أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء التاسع والتسعون)















المزيد.....


جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء التاسع والتسعون)


أحمد رباص
كاتب

(Ahmed Rabass)


الحوار المتمدن-العدد: 8284 - 2025 / 3 / 17 - 02:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


"هم مثلي، وأنا مثلهم"
عندما نصل إلى القسم (ب) من الفصل الخامس: "التحقيق الفعلي للوعي الذاتي العقلاني بذاته"، نواجه ظهورا جديدا لشكل "أنا التي هي نحن" و"نحن التي هي أنا". لا يمكننا أن ندرك ما يحدث هنا دون تحديد ما يشكل "الوعي العقلاني" كما يبدو الآن. إن الوعي الذي نتعامل معه هو الوعي الذي تعهد بالتحقق من اليقين الذي يميزه منذ البداية باعتباره وعياً عقلانياً، ألا وهو "يقين بكونه الواقع كله" (319/136)، أو بعبارة أخرى اليقين بأنه لا يوجد شيء في الوجود أو في الواقع غريب عن المعرفة أو الوعي. إن العقل إذن ليس إلا يقينه بأنه هو الواقع كله.
كل ما هو موجود = أنا، هذا ما يقوله الوعي العقلاني، لكنه يقوله في البداية فقط على شكل ضمان ذاتي بسيط أو تأكيد بسيط.
وهكذا استطاع هيجل أن يكتب عن الوعي العقلاني كون "تعبيره الأول ليس إلا هذه الكلمة الفارغة في تجريدها، أي أن كل شيء هو ملكه" (نفس المصدر). إن هذا التعبير هو تعبير عن يقين بكونه الواقع كله، ما يسميه هيجل "المقولة الخالصة" والتي يكون شكلها: "أنا = أنا"، هذا الشكل الفارغ تماما الذي يستمر الوعي العقلاني في تكراره في كل منعطف حول كل ما يقدم نفسه أو يُعرض عليه في الموضوعية، "مظهرا في كل كائن مثل هذا ملكي الخالص للوعي" (نفس المصدر). لكن هذه المقولة على وجه التحديد هي شكل خالص وبسيط وفارغ تماما، ومن الضروري أن "يمتلئ ملكي الفارغ" ( نفس المصدر )، أي أن يتم التحقق من اليقين الذي هو الوعي العقلاني سواء كان مفحوصا أو مرفوعا "إلى الحقيقة" (321/137).
ها هنا نصل إلى بداية القسم (ب) من الفصل الخامس: أي بلوغ اللحظة التي نفهم فيها ما هو المكان أو ما هو العنصر الذي يجد فيه الوعي العقلاني يقينه بكونه متطابقا مع الواقع ليتم التحقق منه بشكل فعال. هذا المكان أو العنصر هو ما يسميه هيجل هنا "رايخ الأخلاق"، أي "مملكة الأخلاق" (432، ترجمة معدلة/194). إنما في الجزء النشط الذي يأخذه من مملكة الأخلاق، أي من "حياة شعب"، يفحص الفرد العقلاني ويؤكد ويحقق العقلانية الخاصة به. ما تؤكده وتحققه المشاركة في حياة شعب هو ما كانه الفرد العقلاني قبلا لأجل ذاته: لأجل ذاته، يكون ن هذا الفرد أو هذا الوعي "عقلا كونيا"، "allgemeine Vernunft"، وهذا يعني - حرفيا - العقل المشترك ( gemein ) للجميع ( allen ). هذا ما يفسره هيجل بقوله عن هذا الفرد العقلاني لأجل ذاته أنه "واع بذاته بما هو عقل"، وهو ما يعادل القول بأنه موجود لأجل ذاته أو أنه واع بذاته كما "بكائن معترف به في ولأجل ذاته"، أي كـما "بكائن يوحد في وعيه الخالص كل وعي ذاتي" (431/193). لأجل ذاته إذن، يكون الفرد العقلاني لأجل ذاته هو الذي يعرف عقله كعقل مشترك للجميع، وبالتالي فهو الذي "يوحد في وعيه الخالص كل وعي ذاتي" ويعرف نفسه (أو يوجد لأجل ذاته) "ككائن معترف به قبلا". كل هذا مكتسب بطريقة ما، ولكن فقط بالنسبة للفرد العقلاني نفسه: لذلك فمن الضروري أن يتم تأكيد كل هذا وتحقيقه فعليا. ولكن هذا هو الحال، وهذا هو الحال فقط في "مملكة الحياة الأخلاقية" التي هي "حياة شعب"، ولهذا السبب يستطيع هيجل أيضا أن يكتب أنه "في حياة شعب، بالفعل، تكون لمفهوم التحقيق الفعال للعقل الواعي بذاته [...] حقيقته الكاملة" (433/195). المشكلة هي فهم سبب حدوث ذلك.
