أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مازن شريف - أين خبأت كل هذا الحزن أيها الساحل السوري؟














المزيد.....


أين خبأت كل هذا الحزن أيها الساحل السوري؟


مازن شريف

الحوار المتمدن-العدد: 8280 - 2025 / 3 / 13 - 15:08
المحور: الادب والفن
    


تخرج كلماتي من ذاكرة المكان لتعمر الخيال وتضيء الحلم، لتخفف الألم بدماء الطفولة، وهي تسيل في أرشيفنا المليء بالظلم والقهر. كلمات تفقد العقول صداها منذ أن اخترقها الألم واقتحمت حروفها أسوار المدن والقرى في الساحل السوري، التي يضربها الجهل والتعصب الديني الأعمى.
فيا ايتها المدن الثمينة كجوهرة ملفوفة في شرائط حرير، لم خبأت كل هذا الحزن؟ وأبقيت وجع الليالي، أعيديه أيتها القرى المنكوبة، فما زلت اشتاق إليك كل يوم، خذيني إليك ولو كان مع من رحل.
أحاول أن أغسل زوايا القلب المتعب بدموع الفرح والحزن، فهذه المدن والقرى العاشقة للحياة، للمحبة، للإنسانية، تتغلب فيها لغة العقل المتنور الراقي، وهي تتنزه على ضفاف المشهد الواقعي الذي تطغى عليه الأحداث المؤلمة، ولا تكتفي بدعوة حماسية لتعويم خشبة الخلاص بل تعبر إشعاعات النجوم لتنفرد في فتح صفحة راقية جميلة من الانسانية، تزيل ما تحت الألسنة من انهيار للمعنى وخروج من متاهات الانزلاق، لتكشف صراعها الذي ينزف مع ألم التجربة، وتطلق سراح الطاقات الكامنة التي تخفيها في كلماتها التي قهرت العذاب.
مدن وقرى تدعو إلى إلغاء لغة الصمت وتحاول الخروج من مختبرات الألم وهي ترسم الحرف على جدار العقل لتبني جيلا يبدد المخاوف من المستقبل. مدن وقرى تحيي ربيع التعبير، وتعري زهور المحبة، وتنثر عطر الإنسانية، وهي تحلق في سماء الذاكرة، حيث تنادي الفجر ليغسل عار الزمن ودماء الأبرياء، وإن كان يربكها شعب ما زالت شفاهه تردد اسم المحبة، كترنيمة ريح يخشى أن يسرقها المدى منه، وما زالت تشتاق إلى المحبة والسلام كل يوم.
كلما تذكرتك أيتها القرى كلما اتسع الحزن في قلبي، وكلما غصت فيك دمرتني أحلامي، كنت أحلم أن أعود إليك ايتها التلال والجبال الراقية، حتى اشتعل القلب فيك دمعا. دعيني أصرخ في وجه مدينتي، لماذا تقتلين الذين رفعوا راية السلام والمحبة؟ لماذا تنحرين ابتسامات الذين كتبوك لحنا في قلوبهم حتى ماتوا فيك غناء الالم؟ وتصمت كل المدن والقرى، فلا حدود للموت؟ لهذه المدن والقرى وجه يمحوه جرحي وخيبتي، فلما لا يتعلم الانسان بعد كيف يحب هذا الوطن؟
لقد سلبتني هذه المدن والقرى كل أحلامي، وسلبتني حتى وجهي، لكن وحده وجهكَ أيها الساحل ظل ملتصقا بداخلي يحثني على أن أعاود الحلم مرة أخرى. وها أنا مرة أخرى، أواجه هذا الضجيج، وأتمدد داخل هذا السجن الذي يرعبني بصمته، وهذا القلب الخاوي إلا من دقات الحزن النازف.
بعثرتني الحياة حتى التزمت المنفى، فلم أكن أفتش عن وطن، بل عن مدينة، عن قرية، تأخذ شكل الوطن، لأفتش في النهاية عن شيء في داخلي لم يتجمد بعد، لكني لا أجد شيئا، وحده الحزن المدمر يملأ القلب ويمتد إلى هذا البحر الذي غدرتْ به كل الأشياء فلزم الصمت وبكى دون دموع.



#مازن_شريف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اغنية الجسد
- كريمة الإبراهيمي .. قاصة تكتب للحياة ومن الحياة
- المعارضة السورية ... مجرد (خربشات) طفولية
- المعارضة السورية في حالة يرثى لها؟
- انهيار المعارضة السورية
- شوارع سورية (صامتة) من فئة خمس نجوم
- دمشق مدينة الصمت ... مدينة الأبواب المغلقة
- أحفاد ابن تيمية ومؤتمر جبهة الخلاص في برلين!
- المرأة بين الأنوثة والإبداع
- المعارضة السورية (الجديدة) وبنزين الديمقراطية
- المرأة سر هذا الكون وفن الحياة
- لا نسمح بأن نخسر أحدا من المعارضة السورية
- بالحوار ومشاركة الجميع نغير ونبني سورية
- مشهد المعارضة السورية ومواجهة الخطر المقبل
- المعارضة السورية ... إلى أين؟
- لن نذرف دمعة على قتلة الأبرياء أيا كانوا: في ذكرى المجازر
- الخطوط الحمراء بين الدين والسلطة
- خيمة جديدة لحرية الكراهية في صحراء الربع الخالي
- تحية إلى المرأة صاحبة القلب الجميل
- المرأة السورية وظاهرة الابداع 2


المزيد.....




- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...
- تعرّف على ثقافة الصوم لدى بعض أديان الشرق الأوسط وحضاراته
- فرنسا: جدل حول متطلبات اختبار اللغة في قانون الهجرة الجديد
- جثث بالمتاحف.. دعوات لوقف عرض رفات أفارقة جُلب لبريطانيا خلا ...
- المدينة العتيقة بتونس.. معلم تاريخي يتوهج في رمضان
- عام على رحيل صانع الحلم العربي محمد الشارخ
- للشعبة الأدبي والعلمي “جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 ال ...
- من هو ضحية رامز في 13 رمضان؟ .. لاعب كرة قدم أو فنان مشهور “ ...
- فنانون يبحثون عن الهوية بين أرشيف التاريخ وصدى الذاكرة
- أمير كوستوريتسا: الأداء الأفضل في فيلم -أنورا- كان للممثل ال ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مازن شريف - أين خبأت كل هذا الحزن أيها الساحل السوري؟