أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِيٌّ (الأخيرة)















المزيد.....


الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِيٌّ (الأخيرة)


تيسير حسن ادريس

الحوار المتمدن-العدد: 8280 - 2025 / 3 / 13 - 14:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


المُبْتَدَأُ: -
الحَرْبُ ظاهِرَةٌ اِجْتِماعِيَّةٌ وَاِقْتِصادِيَّةٌ مُعَقَّدَةٌ؛ يَصْعُبُ فَهْمُها؛ لِذا فَهُناكَ دَوْماً ضَرُورَةٌ لِتَفْسِيرِها لِلجَماهِيرِ؛ مِنْ وِجْهَةِ نَظَرٍ مادِّيَّةٍ طَبَقِيَّةٍ.

وَالخَبَرُ: -
(40)
من وجهة النظر الماركسية، فالصراع الطبقي -كما ذكرنا من قبل -هو أساس اندلاع الحروب الأهلية، نتيجة لتفاقم التناقضات الطبقية الحادة داخل المجتمع؛ فالنظم الحاكمة غير العادلة، تخلق تفاوتات طبقية عميقة؛ تزيد نسبة البطالة؛ والفقر والتهميش الاقتصادي؛ لفئات كبيرة في المجتمع مما يحفز ويزيد احتمالية اندلاع الحروب الأهلية.
(41)
من هنا نستطيع أن نلمس أن التحليل الماركسي للحروب الأهلية يركز على فهم الصراعات المسلحة من وجهة نظر الصراع الطبقي والعلاقات الاقتصادية. ووفقًا للماركسية، الحروب ليست مجرد صراعات بين مكونات سياسية أو اجتماعية، بل هي نتاج للتناقضات الداخلية في النظم الرأسمالية المسيطرة؛ والصراع بين مكوناتها الاجتماعية على الموارد والثروات والسلطة.
(42)
ومن المهم أن نعي كشيوعيين وتعي الجماهير؛ حقيقة أن الحرب الأهلية هي امتداد للصراع الطبقي، حيث تُستخدم كأداة من قبل الطبقات الحاكمة لحماية مصالحها الاقتصادية وتوسيعها. كما تستخدم أيضا لإلهاء الطبقة العاملة والشرائح الاجتماعية المسحوقة عن مشاكلها المعيشية، وحقها في النضال من أجل حياة أفضل؛ بصرف نظرها وتحويله نحو ويلات الحرب وتداعياتها المؤلمة.
(43)
التعقيد الذي يشوب ظاهرة الحرب؛ وتحليلها من وجهة نظر طبقية؛ ليس شيئا سهل الفهم ميسور للجماهير؛ من هنا تبرز أهمية طرح الحزب الشيوعي لوثيقة فكرية تفسيرية؛ تعالج مسألة الحرب التي اندلعت بتاريخ 15 أبريل 2023م؛ ليس من باب الفذلكة؛ بل سعيا لتبسيط المفاهيم الفلسفية والنظرية المعقدة؛ وحلحلت طلاسمها؛ منعا لأي تشويش أو إرباك؛ يصيب العضوية والجماهير ويضر بوحدة الفكر والإرادة.
(44)
من المفهوم أن واقع الحرب واقعا استثنائي يشل دولاب العمل السياسي؛ ويعيق النخبة الفكرية عن أداء دورها المناط بها؛ فهي تثقل كاهل الجميع بأعباء جسام؛ ولكن قدر الأحزاب الشيوعية وواجبها؛ أن تكون دوما في طليعة الركب؛ خاصة عند المدلهمات حينما تنكص؛ على عقبيها بقية القوى السياسية؛ وتختار سبل السلامة.
(45)
لا يستطيع أحد نكران أن الحزب الشيوعي؛ قد امتص صدمة اندلاع الحرب سريعا؛ وفي أقل من شهرين أصدر مكتبه السياسي "في 24 يونيو 2023م" ورقة (سياسية) نقاش فيها عدة مواضيع؛ أهمها دعوته إلى تأسيس جبهة جماهيرية عريضة لإيقاف الحرب واسترداد الثورة؛ مشدداً فيها على رفضه لعودة الوضع في البلاد إلى ما قبل الحرب أو إلى ما قبل انقلاب 25 أكتوبر 2021م الذي قام به طرفا المكون العسكري حينها وطرفي الحرب الراهنة (الجيش والدعم السريع).كما رفض في الورقة أيضا تحويل البلاد إلى ساحة للصراع والحرب بالوكالة بين (ضواري رأس المال)؛ مبدياً خشيته على أمن ووحدة البلاد.
(46)
ولم تمض سوى ثلاثة أشهر على طرح الورقة السياسة الأولى؛ لِيَلْحَقَ بها المكتب السياسي ورقة سياسية ثانية في 20 سبتمبر 2023م؛ لا تقل أهمية؛ أوضح فيها أهمية أن يفارق النضال من أجل تحقيق استقرار سياسي في البلاد؛ طريق الانقلابات العسكرية ويرسخ لديمقراطية شاملة. وكشفت الورقة أن التآمر على ثورة 19 ديسمبر ومشروعها للتغيير الجذري؛ بدأ باكرا لحظة إسقاط رأس النظام القديم؛ وشددت الورقة على رفض الحزب لاتباع نهج الليبرالية الجديدة الاقتصادي؛ الذي يترتب على اتباعه حمل الشعب على ظهره وزر التبعية وأعباء الديون. كما أعادت الورقة التأكيد على إيمان الحزب بإرادة الشعب السوداني.
