أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - المستشرق روائياً















المزيد.....


المستشرق روائياً


مقداد مسعود

الحوار المتمدن-العدد: 8282 - 2025 / 3 / 15 - 15:55
المحور: الادب والفن
    


المستشرق روائيا: وليام بيكفورد.. وروايته (الواثق)
الأول من آذار 2025
المستشرقون اطلعوا على المنجز العظيم للحضارة الإسلامية، ثم اعادوا انتاجه، فوصل إلينا من خلال مدونات أسلافنا .. شخصيا على سبيل المثال لا الحصر، اطلعتُ في 1985 على كتاب(كنز الولد) تحقيق المستشرق الألماني كولد تسهير والكتاب يتناول الطائفة الزيدية في اليمن منذ التأسيس صعودا لتفرعاتها.. النزارية والمستعلية
(*)
.. يزودنا محمد زكريا مترجم الرواية إلى اللغة العربية، بمعلومات عن المؤلف و عن روايته واجناسية الرواية وأهميتها الريادية في هذا المجال :وليام بيكفورد (1760 – 1844) مثقف بريطاني نال شهرة ً عالمية، روايته(الواثق)كتبها، عندما كان في الحادية والعشرين من عمره، باللغة الفرنسية و صدرت في 1782 وتجنس روائيا ضمن الروايات القوطية. التي تتشكل من الرعب والظلام والأشباح والجن، فضاء هذه الروايات، القلاع المهجورة، الغابات، وقد تطور هذا الجنس الروائي من خلال بيكفورد، فقد صارت أعماله مصدر إلهام إلى (إدجار الآن بو) و(ماري شيلي).. ترجمت رواية (الواثق) إلى اللغة الإنجليزية لأول مرة في 1786 بدون ذكر اسم بيكفورد عليها!!، تحت عنوان (الواثق قصة عربية) وأدعى القس صامويل هينلي الذي ترجمها(أنها نُقلت مباشرة من مخطوط عربي غير منشور لأسباب غير معروفة)
(*)
إذا كانت شخصية (الواثق) محور الرواية، فأن القوة الدافعة لهذا المحور هي (قراطيس) زوجة الخليفة المعتصم وأم الواثق، وهذه الأم هي الدولة العميقة، أما الخليفة الواثق، فهو ضمن نسق الخلفاء العباسيين يتملكون قوتهم من العنصر النسوي المكين، وفي الغالب تكون السيادة لأم الخليفة.. والواثق في الرواية مجرد دمية من دمى العرائس تحركها الخيوط التي تمسكها أمه قراطيس بأصابعها العشرين.. (وكانت قراطيس قلقة بشأن ترك الخليفة وحيداً، لذا طلبت من الخدم ،إسناده ليذهب إلى فراشه، وجلست بجواره محاولة ً إرشاده وتهدئته بحديثها، وكان من المستحيل على أيّ شخص آخر أن يفعل ما فعلت، فالخليفة ليس فقط يحبها كأم، بل يحترمها كشخصية ذات عبقرية فائقة، حيث قامت بإقناعه باتباع جميع العلوم والأنظمة التي رأت في بلادها، والتي ينظر إليها المسلمون الصالحون نظرة ً غير مصدقة 12) الأم قراطيس لا تكتفي بسلطة ولدها شبه المطلقة على الامبراطورية العباسية الشاسعة، بل تريد أن تكون بيدها مقاليد السماء من خلال تسخيرها لقوى الشر وزعيمها إبليس، وحين يضحي الخليفة بخمسين طفلا جميلا من أطفال حاشيته طمعا بمرضاه الشيطان الذي سيوصله للسيطرة على العالم، وحين يقص الخليفة جريمته النكراء التي شملت خمسين طفلا، على أمه ،الغريب أنها لم تتأثر أبداً بما قاله عن الأطفال، وإنما ما شدّ انتباهها فعلاً وعود الهندي . هذه المرأة كانت قاسية القلب ولا تحمل في قلبها إلا الضغائن. بل تعلق مبررة للهندي شروطه..(هذه هي عادة عظماء السحرة وما وعد به حقيقة لا يقدر بالثمن البخس دفعته/ 30).. كقارئ للرواية أرى أن هذه المرأة العنكبوت ترى التضحية بخمسين طفلا ثمناً بخساً!!
(*)
يقول السارد(رغم انغماس الواثق في شهواته إلا أن شعبه ظلّ يحبه)!! ما بين القوسين، يكشف عن جهالة الاستشراق، فالعباسيون أشد بطشا من الأمويين. ويبرر السارد حب الشعب بكلامه التالي، وسبب الحب هو حالة السلام التي تعايشها الرعية، لذا (أن الحاكم الذي يهتم بشهواته وينغمس فيها أفضل بكثير من الحاكم الذي يكرّس وقته لصنع أعداء جدد للشعب فيرهقه..) والواثق يحب الثقافة والتحاور الثقافي بشرط أن الخليفة هو العقل الأعلى، فهو يفضل المثقف المنافق على الشجاع( يهب الهدايا والعطايا لكل مَن يرضى ويصمت عن رأيه المخالف، أما الشجعان والذين لا تخضعهم هداياه، فكان يُخرسهم السجن9) وما يفعله الخليفة الواثق، (رأى النبي العظيم محمد، في السماء السابعة، بغضب سلوك الواثق الجشع، وقال لمن حوله: أتركوه لنفسه، لنرى إلى أين سيصل جنونه وكفره وإذا تجاوز الحد سننزل عليه سخطنا..) هنا الفارق بين خنوع الأرضيين