أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - همام طه - فقه الرحمة: هل يجوز السحور بعد الفجر؟














المزيد.....


فقه الرحمة: هل يجوز السحور بعد الفجر؟


همام طه

الحوار المتمدن-العدد: 8283 - 2025 / 3 / 16 - 16:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يُعقِّد ويُقيِّد الخطاب الديني التقليدي الحياة الروحيّة للمسلمين والمُسلمات في رمضان، غافلاً عن ضرورة استحضار البعد الروحي والمعنوي والتيسير والتخفيف في العبادات.
ويتجسّد هذا التعقيد والتقييد في التركيز على تفاصيل فقهية مثل: مواقيت السحور والإفطار، ونواقض الصيام كالأكل والشرب سهواً أو عمداً، وأحكام الطهارة، وصحّة وبطلان الصلاة. الأمر الذي يُثقل على التجربة الروحية للصائمين والصائمات ويتناقض مع مبدأ التيسير والتخفيف ورفع الحَرَج.
القضايا الفقهية هي مسائل إجرائية لا ينبغي أن تطغى على جوهر العبادة. ويمكن اعتبارها شكليّة وهامشية وثانوية عند مقارنتها بحقيقة الصلة بالخالق، فالقضية الأساسية والرئيسية والمركزية في العبادة هي البُعد الضميري والقلبي والوجداني والشعوري.
ولا تحتاج المسائل الفقهية الإجرائية إلى تفصيل شرعي مُسهَب ومُغرِق في التراثية والنزعة النقلية الأصولية والسلفية، بل يمكن التعامل معها بكل بساطة وأريحية، وبعقلية المرونة وروح التسامح من خلال استلهام آية وحديث هما:
الآية: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر".
والحديث: "استفتِ قلبك ولو أفتاك الناس".
تفقد العبادة روحها ومعناها عندما يُختزل مفهومها في الجوانب الشكلية على حساب المعنى الروحي. وعندما يتم التركيز على الجانب الإجرائي فيها والمرتبط بالألفاظ والحركات والتوقيات، وما يجوز وما لا يجوز، على حساب المضمون الروحي والضميري والوجداني المرتبط بالنيّة والحبّ والإخلاص، والإقبال على الله والتوجّه إليه، والارتماء بين يدي رحمته وفي محراب عفوه وغفرانه.
ومثل هذا الاهتمام بالعبادة بوصفها طقوساً مادية شكلية مظهرية أدائية وإجرائية، لها شروط وأركان وواجبات ينبغي الالتزام بها بدقة وحَرفيّة وانضباط قسري والتزام قهري؛ قد يتسبب للعابد أو العابدة بالضغط النفسي أو القلق أو الوسواس الذي يُصعّب حياته الشخصية والاجتماعية إلى جانب تعقيد حياته الروحية وتجريدها من جوهرها العاطفي والوجداني.
أقول بكل ثقة، والله عند ظنّ عباده به:
1- إن الصلاة كلها صحيحة ومقبولة، ولا توجد عند الله صلاة باطلة أو مردودة، لأن العبرة بالوقوف بين يديّ الله، والتوجّه إليه بالقلوب قبل الجوارح، والله رحيم كريم، يصحّح ويقبل ويتقبّل ويعفو ويتجاوز، ويُصلِح الأعمال نوعاً، ويضاعفها كمّاً، ويجبر الكسر ويستر العيب ويعوّض النقص.
2- لن يردّ الله صائماً أو صائمة خائباً كسيراً محروماً حتى لو تناول سحوره بعد أذان الفجر أو تناول إفطاره قبل أذان المغرب ناسياً أو مضطراً. فلا يكلّف الله نفساً إلا وسعها، والوسع والطاقة والقدرة متغيّرات بحسب أحوال الصائم الشخصية والظروف المحيطة به.
3- الصوم لا ينقضه شيء ما دامت نيّة الصائم هي الاستمرار بالصيام، والأعمال بالنيّات. والله ربّ القلوب والنوايا، يتجاوز عن لحظات الضعف، ويقبل الأعذار التي لا يقبلها الفقه، ويعفو عن الأخطاء التي لا يغفرها الخطاب الديني التقليدي، ويقدّر ظروف الإنسان ويتفهمها حتى لو لم تتفهمها الثقافة الدينية المتشددة.
لا تعني هذه المقاربة إلغاء الفقه أو الاستغناء عن الأحكام، بل تدعو إلى فهم أكثر مرونة وتسامحاً يضع الإنسان في قلب الخطاب الديني، ويراعي مقاصد الشريعة وروحها بدلاً من التوقف عند الشكل والجزئيات. فالدين جاء رحمة، والعبادة ينبغي أن تكون وسيلة للتقرب من الله بصفاء القلب لا بمشقة الجسد، وبراحة الضمير لا بتعذيبه، وبروحية العبادة لا بشكلانيتها، وبالثقة في ربّانية ورحمانية الله لا بشريّة الفقه الإسلامي، والله أرحم بعباده من أن يجعل تفاصيل التوقيتات والأحكام سبباً في تعقيد علاقة عباده به.



