عادل الخياط
الحوار المتمدن-العدد: 1797 - 2007 / 1 / 16 - 10:38
المحور:
كتابات ساخرة
يتمحور هذا الإحتجاج حول التسمية , أحقية التسمية , إذ يزعم جيش الرب أن حزب الله إنتحل تسميته من تسمية هذا الجيش الرباني , وأن هذا الأمر فيه تعدي على مصطلح التسميات , بل يُعد جُرما مشهودا وأمام العالم أجمع , وأنه طالما حاول في السابق طرح تلك القضية على المحفل الدولي , لكن جهاده ضد الجيش الأوغندي الكافر ومشاغله الكثيرة كانت تحول دون ذلك ! أما الآن , وبعد إنتصار هذا الحزب على إسرائيل وعلى وشك تأسيس جمهورية المشايخ اللبنانية ( المشايخ مفردها مشيخة , والمشيخة تأتت من الشيخ , والشيخ يعني هنا شيخ إسلامي وليس شيخ عشيرة ) , فقد حان الوقت لطرح هذه القضية على الأمم المتحدة , أو بتعبير أدق : لا مجال لتأخيرها ولو ليوم واحد , فالذي لا ريب فيه أنه بعد تشييد تلك الجمهورية المشيخية الـ ( الله ية ) لن يكون بإمكان الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن ولا الإتحاد الإفريقي والجامعة العربانية ولا حتى منظمة الدول الإسلاموية المصدرة للإسلام - إسلامك - إجبار حزب الله الإسلامك على تغيير تلك التسمية المنتحلة من - جيش الرب الأوغندي البطل ! ويضيف هذا الجيش الرباني أنه في الواقع كان قد طرح هذا الأمر في السابق على مسؤولي حزب الله , لكن حصيلة الطرح كانت نقاشا عقيما وتبريرات سخيفة وغير منطقية من جانب مشايخ الحزب . فقد إحتجوا بإدعاءات كاذبة وجاهلة , وهي أن جيش الرب قد تم تأسيسه في منتصف الثمانينات , وأنهم كونوا حزبهم قبله بثلاث سنوات , اي سنة 1982 , ووفق ذلك لا يحق لنا الإعتراض , بل يزعمون أننا نحن الذين إنتحلنا التسمية وليس هم , حاولنا معهم بكل الطرق فلم نفلح , ومن ذلك قلنا لهم : يا حضرات المشايخ , أنتم تطلقون الكلام على عواهنه , لأن جيشنا تكون في منتصف السبعينات وليس الثمانينات , أما لماذا لم تطرق آذانكم أخبار ومآثر جيش الرب منذ ذلك الوقت , لأنكم ببساطة لم يكن لكم وجود ولا ذكر أبان ذاك , والدنيا بأسرها تشهد أن صيتكم ترافق مع صيت ملالي قم وأصفهان ومهرادان , فما ذنبنا نحن إذا كان تاريخكم ممسوخا أو أصلا لم يكن لكم تاريخ ." مشايخ الله بدورهم ردوا على ذلك بالقول :" طيب , دعنا نحن بدون تاريخ , لكن ماذا عنكم , ناس متخلفين تريدون أن تلغوا الدستور وتضعون مكانه الوصايا العشرة !" .. مسؤولو جيش الرب ردوا على هذا التهكم بإزدراء أشد , فلقد أطلقوا هستريا مدوية من الضحك ثم قالوا للمشايخ : متخلفون أليس كذلك ؟ إسمعوا يا ناس حزب الله يتحدث عن التخلف والتمدن ! وأنتم ماذا عنكم , ماذا عن مهديكم ولطمكم وشعوذاتكم , تلطمون من هنا ثم تذهبون إلى الحرب من هنا .. ثم ...
