كريم عبد
الحوار المتمدن-العدد: 8287 - 2025 / 3 / 20 - 17:42
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
عواطفنا ومشاعرنا الخاصة شئ وحقائق التاريخ شئ آخر.
الدولة العربية الإسلامية أسسها النبي محمد بعبقريته الفذة فاصبحت وجودا قابلاً للتطور في حقبة الخلفاء الراشديين رغم الأزمات المعروفة، حيث كانت الخلافة بالشورى والخليفة مقيداً بتعاليم القرآن ومصالح المسلمين حيث لا يحق له التصرف بحياة الناس ولا بالمال العام (بيت مال المسلمين) إلا بما يرضي الله والاعراف الإجتماعية،
لكن بعد ان استلم معاوية الحكم انقلبت الأمور رأسا على عقب إذ نصب نفسه ملكاً يتصرف بحياة الناس !! فقتل كل من لا يقبل بالعبودية وأصبح بيت مال المسلمين ملكاً شخصياً له يتصرف به كما يشاء فصار يبيع ويشتري ضمائر من يريد من الولاة والقادة !! جاعلاً الخلافة ملكية وراثية فكانت كارثةً على العرب وغيرهم من المسلمين، فعندما فرض ابنه يزيد خليفة رفض الصحابة والتابعين في المدينة المنورة مبايعة يزيد فكانت ردة فعل يزيد كارثة ومأساة.
بوسعك ان تبحثي في غوغل عن (وقعة الحرة) لتري تلك المأساة الرهيبة التي أحدثها جيش الدولة الأموية بهم من قتل لأهل المدينة المنورة من صحابة النبي واغتصاب نساءهم ونهب أموالهم لثلاثة أيام متتالية، وهي جريمة رهيبة لم يشهد لها العرب مثيلاً لا قبل الإسلام ولا بعده !!
فأية دولة عربية هذه ؟
لقد كانت الدولة الأموية نقمة على العرب والمسلمين، ولم يكن أهل الشام جميعاً مؤيدين لدولة بني أمية بل كانت هناك معارضة تم التغطية عليها، لذلك قال الوليد بن عبد الملك : (من تكلم قتلناه ومن صمت مات كمداً) !!
إنها دولة القهر ولم تكن دولة العرب، وبوسعك ان تبحثي في غوغل عن (ماذا فعل سليمان بن عبد الملك بموسى بن نصير وطارق بن زياد) طارق بن زياد مات شحاذاً في طرقات الشام لأنه رفض ان يكون عبدا لبني أمية. ولم يكن حتى جيش الشام محباً او مطمئناً لخلفاء بني أمية، انظر كيف تفكك الجيش في معركة الزاب التي كانت آخر معارك الأمويين حيث انهارت الدولة بعد ذلك.
كانت دولة عظيمة فرضتها الضرورة التاريخية، ضرورة دفاع العرب عن وجودهم، لكن هذه الدولة أيضاً كانت مرتعاً تمتع به خلفاء وأمراء بني أمية ودفع ثمن وجودها العرب الذين شيدوها ودافعوا عنها بدمائهم وعبقريتهم وسيوفهم.
الخليفة العادل الوحيد عمر بن عبد العزيز مات مسموماً من قبل ابناء عمه الأمويين لأنه أراد تحقيق العدالة !! علينا ان نكون واقعيين ونواجه أزمات الحاضر وصعوباته بعقلية موضوعية وليس بعواطف مأزومة تناقلناها عن آبائنا وأجدادنا !!
إن أي ارتباك في رؤية الماضي سينعكس سلبياً على رؤيتنا للحاضر ما يزيد الأمور تعقيدات، فلماذا نرفض حقائق التاريخ ونخضع لعواطفنا المأزومة ؟
#كريم_عبد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