#همام_طه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالة في الحاجة لإعادة قراءة النص الديني: سورة المسد أنموذجا ...
- رسالة إلى ابن الأكرمين السيد محمد جعفر الصدر: العفو عند المق ...
- قانون عيد الغدير .. الفرصة التي لم يتم استثمارها
- الخطاب السياسي وتعزيز رأس المال الاجتماعي
- سياسات مقترحة لمعالجة تأنيث الفقر في العراق
- نحو استراتيجية وطنية للتدريب المهني في العراق .. لا تُعطني س ...
- الحكومة الاتحادية ومجالس المحافظات .. فكّر وطنياً ونفّذ محلي ...
- مشاريع الإسكان والانتقال من الدولة الريعية إلى الدولة التنمو ...
- معالجة التسرّب المدرسي في العراق .. مدخل للتنمية والإصلاح ال ...
- تطوير الفلسفة العقابية في العراق .. من سلب الحرية إلى العقوب ...
- مواجهة أكتوبر وإعادة هيكلة الوعي والمواقف .. القضية الفلسطين ...
- الثورة المعرفية ركيزة النهضة الشاملة .. نحو استراتيجية وطنية ...
- الاستثمار في رأس المال البشري .. تطوير موظفي القطاع العام ال ...
- هل يمكن أن يتحوّل العراق إلى دولة لاعنفية؟
- المشروع الوطني لتعليم اللغة الإنجليزية في العراق .. رافعة اس ...
- التكامل المؤسسي .. مفتاح نجاح الحكومة
- أزمة التنوّع الثقافي في المجتمعات العربية: حروب الهويات تطيح ...
- محو الأمية في العراق .. الخطوة الأولى على طريق التنمية
- هوية السينما العربية في عصر العولمة الثقافية .. وقائع ندوة ح ...
- الدراسات الكردية .. قراءة الذات في عيون الآخر


المزيد.....




- الفاتيكان ينشر أول صورة للبابا فرنسيس أثناء فترة علاجه في ال ...
- مصر.. الإفتاء تكشف عن الحد الأدنى لزكاة الفطر
- الفاتيكان ينشر أول صورة للبابا فرنسيس منذ أكثر من شهر (صورة) ...
- “رعــب وخــوف طــول اليــوم“ مسلسل الجنة الحلقة الاخيره 16 ف ...
- اليوم الـ16 لرمضان.. 70 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في ...
- الفاتيكان ينشر أول صورة للبابا فرانسيس بعد العلاج
- الفاتيكان ينشر أول صورة للبابا فرنسيس منذ دخوله المستشفى
- جنبلاط يحذر أبناء الطائفة الدرزية من -الاختراق الإسرائيلي- ...
- الفاتيكان: البابا فرنسيس يتحسن ببطء
- شيخ الأزهر يحذر من تصاعد -الإسلاموفوبيا- ويدعو إلى وضع قواني ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - همام طه - فقه الرحمة: هل يجوز السحور بعد الفجر؟