يتطلب حل هذه المشكلة الدخول في تحليل ووصف ما هي حياة شعب ما على وجه التحديد. يخبرنا هيجل أن الأخلاق "ليست سوى الوحدة الروحية المطلقة لجوهر الأفراد في الفعالية القائمة بذاتها لدى الأفراد" ( 432/194 ). حيث نجد، بشكل متطابق تقريبا، الصيغة التي صادفناها بالفعل في بداية الفصل الرابع حول موضوع الروح باعتبارها "هذا الجوهر المطلق الذي هو، في الحرية والبقاء المنجز بذاته [...] لمختلف أشكال الوعي الذاتي الموجودة لذاتها، بمثابة وحدتهم" (261-262/108) - وهي الصيغة التي نتذكر أنها تبعتها على الفور "كلمة الروح": "أنا التي هي نحن، ونحن التي هي أنا". "تحت اسم الأخلاقية، يعود نفس الجوهر، هذا الجوهر القادر على توحيد وحدته الخاصة مع التنوع اللانهائي لأوجه الوعي أو للذوات التي يوجد كل منها بطريقة مستقلة، والتي توحدهم مع أنفسهم دون إلغاء الاستقلال الذي تتمتع به (الفرق بين الحياة الأخلاقية والحياة بشكل عام يقع هنا على وجه التحديد). من الآن يقال عن الجوهر إنه "جوهر أخلاقي" وهو ما به وبفضله وفيه لا يكون "كل وعي مفرد هذا الواحد"، أي ليس هذا الوعي الفردي الذي يكونه، "إلا بقدر ما يكون واعياً بالوعي الكوني الحاضر في تفرده كما بوجوده"، أي، على نحو ملموس، "إلا بقدر ما يكون في فعله ووجوده العادة الأخلاقية الكونية" (432-433/194)."
نرى، إذن، أن كونية الجوهر الأخلاقي لا تتناقض أو تلغى بأي شكل من الأشكال الوعي الذي تمتلكه كل ذات فردية عن تفردها وخصوصيتها، بل إنه أيضا الشرط الذي يجعل من الممكن لكل ذات من هذه الذوات أن تعترف بذاتها كذات فريدة ومفردة ولا يمكن استبدالها.
إذا أخذنا الأمور من وجهة نظر هذه أوجه الوعي أو الذوات الفردية، فإن ذلك يجعل كل واحد منها مستودعا لـ"وعي ذاتي كوني فعال للغاية في وعي آخر [...] لدرجة أنه يدرك بالتحديد وحدته مع الوعي المذكور"، حتى لو أن هذا الوعي الآخر يمتلك "قواما كاملاً في ذاته" (432/194).
بعبارة أخرى، في الحياة الأخلاقية أو في حياة شعب ما، تصل أشكال الوعي الذاتي الفردية والمتفردة إلى الشكل الحقيقي للاعتراف، وهو ما يسميه هيجل (في الفصل 4-أ) "الاعتراف المزدوج": فهي تعترف بذاتها كمعترفة بذاتها، أي أنها تعترف بذاتها في وحدتها المتفردة وفي وحدتها المشتركة. ومن ثم، فإن الجوهر باعتباره جوهرا أخلاقيا يظهر نفسه باعتباره تحديدا "ذاتا على نحو أساسي" لأنه يسمح للذوات المتنوعة والمتفردة على حد سواء بالاعتراف المتبادل في تفردها وبالاعتراف ببعضها البعض موحدة في الكل، في مجتمع لا يحافظ على تفردها فحسب، بل هو شرط إمكانها.
بعدما قيل كل ما سبق، يطرح السؤال نفسه مرة أخرى: كيف يكون هذا ممكنا أو ما الذي يجعله ممكنا؟ ولكي نفهم ذلك، علينا النظر إلى الاقتراح الذي طرحه هيجل ومفاده أن أشكال الوعي المفرد "واعٍية بكونها هذه الكيانات المفردة القائمة بذاتها طالما أنها تضحي [ aufopfern ] بتفردها وأن هذه الجوهر الكوني هو روحها وجوهرها، كما أن هذه الجوهر الكوني بدوره هو تصرفها باعتبارها مفردة أو العمل الذي تنتجه" (433/194).
من هذا الاقتراح، لا نحتفظ، في أغلب الأحيان، إلا بالجزء الأول: سرعان ما نقتنع بأن الجوهر الأخلاقي لا يعيش إلا بالتضحية بالذوات الفردية، ويمكننا أن نذهب إلى حد أن نرى فيه الدليل على أن حياة الشعب والأخلاقية التي يتحدث عنها هيجل هنا هي في الواقع أخلاقيات المدينة اليونانية، أي شكل الأخلاقية الذي لم يكن فيه من الممكن بعد الاعتراف بشكل كامل بحق وجود الذات الفردية والمتفردة. لكن هذا يعني نسيان الجزء الثاني من القضية، الجزء الذي يقال فيه إن "الجوهر الكوني هو فعل أوجه الوعي المفرد نفسه". بعبارة أخرى، تضحي بالتأكيد الذوات الفردية بأنفسها من أجل الجوهر، لكنها تتلاقى بعد ذلك مرة أخرى، وتتلاقى مرة أخرى وهي واعية بأن الجوهر الكوني ليس شيئا آخر غير عملها الخاص، أو أنه "العمل" نفسه الذي تنتجه سويا ("das von ihnen hervorgebrachte Werk") ( المصدر نفسه ).
(يتبع)
نفس المرجع