وغيرة الرسول الأعظم على أمته. حين يكتمل البرج وهو رمز العلو الذي يغويه بنرجسية ٍ ممقوتة، من علوه الحجري، يرى الناس كالنمل والجبال كالصدف والمدن خلايا نحل، أربكه الأمر وصار على وشك أن يعبد نفسه، لكن نظرة ً واحدة ً للنجوم، جعلته يشعر أن النجوم تراه مجرد ذرة رمل في صحراء. البرج الذي يقف الواثق عليه، تراه قراءتي جسرا يقف الواثق بالمنتصف.. بثت الكواكب شفرتها له مَن سيعنيك هو (شخص ما غير عادي من بلدٍ غير معروف/ 10)وحين يغضب الخليفة الواثق تخفت شهيته للطعام، ولا (يتذوق سوى أثنين وثلاثين من الثلاثمائة طبق التي توضع يوميا أمامه 12)!! ومن كثرة ولعه بالسحر والشعوذة، وفشل في قراءة النجوم وهو في برجه، ولمّا رأى سحابة كثيفة أعتبرها أسوأ العلامات المشؤمة التي تظهر للمنجم.. فأصابته(حمى شديدة وتراجعت شهيته، وصار مشهوراً بشربه الكثير من الماء فكان لا يشبع من شرب الماء 17)
(*)
الخليفة لا يهمه شؤون البلاد والعباد، كل همه المشعوذ الذي ظهر وأختفى
ومن أجل رؤيته يوافق على كل شروطه حتى ألعن الشروط، أعني التخلي عن الدين الإسلامي، من أجل امتلاك قوى شيطانية للسيطرة على العالم.
(بع نفسك لي! أعبد الدنيا وأبتعد عن محمد، وإذا فعلت ذلك سآخذك إلى قصر النار السفلي، هناك سترى في مستودعات هائلة الكنوز التي وعدتك بها النجوم، هناك يرقد سليمان بن داود، محاطا بالطلاسم التي تسيطر على العالم/ 24).. ثم يختفي الشيطان ثم يظهر مكررا الشرط نفسه(أبتعد عن محمد وعدني بأدلة كاملة على صدقك، وإلا فلن تراني مرة أخرى).. وهذا يعني أن النبي محمد(ص) تتجسد فيه قوى الخير والسلام والرحمة، وهو شفيع أمته، وفي حالة تخلي المسلم عن دينه تتجرد منه هذه القوة المحمدية وتستطيع قوة الشر أن تسخره حسب مشيئتها الوحشية، وهكذا موقف من خليفة المسلمين لا يقتنع به القارئ المسلم، فالخلفاء الأمويون والعباسيون على فسادهم وجرائمهم ما تخلوا عن الدين الإسلامي، وهذه ثغرة استشراقية، في الرواية يحاول الروائي بكيفورد يردمها في الصفحات ما قبل الأخيرة من الرواية..
(*)
حين يراه الهندي المشعوذ وهو في منتجعه (كان ينحني على الأرض ليشرب من الماء الذي لم يكفيه 18).. وذات يوم خاطبه صوت بذئ (لماذا تشرب كالكلب أيها الخليفة؟) لم تهمه الاهانة، بل فرح برؤية المشعوذ !! وهذا الكلام غير مقنع أيضا لا أحد يستطيع أن يخاطب خليفة المسلمين في امبراطورية بني العباس بهذا الخطاب، يبدو أن العقل الاستشراقي لدى بيكفورد يورطه بهكذا كلام، الصفقة التي ستتم بين الخليفة وهذا الشيطان الهندي، تعيدني إلى (فاوست) مسرحية الأديب الألماني الكبير غوته (1749- 1822) وليام بيكفورد (1760- 1844) نلاحظ أن غوته جاء إلى الدنيا قبل بيكفورد بأثني عشر عاماً والمهيمنة الموجودة عند بيكفورد حول العقد المبرم بين الإنسان والشيطان، ربما سبقه فيها غوته، ولكن قبل غوته والشاعر الفرنسي وتييف
والكاتب المسرحي الانكليزي كريستوفر مالرو والكاتب الألماني لنسج، أن حكاية العقد بين الشيطان والإنسان كانت شائعة قبل غزو النورمان لإنكلترا
لكن ما فعله وليام بيكفورد، هو تدوير السرد وتوفير الأجواء القوطية لروايته
وأسلمة الشخوص وجعل الشخصية المحورية هو الخليفة العباسي الواثق
الذي كان يمتلك عطشا كبيرا للمعرفة، وسيتفوق عليه في هذا المجال الخليفة الرابع والثلاثون : الناصر لدين الله..
(*)
ويخبرنا المترجم أن بيكفورد كثيراً ما يؤكد أن رواية الواثق كتبها كاستجابة عاطفية لأحداث وقعت في قرية إنجليزية تسمى (فونتهيل) في عيد الميلاد لعام 1781. إذا هنا الانشطار الروائي
(1) أحداث وقعت في قرية انجليزية في 1781، وتنسجم كرواية قوطية فيها الخوارق والجن والأشباح والأرواح. وهنا اكتملت الشروط الروائية. يقول المؤلف بيكفورد (كُتبت الرواية خلال فترة تأثرت فيها الثقافة الأوربية بالشرقية, إنها قصة عربية خالصة بسبب الجو الشرقي والشخصيات وصورة الثقافات والمجتمعات والأساطير الشرقية 5) ما بين القوسين لا يمتلك شروط الإقناع
والأدهى من ذلك ما يدعيه مؤلف الرواية أنه(أستغرق في كتابة الرواية ثلاثة أيام فقط، نظرا لاستجابة قلمهِ المتلاحقة للأحداث التي يسردها عقله..) !!!
• وليام بيكفورد/ الواثق/ ترجمة: محمد زكريا/ ط1/ 2024/ دار إشراقة



