|
الفلسفة سلاح الثورة - إجابة على ثمانية أسئلة
نجاة تميم
الحوار المتمدن-العدد: 8280 - 2025 / 3 / 13 - 16:17
المحور:
الارشيف الماركسي
لوي ألتوسير ترجمة وإعداد: نجاة تميم السؤال الأول - هل يمكنك أن تحدثنا قليلا عن تاريخك الشخصي؟ ما الذي جعلك مهتما بالفلسفة الماركسية؟ في عام 1948، كنت أستاذًا للفلسفة، وأنا في الثلاثين من عمري، انضممت إلى الحزب الشيوعي الفرنسي. الفلسفة كانت أحد اهتماماتي، وكنت أحاول أن أجعلها مهنتي. أمّا السياسة فقد كانت شغفًا، إذ كنت أحاول أن أكون مناضلًا شيوعيًا. ما كان يهمني في الفلسفة هو المادية ووظيفتها النقدية؛ من أجل المعرفة العلمية، ضد كل طلاسم "المعرفة" الأيديولوجية، ضد الاستنكار الأخلاقي للأساطير، الخرافات والأكاذيب، ومن أجل نقدها عقلانيا وبدقة. ما أبهرني في السياسة هو الغريزة الثورية والذكاء والشجاعة والبطولة التي تتمتع بها الطبقة العاملة في نضالها من أجل الاشتراكية. لقد جعلتني الحرب وسنوات الأسر الطويلة أعيش وأتواصل مع العمال والفلاحين واتعرف على مناضلين شيوعيين. السياسة هي التي حددت كل شيء. ليست السياسة بشكل عام، بل السياسة الماركسية - اللينينية. في البدء، كان يجب أن أعثر على هذه السياسة وأفهمها. فذلك، بالنسبة للمثقف، دائمًا أمر صعب للغاية. وكان بالصعوبة ذاتها في الخمسينيات والستينيات، وذلك لأسباب معروفة؛ عواقب "عبادة الشخص"، le culte والمؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي، ومن ثم أزمة الحركة الشيوعية العالمية. قبل كل شيء، لم يكن من السهل مقاومة انتشار الأيديولوجية "الإنسانوية" humaniste المعاصرة، والتعديات الأيديولوجية البرجوازية الأخرى على الماركسية. فبمجرد أن فهمت السياسة الماركسية - اللينينية بشكل أفضل، أصبحت شغوفًا بالفلسفة، لأنني تمكنت أخيرًا من فهم الأطروحة الرائعة لماركس ولينين وغرامشي ؛ التي تقول بأن الفلسفة هي في الأساس سياسية. كل ما كتبته، في البداية بمفردي، ولاحقا بالتعاون مع الرفاق والأصدقاء الشباب، يدور برغم من الأسلوب التجريد ي لمقالاتنا، حول هذه الأسئلة الملموسة للغاية. السؤال الثاني هل بإمكانك أن تكون أكثر دقة؛ لماذا يصعب، عمومًا، أن تكون شيوعيًا في الفلسفة؟ أن تكون شيوعيًا في الفلسفة هو أن تصبح حزبيا وحِرفيًا للفلسفة الماركسية – اللينينية؛ للمادية الجدلية. ليس من السهل أن تصبح فيلسوفًا ماركسيًا - لينينيًا. أستاذ الفلسفة هو برجوازي صغير، مثل أي "مثقف". عندما يفتح فمه، فإن الأيديولوجية البرجوازية الصغيرة هي التي تتحدث؛ مصادرها وحيلها لا حصر لها. أنتِ تعرفين ما يقوله لينين عن "المثقفين". البعض منهم – كأفراد- قد يتم تسميتهم(سياسيا) بـ "ثوريين" وشجعان. لكنهم يظلون ،وسط جماهيرهم، بشكل لا لبس فيه، برجوازيين صغار في أيديولوجيتهم. كان غوركي نفسه، بالنسبة للينين الذي كان معجبا بموهبته، ثوريا برجوازيا صغيرا. لكي يصبحوا أيديولوجيي الطبقة العاملة (لينين)، أو مثقفين عضويين للبروليتاريا (غرامشي)، يجب على المثقفين إجراء ثورة