|
مومسات في الذاكرة/ قصة قصيرة
جمال المظفر
الحوار المتمدن-العدد: 1798 - 2007 / 1 / 17 - 08:27
المحور:
الادب والفن
_ ليس هنالك أجمل من امرأة تتعرى في غرفة مغلقة وتمارس طقوسها الجسدية مثل أي طائر تتملكه الرغبة وينزلق في اللذة غير آبه بما حوله من كائنات بشرية ، تمتمت بهذه الكلمات ثم سحبت سيجارة من العلبة الموضوعة على المنضدة الصغيرة قرب السرير ، وأشعلت بحدة عود ثقاب وراحت تحدق فيه وهي تقول : احترق مثلما تحترق الرغبات في أجسادنا ومثلما يحترق كل شئ على السرير الملكي ثم أشعلت سيجارتها ونفخت في العود الذي تحول إلى كتلة من الفحم ينتصف أمام عينيها ... - انظر لقد احترق بالكامل ، اشتعل ثم انطفأ ، مثل الرغبات تماما ، لقد انطفأت الآن وألقيت بجسدك الواهن على السرير وكأنك دمية فارغة من المشاعر والأحاسيس ، لقد انتهى كل شئ ، انطفأت يا عود الكبريت ، يا عود الرغبات ، يا عود اللذة بزمن لا يناسب حجم احتياج هذا الجسد ... استدارت إلى الخلف وسحبت قميص النوم الأسود شبه الشفاف وارتدته كما لو أنها تجدف في حوض سباحة ولكنها بدت أكثر إثارة مما كانت عليه ، إنها تبدو شبه عارية ، وبدا بياض صدرها وساقيها أكثر لمعانا مع عتمة قميص النوم المثير .. نكثت الرماد من سيجارتها وراحت تمررها على جسدي وتحرق الشعر المتناثر على صدري ، أحسست بوهج السيجارة ، ورائحة الشعر المحترق ملأ ت الغرفة . حاولت النهوض من السرير لكنها دفعتني بيدها اليسرى ودمدمت ساخرة :- ابق كما أنت مثل الدمية ، هل شعرت بحرارة السيجارة .... ياه ... يبدو أن المشاعر قد عادت إليك ، ثم رسمت خطا وهميا بإصبعها ابتداء من أنفي مرورا برقبتي وبطني حتى وصلت إلى سرتي وغرزت إصبعها بشدة فيها ، صرخت من شدة الألم ، لكنها أطبقت فمها على فمي وغرست لسانها بين شفتي تلاعبه يمينا وشمالا ثم جلست فوق صدري وكأنها تمتطي حصانا بريا وقالت :- ترويض الرجال مهمة شاقة ، خصوصا إذا كان الرجل قليل الخبرة ... دفعتها بشدة بعد أن انغرست كفي في ثنايا نهدها الأيسر ، ركضت لأفرغ مافي معدتي في دورة المياه ، شعرت بأن بقايا الشراب والغذاء غير المهضوم قد صعد إلى المرئ ، ما أن فتحت الباب حتى فاجأتني الببغاء بالصراخ: عاهرة ... عاهرة ، أنطقتها بعض الكلمات لتنسى هذه المفردة القذرة ، لقنتها : حبيبتي ...حياتي ، لكنها أخذت تعاند وتصرخ : عاهرة ... عاهرة.. أفرغت كل ما في معدتي حتى لكأنها تخرج من أحشائي ، عدت الهث مثل كلب جائع ، ألقيت بنفسي على السرير،النهر الذي بين نهديها صار أكثر عمقا عندما انحنت فوقي ، كان البياض ناصعا ، لم تترك حمالات الأثداء أثرا على كتفيها أو صدرها ، ليست كما كانت ( أنجيلا ) بوشمها البياض على صدرها الأسمر وكأنه حمالة أثداء شفافة ، أنها ليست مثيرة مثلما الجسد الثلجي الذي يتربع فوقي... قليل الخبرة... كل امرأة تنام معي تشعر بأني قليل الخبرة ولا أجيد مضاجعة النساء وفي الآخر يتراجعن عن آرائهن ويؤكدن حقيقة واقعة بأن ( ياما