أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الذين يشبهوننا .















المزيد.....


مقامة الذين يشبهوننا .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8279 - 2025 / 3 / 12 - 11:52
المحور: الادب والفن
    


مقامة الذين يشبهونا :

نشر الصديق طه أفندي على صفحته حكاية من الأدب الصيني : (( حين أراد الذّئب تعليمَ صغيرِه دروسًا في الحياة وفنّ العيش , ذهبَ به إلى قطيع الأغنام وقال له : لحوم هذه لذيذة , ثُمّ أشار إلى راعي الأغنام , وقال له مُحذِّرًا : عصا هذا الرّجل مؤلمة , فانتبه أن تَمَسَّك ,ولمّا رأى الذّئب الصّغيرُ كلبًا يقف بجوار الأغنام قال : هذا يشبهنا يا أبي , فأجاب الأب: اهرُبْ حين ترى هذا الكائن , لأنّ كُلَّ ما عانيْنَاه في حياتنا كان سببه أولئك الذين يُشبهوننا ولا ينتمون إلينا )) , علنا نتعلم درساً ممن يخذولنا وهم يشبهوننا, حيث يقولون ((علة الفولة من جنبها )) , والمقصود هو ان الاذى لا ياتي الا من المقربون ورفاق نصف الطريق .

روى البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث حذيفة بن اليمان قال: كانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسولَ اللهِ عَنِ الخَيْرِ, وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي , فَقُلتُ: يا رَسولَ اللهِ , إنَّا كُنَّا في جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ, فَجَاءَنَا اللَّهُ بهذا الخَيْرِ, فَهلْ بَعْدَ هذا الخَيْرِ شَرٌّ؟ قالَ: نَعَمْ , فَقُلتُ : هلْ بَعْدَ ذلكَ الشَّرِّ مِن خَيْرٍ؟ قالَ : نَعَمْ , وَفِيهِ دَخَنٌ , قُلتُ : وَما دَخَنُهُ؟ قالَ: قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بغيرِ سُنَّتِي , وَيَهْدُونَ بغيرِ هَدْيِي , تَعْرِفُ منهمْ وَتُنْكِرُ, فَقُلتُ: هلْ بَعْدَ ذلكَ الخَيْرِ مِن شَرٍّ؟ قالَ: نَعَمْ , دُعَاةٌ علَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَن أَجَابَهُمْ إلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا , فَقُلتُ : يا رَسولَ اللهِ , صِفْهُمْ لَنَا , قالَ: نَعَمْ , قَوْمٌ مِن جِلْدَتِنَا , وَيَتَكَلَّمُونَ بأَلْسِنَتِنَا , قُلتُ: يا رَسولَ اللهِ , فَما تَرَى إنْ أَدْرَكَنِي ذلكَ؟ قالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وإمَامَهُمْ , فَقُلتُ: فإنْ لَمْ تَكُنْ لهمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إمَامٌ؟ قالَ: فَاعْتَزِلْ تِلكَ الفِرَقَ كُلَّهَا , ولو أَنْ تَعَضَّ علَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ علَى ذلكَ.

يقول أحمد مطر: (( وإذا تركت أخاك تأكله الذِّئابُ فاعلم بأنَّك يا أخاه ستُستَطابُ , ويجيء دورك بعده في لحظة إن لم يجئْكَ الذِّئب تنهشكَ الكلابُ)) , ما أكثر الذين يشبهونا و لا ينتمون الينا , عندما تواجه الحركة الثورية مأزقاٌ , يقفز ((رفاق نصف الطريق)) من السفينة , ويرتدون أردية فلسفية وأدبية وفنية من الخراب الأيديولوجي , ومن قوانين المافيا : (( يمكنك ان تنتقد أياٌ من المجموعات السياسية , ولكن كل الويل لك اذا ما أنتقدت المجموعة التي تنتمي لها )) , وفي خضم المعارك المصيرية والنضالات الشاقة , يبرز صنف من البشر يثير في النفس أشد مشاعر الخيبة والحسرة , أولئك الذين يبدأون المسيرة معك , يشاركونك الآمال والأحلام , ثم يتنكرون لكل ذلك في منتصف الطريق , أو الأسوأ من ذلك , يتحولون إلى عيون للأعداء , يطعنون ظهور رفاقهم ويخونون الأمانة.

يقول الجواهري في قصيدة الوتري: (( إيهٍ عميدَ الداركلُّ لئيمةٍ لابُدَّ واجدةٌ لئيماً صاحبا , ولقد رأى المستعمِرونَ فرائساً منَّا وألفَوْا كلبَ صيدٍ سائبا , فتعهَّدوهُ فراحَ طوعَ بَنانِهمْ يَبْرُونَ أنياباً له ومَخالبا )) , ((قوم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا)) من جلدتنا من قومنا من العرب ويتكلمون بألسنتنا , باللسان العربي , وجرت الفتن العظيمة والمحنة على أيدي أناس منا من العرب , ولكن مواقفهم تخدم الصهيونية والمشروع الاستدماري , فانظر إلى مشروع إعادة إعمار غزة المقترح من قوم من جلدتنا , استعمار واحتلال في صبغة إعمار.

