أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى السماوي - يا صابرا عقدين إلا بضعة















المزيد.....

يا صابرا عقدين إلا بضعة


يحيى السماوي

الحوار المتمدن-العدد: 1800 - 2007 / 1 / 19 - 02:28
المحور: الادب والفن
    


(( بعد نحو عقدين من السنين العجاف غربة وتشرداً،يطل على أمه وبقايا ملاعب طفولته))
أَلْقَـيْتُ بين أَحِـبَّـتي مـرســـاتـــــي
فالانَ تَـبْـدَأُــ يا حياةُــ حَياتـــــــــي

الان أَبْتَـدِئُ الصّـبــا ولــــو اننـــي
جاوَزْتُ ((خمسينــاً))من السَنَواتِ

الان أَخْـتَـتِمُ البكــــــاءَ بضحكــــةٍ
تمتــــــــدّ من قلبي إلى حَدَقاتـــــي

الان يَنْتَـقِمُ الحـــــبورُ من الأَســـى
ومن اصْطِباري ظامئِا كاسـاتـــــي

أنا في((السَماوة))..لنْ أُكَذّبَ مُقلتي
فالنهرُ و((الجسرُالحديدُ))هُداتـــــي

وهناــ جِوارَ الجسرِ ــ كانت قَلْعَـــةٌ
حَـجَريَّةٌ مكشوفةُ الحُـجَـــــــــــراتِ

هذا هو ((السجنُ القديمُ))...وَخَلْفــَهُ
جِهَةَ((الرُمَيْثَةِ)) ساحُ إعْدامــــــــاتِ

وهناكَ بيتُ أبي... ولكن لمْ يَعُـــــــدْ
لأبي بهِ ظِـلٌ على الشُرُفــــــــــــاتِ

لا يُخْطِئُ القلبُ الترابَ...شَمَمْـتُـــــهُ
فَتَـعَطَّرتْ بطيوبِهِ نَبَـضَـــــــــــــاتي

وهناكَ بُستانُ((الإمامي)) والـــــذي
عَـشِـقَتْ نعومةَ طينِهِ خَطَواتــــــــي

النخـلُ نفسُ النخـلِ... إلاّ أنـــــــــــه
مُسْتَوْحَشُ الأَعْـذاقِ والسَـعْـفــــــاتِ


لكأنَّ سَـعْفَ النخلِ حَـبْلُ مشيمـــــةٍ
شُـدَّتْ به روحي لطيـنِ فــــــراتِ

***

أنا في ((السماوةِ))...لا أشـكّ بما أرى
فَـلَقَد رأيتُ بأَهلها قَسَـماتـــــــــــــــــي

سـأصيحُ بالقلبِ الذليلِ:كفى الضنــــى
فاغلـقْ كتابَ الحـزنِ والنَـكَـبـات

وأنامُ مقـروراً يُوَسِّـدني الهــــــــــــوى
ريشَ الأمـاني بعد طـولِ أّنــــــــــــــاةِ

مَـرَّتْ عليَّ من الســـنينَ عِـجافُـهـــــا
ومــن الرياحِ الغاضــباتِ عَــواتــــي

أّلْـقَـتْ بأّشْــرِعتي الى حـيثُ النــــدى
جـمــرٌ يُمَــرِّغ با للظـى زهـــــــراتي

يشـكو لسـاني من جَـفافِ بَـيانِـــــــــهِ
في الغُـرْبَتَـينِ فأّصْــــحَـرَتْ غاباتـي

وَحْـشِيَّـةٌ تلك الهمومُ... وديعُـهـــــــا
أقسـى على قلبي من الطَـعَنــــــــاتِ

أنا يا عـراقُ حكايةٌ شـرقـيَّـــــــــــةٌ
خُـطَّت على رَمْـلٍ بِسَــــنِّ حَصـــاةِ

غَـرَّبْـتُ في أّقْـصى الديارِ فَـشَرَّقَتْ
روحي... وَحَسْـبُك مُنْـتهى غاياتــي

مولايَ! كم عصف الزمانُ بِمَرْكبي
فَـأّغَظْتُ مُزْبِدَ موجِـهِ بِثَـبـاتـــــــــي

ناطَحْـتُهُ ــ وأنا الكسيحُ ــ فلم يَنَـــــلْ
من حَـزْمِ إيماني وَعَـزْمِ قَـنــاتــــــي

واسَـيْتُ حـرماني بكوني حَـبَّـــــــــةً
عربيـــةً من بَـيْــدَرِ المأســــــــــــــاةِ

واللهِ ما خِـلْـتُ الحياةَ جَـديـــــــــــرةً
بالعيــــشِ إلاّ هـذه اللحــــــظــــــاتِ

