|
قراءة أولية في محاكمة الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 1797 - 2007 / 1 / 16 - 13:12
المحور:
القضية الفلسطينية
........ كما عهدنا أبو غسان ، الإنسان المشبع بالثورية والمتمرس في الكفاح والنضال ، والملتصق بهموم شعبه ، والمدافع العنيد عن حقوقه وقضاياه ، والقابض على مبادئه كالقابضين على الجمر في هذا الزمن الرديء ، والذي هو النموذج الثوري المخلص الذي يحتذى به ، من كل الثوريين والمدافعين عن حقوقهم وقضاياهم ، وهو الذي أثبت للجميع العدو قبل الصديق ، ولكل مناضلي الحرية والتحرر والإنعتاق من الإحتلال والظلم ، وبالممارسة والفعل ، وليس بالقول والشعار والتنظير الصالوناتي ، أن الحرية تعمد بالنضال والتضحيات والمعانيات ، وأن القائد يجب أن يكون في الميدان ، وفي المقدمة وقدوةً ومثالاُ لشعبه وجماهيره وحزبه ، وهذا الرجل للأمانة الثورية والتاريخ ، يستحق أن يكون أحد العناوين البارزة للنضال الوطني الفلسطيني ، وهو إكتسب مشروعية القيادة ، بكل جدارة ، ولم يرتقي لصفوف القيادة والنضال من بوابة الواسطات والمحسوبيات والمؤامرات أو بالجاه والمال أو الفهلوية والإرتزاق ، أو بالمولاة لهذا النظام أو ذاك ، بل جبل في معمعان الكفاح والنضال ، ودفع وما يزال يدفع ثمن إنتماءه وصدقه ومبدئيته ، فاتورة نضالية عالية ، إختفاء ومطاردة وسجون ، بل إنه وفي محاكمته، مثل حالة نضالية متميزة ، وأعطى مثالاً ساطعاً ومشرقاً لما يجب أن تكون عليه ، قيادات شعبنا الفلسطيني ، في وقت ترسخت فيه قناعات عند شعبنا الفلسطيني ، أن العديد من يدعون القيادة ، هم دخلاء على النضال أو طارئين عليه ، وليس لديهم أية إستعدادات لتلبية إستحقاقاته لا على المستوى الشخصي ولا على المستوى الأسري ، وكما كان الشهيد الرئيس صدام حسين كبيرا في حياته ، ورفض المساومة على أرض العراق وشرفه وكرامته ، رأينا كيف كان كبيراً في مماته ، حيث واجه الموت بكبرياء وشموخ ، أكسبه إحترام أعدائه بل أصدقائه ، وأيضاً الرفيق القائد أحمد سعدات ، كان كبيراً ونموذجاً لحظات إختطافه من سجن أريحا ، حيث خرج هو ورفاقه بكل إباء وشموخ ، وأيضاً خلال جلسات محاكمته ، وتحديداً الجلسة الأخيرة ، هذه المحاكمة التي أراد الإحتلال الإسرائيلي من خلالها ، محاكمة مشروعية النضال الوطني الفلسطيني بأكمله ، ووسم هذا النضال " بالإرهاب " ، إستناداً لمفاهيم الغطرسة والقوة والبلطجة ، مفاهيم المحافظين الجدد في واشنطن ، واليمين المتطرف في إسرائيل ، هذه المفاهيم التي أصبحت بعد أحداث 11 أيلول / سبتمبر 2001 ، تصف نضال كل الشعوب المضطهد والمقهورة " بالإرهاب " ، ومن ليس معنا فهو ضدنا ، ولكن الرفيق القائد أحمد سعدات ، حول هذه المحكمة الهزلية ، من محكمة لمحاكمة النضال الوطني الفلسطيني ومشروعيته إلى محاكمه الإحتلال الإسرائيلي ، وكل ممارساته العميقة والإذلالية بحق الشعب الفلسطيني ، فالرفيق القائد أحمد سعدات ، والذي رفض الوقوف للمحكمة الإسرائيلية ، وصف القضاء الإسرائيلي والمحكمة المتفرعة عنه بأنها