رحمة يوسف يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8285 - 2025 / 3 / 18 - 21:23
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
من المقولات الشعبية المتداولة في مدح الشاب ذي السمعة الطيبة: (خوش ولد من البيت للجامع ومن الجامع للبيت)، وهو وصفٌ يُطلق على الشاب المُلتزم بأخلاقه، البعيد عن رفاق السوء والعلاقات المشبوهة. لكنّ التمعن في هذه المقولة بحرفيتها يُوحي بأن المثالية هنا تعني انحصار حياة الشاب في البيت والعبادة فحسب، دون اهتمام بالتفاعل الاجتماعي أو الطموحات الخارجية. هذا النموذج يُعتبر - وفق التقاليد - المواصفات المثالية للرجل المؤهل للزواج، الذي يُركّز على أسرته، ولا يُكثر من الخروج، حتى لو كانت علاقاته بالآخرين سوية وأصدقاؤه صالحين.
لكن الواقع اليوم يختلف، فكثيرٌ من الرجال أصبح وجودهم في البيت (إسقاط فرض)، يمرون سريعاً ليُثبتوا حضورهم، ويتفقدوا احتياجات المنزل العابرة، ثم ينطلقون إلى جلسات الأصدقاء أو مطاردة المزيد من الطموحات العملية وغير العملية، يعتقدون أن دورهم يقتصر على توفير الاحتياجات المادية، تاركين عبء التربية والتعليم وإدارة شؤون الأسرة على كاهل الزوجة، مع غيابٍ مُريع للتواصل العاطفي والوجود الفعلي. بل إن بعض الرجال، حين يبقون في البيت، يحوّلون وجودهم إلى مصدر إزعاج بتنظيرهم الدائم وتدخلهم في أدق التفاصيل، وكأنهم (مراقبون) لا شركاء حقيقيون، حتى أن بعض النساء يرددن ساخرات: (قعدة الرجال بالبيت ما تنراد)، لما يُخلّفه وجودهم من توتر وغياب الأنس.
في هذا السياق، تُدرك المرأة المحظوظة قيمة الرجل (العادي) الذي يجعل من بيته أولوية، لا يلهث وراء المكانة الاجتماعية أو الصداقات الكثيرة على حساب غيابه عن أسرته. فهو يعي أن الزواج ليس توفيراً مادياً فحسب، بل مشاركةً في الأعباء، وحضوراً قلبياً وعقلياً. وكما يُفضّل الرجال غالباً الزوجة المُكرسة لبيتها (ربة البيت)، فإن المرأة أيضاً تطمح إلى رب بيت (خوش ولد) بمعنى الكلمة، يجد في بيته ملاذه الأول، وفي عائلته مشروعه الأكبر، ليُحقّق بذلك توازناً بين مسؤولياته الدينية والاجتماعية والأسرية، كما تختصره المقولة القديمة:(من البيت للجامع، ومن الجامع للبيت).
#رحمة_يوسف_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