تحت السواهي دواهي ) ... كل امرأة تشعر بأنها الأولى التي تنام على هذا السرير وأني ذاك الولد الكسول الذي لا يجيد غير أحلام اليقظة وممارسة عادته السيئة في دورة المياه ... كانت تنفث دخان سيجارتها عموديا وكأنه زفير حوت عام إلى السطح ، سحبت رشفة عميقة منها ثم نفثتها في وجهي ، أحسست أن شيئا ما في داخلها يحترق ، لا أدري ماهو ، الرغبة أم أشياء أخرى ، أم أنها اكتشفت أشياء جديدة في تكويني أو شخصيتي . تذكرت (دانتيلا ) الفتاة الأسبانية من أصل عربي ذات النهدين المكتنزين التي كانت تنتف شعر أبطي بأصابعها متلذذة بتلك الهواية التي اعتبرها من أسوأ الهوايات التي تمارسها النساء بعد التدخين ، كل امرأة ولها هواية إلا هواية ( سونيا ) التي أطفأت أعقاب سكائرها في صدري قبل أن تنتحر بسبب موت كلبها ( روسي ) ، تذكرت ريتا وسيرينا ونادين وبندي وهيلدا ووجوه نساء أخريات ، ليست هناك امرأة من اللواتي صادفتهن إلا وتمتلك هواية أغرب من الأخرى ... سرحت مع نفسي في هذه المرأة وأخريات غيرها ، تذكرت ( فيفي ) ذات النهدين المتهدلين اللذين يستندان على كرشها ، كانت تتباهى بأنها تملك صدرا ممتلأ تغار منه صديقاتها رغم أنه يشبه بالونات الأطفال المملوءة بالماء التي تتدلى إلى الأسفل ، ليس هنالك حمالة أثداء تناسب صدرها ، كانت تخيطها بنفسها ، أنها امرأة خرافية في كل شئ ، طبعها وجسدها الممتلئ وصدرها المتهدل وأصابعها الخشنة وشفتيها المتورمتين ، كل شئ فيها لا يدل على مقومات الأنوثة ، أنها أشبه برجل ، أو ما يفرقها عن الرجل مسمى واحد لأغير... لطمتني على خدي ممازحة :- أين سرحت ؟ قلت : - في عالم السادية . قالت :- أية سادية !! قلت :- التي تمارسينها معي الآن . قالت :- اتسمي هيامي بك سادية . قلت :- كل شئ يخرج عن حدود المعقول يعد في باب السادية ضوضاء الببغاء ملأ الشقة وكأنها تعرف أن شيئا ما يجري في داخل الغرفة ، أحسست بحرج كبير من هذا التصرف الحيواني ، حاولت أن أكون أكثر إثارة من الببغاء ، أفتعل الكلام ، أي كلام حتى لو كانت جملا غير مترابطة المهم أن أخلص من تلك الورطة المعلقة في الصالة لكن الصوت يتداخل إلى أذني : عاهرة ... عاهرة... رغم محاولتي تغيير المواضيع إلا أنها أحست بشئ ما يحدث وسألتني بدهشة : - الببغاء تنطق كلمات لا أعرف ماهي ... اعتقد أنها أقرب إلى ......... ولكني قاطعتها : أنها هكذا دائما كلما تراني مع أحد الأصدقاء وأهملها تفتعل الأزمات وتثير الضوضاء . قالت :- ولكنها تقول عا..........!! قلت :- أنها تقصد الكلبة ( روسي ) التي حاولت أن تلتقمها يوم كانت بصحبة صديقي . قالت :- روسي أم روسية . قلت : - أنها كلبة صديقي. صوت الببغاء عاد يعكر صفو الحديث ، أنها بدأت تجيد النطق بطلاقة حتى لكْأنها كائن بشري.. قالت :- ببغاؤك يبدو أنها لا تجيد غير نطق هذه الكلمة السخيفة ، ربما أصيبت بعدوى من عشيقاتك اللواتي كن يدخلن إلى شقتك . قلت :- لم تدخل أي امرأة إلى شقتي. قالت :- إذن من أين تعرفت على هذه المفردة ؟!! قلت :- من .... قاطعتني بحدة :- من أين ، من وحي الآلهة ؟ قلت :- انك امرأة مزاجية وحادة الطبع ، وأنا لااحب المرأة التي تتظاهر بتلك الصفات. قالت :- هل كنت ثوريا مع غيري؟ قلت :- لم أشارك في أية ثورة لا جنسية ولا جماهيرية .. قهقهت بصوت عال أثارت الببغاء التي أضافت إلى مفردتها كلمات أخرى : انك عاهرة ... انك عاهرة ... قالت :- ماذا تقول هذه الفاجرة؟ !! قلت في سري :- أنها أقل فجورا منك أيتها ألـ .......!! الببغاء ذكية للغاية ، لم أر حيوانا بتلك الفطنة ، كيف تعرف بأن شيئا أو أشياء ما تجري داخل هذه الغرفة ، يا للعنة كيف سأواجه هذه الببغاء ، وكيف لي أن أضع عيني في عينيها ، أنا رجل ويتملكني الخجل ، فكيف بامرأة تكنى بالعهر ..!! حاولت أن أقاطع الببغاء ولاإراديا صرخت : عاهرة ... عاهرة ، وأهز بقبضتي يدي بشدة .. أثارتها هذه الكلمات ، أمسكت مطفأة السجائر ورمت المرآة المعلقة على الجدار فتحولت إلى شظايا ملأت الغرفة ، وراحت تصرخ وتشد شعرها بشدة ، وتضع رأسها بين نهديها كأنها تشعر بندم على شئ ما ، أشعلت سيجارة وراحت تسحب الدخان بشدة ، أنها في حالة هستيريا حادة . كيف يمكن أن أتلافى هذا الموقف ... سحب الدخان ملأت الغرفة ... دوامات غازية تصعد إلى الأعلى تتبعها أخرى من نفس متواصلة للسيجارة ، تتركها قبل أن تنطفئ وتشعل الأخرى ، لم أكن أتنفس غير دخان السجائر رغم أني لم أدخن ولو سيجارة واحدة في حياتي . حملت حقيبتها بعد أن رمتني بنظرة حادة تدل على رغبة في الانتقام وغادرت الغرفة ، لم اسمع غير فوضى عارمة داخل الشقة ، ركضت مسرعا لأرى ما يجري وإذا بها تطلق الببغاء من القفص وتجري مسرعة ولكن الببغاء أخذت تلاحقها في الشارع محدثة ضجيجا أجبر سكان المنطقة على الخروج لرؤية ما يجري ، أنها تطير فوق رأسها تماما وتزعق : عاهرة ... عاهرة ، أخذت المرأة المجنونة تركض والببغاء تلازمها في كل مكان واختفتا في زحام المدينة، عدت إلى غرفتي أعيد ترتيب نسائي في الذاكرة على أساس الإثارة ، أية إثارة كانت ، حتى لو فضيحة بحجم تلك التي يتردد صداها في أرجاء المدينة .
#جمال_المظفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمية النهد الشرقي
-
ترانيم على بقايا المقصلة
-
قراءة في رواية البلد الجميل... التنافذية والبناء الاسطوري في
...
-
كتابات للعقل الباطن
-
من ينصف المظلومين
-
أنشودة الخريف
-
سمرقند .. نكهة أنثى أم قطعة سكر
-
لثغة النهد الامازيغي
-
عازف الناي/ قصة قصيرة
-
رحلة الى الخليج
-
الوطن في حقيبة سفر
-
أمراء الثقافة..لا دعاة للتطبيع والمجون السياسي
-
قراءة في رواية البلد الجميل: التنافذية والبناء الاسطوري في ه
...
-
إسهال سياسي
-
نشيدنا الوطني: لا كهرباء بعد اليوم
-
رسالة الى امرأة تتشظى
-
حوارية الرأس المقطوع
-
مثقفون على خط الفقر
-
البصرة ذاكرة المدن اللامرئية
-
للحرب نشوة
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|