أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - للاإيمان الشباني - أفعال البشر الإبليسية














المزيد.....


أفعال البشر الإبليسية


للاإيمان الشباني

الحوار المتمدن-العدد: 8280 - 2025 / 3 / 13 - 08:22
المحور: الادب والفن
    


أفعال البشر الإبليسية هي تلك التي يتخذها الإنسان نتيجة لتأثيرات الشيطان الذي يُغوي النفس البشرية نحو الشرور والمعاصي. يمر الإنسان في حياته بكثير من المحطات التي تتداخل فيها الغرائز البشرية مع التأثيرات الخارجية، وأحيانًا ما يجد نفسه في مواجهة مع نفسه، ضائعًا بين الخير والشر. هذه الأفعال لا تظهر فجأة، بل هي نتيجة لعملية طويلة من الضعف النفسي، والغواية، والبعد عن الطريق المستقيم، وهو ما يميز الإنسان عن غيره من الكائنات الحية. فحتى ولو كانت فطرة الإنسان تميل نحو الخير، إلا أن طبيعته البشرية الضعيفة تتعرض في كثير من الأحيان للفتن التي تفتح له أبواب الشر.

الشيطان هو العدو اللدود للإنسان، منذ أن أبى السجود لآدم عليه السلام، ووعد الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم أن يضل بني آدم. وقد قال الله تعالى في سورة الحشر: "إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِيقَكُمْ فِي رَحْمَتِهِ"، فالمعركة بين الشيطان والإنسان هي معركة دائمة، وفي كل مرحلة من مراحل الحياة، يكون الشيطان حريصًا على إغواء الإنسان وإبعاده عن طريق الحق.

تبدأ الأفعال الإبليسية الصغيرة التي قد تبدو غير ضارة مثل الكذب أو الخيانة أو إظهار العجز، وهي أفعال تفتح أمام الإنسان أبوابًا أكبر من السوء. الشيطان يوهم الإنسان بأنه يستطيع أن ينجح في الحياة بطرق غير مشروعة، فيزين له الغش والكذب، ويجعله يظن أن الفساد هو السبيل لتحقيق النجاح أو الوصول إلى السلطة أو المال. وحين يقع الإنسان في هذه الفخاخ، لا يستطيع الخروج منها بسهولة، بل يبدأ في الانزلاق نحو أفعال أبشع كالتعدي على الآخرين، أو ارتكاب أعمال محظورة تدمر حياته وحياة من حوله.

الفساد يُعد من أعمق الأفعال الإبليسية التي يمكن أن تؤثر على المجتمع بشكل عام. حين يتخذ الإنسان قرارًا بأن يسعى لتحقيق مصالحه الشخصية على حساب الآخرين، يكون قد دخل في دائرة الفساد التي تبدأ بالكذب وتنتهي بالظلم. الفساد لا يشمل فقط الأفعال الفردية، بل يمتد ليشمل المجتمعات والأنظمة السياسية والاقتصادية التي لا تستقيم إلا عندما يتحلى أفرادها بالعدالة والصدق. وهذه هي أفعال إبليسية على مستوى أوسع، لأن الشيطان لا يقتصر على إغواء الفرد فقط، بل يسعى أيضًا إلى إفساد المجتمعات، حيث يبدأ الشر صغيرًا ويتسع ليشمل كل جوانب الحياة.

أما البخل فهو آخر الأفعال الإبليسية التي تفتك بنفوس الناس وتدمر القيم الإنسانية. البخل ليس مجرد تردد في مساعدة الآخرين، بل هو شعور عميق بالأنانية ورفض العطاء. الإنسان البخيل يعيش في دائرة مغلقة لا يعرف فيها الفرح أو الحب أو التعاون مع الآخرين، لأنه دائمًا في صراع داخلي حول ما يجب أن يُعطى وما يجب أن يُحتفظ به لنفسه. هذه الأنانية تتسبب في فقر العلاقات الإنسانية، وتزيد من فترات الوحدة النفسية، لأنها تعزل الفرد عن المجتمع، وتجعله في حالة من الاحتياج الدائم لمزيد من المال أو الممتلكات، حتى لو كان هذا على حساب راحة الآخرين أو سعادتهم.

الظلم هو واحد من أشنع الأفعال التي يمكن أن يرتكبها الإنسان، وهو بمثابة إبادة لروح العدالة والمساواة بين الناس. الشيطان يزين للإنسان أن يظلم الآخرين، سواء في حقوقهم أو في تقييد حرياتهم أو حتى في الاعتداء على كرامتهم. الظلم لا يقتصر على الأفراد فقط، بل يمكن أن يكون ظلمًا جماعيًا، سواء من الأنظمة السياسية أو المؤسسات الاقتصادية التي تحتكر السلطة وتستغل الناس لمصالح شخصية. وفي هذه الحالة، يصبح الظلم أداة لتدمير المجتمعات بأكملها، وتحطيم التوازن الذي خلقه الله بين البشر. حين يظلم الإنسان غيره، فإنه يفقد إنسانيته ويبتعد عن المبادئ الأخلاقية التي من المفترض أن تحكم سلوكه.

