أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - حين يتقيأ الحقد، العروبة المشوهة في مواجهة الحقيقة الكوردية














المزيد.....


حين يتقيأ الحقد، العروبة المشوهة في مواجهة الحقيقة الكوردية


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8284 - 2025 / 3 / 17 - 21:39
المحور: القضية الكردية
    


في زوايا التواصل الاجتماعي، حيث يتخبط الهامش الفكري المأزوم، تتكاثر حشرات العنصرية وذباب التعصب، متدثرين بعباءة القومية العروبية، والعرب الأصلاء براء منهم، أو ملوّحين براية الإسلام السني، فيما هم أبعد ما يكونون عن جوهر الدين وعدالة القيم الإنسانية. هؤلاء، الذين لا يزالون عالقين في مستنقع الفكر البعثي المهترئ، يتقيؤون خطابات الماضي البائدة، وكأنهم لم يدركوا أن عجلة التاريخ قد تجاوزتهم، وأن الأوطان لا تُبنى بإقصاء الآخرين، بل بالاعتراف بتعددية مكوناتها.
لقد تجاوزنا قذارتهم، لأننا ندرك زيف ادعاءاتهم وتهافت منطقهم. ومع ذلك، لن ننشغل بالرد على أصوات الكراهية الفارغة، بل سنظل نحاور العقول الواعية، حتى تلك التي تختلف معنا فكريًا، لأن بناء سوريا وطنًا للجميع يتطلب تفكيك رواسب الفكر الأحادي، وإرساء دستور يعترف بالشعب الكوردي كشريك أساسي في هذا الوطن، وليس كضيف مؤقت، أو كيان هامشي قابل للإقصاء عند أول صفقة سياسية.
المشكلة لا تكمن فقط في خطابهم العنصري، بل في ضعف أدواتهم الفكرية وهشاشة استنادهم إلى التاريخ. هم يدركون أن الواقع لا يسير في صالحهم، لذا يلجؤون إلى إعادة تدوير الأكاذيب، ظنًا منهم أن التكرار قد يمنحها شرعية زائفة. ومن بين هذه الترهات:
• أن الشعب الكوردي ليس من سكان المنطقة الأصليين، بل هبط من كوكب آخر، وكأننا في رواية خيال علمي كتبت بأيدٍ جاهلة بالتاريخ! واليوم، ظهر تخريج جديد أكثر غرابة: أن الكورد قدموا من الهند! ولم يعد يكتفون بأنهم هجروا إليها من دول الجوار.
• أن سوريا الحالية كانت موجودة منذ الفراعنة أو قبل الإسلام، متناسين الحقيقة أو جهلاء بتاريخها، أن حدودها الحديثة لم تتشكل إلا في نهاية 1936، باتفاقية أنقرة 1 و2 بين فرنسا وتركيا.
• أن العرب كانوا يسكنون كامل جغرافيا سوريا قبل الإسلام، رغم أن المصادر التاريخية الموثقة تثبت أن القبائل العربية لم تدخل المناطق الكوردية إلا بعد ثورة حائل (1890-1910)، بعدما أنتصر أل سعود وقبيلتهم العنزة في تلك الثورة.
• يهاجمون وكأن الكورد لم يكونوا جزءًا من هذه الأرض، بل تم جلبهم من الهند أو من كواكب مجهولة بواسطة فرنسا وبريطانيا!
• والأغرب ظهور وانتشار المفهوم الضحل الغارق في الجهالة، الذي تكون بعد استلام هيئة تحرير الشام على السلطة في دمشق، وهي أن سوريا "سنّية"، وكأن العرب وحدهم هم السنّة!، في رؤية ضيقة تسلخ الدين عن بعده الإنساني وتحصره في الهوية العرقية، وكأن التنوع الفقهي والمذهبي الذي عرفته المنطقة لم يكن يومًا جزءًا من نسيجها.
هذا الهذيان التاريخي الرخيص لا يكشف إلا مدى جهلهم العميق بالتاريخ والجغرافيا، وضياعهم في متاهات العنصرية العمياء، حيث يختلط الجهل بالحقد، وتتحول الأوهام إلى شعارات جوفاء لا تصمد أمام أبسط حقائق التاريخ.
إن هؤلاء لا يزالون يتشبثون بحطام سفينة غارقة، معتقدين أن العروبة الإقصائية يمكن أن تنقذهم من الغرق في مستنقع الفشل السياسي والوطني، لكن الواقع لا يرحم، فقد أثبت التاريخ أن الدول لا تُبنى على القومية الأحادية، بل على التعددية والتكامل بين مكوناتها.
سوريا التي يتحدثون عنها ليست إلا صورة باهتة لأحلام البعث المتهالكة، التي فشلت في بناء دولة حديثة، وأغرقت سوريا في بحر من الدماء والطائفية والصراعات، والأخطر من ذلك أن هذا الفشل لا يزال يجد له من يبرره، ومن يحاول إعادة إنتاجه، حتى بعد أن أثبت التاريخ استحالة استمرار الأنظمة المبنية على الإقصاء والاستعلاء القومي.
لكن الواقع يمضي في اتجاه آخر، بعيدًا عن هذه الرؤى البالية، فلن يكون هناك مكان لسوريا أحادية اللون والهوية، ولا لوطن يُدار بذهنية الإقصاء والاستعلاء العرقي، هذا الفكر، الذي يتنفس العنصرية، لم يعد يملك سوى أوهام متحجرة، تنتظر اللحظة التي يسحقها فيها الزمن كما سحق من سبقوها.
أما نحن، فنحن أبناء هذه الأرض، وجزء من تاريخها ومستقبلها، ولن نسمح بأن يكون مصير الكورد في سوريا مرهونًا بأيدي من يصرون على تكرار جرائم البعث تحت عناوين جديدة.
لن نحارب هذا الظلام العنصري بالتعصب أو بالشتائم، بل سنواجه بالعقل، بالمنطق، وبالتاريخ الذي لا يكذب. لن نسمح بأن يُكتب مستقبل سوريا على حساب شعبنا، ولن نقبل بدستور يُخضع الكورد لإرادة من يرى فيهم مجرد "وافدين"، بينما يتناسى أنهم أحد أقدم شعوب المنطقة، وأكثرهم تجذرًا في أرضهم.
الزمن تغيّر، وعقلية البعث انتهت، ومن لم يدرك ذلك بعد، فلينتظر أن يسحقه التاريخ، كما سحق من سبقوه.