#مقداد_مسعود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزعفران
- فيصل الثالث : رواية محمد غازي الأخري
- أبو دلامة وريطة بنت أبي العباس السفاح
- مناديل من فضة ٍ للقرنفل
- حوائج
- سفينة لا نهار لها
- رضا الظاهر.. و(النسر المحلّق)
- تأملات الباحث محمد علي محي الدين في كتاب (كناية الديالكتيك)
- 205 هجرية
- هذه لحظة السآمة وذاك مقام العائذ
- (سلطانة) وغالب هلسا
- إضاءة ما تم تعتيمه
- ناظم المناصير.. والسياب
- القلوب شموع
- الروائي الفلسطيني يحيى يخلف (راكب الريح)
- عبد الملك عاشور
- كؤوس من فضة وآنية من بلوّر
- معروف الرصافي.. مصطفى جواد.. طه حسين
- محمد شحرور/ محمد شكري.. وعلاقتهما مع (بنات إبراهيم)
- نائمون


المزيد.....




- رحيل الممثل المصري إحسان الترك بعد معاناة مادية وصحية
- -لهم فضْلُ القديمِ وسابقاته-.. عن لغة الشعر النبطي
- اكتشاف بروتين قد يكون مفتاحا لفهم سر نشأة اللغة المنطوقة
- وفاة فنان مصري
- موت الأسرار.. الكشف عن الذات في العصر الرقمي
-  مدن تتداعى وذكريات تُمحى: كيف توثّق السينما صراع البقاء في ...
- مخرج مصري يواجه عاصفة انتقادات بعد حديثه عن فنان تاريخي
- الجزء الثاني من الفيلم الناجح -Freakier Friday- أصبح جاهزاً ...
- مسجد إيفري كوركورون الكبير.. أحد معالم التراث الثقافي الوطني ...
- من دون زي مدرسي ولا كتب.. طلاب غزة يعودون لمدارسهم المدمرة


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقداد مسعود - المستشرق روائياً