أحد أدوات الإحتلال العسكري ، ووظيفته إضفاء الشرعية القانونية على جرائم الإحتلال وممارساته المتناقضة مع منطق ونصوص القانون الدولي وتشريع الإحتلال وتكريس مفاهيمه وفرضها بالقوة على شعبنا كجزء من فرض الرؤيا الإسرائيلية لسبل إدارة الصراع وطبيعته ، وبالتالي فهو يدعو إلى مقاطعة المحاكم الإسرائيلية ، وعدم الإعتراف بمشروعيتها ، وعدم توكيل الأسرى لمحامين للمرافعة عنهم في قضاياهم الوطنية والسياسية ، وأيضاً مقاطعة المحامين لتلك المحاكم ، طارحاً رؤيا وتصور على غاية من الأهميه ، تستحق النقاش على أعلى المستويات، مستندا بذلك إلى مشروعية النضال الوطني الفلسطيني المعترف به والمكفول في الشرائع والقوانين والمواثيق الدولية ، والتي تبيح له مقاومة الإحتلال لنيل حريته وإستقلاله ، وأبو غسان ، لم يرتجف أو يساوم على إنتماءه لحزبه وشعبه وقضيته ، بل يؤكد على إعتزازه وإفتخاره بهذا الإنتماء ، مسجلاً بذلك نموذجاً ونبراساً وهادياً لكل أبناء شعبنا الفلسطيني ، ولكل أسرى شعبنا الفلسطيني ، بأن الإنتماء للحزب والثورة والقضية شرف ، وتعبير عن العزة والكرامة ، وهذا واضح في مرافعته عندما يقول " بصفتي أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، فإنني أؤكد إعتزازي بانتمائي للحركة الثورية الفلسطينية ، وإمتدادات هذه الحركة على الصعيدين الإقليمي والقومي والدولي التي تشكل مكونات الحركة الثورية العالمية المناهضة لنظام العولمة الإمبريالية " . وكذلك بين أبو غسان ، مدى عنجهية وغطرسة القيادة الإسرائيلية ، واستنادها لمنطق القوة ، وفرض سياسة الأمر الواقع ، حيث أنها ترفض مسبقاً أية مبادرات أو مقترحات لتسوية الصراع العربي – الإسرائيلي وجوهره القضية الفلسطينية ، لا تستجيب لإملاءاتها وإشتراطاتها ولا تتفق ورؤيتها وتصوراتها ، حتى وإن كانت لا تستجيب للحد الأدنى من الحقوق المشروعة لشعبنا الفلسطيني ، وهو يقول في مرافعته " إن القيادة الإسرائيلية ، رفضت كل المبادرات الفرنسية ، الإسبانية ، الإيطالية لعقد مؤتمر دولي قبل أن تحدد وظيفته أو صلاحياته ومرجعياته " ، مما يؤكد على الطبيعة العدوانية للقيادة والحكومة الإسرائيلية ، مستفيده من حالة الإنهيار الرسمي العربي ، المستقيل من السياسة ، والمخصي عسكرياً ، بل والذي أصبح مؤخراً يوفر غطاءاً سياسياً لإسرائيل في عدوانها على الشعب الفلسطيني ، ناهيك عن مظلة الحماية السياسية والعسكرية والإعلامية الأمريكية على المستوى الدولي لها ، وأبو غسان حتى في معتقله ومحاكمته فإن هموم شعبه وقضيته ، كانت شغله الشاغل ، فهو دعى إلى وقف الإحتراب والإقتتال الداخلي ، والصراع على وهم السلطة بين حماس وفتح ويرى أنه لا مخرج وحل للأزمة الحالية ، إلا بحكومة وحدة وطنية ، فهي الأساس للحاجة الماسة لمنع إنزلاق حالة الفلتان الأمني نحو إقتتال داخلي ، وجوهر برنامج حكومة الوحدة الوطنية ، هو وثيقة الوفاق الوطني - وثيقة الأسرى – التي طالما تغنى بها الجميع ، هذه الوثيقة يجب التمسك بها ، ليس على أساس كلمة حق يراد بها باطل ، أو من اجل التطير في الإشتراطات لعدم تطبيقها ، على أن يترافق ذلك مع الشروع في تطبيق إتفاق القاهرة آذار / 2005م ، أي الشروع بتفعيل وتطوير م - ت- ف عبر إجتماع الهيئة الوطنية العليا ، لوضع جدول زمني لإنتخابات المجلس الوطني في الداخل والخارج على أساس التمثيل النسبي ، وحل قضية عدم شرعية ودستورية اللجنة التنفيذية ل م - ت- ف لفقدانها أكثر من ثلث أعضائها ، بإيجاد صيغة قيادية جديدة تضمن تمثيلاً حقيقياً لحماس والجهاد وبما يوحد القرار والجهد الفلسطيني ، وختاماً هذا أبو غسان كما سمعت عنه قبل الإعتقال ، وكما عرفته في المعتقل ، المناضل الثوري العنيد ، المؤمن بقضايا أمته وشعبه وحزبه حتى النخاع ، وهو ملتصق بالنضال والثورة ، التصاق الرضيع بأمه ، والمحبوب بمحبوبته ، وهو قائد يستحق وعن جداره أن يكون أحد عناوين النضال الوطني الفلسطيني والثوري العربي والعالمي وليحفظ الله أبو غسان لشعبه وحزبه ، فهو كان وما زال دائماً صمام الأمان .
بقلم : المحلل السياسي راسم عبيدات القدس – جبل المكبر
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المطلوب من القوى الديمقراطية الفلسطينية تحمل مسؤولياتها في ه
...
-
أما آن الأوان لأهل القدس ..أن ينظموا أنفسهم ويتوحدوا
-
قراءة أولية في لقاء عباس - أولمرت
-
فلتان أمني ، تهدئه، لجان تحقيق والنتيجة صفر
-
علينا أن لا نضيع البوصلة إسرائيل وأمريكا الخطر وليس إيران
-
الوجه الآخر للقدس
-
التهدئة تبدأ في بغداد وتنتهي في القدس
-
حماس فتح ملتحية في الصراع على السلطة
-
لبنان على حافة الاستنقاع والحرب الأهلية
-
مقاربة لبنانية_ فلسطينية الرئاسة والحكومة
-
التيار الثالث أو الطريق الثالث بلا طريق
-
بين (ليبرمان) و حماس مع فارق التشبيه
-
بيت حانون, قانا, الفلوجة, قندهار
-
القدس والعمل السياسي
-
الانتخابات المبكرة دوامة من الأزمات ولا بديل عن حكومة الوحدة
...
-
-رايس- تسوق بضاعة فاسدة لحفر باطن جديد
-
لبنان أكثر من أجنده وأكثر من رؤيا
-
إختبر معلوماتك مع النظام الرسمي العربي
-
المجتمع الفلسطيني يدخل مرحلة الاستنقاع والتفكك
-
رسالة مفتوحة للنظام الرسمي العربي وجيوشه الجرارة
المزيد.....
-
هدنة بين السنة والشيعة في باكستان بعد أعمال عنف أودت بحياة أ
...
-
المتحدث باسم نتنياهو لـCNN: الحكومة الإسرائيلية تصوت غدًا عل
...
-
-تأثيره كارثي-.. ماهو مخدر المشروم المضبوط في مصر؟
-
صواريخ باليستية وقنابل أميركية.. إعلان روسي عن مواجهات عسكري
...
-
تفاؤل مشوب بالحذر بشأن -اتفاق ثلاثي المراحل- محتمل بين إسرائ
...
-
بعد التصعيد مع حزب الله.. لماذا تدرس إسرائيل وقف القتال في ل
...
-
برلماني أوكراني يكشف كيف تخفي الولايات المتحدة مشاركتها في ا
...
-
سياسي فرنسي يدعو إلى الاحتجاج على احتمال إرسال قوات أوروبية
...
-
-تدمير ميركافا وإيقاع قتلى وجرحى-.. -حزب الله- ينفذ 8 عمليات
...
-
شولتس يعد بمواصلة دعم أوكرانيا إذا فاز في الانتخابات
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|