أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أزاد خليل - اتفاق دمشق – القامشلي: واقعية سياسية أم بداية مرحلة جديدة؟














المزيد.....


اتفاق دمشق – القامشلي: واقعية سياسية أم بداية مرحلة جديدة؟


أزاد خليل

الحوار المتمدن-العدد: 8279 - 2025 / 3 / 12 - 12:32
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، شهدت البلاد تحولات سياسية وعسكرية قلبت المشهد رأسًا على عقب، وشكلت شمال وشرق سوريا إحدى أكثر المناطق تأثرًا بهذه التغيرات. فقد كانت هذه المنطقة محورًا رئيسيًا في الصراعات، بدءًا من اجتياح تنظيم “داعش”، مرورًا بهجوم جبهة النصرة على رأس العين، وصولًا إلى العمليات العسكرية التركية التي استهدفت المشروع السياسي والإداري الذي أدارته قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

تركيا ومعركة إنهاء أي تجربة كردية

منذ البداية، لم تخفِ تركيا نيتها إنهاء أي تجربة كردية للحكم الذاتي في سوريا. فشنت ثلاث عمليات عسكرية رئيسية:
درع الفرات (2016)، التي فصلت مناطق من الشمال السوري عن بعضها وقطعت الطريق أمام توسع الإدارة الذاتية.
غصن الزيتون (2018)، التي استهدفت عفرين ذات الغالبية الكردية، وأسفرت عن عمليات تغيير ديمغرافي واسعة.
نبع السلام (2019)، التي سعت لإحكام السيطرة على مناطق شرق الفرات، وتهديد الاستقرار في المنطقة.

رغم شراسة الهجمات، لم تستطع تركيا القضاء على تجربة الإدارة الذاتية، لكنها فرضت واقعًا جديدًا عبر احتلال مناطق واسعة، ما أدى إلى نزوح مئات الآلاف من السكان الأكراد والعرب. ومع ذلك، تبقى الحقيقة أن قسد، رغم خسارتها هذه المعارك، لم تهزم سياسيًا أو استراتيجياً، بل استمرت كقوة رئيسية في المعادلة السورية.

وهنا يطرح سؤال مهم: ماذا لو كان المجلس الوطني الكردي هو من يدير المنطقة؟ هل كان رموزه سيحملون السلاح ويدافعون عنها؟ أم أن البعض كان سيكتفي بالبيانات والاجتماعات مع المسؤولين الغربيين؟ تجربة السنوات الماضية أظهرت أن حماية الأرض تتطلب تضحيات، وليس مجرد مقاعد رمزية في الائتلاف السوري المعارض، الذي بات جزءًا من الماضي مع سقوط النظام السوري ودخول سوريا مرحلة جديدة.

زلزال سياسي يعيد تشكيل المشهد

مع بدء عملية “ردع العدوان” وسقوط دمشق، شهدت سوريا واحدة من أكبر التحولات السياسية في تاريخها الحديث. انهيار النظام، إلى جانب التحولات الإقليمية الكبرى مثل انتصار إسرائيل على حماس، واغتيال حسن نصر الله، وتراجع النفوذ الإيراني في المنطقة، ترك فراغًا سياسيًا سرعان ما ملأه أحمد الشرع، الذي وصل إلى السلطة بتوافق عربي – إقليمي – دولي.

لكن التحديات لم تتوقف، فواشنطن، رغم دعمها للشرع، لم تكن مستعدة لتسليم سوريا بالكامل إلى النفوذ التركي، خاصة مع استمرار التوترات بين الغرب وأنقرة. في المقابل، كان الشرع يدرك حساسية العلاقة مع تركيا، ولذلك حاول تجنب أي اتفاق مع قسد، رغم الضغوط الأمريكية المتزايدة.

اتفاق دمشق – القامشلي: بين الضرورة والتنازلات

مع تصاعد الضغوط الدولية، واحتدام الأزمة الداخلية، واندلاع أحداث دامية في الساحل السوري، والإبادة العرقية التي تعرض لها أبناء الطائفة العلوية الكريمة كان الاتفاق بين دمشق وقسد خطوة لا مفر منها. فقد باتت الحكومة الجديدة في دمشق أمام خيارات محدودة،مع تزايد الضغط الدولي والأصوات المنددة بالمجازر التي حصلت في الساحل السوري وإتهام حكومة دمشق بالوقوف وراءها أو إنها تتحمل المسؤولية الأخلاقية والمسؤولية الأمنية خاصة مع تهديد تركيا المستمر بالتوسع العسكري، مما دفعها إلى التفاوض مع قسد، رغم المعارضة التركية الصريحة.

قراءة في بنود الاتفاق

رغم أن البنود الرسمية لم تُعلن بشكل كامل، فإن قراءة ما بين السطور تكشف عن تفاهمات جوهرية يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
1. بقاء قسد كقوة موحدة داخل الجيش السوري، مع احتفاظها بهيكليتها، بدلاً من تفكيكها كما كان يطالب وزير الدفاع.
2. إنهاء العداء بين الفصائل المدعومة من تركيا وقسد، مما يعزز الاستقرار الأمني.
3. عودة المهجرين الأكراد إلى مناطقهم في رأس العين، تل أبيض، عفرين، والشهباء، بضمانات دولية لمنع التهجير القسري.
4. دمج مؤسسات الإدارة الذاتية ضمن مؤسسات الدولة السورية، مع الحفاظ على طابعها الإداري المستقل.
5. إعادة توزيع الثروات الوطنية بشكل عادل، وخاصة النفط والغاز، بين جميع مكونات الشعب السوري.
6. الاعتراف الدستوري بالحقوق القومية للكرد، وضمان تمثيلهم في الدستور الجديد.
7. مشاركة الكرد في الحكومة المركزية، من الوزارات إلى السفارات والوظائف الإدارية.
8. إحباط المخططات التركية الهادفة لإنهاء أي تجربة كردية مستقلة.
9. إطلاق مشاريع إعادة الإعمار في المناطق المتضررة.
10. بدء مرحلة جديدة من البناء والازدهار، عوضًا عن استمرار الصراعات.

