أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - موسى بصراوي - انتفاضة قامشلو 2004: حين أشعل الكرد شرارة الغضب في وجه النظام السوري البائد














المزيد.....


انتفاضة قامشلو 2004: حين أشعل الكرد شرارة الغضب في وجه النظام السوري البائد


موسى بصراوي

الحوار المتمدن-العدد: 8280 - 2025 / 3 / 13 - 02:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في عام 2004 شهدت مدينة قامشلو الكردية في شمال سوريا انتفاضة شعبية انطلقت من مدينة قامشلو وسرعان ما انتشرت لتشمل جميع المدن الكردية في سوريا متحولة إلى حركة جماهيرية واحتجاجات شعبية واسعة ضد النظام السوري. كان لتلك الانتفاضة صدى كبير في جميع أنحاء سوريا لا سيما في المناطق التي يقطنها الكرد مثل الحسكة، القامشلي، كوباني وعفرين، وحتى في مدينة حلب وصولاً إلى العاصمة دمشق. خرج الشعب الكردي في تلك المدن ليطالب بالحقوق التي ظلت مغيبة عنهم لعقود طويلة لكنهم واجهوا قمعاً غير مسبوقاً من قبل الحكومة السورية.

البدايات: كرة القدم تتحول إلى شرارة للاحتجاج
بدأت الانتفاضة بمشاجرة بين مشجعي فريق الجهاد وفريق الفتوة في مباراة كرة قدم في ديرالزور الذين قاموا بشتم الكورد واستخدام شعارات عنصرية ضدهم، لكن الأحداث سرعان ما خرجت عن نطاق السيطرة لتتحول إلى مظاهرات شعبية تطالب بحقوق الأكراد في سوريا وذلك نتيجة لتدخل قوات الامن السوري لصالح فريق الفتوة واستخدم العنف ضد جماهير الكورد المشجعين لفريق الجهاد. الحكومة السورية لم تتوان في مواجهة هذا الحراك السلمي حيث استخدمت قوات الأمن القمع والعنف للحد من الاحتجاجات وتوسيع دائرة الصراع بين الأكراد والنظام.

الأمن والقمع: استراتيجية النظام في مواجهة الحراك
ما إن بدأت الاحتجاجات تتسع وتعم مدناً كردية أخرى، حتى قررت الحكومة السورية اتباع استراتيجية أمنية متشددة. حيث تم استخدام العنف المفرط لفض الاحتجاجات من قبل عناصر الفرقة الرابعة بقيادة ماهر الأسد آنذاك وتم اعتقال المئات من المتظاهرين. كانت عناصر الأمن والشبيحة التابعين للنظام يشاركون بشكل مباشر في عمليات القمع، بل كان هناك تجنيد واضح لعناصر البعثيين الذين استلموا الأسلحة للتعامل مع الاحتجاجات، ما جعل من تلك الانتفاضة اختباراً حقيقياً لمدى قدرة الحكومة على السيطرة على الحراك الشعبي الكردي.

التماثيل التي سقطت
لكن الحدث الأكثر رمزية في هذه الانتفاضة كان سقوط تمثال حافظ الأسد في العديد من المدن الكردية. هذا الحدث لم يكن له سابقة في تاريخ حكم آل الأسد ومثّل تحدي غير مسبوق لرمز النظام السوري. هذا الفعل كان بمثابة إعلان ثورة ضد الهيمنة السياسية التي فرضتها الأسرة الحاكمة على الشعب السوري بكل مكوناته، حيث أنه للمرة الأولى في تاريخ حكم الأسد كان هناك تحدي علني لرمز النظام. وفي هذا السياق كان للكرد رسالة قوية بأنهم يرفضون القمع والاستبداد. وكان سقوط التمثال يعتبر أيضاً بمثابة إعلان عن رفض غير مشروط للنظام السوري وحزب البعث.

الفصل والتهميش: طلاب الكورد في دائرة الخطر
الانتفاضة لم تقتصر على الشوارع والميادين بل طالت أيضاً المؤسسات التعليمية. فقد تم فصل المئات من الطلاب الكرد من الجامعات السورية تحت ذريعة مشاركتهم في الاحتجاجات أو تشجيعهم على الانضمام لها. هذه الإجراءات التعسفية دفعت بالشباب الكورد إلى الهجرة للبحث عن ملاذ آمن ولقمة عيش كريمة.