يعيش العقل العراقي جهلا مخيفا, الملفقات صارت حقائق , وما دسه الغلاة , صار هو الدين , هتك ممنهج من على المنابر, ومن أفواه الطائفيين , أدعياء الثقافة , وان اكبر منجز يحققه السياسي صاحب المبادئ , هو ان يحافظ على مبادئه في زمن اللا مبادئ , ليكون مرتاح الضمير و ناصع الصفحة امام الشعب و التاريخ , وقد قال محمد حسنين هيكل لزوجته ذات يوم حينما كان وزيرا (( احذري ولا تتوقعي هداياهم وولاءهم حبا. . انها السطة )) , وعن المتشابه : رحم الله ابي العلاء : ((ويظهر لي مودّته مقالا ويبغضني ضميرا واعتقادا)) , كما ان الشاعر الشعبي يقول : (( يتشابهن بالضوك ملحك وملحي بس أنه فوك الزاد وانته اعله جرحي )) , أولئك هم الخونة الذين إزدهرت أحوالهم يوم ضاعت أوطانهم .

التماسيح إذا جاعت تصبح مجنونة , وان شبعت تنصرف الى النوم غير مكترثة , والخذلان في منتصف الطريق , قد يكون سببه ضعف النفوس , أو الخوف من مواجهة الصعاب , أو الطمع في مغانم زائلة , وقد تكون هناك ضغوط خارجية أو إغراءات تدفع البعض إلى التخلي عن مبادئهم , يترك الخذلان جرحًا عميقًا في نفوس الرفاق , ويولد شعورًا بالإحباط واليأس , ويقوض الثقة بين المناضلين , ويضعف الصفوف في أحوج الأوقات , وقد يؤدي إلى فشل المساعي , وضياع التضحيات , ومن الضروري اختيار الرفاق بعناية , والتأكد من صدق نواياهم , فالنضال طريق طويل وشاق , مليء بالتحديات والصعاب , يجب أن يكون المناضلون على استعداد لمواجهة الخذلان والخيانة .

قال الجاحظ : (( ولعمري إنّ العيون لتخطئ , وإنّ الحواسّ لتكذب , وما الحكم القاطع إلاّ للعقل )) , ما أصعب الشرق الأوسط , أرض فِخاخ ومشقّات ومفاجآت , والأقنعة ستسقط دائما , مهما طال العرض , والحكمة تقول : أياك ومرافقة ( المنافق - الأنتهازي / المتلوّن ) فهو يأكل مع الذئب , وينبح مع الكلب , ويبكي مع الراعي , من حق كل دولة وكل شعب من الناطقين بالعربية أن تكون/يكون له موقفه من إسرائيل , ولكن ليس من حق أيّ طرفٍ أن يكون موقفه يحمل الشيء ونقيضه, وما أكثر نظم الحكم فى منطقتنا التى هى فى ذات الوقت (مع) و (ضد) ما يسميه البعض بالتطبيع وتسميه قلةٌ ب ( التعايش المشترك ) القائم على ( قبول الآخر) .

أيها الطيبون , أحذروا تلك العلاقة مع الذي تظنونه شبيهكم والتي تؤذيكم , تحطمكم كل يوم , وتمتلئ صدوركم فيها بالإحباط واليأس والشك , بعض العاهات لا دواء لها إلا البتر , ورؤية الجسد ناقصا ليس بالمنظر الذي تحبه العيون , لكن الطبيب يختاره مُكرَها , لذا اعذروني عندما أقول لكم : اقطعوا مثل هذه العلاقات , وحافظوا على سلامكم الداخلي , وكما قال الشاعر: ((ستألف فقدان ما فقدته كإلفك وجدان ما أنت واجد )).

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة قهر العهود .
- مقامة زمام ألأزمة .
- مقامة شعر الديجيتال .
- مقامة العقم والحبل .
- مقامة العقم و الحبل .
- مقامة لتبق َهامْتُكَ سامقة .
- مقامة البقاء للأفسد .
- مقامة الشارب والشنب .
- مقامة مشكورة .
- مقامة التعود .
- مقامة الفاتحة .
- مقامة الترجمة .
- مقامة عجوز الشتاء .
- مقامة الذوق السائد .
- مقامة التأني .
- مقامة الدهشة .
- مقامة نصيب الأرض .
- مقامة أفعى الكعبة .
- مقامة نهر عطشان .
- مقامة همسة .


المزيد.....




- الحلقــة الجــديــدة نــزلــت.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 18 ...
- بعد سنوات من الانقطاع.. سوريا تعود إلى عضويتها الكاملة في ال ...
- -لغة استقلال الهند-.. حرب اللغات في شبه القارة تستهدف الأردي ...
- كيف وصل العرب لأفغانستان وكيف يعيشون بها؟
- الرفيق رشيد حموني يدعو لجنة التعليم والثقافة والاتصال لعقد ا ...
- فيلم وثائقي روسي هندي مشترك عن نيقولاي ريريخ
- السواحرة بلدة مقدسية أنجبت المقاومين والأدباء
- حسام حبيب يكشف تفاصيل صادمة عن حلاقة شيرين عبد الوهاب شعرها ...
- مأساة فيلم -Rust- في فيلم وثائقي جديد
- مجلة (هوية).. ملف خاص عن الشاعر خالد الأمين


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة الذين يشبهوننا .