أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالله عطوي الطوالبة - وهتف بنو أمية بأن لله جنودًا من عسل !














المزيد.....


وهتف بنو أمية بأن لله جنودًا من عسل !


عبدالله عطوي الطوالبة
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8285 - 2025 / 3 / 18 - 10:02
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


إما أننا نخجل من تاريخنا السياسي فنحاول طمس بعض تفاصيله، أو نغش أنفسنا وأجيالنا بخصوص بعض أحداثه. انطباع لا بد سيخرج به كل قارئ لمراجعنا التاريخية، وهو يتابع حلقات مسلسل "معاوية". في الحلقة "16" آلت الخلافة لمعاوية، بعد أن قُتل علي بن أبي طالب. تناولت الحلقة أول لقاء لمعاوية مع أهل المدينة بعد توليه الخلافة، وكان لافتًا حصر خطبة معاوية فيهم من قِبَل كاتب السيناريو بمضامينها الإيجابية وإهمال معظمها. أما نحن، فنوردها تاليًا كما هي في بطون المراجع التاريخية مع توضيح بعض المصطلحات ومقصود المضامين. تقول المصادر، قَدِمَ معاوية إلى المدينة في أول السنة الأولى من ولايته(41 هجرية)، فهب رجال قريش لاستقباله، وقال قائلهم: الحمد لله الذي أعزَّ نصرك وأعلى كعبك، فوالله ما ردَّ عليهم بشئ حتى صعد المنبر. فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:"أما بعد، فإني والله ما وُليتها (الخلافة) بمحبة علمتها منكم، ولا مسرة بولايتي، ولكن جالدتكم بسيفي هذا مجالدة. ولقد رضيت لكم نفسي على عمل ابن أبي قحافة (أبو بكر)، وأردتها على عمل عمر، فنفرت من ذلك نفارًا شديدًا. وأردتها مثل ثنيات عثمان(وفي رواية ثانية، سنيات عثمان)، فأبت علي، فسلكت بها طريقًا لي ولكم فيه منفعة: مواكلة حسنة ومشاربة جميلة. فإن لم تجدوني خيركم، فإني خير لكم ولاية. والله لا أحمل السيف على من لا سيف له، وإن لم يكن منكم إلا ما يستشفي به القائل بلسانه، فقد جعلت ذلك له دبر أذني وتحت قدمي، وإن لم تجدوني أقوم بحقكم كله فاقبلوا مني بعضه. فإن أتاكم مني خير فاقبلوا، فإن السيل إذا زاد عنى، وإذا قلَّ أغنى، وإياكم والفتنة، فإنها تُفسد المعيشة وتكدر النعمة".
خطبة تنطوي على عقد سياسي بمعايير تلك الأزمنة، يقرر فيه ابن أبي سفيان عدم التزامه بعمل الشيخين(أبو بكر وعمر)، ولا بسنيات عثمان. وقد صارح خصومه أهل المدينة بأنه انتزع الخلافة منهم بالسيف والمجالدة، ومع ذلك يقترح عليهم "المواكلة الحسنة والمشاربة الجميلة"، وتعنيان في لغة الضاد المشاركة، ولكن ليس في ثمار السلطة السياسية (الخلافة) بل في ثمراتها فحسب. وما يزال هذا النهج مُتَّبعًا في ديارنا العربية حتى يوم الناس هذا. ونضيف في السياق ذاته، منذ زمن معاوية وحتى اليوم، اتخذت "المواكلة الحسنة والمشاربة الجميلة" طابعًا سياسيًّا، الهدف الرئيس منه شراء الذمم وإرباك الخصوم من خلال ربط المعارضين بالسلطات الحاكمة بواسطة ما يُعرف بالعطاء السياسي استمرارًا لنهج "يا غلام اعطِهِ ألف دِرهم". يسمح معاوية في عقده السياسي بحرية الكلام، ولكن أي كلام؟ الكلام الذي "يُستشفى به"، أي الصادر عن الحاقدين عليه والمعارضين لسياساته. هذا النوع من الكلام يجعله معاوية "دبر أذنيه وتحت قدميه"، ما لم يتحول إلى فعل يهدد السلطة السياسية. ويلتزم معاوية، كما رأينا في عقده السياسي، ب"ألا يحمل السيف على من لا سيف له". نهج اختطه الأمويون تأسِّيًا بمؤسس مملكتهم معاوية بن أبي سفيان، ونظنه ما يزال هو الآخر ساري المفعول في بلداننا العربية. ويعني في التطبيق العملي، قولوا ما شئتم فلن نتدخل إلا حينما نرى كلامكم يتحول إلى فعل. نعتقد أن القارئ العزيز أدرك لماذا تجاهل مسلسل "معاوية" هذه الخطبة، واكتفى بأقل القليل منها.
وكان أنصار علي بن أبي طالب قد ولوا ابنه الحسن بعد وفاته، لكن الحسن تنازل لمعاوية فيما سمي بعام الجماعة(41 هجري). وفي تنازل الحسن لمعاوية ضربة لنظرية الإمامة الشيعية، التي تقول بعصمة الإمام المُعيَّن من قبل الله، وتحصر الإمامة في علي بن أبي طالب وذريته إلى يوم القيامة. ولا ريب في أن اعتقادًا من هذا النوع، إنما يندرج بمعايير الحاضر في مربع أكثر أشكال الإستبداد والتسلط بؤسًا وتخلفًا.
وتؤكد مراجعنا التاريخية أن تنازل الحسن لمعاوية كان مشروطًا بأمور عدة أهمها المال، وقد التزم معاوية بل وبالغ بالوفاء في التزامه بهذا الجانب. أما الشرط الثاني، فكان ألا يعهد معاوية لأحد من بعده، وأن يكون الأمر شورى بين المسلمين. هذا الشرط وضعه معاوية دبر أذنيه وتحت قدميه، ولم يلتزم بأي جزئية منه وقد حصل العكس تمامًا. فقد دست زوج الحسن، جعدة بنت الأشعث، له السم بإغراءٍ من معاوية بالمال وبوعد الزواج من ابنه يزيد. وفَّى معاوية لجعدة بالمال، ولم يزوجها من يزيد قائلًا:"أخشى أن تصنع بإبني ما فعلت بابن بنت رسول الله". أما الأمويون، فقد هتفوا مرددين، بعد موت الحسن بالسم: إن لله جنودًا من عسل!!!



