أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمود عبد الله - صعوبة اقناعهم بعدما ساروا في طريق اللاعودة!!














المزيد.....

صعوبة اقناعهم بعدما ساروا في طريق اللاعودة!!


محمود عبد الله
أستاذ جامعي وكاتب مصري

(Dr Mahmoud Mohammad Sayed Abdallah)


الحوار المتمدن-العدد: 8282 - 2025 / 3 / 15 - 00:13
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


صعوبة اقناعهم بعدما ساروا في طريق اللاعودة
بقلم: ا.د محمود محمد سيد عبدالله - أستاذ المناهج وطرق تدريس اللغة الإنجليزية (كلية التربية - جامعة أسيوط)

في زمنٍ صعب تزايدت فيه الإغراءات فكثر المنحرفون والمشاحنون الذين يتنفسون هواء فاسداً ملوثاً بالنميمة، ازدادت الضغوط الأخلاقية وتعاظمت فيه مسئولية الضمير، في خضم واقعٌ مرير تصدرته فئة من البشر الضالين الذين ابتعدوا عن الفطرة السليمة والعقل الراجح ومنطق الإصلاح وطريق التوبة..فبالرغم من أنهم تجاوزوا مرحلة الطفولة وأشرقت عليهم شمس النضج والعقل والحكمة، اختاروا طريق الشقاء والانحراف، تاركين وراءهم بصمةً سوداء وإرث بغيض من الإنحراف وسوء الخلق بصورة جعلتهم لا يرجى خيرهم ولا يؤمن شرهم، فصاروا عبئاً ثقيلاً على كاهل المجتمع.

لقد بات واضحاً لكل ذي عقل أن صغار العقول هؤلاء قد استبد بهم الشر واستحوذ عليهم الشيطان، فظلموا وتجبروا وعاثوا في الأرض فساداً، وماتت ضمائرهم، حتى أنهم توقفوا عن مراجعة أنفسهم وتأمل أفعالهم أو الإعتراف بأخطائهم، فيعتذروا لمن أساءوا إليهم قبل فوات الأوان..إنهم يعيشون في غياهب عالم داخلي مظلم يسوده التكبر والغرور والظلم والتفاهة والإنحراف، حيث تزدان أعمالهم بلمسات الشيطان، فحيل بينهم وبين سموّ التفكير وإرتقاء الضمير..إن عنادهم وتمسكهم بالاستمرار في مسالك الشر والأفعال الصبيانية غير اللائقة التي لا تلائم سنهم أو مقامهم أو مكانتهم الاجتماعية، يجعل إقناعهم بتحويل مسارهم مهمةً مستحيلة لا تُجدي نفعاً، بعد أن وقعوا في الفخ فصاروا أسرى لغرائزهم وأهوائهم ونفوسهم التائهة الضائعة حتى أنهم صموا أذانهم عن صوت الحق والضمير، فتعقدت نفوسهم أكثر وأكثر..

ولئن حاول من حولهم تقديم نصائح تتخللها أطيب العبارات وأصدق الكلمات، فإن تكبرهم وسوء خلقهم وتعقد نفوسهم يدفعهم إلى نبذ وصد كل محاولات التقويم والإصلاح، ولذا بات وجودهم في الحياة عبئاً ثقيلًا على من يحاولون الاقتراب منهم، لا سيما وأنهم ينتشرون وينشرون شرهم كعاصفة جانحة متربة تفسد الأجواء، وكسرطان ينتشر بقوة في جسد المجتمع، فيفسدون وينثرون بذور الشقاق أينما حلوا..إنهم لا يرون في الاعتذار شيئاً طيباً كنوع من التواضع ولا يسعون إلى أي تغيير إيجابي فلا بصيص أملٍ في الصلاح، فقد اختاروا طريق الشيطان ودرب المكابرة والعناد الذي يخلو من أي حكمة أو رحمة..وبالتالي، فإنَّ كل المحاولاتِ التي تبذل من أجل إرشادِهم وتقويم اعوجاجهم تُشبهُ سقيَ صخرةٍ يابسةٍ؛ فقلوبُهم المتحجِّرةُ لا تستجيبُ لنداءِ الحكمةِ، وآذانُهم المصمومةُ لا تسمعُ صوتَ المنطقِ..بل والأفظع أنَّهم يحوِّلون كلَّ نصيحةٍ إلى مادةٍ للسخريةِ، وكلَّ توجيهٍ إلى وقودٍ للتجبر والعنادِ..وهكذا يتحوَّلون إلى عبءٍ مُدمِّرٍ يثقلُ كاهلَ المجتمعِ، تاركين وراءَهم سلسلةً من العلاقاتِ المسمومةِ والذكرياتِ الأليمةِ.