من جانبه - أحمدي نجاد - رفض ما يزعمه مسؤولو جيش الرب , عندما أثار مشايخ حزب الله القضية أمامه , وقال بلهجة قوية : لن نسمح بتغيير إسم الحزب ولو ضرب جيش الرب رأسه في دبابات الجيش الأوغندي , وإذا إستوجب الأمر نقاتله ونقضي عليه !؟ " .. وقد أثارت تلك الملاحظة دهشة مشايخ الله , وأخذوا يضربون أخماسا بعمائم : ماذا يعني بقوله نحاربهم ونقضي عليهم ؟ هل هم على حدودنا مثل إسرائيل ؟ فنحن نعلم والعالم يعلم إن إسرائيل على حدودنا لذلك حاربناهم وإنتصرنا عليهم , فكيف نحارب جيش الرب؟ هل يقصد أنه يمتلك صواريخا تصل إلى أوغنده ؟ هل سيرسلنا مجاميع مجاميع بطائرات أو بواخر لأنها تأخذ أكبر عدد من المقاتلين ؟ وهل إتفق أو سوف يتفق مع الحكومة الأوغندية والسودانية وجمهورية الكونغو حيث يتمركز جيش الرب لخوض القتال ضدهم والقضاء عليهم ؟ .. إعتصرت تلك التساؤلات وغيرها رؤوس المشايخ إلى أن طفح الكيل بهم [ طبعا المشايخ أما أنهم يخافون توجيه التساؤلات لـ - نجاد - أو أنهم يخجلون منه , وإن كان لا فكاك بين الحالتين , رغم أنه أشبه بأعرابي نزل إلى المدينة للمرة الأولى , فبهرته القناديل , ثم ضاع وسط الزحام , فقرر أن يصبح شرطي أمن أو مسؤولا حزبيا أو حرسا خمينيا ليٌحيل كل ما يحتويه من إنتقاص حضاري وغراً جحيميا على كل ما ينبض بالحياة في هذه الدنيا , وتلك هي أعظم دعابة مأساوية إخترعها سديم المجرات منذ فقاعته الأولى ]
فطفق السؤال عفويا عن كيفية المقاتلة والبطح ؟ إذ ذاك إبتسم نجاد إبتسامة تفصح عن إستصغار لغباء الشيوخ , ومضمونها يقول : هل تظنون أنكم الذيل الوحيد لنا ؟" .. لا محال بدراية الشيوخ بوفرة ذيول الملالي وإن خانتهم الذاكرة , طبعا نتيجة إنشغال تفكيرهم بالإنتصار على إسرائيل ! - وأحد تلك الذيول - البشير السوداني - والبشير السوداني هذا مُركب أو مُكون من نواتين : عروبية إسلاموية , ومن هنا أخذت المخابرات القومية الإسلامية - السورية الإيرانية - تجوب السودان لترسيخ عقيدة صاحب النواتين . ولأن تلك المخابرات تمتلك باع طويل في خبرات الجهاد أو النضال ضد تجبر القوة , والقوة بشقيها - المدفع الإسرائيلي , ومُكونات دارفور من الأطفال والنساء والشيوخ , لكن لا , ضد المدفع تدفع معتوهين عقليا مثل شراذم نصر الله , أما في مواجهة أطفال ونساء وشيوخ - دارفور- فإن جهادها في ذروة الألق ولذلك نرى حتى الآن قد أبيد ما يقرب من أربمعة ألف من لاجئي دارفور ولم تزل الأمم المُتحدة تراوح بين القوات الدولية , والقوات المشتركة الأفريقية الأممية !
وعلى كل , فقد تمكن شيوخ الله في النهاية من إدراك مغزى إبتسامة نجاد الساخرة عن الذيل الأفريقي - البشير- لكن المشكلة التي إعترضت الطرفين - نجاد - والشيوخ , إنهما الآن في محنة , فالأول يتعرض لعقوبات وضغوطات دولية بسبب النووي والهولوكوست , والثاني بسبب أزمة الحكومة اللبنانية ودفع الأموال لمتضرري الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي من المحتمل أن يتنصل نجاد عنها للمشايخ أو الشيوخ بسبب أزمته النووية .. والأكثر ( مليوصية - تعقيدا ) في تلك القضية أن - جيش الرب- يريد حلا فوريا لها ..ولأن نجاد والشيوخ لا يحبذون توارد المشاكل عليهم من كل حدب وصوب , فقد قرروا صرف بعض الوقت لتلك القضية , وبعد نقاشات مستفيضة فقد قرروا ما يلي : يُرسل وفدا رفيع المستوى برئاسة ( لواء سميسم وزير السياحة والآثار العراقي ) إلى مسؤولي جيش الرب لرأب الصدع أو إيجاد حلول وسطية لتلك الأزمة .
وزير السياحة والآثار العراقي - لواء سميسم - حين بلغته الأخبار , إستغرب بشدة وقال : ما علاقتي أنا بهذا الأمر , يعني حزب الله ونجاد يصنعون المشاكل ونحن نطيح بها أو نتورط بها , يعني ألا يكفينا مشاكلنا الداخلية ليطلع لنا حزب الرب وجيش الرب ... " لكن تصريحات - لواء سميسم - أثارت حفيظة قيادات تيار الصدر , والصدر بنفسه بعمامته السوداء وغضبته الحي صناعية - نسبة إلى الحي الصناعي في النجف المُفعم بالبلطجية والنشالة - فقد قالوا إن - لواء سميسم - تجاوز في تصريحاته ضد حلفائنا " لكن على الفور جاء الرد من - لواء سميسم - , طبعا نتيجة الخوف [أن يصبح ضحية لعصابات الصدر] جاء الرد بأنه لا يعني التنكيل بالحلفاء أو الإستصغار بهم , وإنما من منطلق الإستغراب , بمعنى لماذا إختاروني أنا وليس شخص آخر من حزب الله أو سوريا وإيران أو حتى شخص آخر من تيارنا الصدري ؟ حين ذاك جاء الرد بأن الإختيار وقع عليك كونك وزير السياحة والآثار وتلك الصنعة تخص التسميات وما إلى ذلك , ومن هنا فبإمكانك إقناع جيش الرب حول التسمية !