#عبدالله_عطوي_الطوالبة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زيارة إلى مقام النبي شعيب أم ماذا ؟!
- متى نتخطى إشكالية السلطة السياسية؟!
- العنف المجتمعي
- هل نحن أمة ترفض أن تتقدم؟!
- وضع غير قابل للإستمرار !
- خطأ تاريخي في مسلسل معاوية !
- القوة الفاعل الرئيس
- قراءة في كتاب فلسفي صعب ومهم.
- رجلٌ أمام ترامب المتغطرس وأحمق بحسابات السياسة!
- خرافة انبنت عليها خرافات !
- آن لأبواق الفِتَن أن تخجل !
- من صفحات موروثنا الثقافي والسياسي.
- قمم العجز الرسمي العربي
- ليت بعضنا يتوقف عن العَرط !
- ثقافة التكرار والإجترار
- كيف يفرض الحاكم احترامه؟
- ثقافة القطيع
- أميركا تتداعى أم ترامب يلعب بدمه؟!
- بصراحة إلى مؤيدي التهجير منا !
- نكشة مخ (26)


المزيد.....




- ترامب ينشر سجلات اغتيال كينيدي.. إليك ما يجب معرفته
- ما هو الاتفاق الذي تهدد فرنسا بإلغائه مع الجزائر؟
- اليمن: الحوثيون ينفذون هجوما رابعا على حاملة طائرات أمريكية ...
- محمود خليل الطالب الفلسطيني بجامعة كولومبيا: أنا سجين سياسي ...
- خلال إفطار رمضاني في مسجد باريس الكبير.. وزير الخارجية الفرن ...
- اجتماع ثلاثي بالدوحة بين قطر ورواندا والكونغو الديمقراطية
- ترامب: استمرار النزاع في أوكرانيا كان سيؤدي إلى الحرب العالم ...
- أنصار الله يعلنون عن استهداف جديد لحاملة الطائرات الأمريكية ...
- الولايات المتحدة تكشف عن المجموعة الأخيرة من الملفات السرية ...
- كانت -رائعة- وناقشنا عدة قضايا بمافيها الطريق نحو السلام.. ت ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالله عطوي الطوالبة - وهتف بنو أمية بأن لله جنودًا من عسل !