جذرية في أفكارهم؛ عملية إعادة تثقيف طويلة المدى، مؤلمة وصعبة. صراع لا ينتهي، خارجيًا وداخليًا. لدى البروليتاريين غريزة طبقية تسهل انتقالهم إلى "مواقف طبقية " بروليتارية. على العكس من ذلك، فإن للمثقفين غريزة طبقية برجوازية - صغيرة تقاوم بشدة هذا التحول. إن الموقف الطبقي البروليتاري هو أكثر من مجرد "غريزة طبقية" بروليتارية. إنه الوعي والممارسة المتوافقان مع الواقع الموضوعي للنضال الطبقي البروليتاري. إن الغريزة الطبقية ذاتية وعفوية، والموقف الطبقي موضوعي وعقلاني. للانتقال إلى المواقف الطبقية البروليتارية، لا تحتاج سوى إلى تثقيف الغريزة الطبقية للبروليتاريين؛ ومن ناحية أخرى، يجب إحداث ثورة في الغريزة الطبقية للبرجوازية الصغيرة، وبالتالي للمثقفين. إن هذا التعليم وهذه الثورة يتحددان، في نهاية المطاف، من خلال الصراع الطبقي البروليتاري الذي يجري على أساس مبادئ النظرية الماركسية - اللينينية. إن معرفة هذه النظرية يمكن أن تساعد، كما يقول البيان (الشيوعي)، بعض المثقفين على تجاوز مواقف الطبقة العاملة. تشتمل النظرية الماركسية - اللينينية على علم (المادية التاريخية) وفلسفة (المادية الجدلية). وبالتالي فإن الفلسفة الماركسية - اللينينية هي إحدى السلاحين النظريين الضروريين للصراع الطبقي البروليتاري. يجب على الناشطين الشيوعيين استيعاب واستخدام مبادئ النظرية؛ علما وفلسفة. كما أن الثورة البروليتارية تحتاج لمناضلين علماء (المادية التاريخية) وفلاسفة (المادية الجدلية) على حدٍّ سواء للمساعدة في الدفاع عن النظرية وتطويرها. يواجه تشكيل هؤلاء الفلاسفة صعوبتين رئيسيتين: 1. الصعوبة الأولى : سياسية. الفيلسوف المحترف الذي ينضم إلى الحزب يظل، من الناحية الأيديولوجية، برجوازيًا صغيرًا. يجب عليه إحداث ثورة في تفكيره ليحتل موقعًا طبقيًا بروليتاريًا في الفلسفة. وهذه الصعوبة السياسية "حاسمة في آخر المطاف". 2. الصعوبة الثانية: نظرية. ونحن نعلم كيف نعمل في أي اتجاه وبأي مبادئ، وذلك لتحديد هذا الموقف الطبقي في الفلسفة. لكن يجب علينا تطوير الفلسفة الماركسية؛ وهذه مسألة ملحة من الناحية النظرية والسياسية. لكن العمل الذي يتعين القيام به واسع وصعب. لأن الفلسفة في النظرية الماركسية تتخلَّف عن علم التاريخ. وهذه هي الصعوبة السائدة اليوم في بلداننا. السؤال الثالث إذن أنت تميز في النظرية الماركسية علماً وفلسفة؟ أنت تعلم أن هذا التمييز محل نزاع اليوم. أنا أعلم هذا. لكن هذا الخلاف قصة قديمة. يمكننا القول بطريقة بسيطة للغاية، إن قمع هذا التمييز، في تاريخ الحركة الماركسية، يُعبِّر إما عن انحراف يميني أو يساري. يلغي الانحراف اليميني الفلسفة؛ وكل ما تبقى هو العلم (الفلسفة الوضعية). وأما الانحراف اليساري فهو يقضي على العلم: ولم تبق إلا الفلسفة (الذاتانيّة). هناك "استثناءات" لهذه (حالات "التحول") لكن هذه الاستثناءات "تؤكد" القاعدة. ولطالما قال كبار قادة الحركة العمالية الماركسية، منذ ماركس وإنجلز إلى يومنا هذا؛ إن هذه الانحرافات هي