بين الواقعية والطموح: هل الاتفاق مثالي؟

لا يمكن الادعاء بأن الاتفاق كان “نصرًا سياسيًا كاملًا”، لكنه بلا شك يمثل نقلة نوعية في المشهد السوري. فمن الناحية الواقعية، السياسة ليست مجرد شعارات، بل هي “فن الممكن”، وما تحقق حتى الآن هو خطوة مهمة في إثبات الحقوق الكردية ضمن الدولة السورية، مع الحفاظ على المكاسب السياسية والعسكرية التي تحققت خلال السنوات الماضية.

لكن هل سيقبل الجميع بهذا الواقع الجديد؟ أم أن بعض القوى ستظل تحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء؟

ما هو واضح أن الاتفاق ليس نهاية الطريق، بل بداية مرحلة جديدة، حيث يصبح الكرد شريكًا فاعلًا في سوريا المستقبل، وليس مجرد طرف يتم التعامل معه وفق الحسابات الإقليمية والدولية.

خلاصة القول

سوريا اليوم أمام مفترق طرق جديد، حيث انتهت مرحلة الصراع المسلح طويل الأمد، وبدأت مرحلة المفاوضات السياسية الدقيقة. اتفاق دمشق – القامشلي ليس مجرد ورقة تفاوضية، بل هو جزء من عملية إعادة تشكيل سوريا الجديدة، حيث لم يعد بالإمكان تجاهل دور قسد، ولا تجاوز مطالب المكونات التي أسهمت في حماية البلاد من الإرهاب والفوضى.

السؤال الآن: هل ستكون هذه بداية حقيقية لشراكة سياسية عادلة، أم مجرد هدنة مؤقتة في لعبة المصالح الإقليمية والدولية؟



#أزاد_خليل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - مجزرة الساحل: حين ذُبح العلويون على مذبح الكراهية -
- إبادة العلويون 6 و7 آذار… يوم العار والذبح على الهوية
- سوريا للجميع: لا مكان للتهميش أو الإنكار في وطن متعدد الهوية
- “زانيار وتيمور: حكاية الأرض المسلوبة والمقاومة التي لا تموت-
- كوباني: هوية لا تُمحى وتاريخ لا يُزوّر – في مواجهة محاولات ا ...
- لماذا اجتماع جنيف الموسع: نحو رؤى وطنية لسوريا المستقبل
- اجتماع جنيف الموسع للقوى والشخصيات الوطنية نحو سوريا ديمقراط ...
- - حمار بدرجة بروفيسور : عندما يصبح الجهل ذكاءً اصطناعيًا!
- المثقف الاصطناعي: عندما يكتب الذكاء الاصطناعي بدلاً عن الكات ...
- - الطبقية: قيدٌ آخر للاستبداد، متى نحطّمه؟
- “حيث صار الأملُ جريمةً، بَكَتِ المدينةُ حتى تلاشى صوتُها”
- العبودية الحديثة: قصة الدمشقي وفنون التقديم والطاعة
- الكورد : صرخةٌ في وجه التاريخ وهوية متمردة في وجه التهميش
- ماذا بعد انتصار الثورة السورية؟ تحديات المرحلة الانتقالية وغ ...
- “من يحكم سوريا غدًا؟ جدل الشرعية والواقع العسكري”
- هل يفقد الشرق الأوسط أخر مسيحي!
- أكراد سوريا: بين هوية مهددة ومستقبل مجهول
- سورية بعد الحرب: هل يتحول الاستقرار الهش إلى سلام دائم؟
- -المسيحيون في سوريا: إرث تاريخي وحضاري تحت التهديد وخطوات دو ...
- -الفتنة القادمة من منغوليا: سقوط غابة السلام-


المزيد.....




- إيران تعلن تسلمها رسالة من ترامب بشأن المفاوضات النووية
- سوريا.. أحمد الشرع يستقبل وفدا من الاتحاد العالمي لعلماء الم ...
- باكستان.. نشر فيديو لاختطاف قطار واحتجاز رهائن
- ترامب: نأمل بأن تقبل موسكو بمقترح الهدنة
- -تسللوا عبر خط أنابيب غاز-.. غيراسيموف يكشف تفاصيل عملية نفذ ...
- ترحيب أوروبي بمقترح الهدنة في أوكرانيا
- سوريا.. قرار رئاسي بتشكيل مجلس الأمن القومي
- -تلفزيون سوريا-: الحكومة تمنع مقاتليها مؤقتا من التوجه إلى م ...
- زاخاروفا تسخر من تصريحات زيلينسكي حول القرم ودونباس
- واشنطن تعين منتقدا شديدا لإسرائيل في منصب نائب مديرة الاستخب ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أزاد خليل - اتفاق دمشق – القامشلي: واقعية سياسية أم بداية مرحلة جديدة؟