سلب ونهب ممتلكات الكورد
لم تكن العمليات الأمنية القمعية وحدها ما عانى منه الكرد خلال هذه الانتفاضة، بل شملت أيضاً هجمات اقتصادية واجتماعية. ففي العديد من المدن الكردية مثل قامشلي وسري كانية (رأس العين) جرت عمليات سرقة ونهب للمحلات التجارية التي كانت تمتلكها العائلات الكردية. وكان الجناة هم في الغالب من "البعثيين" العرب الموالين للنظام الذين استفادوا من الوضع القائم لتنفيذ أعمال السلب والنهب، مما ضاعف معاناة الكرد وأثر سلباً على حياتهم الاقتصادية.

التحولات: من البعثيين إلى الثوار
من المثير أن نلاحظ أن بعض البعثيين الذين تم تسليحهم وشاركوا في قمع الانتفاضة، تحولوا لاحقاً إلى جزء من الحركة الثورية خلال الثورة السورية التي اندلعت في عام 2011. ما كان يُعتبر في البداية أداة النظام لتقويض الحركات الشعبية أصبح مع مرور الوقت جزءاً من الحراك الثوري في مواجهة النظام، ما يعكس حقيقة أن النظام السوري في محاولته لمكافحة التمرد الكردي كان يساهم في خلق بيئة ملائمة للتحولات السياسية والاجتماعية التي حدثت بعد بضع سنوات.

درس للنظام السوري
انتفاضة قامشلو عام 2004 كانت بمثابة نقطة تحول في العلاقة بين الشعب الكردي ونظام بشار الأسد. كانت هذه الانتفاضة درساً قاسياً للنظام الذي حاول الترويج لفكرة التفوق العربي في البلاد لكنه في الواقع اكتشف أن الشعب الكردي ليس بمجرد فئة مهمشة، بل لديه طموحات مشروعة في الحرية والمساواة. وبناءً على هذا الدرس رضخ النظام السوري لشروط الأكراد في بعض المدن الكردية في بداية الثورة السورية وانسحب منها دون اشتباكات عنيفة أو قمع مباشر كما حدث في مناطق أخرى في سوريا.

ختاماً لم تكن انتفاضة قامشلو 2004 مجرد موجة احتجاج عابرة بل كانت صرخة مدوية ضد القمع والتهميش ورسالة واضحة بأن الشعب الكردي في سوريا لن يقبل بالظلم بعد الآن. ورغم الثمن الباهظ الذي دفعه الكرد من أرواحهم وحرياتهم وأرزاقهم فإنهم أثبتوا أن المطالبة بالحقوق ليست خياراً بل ضرورة لا يمكن التراجع عنها. لقد كانت تلك الانتفاضة شرارة في مسار طويل من النضال ومساهمة في تشكيل الوعي السياسي الذي مهد لاحقاً لتحولات كبرى في المشهد السوري مؤكدة أن الشعوب التي تطالب بحقوقها لن تُسكتها آلة القمع مهما بلغت قوتها.



#موسى_بصراوي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبادة العلويين: وصمة عار على جبين الإنسانية وتتطلب حماية دول ...
- الأقليات في سوريا وإمكانية تطبيق -مبدأ مسؤولية الحماية-


المزيد.....




- وزراء عرب يبحثون إعادة إعمار غزة في قطر وحماس تشيد بـ-تراجع- ...
- الجيش السوداني يتقدم في محور وسط الخرطوم
- بعد أدلة استخباراتية.. تحقيقات في ألمانيا بشأن نشأة كورونا
- اتصالات رفيعة المستوى بين أميركا وروسيا.. وويتكوف إلى موسكو ...
- بالزي العسكري.. بوتين يزور كورسك ويوجه أمرا للجيش الروسي
- مصادر: واشنطن شجعت أكراد سوريا على إبرام اتفاق مع دمشق
- أميركا.. كلب يطلق النار من مسدس ويصيب صاحبه
- الحكومة السورية تمنع قواتها من التوجه لمناطق سيطرة -قسد-
- -حماس- ترحب بتراجع ترامب عن دعوة -تهجير سكان غزة-
- الرئاسة السورية تعلن تشكيل مجلس للأمن القومي


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - موسى بصراوي - انتفاضة قامشلو 2004: حين أشعل الكرد شرارة الغضب في وجه النظام السوري البائد