الشهوة والانتقام هما من الأفعال الإبليسية الأخرى التي تسيطر على عقل الإنسان. الشهوة، سواء كانت جسدية أو نفسية، تغذي الرغبات التي لا تنتهي وتدفع الإنسان إلى ارتكاب الأعمال المحرمة. نفس الشيء يحدث مع الانتقام، حيث يدفع الإنسان شعور الغضب والتشفي إلى ارتكاب أفعال قد تكون أفظع مما كان يعانيه في البداية. في هذه الحالات، يكون الشيطان قد نجح في تحريض الإنسان على تدمير نفسه، لأنه في سعيه للانتقام أو إرضاء شهواته، يقود نفسه إلى المزيد من الألم والندم.

إلا أن البشر لم يُخلقوا دون قدرة على التغلب على هذه الأفعال الإبليسية. فالتوبة هي سبيل الخلاص الذي يفتح أمام الإنسان أبواب الرحمة والغفران. إذا كان الإنسان قادرًا على الإقرار بخطئه والاعتراف بعجزه عن تصحيح الأوضاع بمفرده، فإنه يستطيع العودة إلى الطريق المستقيم. الله سبحانه وتعالى رحيم بعباده، وقد وعد الذين يتوبون ويصلحون أن يغفر لهم ما سلف من ذنوبهم. في رحلة التوبة، لا يعود الإنسان إلى مجرد العودة إلى الطريق الصحيح، بل يتعلم كيف يواجه الشيطان بتقوى الله، ويبتعد عن أي فتنة قد تجره إلى أفعال إبليسية جديدة.

إن مواجهة الأفعال الإبليسية تتطلب وعيًا داخليًا عميقًا بالذات، والعمل على تهذيب النفس، وتقويتها بالإيمان. فإذا استطاع الإنسان أن يقوي ارتباطه بالله وأن يسعى لتحقيق الإيمان من خلال العمل الصالح، فإنه سيواجه جميع التحديات النفسية والروحية التي قد تعرضه للوقوع في الفتن. والإنسان إذا زهد في الدنيا، وأدى حق الله في الأرض، سيكون أكثر قدرة على مقاومة الشيطان وكيد الأعداء.



#للاإيمان_الشباني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نساء فوق العادة (امرأة من مزاب )
- نساء فوق العادة (زينب الخطابي)
- نساء فوق العادة (سكينة بنت الحسين بن علي)
- مقدمة كتابي (سيرة رجال ونساء )
- نساء فوق العادة (صفية بنت ميمونةالشيبانية )
- نساء فوق العادة (حنان عشراوي)
- حميد بركي مسار فكري أدبي
- نساء فوق العادة (ليلى خالد )
- الفكر الأدبي :
- اليوم العالمي للشعر
- أنثى فوق العادة (الملكة كليوبترا السابعة )
- مغرب الثقافات
- عائشة قنديشة
- نساء فوق العادة (صفية)
- نساء فوق العادة (خربوشة)
- نساء فوق العادة (خناثة بنت الشيخ بكار )
- الفقيهة نفيسة: العلم والورع والنسب الشريف
- نساء فوق العادة (نسيبة بنة كعب )
- القصيدة طامو
- فاطمة البويه


المزيد.....




- تعرّف على ثقافة الصوم لدى بعض أديان الشرق الأوسط وحضاراته
- فرنسا: جدل حول متطلبات اختبار اللغة في قانون الهجرة الجديد
- جثث بالمتاحف.. دعوات لوقف عرض رفات أفارقة جُلب لبريطانيا خلا ...
- المدينة العتيقة بتونس.. معلم تاريخي يتوهج في رمضان
- عام على رحيل صانع الحلم العربي محمد الشارخ
- للشعبة الأدبي والعلمي “جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 ال ...
- من هو ضحية رامز في 13 رمضان؟ .. لاعب كرة قدم أو فنان مشهور “ ...
- فنانون يبحثون عن الهوية بين أرشيف التاريخ وصدى الذاكرة
- أمير كوستوريتسا: الأداء الأفضل في فيلم -أنورا- كان للممثل ال ...
- جماعة تحت السور التونسية.. أدباء ساخرون من المجتمع والاستعما ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - للاإيمان الشباني - أفعال البشر الإبليسية