#أحمد_رباص (هاشتاغ)       Ahmed_Rabass#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بوزنيقة: أمهات وآباء تلاميذ مدرسة عبد الله گنون يطالبون باعت ...
- الدار البيضاء: طلبة طب الأسنان يستنكرون ظروف تكوينهم
- محامو الدفاع في قضية محاولة اغتيال ترامب يزورون ملعب الغولف ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- هيئات حقوقية: مئات القتلى في اشتباكات بسوريا ضمن أسوإ أعمال ...
- الاشتراكي الموحد يستنكر -الردة الحقوقية- ويطالب باحترام الحر ...
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- الطيب حمضي: سبعة من كل عشرة مغاربة مصابون بجرثومة المعدة
- جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء ...
- زيلينسكي وحلفاؤه يوحدون مواقفهم من ترامب
- خواطر سوانح منفلتة من الكوابح
- كيف انهارت محادثات ترامب وزيلينسكي في 10 دقائق نارية؟
- قصة القروي مع علم المنطق
- الطاهر بنجلون يكتب مقدمة للنسخة الفرنسية للمجموعة الشعرية -أ ...
- المغرب: الصيادلة يطلبون تدخل رئيس الحكومة لحل مشاكلهم
- من يستغل الثروات الطبيعية بالأقالبم الجنوبية المغربية؟
- نبذة عن طوليدانو، الأخ الأكبر لليهود المغاربة
- جدل فيسبوكي: أهمية الفكر، مسؤولياته وإمكان إنجازه


المزيد.....




- -تلفزيون سوريا-: مقتل 10 عناصر من الجيش السوري خلال 24 ساعة ...
- الحوثيون: من هم وكيف نشأت حركتهم؟
- مؤتمر المانحين: أوروبا تتمسك بخطتها لتخفيف العقوبات عن سوريا ...
- إثر اشتباكات عنيفة على حدود سوريا.. الرئيس اللبناني يعطي توج ...
- الحوثيون: جاهزون لتطوير المواجهة بما يتناسب مع حجم التحدي وم ...
- وزير الخارجية الفرنسي: اقترحنا فرض عقوبات على المسؤولين عن ا ...
- الكرملين: التفكير في إرسال قوات من دول -الناتو- إلى أوكرانيا ...
- الشيباني: هناك تهديدات لأمن سوريا من النظام البائد والميليشي ...
- مسؤول يكشف حقيقة دخول أكثر من مليون لاجئ سوداني إلى ليبيا
- مصر.. توجيهات عاجلة من وزير الخارجية لسفراء القاهرة بالخارج ...


المزيد.....

- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - أحمد رباص - جولة للبحث عن مفهومي الحقيقة والحرية في قارة الفلسفة (الجزء التاسع والتسعون)