نتيجة تأثير وهيمنة الأيديولوجيا البرجوازية على الماركسية. ومن جانبهم، فقد دافعوا دائمًا عن التمييز بين (العلم، الفلسفة) ليس لأسباب نظرية فحسب، بل أيضًا لأسباب سياسية حيوية. لِنتذكَّر ما جاء في كتابي لينين الموسومين "المادية والنقد التجريبي"Matérialisme et Empirio-criticisme" و"الشيوعية "اليسارية": مرض طفولي؛ "La Maladie Infantile "؛ إن أفكاره مذهلة. السؤال الرابع كيف تبرر هذا التمييز بين العلم والفلسفة في النظرية الماركسية؟ سأجيبك من خلال صياغة بعض الأطروحات البسيطة والمؤقتة. 1- إن الالتحام بين النظرية الماركسية والحركة العمالية هو أعظم حدث في تاريخ الصراع الطبقي بأكمله، أي في تاريخ البشرية كله (آثاره الأولى: الثورات الاشتراكية). 2- تمثل النظرية الماركسية (علما وفلسفة) ثورة لم يسبق لها مثيل في تاريخ المعرفة الإنسانية. 3- أسَّس ماركس علماً جديداً؛ وهو علم التاريخ. دعيني أستعير صورة مجازية هنا. إن العلوم التي نعرفها قائمة في عدد قليل من "القارات" الكبيرة. قبل ماركس، كانت قارتان مفتوحتين على المعرفة العلمية؛ قارة الرياضيات وقارة الفيزياء. الأولى على يد اليونانيين (طاليس)، والثانية على يد غاليليو. لقد افتتح ماركس قارة ثالثة للمعرفة العلمية: قارة التاريخ. 4- أحدث افتتاح هذه القارة الجديدة ثورة في الفلسفة. إنه قانون؛ الفلسفة مرتبطة دائمًا بالعلوم. وُلدت الفلسفة (مع أفلاطون) عند افتتاح قارة الرياضيات. وقد تحولت (مع ديكارت) عبر افتتاح قارة الفيزياء. واليوم يجري تثويرها عبر افتتاح قارة التاريخ على يد ماركس. وهذه الثورة تسمى المادية الجدلية. إن التحولات في الفلسفة تعود دائمًا إلى تداعيات اكتشافات علمية عظيمة. وبالتالي فإن هذه التحولات تأتي، في معظمها فيما بعد. ولهذا السبب، فإن الفلسفة، في النظرية الماركسية، تتخلَّف عن العلم. وهناك أسباب أخرى يعرفها الجميع. ولكن هذا السبب هو السائد حاليا. 5- لم يدرك الأهمية الثورية لاكتشاف ماركس العلمي سوى المناضلين البروليتاريين . وهذا ساهم في تغيير ممارساتهم السياسية. وهنا سنتطرق إلى أكبر فضيحة نظرية في التاريخ المعاصر. إن المثقفين، (المتخصصين في العلوم الإنسانية والفلاسفة)، عكس البروليتاريين، لم يعترفوا حقًا بالنطاق المذهل للاكتشاف العلمي لماركس الذي لم يسبق له مثيل، بل أدانوه واحتقروه وهاهم يشوهونه عندما يتحدثون عنه. ومع استثناءات قليلة، ما زالوا "يعبثون" اليوم، في الاقتصاد السياسي، وفي علم الاجتماع، وفي الإثنولوجيا، وفي "الأنثروبولوجيا"، وفي "علم النفس الاجتماعي"، وما إلى ذلك، حتى يومنا هذا، بعد مائة عام من صدور كتاب "رأس المال"، تمامًا كما كان علماء "الفيزياء" الأرسطيين "يعبثون" بالفيزياء، خمسين عامًا بعد غاليليو. إن "نظرياتهم" هي مجرد هراء أيديولوجي قديم، تم تجديده بمساعدة الخفايا الفكرية والتقنيات الرياضية فائقة الحداثة. لكن هذه الفضيحة النظرية ليست فضيحة على الإطلاق. إنها إحدى آثار الصراع الطبقي الأيديولوجي؛ إذ أنها ايديولوجية برجوازية، "ثقافة" السلطة المهيمنة. إن المثقفين، بما في ذلك العديد من المثقفين الشيوعيين والماركسيين، يخضعون، مع بعض الاستثناءات، لهيمنة الأيديولوجية البرجوازية في نظرياتهم. وكذلك الحال، مع استثناءات قليلة، بالنسبة للعلوم الإنسانية. 