(47)
أعقب إصدار المكتب السياسي للحزب الشيوعي للورقتين السياستين الأولى والثانية؛ فترة صمت طويل ناهزت العام؛ تخللها إصدار بعض البيانات والنداءات والمناشدات؛ التي لم تلقى أي آذان صاغية؛ وزاد تعقيد وتشعب مسألة الحرب خلال هذه الفترة؛ لتدفع اللجنة المركزية للحزب في أغسطس 2024م بورقة شاملة؛ ناقشت فيها عدة محاور كان أهمها؛ توضيح أن الصراع الأساسي الدائر في السودان هو صراع وطني وأممي؛ أسهم في تصاعده وتعقيده ضعف حكومات الفترة الانتقالية؛ التي يرى الحزب أن طواقمها قد كانت نتاج تآمر واضحاً على الثورة.
(48)
مما سبق نرى أن الحزب الشيوعي قد بذل مجهوداً مقدراً في مقاربة أزمة الحرب سياسيا؛ فحين غاب التحليل المنهجي النظري لها؛ إلا من شذرات مجتزأ تضمنتها الأوراق الثلاث؛ لم تقو على المحافظة على وحدة فكر وإرادة العضوية؛ ونعكس هذا بدوره على الجماهير إرباكا وتشويشا.
(49)
فيما يبدو لم تَرَّى قيادة الحزب الشيوعي؛ أهمية تذكر لطرح وثيقة (فكرية) تعالج مسألة الحرب؛ وانصب جهدها على إعداد مبادرة سياسية لإيقاف الحرب؛ وقد تأخر طرح هذه المبادرة أيضا لأكثر من "20 شهرا" (15 أبريل 2023-ديسمبر 2024) !!؛ ظلت خلالها عضوية الحزب وجماهيره؛ تتخبط في حيرتها وتتناقض في مقارباتها وتحليلاتها لمسألة الحرب؛ لحد سقوط مجاميع مقدرة في مصيدة الدعاية الكذوبة لطرفي الحرب.
(50)
الجيد في الأمر أن المبادرة المطروحة جاءت شاملة؛ طرحت بجلاء رؤية الحزب الشيوعي لإيقاف الحرب؛ وإن كان ثم قصور شابها وفق آراء البعض؛ فقد انحصر في التأخير وغياب آليات التنفيذ. بالفعل تأخرت المبادرة كثيرا؛ ولكن في اعتقادي أن تخطي طرح آليات للتنفيذ لم يكن هفوة؛ بل قصد منه إظهار حرص الحزب الشيوعي على عدم إثارة أي حساسية سياسية؛ خاصة وهو المتهم دوما من البعض بممارسة الأستاذية في التعامل السياسي مع الآخرين؛ فالمبادرة طرحت مفتوحة أمام القوى السياسية؛ للمناقشة وأبدى الرأي؛ بالحذف والإضافة والتعديل؛ ومن ثم التفاكر والاتفاق على آليات التنفيذ المناسبة.
(51)
ووفقا لما جاء في المبادرة فإن هدفها المطروح هو السعي لتكوين تحالف (قاعدي) عريض؛ من مكونات متعددة (أحزاب وطنية-لجان مقاومة-نقابات-أجسام مطلبية/حركات كفاح وغيرها)؛ على أرضية ميثاق ثورة 19 ديسمبر 2018م. مما يعني بث الروح فيما هو متفق عليه من مواثيق قوي الثورة؛ والحرص على تنقيح وتعديل ما يلزم وفقا لمستجدات واقع ما بعد اندلاع الحرب. وأظن أن هذا الطرح المفتوح يستجيب لضرورات هذه المرحلة المفصلية؛ ويسعى بصدق لتوسيع مظلة المشاركة في هذا التحالف القاعدي المنشودة؛ لضمان استعادة المسار الثوري الذي تصر قوى الثورة المضادة على نسفه؛ بإصرارها على استمرار الحرب.
(52)
طرح مبادرات سياسية تعالج مسألة الحرب؛ وتطرح رواء لمحاصرتها وإيقافها؛ يظل أمر في غاية الحيوية؛ طالما أن المؤسسة العسكرية السودانية، تصر على احتكار الحكم والسلطة؛ وقطع الطريق أمام أي تحول مدني ديمقراطي؛ فإن الحرب تظل حتمية عند نقطة معينة. وحتى إذا ما تمكنا في نهاية المطاف من إيقاف الحرب الراهنة؛ فبمجرد إيقافها، سيتم حتما تهيئة الظروف لحرب جديدة، بينما تغوص البلاد أعمق وأعمق في الأزمة.
(53)
إن الطريق الوحيد المجدي للنضال ضد الحرب؛ هو طريق النضال من أجل تغيير المجتمع، والقضاء على التناقضات والمصالح المادية التي تنتج الحرب. ولن نستطيع قطع هذا الطريق إلا على أساس برنامج ثوري؛ قادر على حشد الطبقات ذات المصلحة. فالسبيل العملي لعلاج معضلة الحروب والعداوات القومية؛ هو الإطاحة والتخلص من النظم العسكرية الفاسدة؛ وإرساء دعائم نظم ديمقراطية مستدامة؛ وهو الحل الوحيد لمشاكل السودان وصراعاته المزمنة.