وبعد الرحيل، تظل ذكراهم مرآةً تعكس صورة ظلامية لأناس مشاحنين منحرفين بطبعهم، لا يُرجى خيرهم ولا يُؤمن شرهم، ويبقى في ذاكرة الناس صفحة سوداء، تشهد على تباعدهم عن قيم الحق والعدل واستسلامهم لغواية الشيطان، وسيظلوا ملعونين في الدنيا والآخرة..ومع تسارع قطار العمر، قد يبتليهم الله بسوء الخاتمة كي يكونوا عبرة..فتلك النفوس المريضة اختارت طريق اللاعودة وساروا في طريق الضياع والإنحراف وابتعدوا عن الفطرة السليمة، فلفظهم الناس بعد أن ساءت سمعتهم..

خلاصة القول أنه ليس من السهل تصحيح مسار كل من سار في دروب الانحراف والتكبر والتجاوز والطغيان، وأنه لكل واحدٍ منا مسؤولية أخلاقية تجاه نفسه ومجتمعه، حتى لا ننسى أن الضوء مهما كانت الصورة قاتمة، يبقى دائمًا رمزًا للخير الذي نستطيع، ولو بصعوبة، استعادة بريقه في أحلك الظروف..فهذا الواقعَ المأساويَّ لا يُلغي مسؤوليةَ المجتمعِ في التصدي لآثارِ الأشرار المتكبرين الظالمين صغار العقول ومرضى النفوس، والوقايةِ من سمومِهم..فالأملُ ليس في إصلاحِ من استعصى إصلاحُه، بل في تحصينِ الأجيالِ بمناعةِ القيمِ، وغرسِ ثقافةِ المراجعةِ والمساءلةِ..ولنتذكرْ دائمًا أنَّ نورَ الخيرِ قادرٌ – ولو بصعوبةٍ – على اختراقِ ظلامِ النفوسِ، ما دامتْ هناك إرادةٌ تُصارعُ اليأسَ، وعزيمةٌ ترفضُ الاستسلامَ.

تحياتي



#محمود_عبد_الله (هاشتاغ)       Dr_Mahmoud_Mohammad_Sayed_Abdallah#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- همسة اليوم: -كل إناء بما فيه ينضح-!!
- مجرد رأي: رسالة إلى منتقدي مسلسل -الحشاشين-
- همسة اليوم: الفقر المعنوي!!
- وجهة نظر: التغير والثبات!!
- همسة اليوم: نصيحة لكل الإداريين في مصر!!
- همسة اليوم: البحث عن الأمن والأمان!!
- مجرد رأي: لماذا نبحث عن حياة أخرى خارج الأرض؟!
- همسة رمضانية (7): المشاحن (سيء الخلق)
- اضطراب الفيسبوكسيا Faceboxia
- همسة اليوم: هكذا علمتني الشطرنج!
- فن إدارة الوقت (2)
- شكرا 2022 - فقد علمتيني أن:
- همسة اليوم: من آداب استخدام الفيسبوك
- همسة اليوم: الأمنية المستحيلة!!
- همسة اليوم: أجسام البغال...وعقول العصافير
- همسة اليوم - تأملات تربوية: الحب هو الحل!
- همسة اليوم: أشياء تفسد أي علاقة!!
- همسة اليوم: الإحترام والتقدير والموضوعية الحقيقية هي كلمة ال ...
- همسة اليوم: اكسر قلة وراها!
- همسة اليوم : بمنتهى الوضوح!


المزيد.....




- شاهد رد فعل البيت الأبيض بشأن نية أمازون عرض تكاليف التعريفا ...
- مصر تتأهب لعاصفة ترابية شديدة وسط تعطيل الدراسة وتحذيرات رسم ...
- ماذا نعرف عن صاروخ -بار- الإسرائيلي الجديد في حرب غزة، ومن ي ...
- -العدل الدولية- تستعد لإعلان حكمها في دعوى السودان ضد الإمار ...
- الحرب.. ملاذ أوروبا من الهزيمة بأوكرانيا
- بوتين يتحدث عن أهمية يوم النصر في روسيا وجمهوريات الاتحاد ال ...
- ترامب: روسيا قوة عسكرية كبيرة جدا وأوكرانيا ليست كذلك
- أوكرانيا وهنغاريا تتفقان على إطلاق مشاورات بشأن عضوية كييف ف ...
- ترامب يكشف من يكتب له منشوراته على -تروث سوشيال-
- مصدر حوثي يكشف تفاصيل مهاجمة حاملة الطائرات الأمريكية -هاري ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمود عبد الله - صعوبة اقناعهم بعدما ساروا في طريق اللاعودة!!