أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خالد خليل - العم سام في رقصة السقوط الحر














المزيد.....


العم سام في رقصة السقوط الحر


خالد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8284 - 2025 / 3 / 17 - 00:53
المحور: كتابات ساخرة
    


منذ زمنٍ ليس ببعيد، حيث كانت أمريكا تتربع على عرش العالم، تُصدِّر الديمقراطية كما تُصدِّر الهمبرغر، وتُلقِّن الأمم دروسًا في الحرية وحقوق الإنسان، بينما تُدير حروبها كمن يُدير مسلسلًا تلفزيونيًا طويل الحلقات.

في هذا الزمن، كانت العملات تُطبع بلا حساب، وكأن الدولار أوراق شجرٍ في خريفٍ دائم. أما الديون، فقد تراكمت حتى باتت تنافس جبال الروكي في ارتفاعها. ومع ذلك، استمر الإنفاق العسكري وكأن العالم بأسره ملعب كرة قدم بحاجة لحراسة مشددة.

وعلى صعيدٍ آخر، كانت الثقافة الأمريكية تُصدَّر بكل فخر، من موسيقى البوب إلى أفلام هوليوود، حتى بات العالم بأسره يغني ويرقص على أنغامها، متناسيًا أحيانًا ثقافاته الأصلية.

وفي خضم هذا كله، ظهرت قوى جديدة على الساحة، تُطالب بحصتها من الكعكة العالمية. الصين، بتنينها الاقتصادي، وروسيا، بدبها السياسي، والهند، بفيلها التكنولوجي. وبينما كانت أمريكا مشغولة بحروبها ومشاكلها الداخلية، كانت هذه الدول تبني جسورًا وتُقيم شراكات، تاركةً العم سام يتساءل: “ماذا حدث لعالمي الذي كنت أتحكم به؟”

وهكذا، بدأت أمريكا تشعر بثقل التراجع، وكأنها في سقوط حر بلا مظلة، تتأمل السماء وتتساءل: “أين أخطأت؟”

لكن، كما يقول المثل: “ما طار طيرٌ وارتفع، إلا كما طار وقع."

في مشهدٍ ساخرٍ آخر، نجدُ الولايات المتحدة وقد أضحت كالمخرجِ السينمائيِّ الذي أبدعَ في إنتاجِ أفلامِ الأبطالِ الخارقين، لكنهُ الآنَ يجدُ نفسهُ عاجزًا عن إخراجِ فيلمٍ واقعيٍّ يُنقذُ فيهِ ذاته. فبينما كانت تُعلِّمُ العالمَ دروسًا في الديمقراطيةِ وحقوقِ الإنسان، تجدُ نفسها اليومَ في صفوفِ محوِ الأميةِ السياسيةِ، تبحثُ عن تعريفِ “الوحدةِ الوطنيةِ” في قاموسٍ قديمٍ نسيتهُ على رفوفِ التاريخ.

وفي ساحةِ الاقتصاد، تتحولُ أمريكا إلى لاعبِ سيركٍ يحاولُ الموازنةَ على حبلٍ مشدودٍ فوقَ فوهةِ بركانِ الديونِ المتصاعدة. فبعدَ أن كانت تُلقِّنُ العالمَ فنونَ الاقتصادِ الحرِّ، أصبحتْ تتلقى دروسًا في التقشفِ من دولٍ كانت تعتبرُها يومًا ما “نامية”.

أما في مجالِ التكنولوجيا، فبعدَ أن كانت تُبهرُ العالمَ بابتكاراتِها، أصبحتْ تركضُ خلفَ شركاتِ ناشئةٍ في مرآبِ منزلٍ في بلدٍ بعيدٍ، تحاولُ شراءَ أفكارٍ جديدةٍ تُعيدُ إليها بريقَ الابتكارِ الذي خفتَ.

وهكذا، تستمرُ الولايات المتحدة في رحلتِها السرياليةِ، تبحثُ عن دورٍ جديدٍ في مسرحيةِ العالمِ، بعدما فقدتْ نصَّ السيناريو القديمِ الذي كانت تُخرجهُ بحرفيةٍ عالية.