لواء سميسم أخذ يدردم ( يتمتم ) بينه وبين نفسه :" والله ألعن أبو جيش الرب لابو حتى حزب الله ونجاد , وحتى شيخنا - مقتدى - أبو كرش - " ثم أضاف بحنق " هسه آنه ياهو مالتي - ما علاقتي - بالصدر وبالوزارة , جالس في بيتي ومرتاح , المشكلة الثانية تعال روح لجيش الرب وتفاوض معاهم , آنه - أنا - وين وجيش الرب وين !؟".. وحين أخبر زوجته بذلك أخذت تصيح بأعلى صوتها : الله ينتقم من الشيخ - أبو الرهاويل , مقتدى - , ومن نصر الله أبو لسان ( البغاغا - الألثغ - ) على هذي المصيبة .. ثم أضافت ليش ما يروح أبو الرهاويل مقتدى , لو الألثغ نصر الله , يعني ما عندهم إلا رجلي أبو عيالي يرسلونه لجيش الدب , فقال لها سميسم : جيش الرب وليس الدب " فقالت هي : الرب الدب , من الله ينتقم من حزب الله وجيش الرب والدب مقتدى على هذي - الطركاعة - ( المصيبة ) "
لكن الشيء الذي شرح صدر - لواء سميسم - بعد سفره للقاء مسؤولي جيش الرب هو أن زعيم هذا الجيش - جوزيف كوني - كان قد طرده من باب الخيمة قائلا له : " عيب عليك , إستحي , هل أنت لبناني أم إيراني أم عراقي ؟ نحن نعرف أنك عراقي , فما دخلك بهذه القضية ؟ " حينها رجع - لواء سميسم - مُبتهجا , فلم يتعرض إلى أي أذى على يد عناصر جيش الرب , مُجرد طردة من باب الخيمة , فقد قال لأحد مرافقيه الموثوق به : المُهم , الطردة تهون , بس خلي أخلص من هذي الأزمة التي طاحت على رأسي , ما علاقتي أنا بجيش الرب وبـ - موريس موني - فقال له مرافقه : جوزيف كوني وليس موريس موني ." فقال سميسم :" موني , كوني , بوني , المُهم خلصت من هذي المصيبة ."
الأمم المتحدة بدورها لم تبت في تلك القضية رغم الوثائق التي لديها عن إنتهاكات حقوق الإنسان والأطفال من قبل عناصر جيش الرب , لعل السبب في ذلك مناصرة كوفي عنان لذلك الجيش من منطلق أفريقي رغم إنتهاكاته , وكان عدم البت هذا قد أعطى دفعة لجيش الرب في هذي الدعوة , وما دامت كذلك فقد أخذت حيزا واسعا . إلى ذلك , ولكونها قضية ذات أفق ديني , بمعنى أن التسمية تنحسر بين تسمية الرب والإله فقد طرحت على المؤسسات الدينة الإسلامية والمسيحية على السواء .
أستنفذت كل الوساطات التي حاولت حل تلك الأزمة العصية من الفاتيكان, بأن تلك القضية ليست ذات أهمية كبرى , وأن يستمر الطرفان في التسمية , وأن الرب مفهوم شامل للوجود ولا قيمة للتسميات وعلى الأخص حين تلعب السياسة هذا الدور في توريط الرب في السياسة , لأنه يكره أكثر ما يكره السياسة واللاعبين بالسياسة ... لكن جيش الرب لم يقتنع .
من جانبها منظمة الدول الإسلامية نأت بنفسها عن تلك المسألة قائلة : نحن لا علاقة لنا بهذه المسألة العويصة , يوميا يظهر لنا حزب وتنظيم يتحدث بإسم الرب , مرة حزب الرب ومرة جيش الرب وأخرى قاعدة الرب , يالهذا الرب المنزوي بعيدا في ملكوته ولم يخلص من هذا الحزب وذاك الجيش وهذا القائد وذاك البطل , وأظنه يقول ألا لعنتي إلى يوم الدين على كل تلك الفايروسات التي سممت ولم تزل هذا الكوكب !
كذلك المؤسسات الدينية من أزهرها إلى المجلس الشيعي الأعلى وغيرها وغيرها لم تفلح في الحسم .. ولم تزل القضية مُعلقة إلى الآن , الأمر الذي يدعو المرء إلى التشاؤم , فمن المُحتمل أن ثمة حرب فضاء نووية سوف تحدث بين جيوش الله والعاقبة لمن يمتلك ذرات إلهية أكثر فتكا على الجنس البشري !
#عادل_الخياط (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