وانعكاسها على الدول العربية" اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب أسيا- الإسكوا،2001/12، الألم المتحدة، نيويورك،2001.
المتقدمة، وهذا بحد ذاته نجاح كبير للجهود الدولية لتنشيط التجارة. غير ان الدول المتقدمة سرعان ما عملت على الالتفاف عليه، مستخدمة أساليب عديده لتقييد التجارة بعضها شرعي مثل اتفاقية مكافحة الإغراق، واتفاقية الصحة والصحة النباتية، وغيرها، لكن الكثير منها غير شرعي[13ٍ]. لقد سمحت الاتفاقيتين الأخيرتين للدول استخدام الوسائل التي تراها مناسبة لحماية صحة مواطنيها وكذلك صحة الحيوان والنبات لديها، غير أنه لوحظ بدلا من ذلك استخدام هتين الاتفاقيتين لتقييد التجارة الدولية، وحماية منتجاتها
المحلية من المنافسة القادمة من الخارج. لقد تضمن اتفاق العوائق الفنية نصوصا اجبارية على الدول الالتزام بها مثل اللوائح او التنظيمات الفنية(Technical Regulations) التي تصدرها الدول وتعممها على المتعاملين، وعلى منظمة التجارة العالمية، وتشمل طريقة الصنع والعلامات التجارية والبيانات المدونة على الغلاف، والتي تشمل طبيعة المواد المستخدمة في الصنع او التغليف او النقل بحيث لا تكون سامة أو ضارة أو خطرة..الخ.
غير ان الاتفاق يتضمن بعض القواعد الاختيارية مثل مواصفات المنتج، التي تقرها في العادة لجان مختصة، يمكن للمتعاملين التقيد بها كنوع من اثبات جودة المنتج مما يغري المستهلكين على الاقبال على شرائه.
ويتم التحقق من مطابقة المنتج للوائح الفنية من خلال إجراء الكشف على عينة منه، وتحليلها بالطرق والوسائل المناسبة. وفي مجمل الأحوال ينبغي خلال التاكد من مطابقة المنتجات للمواصفات المطلوبة احترام قواعد الجات وعدم التفريق بين الموردين طبقا لمبدأ " الدولة الأولى بالرعاية"، ومبدأ "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
13- محمد مأمون عبد الفتاح" اتفاق العوائق الفنية أمام التجارة واتفاق الصحة والصحة النباتية- قضايا تهم الدول العربية"، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي أسيا_ الإسكوا،2001/14، الأمم المتحدة، نيويورك،2001.
المعاملة الوطنية" وغيرها من المبادئ.
في سياق التطبيق تكون الأولوية لاتفاق الصحة والصحة النباتية، فهو لا يتضمن قواعد اختيارية، بل جميعها إلزامية نظرا لتعلقها بصحة الانسان والحيوان والنبات والبيئة. ولذلك فإن هذا الاتفاق يتضمن تفاصيل كثيرة تتعلق بالأمراض التي يمكن ان تكون قد أصيبت بها المنتجات للتأكد من خلوها منها، بالاضافة إلى إلزام المتعاملين بضرورة التقيد بالارشادات والتوصيات الصادرة عن المؤسسات الدولية مثل مؤسسة كودكس أليمانتاريوس(Codex Alimintarius) المعنية بالاضافات الخاصة بالأغذية، وبادوية الحيوان، وبالأثار المتبقية من المبيدات، وبوسائل التحليل وطرق أخذ العينات ..الخ، والمكتب الدولي لل(Ipizootics) الخاص بصحة الحيوان والمناطق التي يربى بها والأمراض التي يمكن ان يصاب بها، والمؤسسة الدولية لحماية النبات والمتخصصة بالصحة النباتية عموما، والمراض التي تصاب بها النباتات.
ونظرا لأن الدول المتقدمة تهتم كثيراً بنوعية وجودة المنتجات التي تدخل إلى أسواقها، فإن اتفاق العوائق الفنية امام التجارة وكذلك اتفاق الصحة والصحة النباتية، تضمنتا تفاصيل كثيرة ومثيرة حول المعونة الفنية التي ألزمها الاتفاق بتقديمها للدول النامية في هذا المجال. وقد شملت المعونة الفنية جوانب عديدة مثل القواعد واللوائح الإلزامية، وإنشاء أجهزة التوحيد القياسي سواء في مجال المواصفات او التاكد من المطابقة، وكيفية الاستجابة لها، بما في ذلك إنشاء جهاز قضائي مختص.. الخ. وشملت المعونة الفنية أيضا إمكانية السماح لأجهزة المواصفات الدولية، بوضع مقاييس خاصة بالدول النامية، والمرونة في تطبيقها بما يسمح لمنتجات الدول النامية بالنفاذ إلى أسواق الدول المتقدمة.
وإذا كانت المعونة الفنية تخدم مصالح الدول النامية ومنها الدول العربية، إلا انه في التطبيق كثيرا ما تحتال عليها الدول المتقدمة، عن طريق مزيد من التشدد في تطبيق إجراءات الحماية التي تضمنها اتفاق العوائق الفنية امام التجارة، واتفاقية الصحة والصحة النباتية، استجابة لمجموعات الضغط الداخلية، او حماية لمنتجاتها من المنافسة المشروعة. وكثيرا ما تلجا هذه الدول إلى إضافة معايير بيئية، في حال لم تنفع الإجراءات المنصوص عليها في الاتفاقيتين المشار إليهما. والأخطر من كل ذلك هو ان هاتين الاتفاقيتين غير قابلتين لإعادة التفاوض، بل للمراجعة الدورية فقط، وإن احتمال تعديلهما في المستقبل مرتبط بموضوعات التنفيذ. مع ذلك واستعدادا لجولات المفاوضات اللاحقة، وما يمكن ان يصدر عن المؤتمرات الوزارية من قرارات، فإن الدول النامية تضغط من اجل إجراء جملة من التعديلات على نصوص الاتفاقيتين لجهة جعل المعاملة التفضيلة للدول النامية إجبارية( المادة 10) بحيث إذا أثرت إجراءات دولة ما على صادرات اكثر من دولة نامية، فعلى هذه الدولة ان تلغي الإجراء، ومنح الدول النامية فترات اطول لتاقلم مع تطبيق الاجراءات الجديدة(المادة 10 الفقرة 2)، وإشراك اكبر عدد من الدول النامية عند وضع المواصفات والمقاييس الدولية..[14].






ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
14- انظر تفاصيل ذلك في : محمد مامون عبد الفتاح، " اتفاقية العوائق الفنية، واتفاقية الصحة والصحة النباتية"، مردع سبق ذكره، ص 11-17.



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب والعولمة( الفصل الخامس)
- العرب والعولمة( الفصل الرابع)
- العرب والعولمة( الفصل الثالث)
- العرب والعولمة(الفصل الثاني)
- العرب والعولمة( الفصل الأول)
- العرب والعولمة( مدخل)
- العرب والعولمة(مقدمة)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الحادي عشر)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الهاشر)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل التاسع)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الثامن)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل ااسابع)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل السادس)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الخامس)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الرابع)
- في المنهج= دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الرابع)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الثالث)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الثاني)
- في المنهج. دراسة نقدية في الفكر الماركسي ( الفصل الأول: منطق ...
- في المنهج. دراسة نقدية في الفكر الماركسي


المزيد.....




- إسرائيل: قرار بتوسيع مستوطنات الضفة الغربية وتسهيل الهجرة -ا ...
- -يبلها ويشرب ميتها-.. هجوم مصري على ويتكوف بسبب تصريحاته عن ...
- اجتماع عربي إسلامي بالقاهرة بشأن غزة
- رئيس الوزراء الكندي يدعو لإجراء انتخابات مبكرة في 28 أبريل
- لماذا يشيب شعرنا؟
- خان يونس تُشيّع أبناءها: جنازات تلو الأخرى وسط حرب مستعرة
- ثلاثة أمور تتسبب في أغلب الخلافات مع شريك الحياة
- كيف يتحدى الحوثيون الضربات الأمريكية؟
- مراسل RT: غارات جوية تستهدف العاصمة اليمنية صنعاء
- الجزائر تباشر أولى خطوات سن قانون تجريم الاستعمار


المزيد.....

- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - منذر خدام - العرب والعولمة( الفصل السادس)