6- الوضع المخزي ذاته موجود في الفلسفة. من فهِم الثورة الفلسفية المذهلة الناجمة عن اكتشاف ماركس؟ المناضلون والقادة البروليتاريين فقط . على العكس من ذلك، لم يشك الفلاسفة المحترفين في ذلك. عندما يتحدثون عن ماركس فإنهم دائمًا، مع استثناءات نادرة جدًا، يهاجمونه أو يدينونه أو "يهضمونه" أو يستغلونه أو يراجعونه. أولئك الذين دافعوا عن المادية الجدلية، مثل إنجلز ولينين، يتم التعامل معهم على أنهم لا وجود لهم فلسفيًا. الفضيحة الحقيقية هي أن بعض الفلاسفة الماركسيين يستسلمون لنفس العدوى باسم "مناهضة الدوغمائية". ولكن هنا مرة أخرى، نفس السبب؛ الصراع الطبقي الأيديولوجي. لأن الأيديولوجيا البرجوازية، -"الثقافة" البرجوازية - هي التي تمسك بزمام السلطة. 7- المهام المصيرية للحركة الشيوعية من الناحية النظرية وهي: • إدراك ومعرفة الإطار النظري الثوري للعلم والفلسفة الماركسية - اللينينية. • محاربة النظرة البرجوازية والنظرة البرجوازية الصغيرة للعالم، والتي تهدد، دائمًا، النظرية الماركسية، وتتغلغل، اليوم، فيها بعمق. الشكل العام لهذا المنظور للعالم؛ الإقتصادويّةÉconomisme (أو بما يسمى اليوم التكنوقراطية) و"مكملها الروحي" المثالية الأخلاقيةl’Idéalisme moral (أي "الإنسانوية- Humanisme) . تشكل الاقتصادوية والمثالية الأخلاقية الثنائي الأساسي للنظرة البرجوازية للعالم منذ نشأة البرجوازية. وهو شكل فلسفي حالي لهذا المفهوم للعالم أي الوضعية الجديدة -le néo-positivisme و"مكمله الروحي" الضاهراتية – الذاتانية - الوجودية. وهو البديل الخاص للعلوم الإنسانية أي الأيديولوجية المسماة "البنيوية". للاستيلاء على غالبية العلوم الإنسانية من أجل العلم، وبالأخص العلوم الاجتماعية التي باستثناءات قليلة، تحتل القارة – التاريخ، التي يعطينا ماركس مفاتيحها. استحداث، بكل صرامة وجرأة، العلم والفلسفة الجديدين، وربطهما بمتطلبات واختراعات ممارسة الصراع الطبقي الثوري. نظريا، فإن الحلقة الحاسمة الحالية هي الفلسفة الماركسية - اللينينية. السؤال الخامس لقد قلت أمرين متناقضين أو مختلفين ظاهريًا: 1) الفلسفة سياسية في الأساس؛ 2) ترتبط الفلسفة بالعلوم. كيف ترى هذه العلاقة المزدوجة؟ - وهنا مرة أخرى، سأجيب بأطروحات بسيطة ومؤقتة. 1- إن مواقف الطبقة التي تواجه بعضها البعض في الصراع الطبقي تكون "ممثلة" في مجال الأيديولوجيات العملية (أيديولوجية دينية، أخلاقية، قانونية، سياسية، جمالية، وما إلى ذلك) من خلال وجهات النظر العالمية ذات النزعة العدائية: في نهاية المطاف، مثالية (برجوازية) ومادية (بروليتارية). كل إنسان لديه بشكل عفوي تصور عن العالم. 