د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
17/3/2025



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إعادة قولبة سوريا
- سوريا نحو الاستبداد الدستوري
- صناعة الشعوب المشوهة
- قراءة سياسية في اتفاقية مظلوم عبدي وأحمد الشرع
- سوريا على طريق التقسيم بين إرهاب الدولة واستبداد الإسلام الس ...
- سوريا بين المركزية القاتلة والفيدرالية المنقذة
- بين ضرورة الإصلاح ومخاوف التفكك في سوريا
- القضية الفلسطينية بين واقع التاريخ وخطاب الأنظمة العروبية
- أردوغان في قبضة ترامب هل يواجه مصير زيلينسكي أم يراوغ بذكاء؟
- تحليل واستنتاج خطاب القائد عبد الله أوجلان (دعوة السلام والم ...
- تحليل واستنتاج خطاب القائد عبد الله أوجلان (دعوة السلام والم ...
- ترامب وبينس إهانة للبيت الأبيض باسم السلام
- تحليل واستنتاج خطاب القائد عبد الله أوجلان (دعوة السلام والم ...
- تحليل واستنتاج خطاب القائد عبد الله أوجلان (دعوة السلام والم ...
- الجميع حضر في قاعة مؤتمر دمشق إلا الوطن!
- مخرجات المؤتمر الوطني السوري سلاح جديد في معركة تركيا ضد الك ...
- تركيا وإعادة إنتاج الاستبداد والدور الفاجر في صياغة مؤتمر ال ...
- تحويل القضية الفلسطينية من صراع قومي إلى أداة للتلاعب الإقلي ...
- كيف ابتلعت العروبة شعوبًا وحضاراتٍ بأكملها؟
- لماذا يتهافت الكورد على دمشق بدل فرض شروطهم من قامشلو؟


المزيد.....




- الأمم المتحدة تدعو وقف العدوان على غزة وإدخال المساعدات فورا ...
- إسرائيل.. عشرات الآلاف يتظاهرون ضد قرار نتنياهو باستئناف الح ...
- ليبيا: ما حقيقة توطين المهاجرين؟
- 40 ألف إسرائيلي يتظاهرون رفضا لقرار نتنياهو إقالة رئيس الشاب ...
- عشرات الإسرائيليين يتظاهرون بتل أبيب ضد قرارات نتنياهو
- نتنياهو لعائلات الأسرى الإسرائيليين: الضغط العسكري الوسيلة ا ...
- ماذا حلّ بمرافق وكالة الأونروا في القدس الشرقية المحتلة بعد ...
- الأونروا: استئناف الحرب على غزة سيؤدي للمزيد من اليأس والمعا ...
- شاهد.. العشرات يتظاهرون في رام الله دعمًا وإسنادًا لقطاع غزة ...
- الجهاد الإسلامي: الأسرى الإسرائيليون لن يغادروا غزة أبدا إلا ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - حين يتقيأ الحقد، العروبة المشوهة في مواجهة الحقيقة الكوردية