#تيسير_حسن_ادريس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِي ...
- الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِي ...
- الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِي ...
- الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِي ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 7/7 (7) تناقضات ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 6/7 (6) خازوق ال ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 5/7 (5) سلة غذاء ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 4/7 (4) تحديات ا ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 3/7 (3) ثورة 19د ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 2/7 (2) التغيير ...
- تعقيدات المشهد السوداني الماثل نظرة تحليلية 1/7 (1) فلاش باك ...
- التحالفات المرحلية التحديات وديالكتيك الضرورة
- هل أسدل الستار وتمت مصادرة ثورة 19 ديسمبر ؟؟
- دروس وعبر في دفتر الثورة السودانية (2/2) تحالف عريض ام تنسيق ...
- دروس وعبر في دفتر الثورة السودانية (1/2) عبقرية الجماهير وضِ ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (7من 7) هزي ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (6من 7) انت ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (5من 7) الن ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (4من 7) أزم ...
- هل أضاعتها نخب المساومات مثلما أضاعت سابقاتها ؟! (3من 7) خطأ ...


المزيد.....




- نتنياهو: رئيس الشاباك وسلفه يبتزونني بتهديداتهم
- يائير غولان: رؤساء الشاباك ليسوا مافيا.. المافيا هم نتنياهو ...
- سوريا.. جريمة مروعة في قرية النقيب بمنطقة طرطوس
- بوتين: نقبل الهدنة حال أدت إلى سلام دائم
- مشاهد للقاء أحمد الشرع مع كبار المسؤولين الأتراك خلال زيارته ...
- -بلومبرغ-: الولايات المتحدة تناقش مع روسيا احتمال التعاون مع ...
- في إشارة لمقترح ويتكوف.. حماس: يهدف إلى القفز على اتفاق غزة ...
- الكويت.. إحالة وزير سابق إلى النيابة العامة لاتهامه بالاستيل ...
- فرنسا تعتزم تسليم الجزائر قائمة بأسماء جزائريين تريد طردهم
- قمة -دافئة- بين أوروبا وجنوب أفريقيا في مواجهة خطط ترامب


المزيد.....

- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - تيسير حسن ادريس - الحَرْبُ مُنْعَطَفٌ تِكْتِيكِيٌّ أَمْ مُطَبٌّ دْيالِكْتِيكِيٌّ (الأخيرة)