2- تكون وجهات نظر العالم متمثلة في المجال النظري (العلوم + الأيديولوجيات "النظرية" التي تنغمس فيها العلوم والعلماء) عبر الفلسفة. فهذه الأخيرة تمثل الصراع الطبقي من الناحية النظرية. ولهذا السبب فإن الفلسفة هي صراع (كفاح Kampf، كما قال كانط)، وهي في الأساس صراع سياسي؛ أي صراع طبقي. الإنسان لا يكون فيلسوفًا بشكل عفوي؛ لكن يمكنه أن يصبح كذلك. 3- إن الفلسفة توجد حال وجود المجال النظري؛ أي بمجرد وجود العلم (بالمعنى الدقيق للكلمة). وبدون العلوم لا توجد فلسفة، بل فقط تصورات عن العالم. يجب أن نميز بين رهان المعركة وميدان المعركة. الرهان الأخير للصراع الفلسفي هو الصراع من أجل الهيمنة بين الاتجاهين الرئيسيين في المفاهيم العالمية (المادي، المثالي). إن ساحة المعركة الرئيسية في هذا الصراع هي المعرفة العلمية، سواء كانت لصالحه أو ضده. وبالتالي فإن المعركة الفلسفية الرئيسية تدور على الحدود بين العلمي والأيديولوجي. إن الفلسفات المثالية التي تستغل العلوم تحارب الفلسفات المادية التي تخدم العلوم. الصراع الفلسفي هو جزء من الصراع الطبقي بين وجهات النظر العالمية. في الماضي، كانت المثالية دائمًا تهيمن على المادية. 4- إن العلم الذي أسسه ماركس قد غيَّر الوضع برمته في المجال النظري. إنه علم جديد؛ علم التاريخ. لذلك يمكننا، ولأول مرة في العالم، معرفة بنية التكوينات الاجتماعية وتاريخها؛ ويسمح بمعرفة وجهات النظر العالمية التي تمثلها الفلسفة نظريا؛ ويمكننا من معرفة الفلسفة. كما أنه وفر لنا الوسائل لتغيير مفاهيم العالم- وجهات نظر العالم (الصراع الطبقي الثوري يجري وفق مبادئ النظرية الماركسية). لقد حدثت ثورة مضاعفة في الفلسفة. المادية الميكانيكية "المثالية في التاريخ" تصبح مادية جدلية. لقد انعكس ميزان القوى. فمن الآن فصاعدا، يمكن للمادية أن تهيمن على المثالية في الفلسفة، وإذا تم استيفاء الظروف السياسية، سيتم الفوز في الصراع الطبقي من أجل الهيمنة بين وجهات النظر العالمية. تمثل الفلسفة الماركسية - اللينينية، أو المادية الجدلية، الصراع الطبقي البروليتاري من الناحية النظرية. في اتحاد النظرية الماركسية والحركة العمالية (الحقيقة النهائية لاتحاد النظرية والممارسة)، تتوقف الفلسفة، كما يقول ماركس، عن "تأويل العالم". وتصبح سلاحًا "لتحويله": الثورة. السؤال السادس هل يجب علينا أن نقرأ "رأس المال" اليوم، لكل هذه الأسباب التي ذكرتها؟ - نعم. يجب قراءة ودراسة كتاب "رأس المال": - وذلك لفهم ، في شموليته وبكل نتائجه العلمية والفلسفية، ما فهمه المناضلون البروليتاريون منذ فترة طويلة من خلال الممارسة؛ الطابع الثوري للنظرية الماركسية . - للدفاع عن هذه النظرية ضد كل التأويلات، أي المراجعات البرجوازية أو البرجوازية - الصغيرة، التي تهددها اليوم بشدة، وعلى رأسها تأويلات الثنائي: الاقتصادوية / الإنسانوية. - لتطوير النظرية الماركسية، وإنتاج المفاهيم العلمية الضرورية لتحليل الصراع الطبقي اليوم، في بلداننا وخارجها. من الضروري قراءة ودراسة "رأس المال". وأضيف أنه من الضروري قراءة لينين ودراسته، وجميع النصوص العظيمة القديمة والحالية التي تسجل