واسْـتَـيْقَظَ الزمن الجميل بمقلـــــــتي
من بعـدِ أجيالٍ بِـكَهْـفِ سُـــــــــــباتِ

الله ! ما أحـلى العراقَ وإنْ بــــــــدا
مُـتَـقَـرِّحَ الأنهـــارِ والواحــــــــــاتِ


وَطَـرَدْتُ من قلبي الضَـغينَةَ مثـلمــا
طَـرَدَ الضيـاءُ جَحـافـلَ الظُلُمــــــاتِ


فَـوَدَدْتُ لو أني غَـرَسْـتُ أضـالعـــي
شَـجَراً أُفئُ بهِ دروبَ حُـــــــــــــــفاةِ


جَـهِّـزْ ليومــي في رحابِكَ فُـسْحَـــــةً
وَحُـفَـيْـرَةً لغـدي تَـضمُّ رُفـــــــــــاتي


(( أُفـيَّشْ ياريحَةْ هليْ وطيبـةْ هلـــــيْ
وكهـوةْ هلي وشـــوفَـةْ هلي لعلاتــي))

***

عاتَـبْتُـهُ ــ أعني الفؤادَ ــ فَـضَحْتَني
فاهْـدَأْ... أخافُ عليكَ من زَفَـراتـي


هَـوِّنْ عليكَ ... فَـقَـدْ تُعابُ كهولـةٌ
تَـرْفو ثيابَ الصَّـبْرِ بالعَـبَـــــراتِ


أمْ أنتَ أَهْـرَقْتَ الوقارَ جَـمـيعَـــــهُ
فَـعَـدَوْتَ عَـدْوَ طريدةٍ بِـفَــــــــلاةِ؟


هَـوِّنْ عليكَ فـإنَّ حَـظَّكَ في الهــوى
حَـظُّ((ابنِ عَـذْزَةَ)) في هُيامِ((مَهاةِ))


يا صابراً عِـقْـدَينِ إلاّ بضعـــــــــــةً
عن خبــزِ تنّـورٍ وكأسِ فُــــــــــراتِ


لـيلاكَ في حُـضْنِ الغريبِ يَـشِــــدُّها
لســريره حَـبلٌ من ((السُـــــــرُفاتِ))


تبكــي وَتَسْـتَـبكي ولكن لا فَـــــتـىً
فَيَـــفكَّ أّسْـرَ سـبيئةٍ مُـدْمــــــــــــاةِ


يا صابراً عِـقْـدَينِ إلاّ بضعــــــــةً
((ليلى)) مُكَبَّـــلَةٌ بِـــقَـيْدِ ((غُـزاةِ))


ليـلاك ما خـــــانَتْ هواكَ وإنمـــا
((هُبَلُ الجـديدُ)) بِزيِّ((دولاراتِ))


إنَّ ((المريضةَ)) في العراقِ عراقَةٌ
أما الطبيبُ فَمِبْضَعُ الشَــهَــــــــواتِ

***

وَطَـرَقْتُ باباً لم تُـغادِرْ خاطـــري
فكـأنَّها نُـقِشَتْ على حَـدَقــــــــاتي


مَنْ؟ فارْتَبـكْتُ.. فقلتُ: حَـيٌّ مَـيِّــتٌ
عاشَ الجحيمَ فتاقَ للجنـــــــــــــاتِ


وَصَـرَخْتُ كالملدوغِ أَدْرَكَهُ الـرَّدى
متـوسِّـلاً من بلسـمٍ رَشَـفــــــــــاتِ:


أينَ العجوزُ؟ فما انْـتَبَهْـتُ الى أخي
يبكي... ولا الشَهقــاتِ من أخواتــي


عا نَـقْتُها... وَغَسَـلْتُ باطنَ كفِّـهـــا
وجبيـنَها بالدمـعِ والقُـبُـــــــــــلاتِ


وَحَـضَنْتُـها حَـضْنَ الغريقِ يَشـدُّهُ
رَمَـقٌ من الدنيا لطـوقِ نجــــــــاةِ


قَــبَّلْتُ حتى نَـعْلَها... وكـأننـــــــي
قَــبَّلْتُ من وردِ المنى با قــــــاتِ


وَمَسَـحْتُ بالأجفانِ منهـا أَدْمعـــاً
وأنَابَتِ الآهـاتُ عن كلمــاتـــــي


وسـألتُـها عَـفْوَ الأمومـةِ عن فتــىً
عَبَـثَـتْ به الأيامُ بَـعْدَ شَـتـــــــــاتِ


