خالد خليل
الحوار المتمدن-العدد: 8279 - 2025 / 3 / 12 - 02:54
المحور:
الادب والفن
لا أحد يعلمُ كيف ينامُ القمرُ حينَ يتعبُ من كونهِ قمرًا،
وكيف تُطفئ النجومُ أنفاسَها، حين تضيقُ بها الأزمنة.
كلُّ الظلالِ حكاياتُ أرواحٍ مُعلقة،
لا تسقطُ ولا تطيرُ،
كأنها تقفُ في طابورِ النهاياتِ بانتظارِ إشارةٍ لم تأتِ
بعد.
أنا لستُ هنا،
ولستُ هناك،
أنا فكرةٌ مكسورةُ الجناحِ تسيرُ على أطرافِ الزمان،
تبحثُ عن وطنٍ لا يُكتَبُ بالحروف،
ولا يُرى بالعيونِ التي تأكلُ الضوءَ وتبقى عمياء.
تقولُ الريحُ:
“الطريقُ الذي تحسبُهُ طريقًا،
هو مجردُ فخٍّ لحواسكَ الستِّ،
وفكرةٌ تُخطئُ العنوانَ كلما وصلتْ.”
لكنني أمضي،
أحملُ في كفي مفتاحًا صدئًا لبوابةٍ لا تُفتح،
وخرائطَ من رمادٍ لطريقٍ لم يوجدْ أبدًا.
كلما التقيتُ بحلمٍ قديمٍ،
سألته: “هل كنتَ أنا؟”
فيبتسمُ كأنَّ الإجابةَ سِرٌّ،
ثم يختفي في غبارِ الأزمنةِ المنسية.
أحيانًا، حين ينحني الليلُ كحكيمٍ عجوز،
أسمعُ همساتٍ لم تُنطَقْ من قبل:
“كلُّ شيءٍ يذوبُ في لا شيء،
وكلُّ لا شيءٍ يُعيدُ تشكيلَ الكونِ من جديد.”
فأرسمُ بابًا على الجدار،
وأنتظرُ أن يخرجَ منهُ أنا الآخر.
في العتمةِ التي تُنصتُ للصمت،
حيثُ ينحني الزمنُ ليشربَ من كفِّ الغيب،
أسمعُ صوتًا يشبهُ ارتجافَ الأفق،
يقول لي:
“لا تبحثْ عن الطريق، أنتَ الطريق.”
فأمدُّ يدي إلى الفراغِ وأحاولُ أن أُمسكَ نفسي،
لكنني مجردُ ظلٍّ يركضُ خلفَ ضوءٍ لم يُخلَقْ بعد.
يُقالُ إنَّ الكونَ لا يشيخ،
لكنه ينسى أسماءه القديمة،
يُبدِّلُ أنفاسَهُ كما تُبدِّلُ الطيورُ سماءَها،
يُعيدُ تعريفَ البدايةِ،
ثم يُسقطها في فخِّ النهايةِ كأنها محضُ خطأٍ مطبعيٍّ
في كتابِ العدم.
كنتُ أريدُ أن أقولَ شيئًا يُشبهُ الصدق،
لكنني لم أجدْ كلماتٍ لم تُستهلكْ بعد.
فركضتُ إلى حيثُ الصدى بلا صوت،
إلى حيثُ الفكرةُ قبلَ أن تولد،
إلى حيثُ اللحظةُ التي يختلطُ فيها الممكنُ
بالمستحيل،
هناك،
حيثُ البابُ الذي رَسَمتُهُ على الجدارِ قبلَ أن أولد،
رأيتهُ يُفتحُ أخيرًا…
لكنني كنتُ في الجهةِ الأخرى منه،
أبحثُ عني
#خالد_خليل (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