تجربة النضال الطبقي للحركة العمالية العالمية. يجب علينا أن ندرس الأعمال العملية للحركة العمالية الثورية، في واقعها ومشاكلها وتناقضاتها؛ تاريخها الماضي، وأيضًا، قبل كل شيء، تاريخها الآني. اليوم، في بلداننا، هناك موارد هائلة للنضال الطبقي الثوري. لكن يجب علينا أن نبحث عنها حيث توجد؛ بين الجماهير المستغلَّة. ولن يتم اكتشافها دون الاتصال الوثيق بهذه الجماهير وبدون أسلحة النظرية الماركسية - اللينينية. إن المفاهيم الأيديولوجية البرجوازية "للمجتمع الصناعي"، و"الرأسمالية الجديدة"، و"الطبقة العاملة الجديدة"، و"المجتمع الاستهلاكي"، والاغتراب، كل هذا - “e tutti quanti” هي أفكار معادية للعلم ومعادية للماركسية ؛ صُنعت لمحاربة الثوريين. أضيف ملاحظة أخيرة؛ وهي الأهم على الإطلاق. لكي نفهم حقًا ما" نقرؤه" وندرسه في هذه الأعمال النظرية والسياسية والتاريخية، علينا أن نختبر بأنفسنا، بشكل مباشر، الحقيقتين اللتين يحددهما من البداية إلى النهاية؛ واقع الممارسة النظرية (العلم، الفلسفة) في حياتها الملموسة؛ وواقع ممارسة النضال الطبقي الثوري في حياته الملموسة، في اتصال وثيق مع الجماهير. لأنه إذا كانت النظرية تسمح لنا بفهم قوانين التاريخ، فليس المثقفين، ولا حتى المنظرين، بل الجماهير هي التي تصنع التاريخ. يجب أن نتعلم من النظرية - ولكن في نفس الوقت، وهذا أمر بالغ الأهمية، يجب أن نتعلم من الجماهير. السؤال السابع أنت تولي أهمية كبيرة للدقة، بما في ذلك في المفردات. لماذا ؟ - يمكن لكلمة واحدة أن تلخص الوظيفة الرئيسية للممارسة الفلسفية؛ "رسم خط فاصل "بين الأفكار الصحيحة والأفكار الخاطئة. هذه عبارة لينين. لكن هذه العبارة نفسها تلخص إحدى العمليات الأساسية في اتجاه ممارسة الصراع الطبقي؛ "رسم خط فاصل" بين الطبقات المتعارضة. انها نفس العبارة. الخط الفاصل النظري بين الأفكار الصحيحة والأفكار الخاطئة. الخط السياسي الفاصل بين الشعب (البروليتاريا وحلفائها) وأعداء الشعب. تمثل الفلسفة الصراع الطبقي للشعب من الناحية النظرية. وفي المقابل، فإنها تساعد على التمييز نظرياً بين جميع الأفكار (السياسية والأخلاقية والجمالية وغيرها) بين الأفكار الصحيحة والأفكار الخاطئة. من حيث المبدأ، الأفكار الحقيقية تخدم الناس دائمًا؛ الأفكار الكاذبة تخدم دائما أعداء الشعب. لماذا تتصارع الفلسفة على الكلمات؟ إن واقع الصراع الطبقي يتم "تمثيله" بـ "الأفكار" التي تمثلها الكلمات. في المنطق العلمي والفلسفي، الكلمات (المفاهيم والتصنيفات) هي "أدوات" المعرفة. لكن في الصراع السياسي والأيديولوجي والفلسفي، تعتبر الكلمات أيضًا أسلحة ومتفجرات ومهدئات وسمومًا. يمكن تلخيص الصراع الطبقي برمته في بعض الأحيان في النضال من أجل كلمة واحدة، ضد كلمة أخرى. بعض الكلمات تتقاتل مع بعضها البعض مثل الأعداء. كلمات أخرى هي بمثابة مراوغة، رهان معركة حاسمة ولكن غير محسومة. على سبيل المثال، يناضل الشيوعيون من أجل إلغاء الطبقية ومن أجل مجتمع شيوعي، يكون فيه الناس أحرارا وإخوانا. ومع ذلك، فإن التقليد الماركسي الكلاسيكي برمته يرفض القول، بأن الماركسية هي مذهب إنسانوي - Humaniste. لماذا؟ لأنه عمليا، وبالتالي في الواقع، يتم استغلال كلمة "الإنسانوية" من قبل الأيديولوجية البرجوازية التي تستخدمها للنضال، أي لقتل كلمة حقيقية أخرى وحيوية للبروليتاريا؛ ألا وهي الصراع الطبقي. وفي مثال آخر، يعلم الثوريون أن كل شيء لا يعتمد في النهاية على التقنيات والأسلحة وما إلى ذلك، بل على المناضلين ووعيهم الطبقي وتفانيهم وشجاعتهم. ومع ذلك، رفض التقليد الماركسي برمته أن يقول إن "الإنسان" هو الذي يصنع التاريخ. لماذا ؟ لأنه عمليا، وبالتالي في الواقع، يتم استغلال هذا التعبير من قبل الأيديولوجية البرجوازية التي تستخدمه للنضال، أي لقتل تعبير حقيقي وحيوي آخر للبروليتاريا: "إن الجماهير هي التي تصنع التاريخ". الفلسفة، حتى في أعمالها النظرية الطويلة والأكثر تجريدًا وصعوبة، تناضل في الوقت نفسه بالكلمات ضد الكلمات -الكاذبة، ضد الكلمات - الملتبسة؛ من أجل كلمات صحيحة. قال لينين: "يجب أن يكون المرء قصير النظر إذا اعتبر المناقشات والتحديد الدقيق للفروق الدقيقة غير مناسبة أو غير ضرورية. إن مستقبل الديمقراطية الاجتماعية الروسية لسنوات عديدة قد يعتمد على ترسيخ هذا "الفارق الدقيق" أو ذاك". سلسلة (Que faire?) هذا الصراع الفلسفي حول الكلمات هو جزء من الصراع السياسي. لا يمكن للفلسفة الماركسية - اللينينية أن تنجز عملها النظري، التجريدي، الصارم، المنهجي إلا بشرط الصراع أيضًا حول كلمات "علمية" جدًا (المفهوم، النظرية، الجدلية، الاغتراب، إلخ) وعلى كلمات بسيطة جدًا (الإنسان، الجماهير، الناس، الصراع الطبقي). السؤال الثامن كيف تعمل؟ - أعمل مع ثلاثة أو أربعة رفاق وأصدقاء وأساتذة فلسفة. كل ما نكتبه يتسم بقلة خبرتنا وجهلنا؛ نجد بكتاباتنا عدم دقة وأخطاء. ولذلك فإن نصوصنا وصيغنا مؤقتة وتهدف إلى التصحيح. في الفلسفة، كما هو الحال في السياسة؛ بدون نقد لا يوجد تصحيح. فإننا نطالب بتوجيه انتقادات ماركسية- لينينية إلينا. نحن نأخذ بعين الاعتبار انتقادات نشطاء النضال الطبقي الثوري. على سبيل المثال، بعض الانتقادات التي وجهها إلينا بعض النشطاء خلال جلسة اللجنة المركزية في أرجينتويل Argenteuil كانت مفيدة لنا كثيرًا. الآخرون أيضا. في الفلسفة لا يمكن للمرء أن يفعل أي شيء خارج الموقف الطبقي البروليتاري. بدون نظرية ثورية، لا توجد حركة ثورية. لكن بدون حركة ثورية، لا توجد نظرية ثورية - خاصة في الفلسفة. إن النضال الطبقي والفلسفة الماركسية - اللينينية متحدان مثل الأسنان والشفاه. نوفمبر 1967. - نشرت هذه المقابلة في مجلة: La pensée, nr.138 (avril 1968)
- النص الذي نحن على وشك قراءته هو نسخة كاملة من المقابلة التي أجريت مع مراسلة " Unita" ماريا أنطونييتا ،Macchiocchi M. A.. في النسخة الإيطالية في الجريدة اليومية للحزب الشيوعي الإيطالي، في الأول من فبراير| شباط عام 1968، تحت العنوان الحالي “La philosophie comme arme de la révolution ".