واسْـتُكْـمِلَ الحفلُ الفقيرُ بِزَخَّــــةٍ
مزحومـةٍ بـ ((هَلاهلِ)) الجاراتِ

***

عَـتَبَـتْ عليَّ وقد غَفَـوْتُ سُـوَيْعــــةً
عَـيْني.. وخاصَمَ جَـفْنُها خَطـــَراتي:


قُـمْ بيْ نَطوفُ على الأَزِقَّـةِ كلِّـهـــا
نَتَـبـادَلُ الآهــــاتِ بالآهـــــــــــاتِ


طاوَعْتُـها... وَمَشَـيْتُ يُثْـقِلُ خطوتـي
صَـخْرُ السنين ووحشـةُ الطُرُقـــــاتِ


الله! ما أحلــــى((السماوةَ))...ليلُهـا
باكي النَـــداوةِ ضـاحكُ النَـجْمـــاتِ


الله! ما أحلى السماوةَ... صُـبْحُهـــا
صـافٍ صفـاءَ الضـوءِ في المــرآةِ


فَـتّــانَـةٌ... حتى نِباحُ كلابِهـــــــــــا
خَـلفَ الـقُرى يُـغـوي ثُـغاءَ الشــاةِ


أّ تَفَـحَّصُ الطُرُقاتِ... أّبْحَثُ بينهـا
عن خَـيْطِ ذكرى من قميصِ حياتي


فَـزَّ الفـؤادُ على هتافٍ غـــــــــــــابرٍ
عن أّصْـدَقِ الأوهامِ في صَبَواتـــــي


هل كان حُـبّـاً؟ لستُ أدري... إنمـا
قد كان درسـاً للطريـقِ الآتـــــــي


كـانت تُمَشِّـطُ شَـعْرَها في شُـرْفةٍ
خضـراءَ... تَـنْسلُهُ الى خُـصـلاتِ


رَفَــعَتْ يَـداً منها تشـدُّ سـتـــــارةً
لِـتَصدَّ عن أّحْـداقِهـا نَظَراتـــــي


فَظَـنَنْتُـها رَدَّتْ عليَّ تَحِـيَّتــــــــي
بإشـارةٍ خـجلى وباللَفَـــــتـــــــاتِ


كنتُ ابنَ عشـرٍ واثنتينِ... فَلَمْلَمتْ
شـفتايَ ما اسْـتَعْذَبْتُ من كلمـــاتِ


غازَلْتُــــــها... ثُمَّ انْـتَبَـهْتُ الى أبي
خلفـــي يَكِرُّ عليَّ بالصَـفَـعـــــــاتِ


أّتَـخونُ جاري يا أّثيـمُ وَعِـرْضُــهُ
عِـرْضي وكلُّ المُحْـصِنات بَناتــي؟


تُبْ للغــــفورِ إذا أّرَدْتَ شـفاعـــةً
واسْـتَمْــــطِرِ الغفــرانَ بالآيــــاتِ


لا الدَمْـعُ يَشْـفَعُ والنــحيبُ ولا أبي
سَمَعَ اختناقَ الطفلِ في صَـرَخاتي


واسْـتَكْمَلَتْ أُمي العقابَ... وراعَني
وَيْــلٌ بإطْعـامي الـــى((السَّـعْـلاةِ))

فَنَـدِمْتُ ــ رغم براءتي ــ وأَظـــنُّهُ
كان الطريـقَ الى جِنانِ صــــــلاةِ

***


السـرفات : جنازير عجلات الدبابات.(3)
(4) السعلاة : حيوان اسطوري اعتادت الأمهات على إخافة الاطفال به. (1) رغم ان جميع جسور السماوة مصنوعة من الحديد ، إلاّ ان اهالي المدينة يطلقون اسم (( الجسر الحديد))على جسر واحد بعينه.
(2) أُفـيـش : كلمة شعبية شائعة الاستعمال في لهجات الكثير من المناطق العراقية ، يراد بها التعبير عن فرح القلب وابتراده.



#يحيى_السماوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثلاثة مشاهد فراتية
- رحيل آخر
- أيها الامبراطور
- هذيان لا يخلو من حكمة
- سأفرُّ مني .....
- سوط ووتر
- سأفرُّ مني
- خمس رباعيات
- حكاية الشهيد شاكر الجوعان *
- كأني أُطالب بالمستحيل
- النخلة التي غدت بمفردها بستاناً
- صوتك مزماري
- النفق
- الإعدام لا يكفي
- إغنميني
- الجنة ليست مسلخاً بشرياً
- ما عدتِ سرا
- إهداء
- قصائد خُدّج
- في آخر العمر


المزيد.....




- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى السماوي - يا صابرا عقدين إلا بضعة