في مشهدٍ ساخرٍ جديد، نجدُ الولايات المتحدة وقد قررتْ أن تُعيدَ أمجادَها العسكرية، فشنّت هجومًا واسعَ النطاقِ على اليمن، مستهدفةً مواقعَ الحوثيين، ظنًّا منها أن استعراضَ القوةِ سيعيدُ لها هيبتَها المفقودة. لكن، وكما يقولُ المثلُ الشعبي: “تجري الرياحُ بما لا تشتهي السفنُ الحربية”.

ففي ردٍّ غيرِ متوقع، أعلنَ الحوثيون استهدافَ حاملةِ الطائراتِ الأمريكية “يو إس إس هاري ترومان” والقطعِ الحربيةِ المرافقةِ لها شمالي البحرِ الأحمرِ بـ 18 صاروخًا باليستيًا ومجنحًا وطائرةٍ مسيّرةٍ، مما أدّى إلى إلحاقِ أضرارٍ جسيمةٍ بها. وكأنَّ التاريخَ يُعيدُ نفسَه، فبعدَ أن كانتِ الولاياتُ المتحدةُ تُلقي محاضراتٍ عن الأمنِ البحريِّ، أصبحتْ الآنَ تبحثُ عن دروسٍ في كيفيةِ حمايةِ حاملاتِ طائراتِها من الهجماتِ غيرِ المتوقعة.

وفي خضمِّ هذا السقوطِ الحرِّ، يبدو أنَّ الولاياتِ المتحدةَ قد نسيتْ أنَّ العالمَ لم يعدْ ملعبًا خاصًّا بها، وأنَّ اللاعبينَ الجددَ قد أتقنوا اللعبةَ بمهارةٍ تفوقُ توقعاتِها. فهل ستستمرُّ في هذا السقوطِ، أم ستتعلمُ من دروسِ الماضي وتعيدُ النظرَ في سياساتِها؟ الزمنُ كفيلٌ بالإجابةِ على هذا السؤالِ، ولكنَّ المؤشراتِ الحاليةَ لا تبشّرُ بتغييرٍ قريبٍ في هذا المسارِ المتسارعِ نحو الهاوية



#خالد_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رقصة في حدائق الصمت
- مزامير الضوء العاشر
- التهجين الكمومي في المجال البيولوجي: استحداث تقنية علاجية جد ...
- أسطورة النور والظل
- محنة الأدب العالمي تحت هيمنة التوحش الرأسمالي
- اسرار النور
- العلاج الصوتي عبر الحقول الكمومية: ابتكار د. خالد خليل لنهج ...
- الذكاء الاصطناعي العام (AGI): نقطة الصفر بين الفرصة والتهديد
- نقطة الصفر: هل يمكن أن يصبح العلم ذاتي التشغيل؟
- ملوك الطحالب
- عبور في التيه
- غوغاء القدر وسيمفونية العبث
- الرؤية الشاملة لنظام التقنيات الروحية العميقة (Deep Techno-S ...
- التكنوروحانية: التقاء العقل مع الروح في عصر التكنولوجيا
- ريفيرا الأبد
- جمرةُ الغياب
- دونالد هتلر أم أدولف ترامب؟
- أبو مازن مثل ترامب… أو أسوأ!
- ترامب والهذيان الإمبراطوري: رئيس بأحلام استعمارية ومزاج عصبي
- ‎في ليلٍ بلا ضفاف


المزيد.....




- بيان من اللجنة الفنية باتحاد الكرة المصري بشأن حسام حسن
- فيديو.. -صفعة- تبكي الفنانة جيسي عبدو خلال تصوير بـ-الدم-
- الغابة السوداء
- في بيان رسمي لها.. اللجنة الفنية بالاتحاد المصري تحسم مصير ح ...
- النجارة التقليدية في الخليج.. دراسة توثيقية لنقوش الخشب والأ ...
- مع -نوفوكايين-.. شباك التذاكر الأميركي يشهد أضعف انطلاقة لفي ...
- دار -كاف للنشر-: إثراء المشهد الفني العربي المعاصر وتوثيق ال ...
- التّنّور الثّقافيّ يشهر (نحبّكِ يا نعيمة) في فنلندا بمشاركة ...
- -كل كلمة تحمل هوية-... كيف نشأت اللغة الفرنسية منذ قرون؟
- اطلاق صفحة ومنتديات مروج الثقافية


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - خالد خليل - العم سام في رقصة السقوط الحر