#نجاة_تميم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جدوى التَّفكير في العنف فلسفيا
-
مفهوم ماركس للعمل
-
أميتاف غوش و-خيال ما لا يمكن تصوره- جائزة إراسموس لعام 2024
...
-
العنف الرمزي عند بيير بورديو
-
لعبة الملك أور من أقدم الألواح الطينية البابلية
-
هل ما زال العمل نبيلا؟
-
إشكالية الهوية الثقافية للدولة
-
متاهات التنوير
-
النساء اللواتي يقرأن خطيرات - ستيفان بولمان يتناول تاريخ الق
...
-
لغز نهاية نساء نابغات
-
العنف الرمزي وإخفاء علاقات الهيمنة والاستغلال جزيرة كارباثوس
...
-
تيار الوعي والوعي الثقافي - رواية -راحلون رغما عن أنوفهم- أن
...
-
نعيمة البزاز... النص الملعون...
-
مفكرات في -نيران الحرية- الأخلاقيات المعاكسة والاستقلال المي
...
-
مئوية التْرَكتاتوس ... رسالة فلسفية للإلهام وليس للجدل برترا
...
-
الرواية النَّسَوية - النِّسْوية العراقية وإشكالية المثقف
-
الوجودية والنزعة الإنسانية في -وزن الكلمات- للكاتب السويسري
...
-
تأثير مفهوم الجذمور والتفكير البدوي
-
احتكار الخيال في الإبداع والتوق إلى الحرية
-
الميسوجينية أو تعصب جنسي
المزيد.....
-
نداء أوجلان.. توقعات مرتفعة ومسار سياسي ينقصه الوضوح
-
تزايد أعداد التكايا في الضفة الغربية.. ملاذ الفقراء والنازحي
...
-
م.م.ن.ص// مرة أخرى منطقة صفرو تبرز في واجهة محاربة الغلاء
-
بدء مفاوضات تشكيل حكومة المحافظين والاشتراكيين في ألمانيا
-
عن جدوى المقاومة والبكاء على أطلال أوسلو
-
تجديد حبس أشرف عمر 45 يومًا
-
برلمان الحيتان يُقر تخفيض مرتبات العاملين في قانون العمل الج
...
-
جرحى في بوينس آيرس أثناء صدامات بين الشرطة ومتظاهرين
-
ألمانيا.. بدء مفاوضات تشكيل ائتلاف حاكم بين المحافظين والاشت
...
-
بلاغ للشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب بخصوص الأ
...
المزيد.....
-
مايكل هارينجتون حول الماركسية والديمقراطية (مترجم الي العربي
...
/ أحمد الجوهري
-
وثائق من الارشيف الشيوعى الأممى - الحركة الشيوعية في بلجيكا-
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
الثقافة والاشتراكية
/ ليون تروتسكي
-
مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس
/ حسين علوان حسين
-
العصبوية والوسطية والأممية الرابعة
/ ليون تروتسكي
-
تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)*
/ رشيد غويلب
-
مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق
...
/ علي أسعد وطفة
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين
/ عبدالرحيم قروي
-
علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري
...
/ علي أسعد وطفة
-
إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك
...
/ دلير زنكنة
المزيد.....
|