|
معرض القاهرة الدّولي للكتاب :حصيلة وآفاق واعدة
إبراهيم مشارة
الحوار المتمدن-العدد: 8278 - 2025 / 3 / 11 - 02:50
المحور:
قضايا ثقافية
افتتح معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السّادسة والخمسين بمركز مصر للمعارض الدولية يوم الخميس 23 كانون الثاني/يناير والذي يستمر حتى الخامس من شبّاط/فبراير ،ويعد أحد أهم معارض الكتب في العالم والتجمع الأكبر للناشرين وصناع النشر في المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط ،إذ يشهد المعرض في أربع أجنحة حضور حوالي 1345 دار نشر و 80 دولة مشاركة وتردد أكثر من خمسة ملايين زائر ا من مصر والعالم العربي وحتى من أوروبا وإفريقيا وآسيا ،وخلال الأسبوعين اللذين يستمر فيهما المعرض تتخلله ندوات فكرية ولقاءات أدبية وأمسيات شعرية وفعاليات فنية وعروض مسرحية للصغار في الركن المخصص للأطفال وبيع بالإهداء ولقاءات مع الكتاب الشباب وآخر إنتاجهم الأدبي والفكري والعلمي . وقد احتفى المعرض هذا العام بشخصيتين جديرتين بالاحتفاء والتكريم عبر تقديم ندوات ولقاءات تتناول أعمالهما وأثرهما في الثقافة العربية الحديثة هما الكاتب العلمي أحمد مستجير الذي جمع بين الرصانة اللغوية والدقة العلمية وفاطمة المعذول رائدة أدب الأطفال والتي تعد جهودها في خدمة الطفل استمرارا لجهود رائد أدب الطفل الأول كامل كيلاني . كما حلت سلطة عمان ضيف شرف على المعرض وذلك بتقديم عروض فنية من التراث العماني ومشاركة شعراء وكتاب من السلطنة وكل ذلك بهدف تعريف الزائر بثراء وزخم الثقافة العمانية. في برنامجه الذي وزعه المنظمون للمعرض يقف الزائر والمتابع لأنشطة المعرض وفعالياته الثقافية على عدة محاور تتناول الأدب والفكر والمجتمع الرقمي والثقافة العلمية ودور المرأة في الحياة الحديثة والتحديات التي مازالت تواجهها ، كما يعرف المعرض حضور كثير من الكتاب والمفكرين من العالم العربي ومن الغر ب ومن إفريقيا وآسيا مما يضفي على المعرض وفعالياته الطابع العالمي ، ولا عجب في ذلك فالقاهرة هي دائما منارة إشعاع فكري وحضاري وقاطرة العالم العربي إلى المستقبل الفكري الحضاري المنشود ،فمن المحاور التي تناولها المعرض :تجارب ثقافية، ضيف الشرف، الديبلوماسية الثقافية، كاتب وكتاب، ملتقى الإبداع (الأعمال القصصية)، الأعمال الروائية، قراءة المستقبل ، شخصية المعرض،مع الفكر ،قضايا استراتيجية، شخصيات مصرية،أسرار مصرية، أيام عربية، المجتمع الرقمي،الترجمة إلى العربية، المصريات، التراث الحضاري،ملتقى الإبداع الشعري. ويلاحظ الزائر مدى الثراء والتنوع في فعاليات المعرض بالجمع بين الأجيال والشعوب عبر حوار ثقافي وحضاري ،فمن الفعاليات المخصصة للأطفال أدبا ودراسات إلى أنشطة الأطفال ذاتها من عروض مسرحية وفنية ومساهمات أدبية وعلمية وعروض مسرحية إلى إبداعات الشباب وأمسياتهم الشعرية متبوعة بنقاشات إلى استشراف المستقبل العربي وراهنه كالمجتمع الرقمي والقضايا الاستراتيجية إلى الديبلوماسية الثقافية حيث تصير الثقافة سفيرا إلى العالم تعرف بالهوية الثقافية والفكرية والحضارية وتتثاقف مع الآخر في إطار حوار الحضارات والثقافات إلى محور هام وهو الترجمة إلى العربية حيث تغتني الثقافة العربية بالترجمة وبتحاورها وتثاقفها مع الآخر ،وبالرغم مما يترجم إلى العربية من مختلف اللغات والثقافات الإنسانية إلا أنه يظل ناقصا ويحتاج إلى المزيد كثرة وإتقانا ودراسات لهضم وتمثل المنتوج المترجم العلمي أو الأدبي أو الفكري أو الفني لمختلف الثقافات والحضارات الإنسانية السالفة والراهنة أسوة بما كان العرب يقومون به أيام هارون الرشيد والمأمون وإنشائه بيت الحكمة حيث عمل العرب على نقل وتمثل الثقافة العالمية في ذلك الإبان شرحا ونقدا وإضافة وأثرى العرب بذلك الثقافة والفكر الإنسانيين. ومن الفعاليات الفكرية والثقافية التي شهدها المعرض هذا العام في محور قراءة المستقبل الاحتفاء بشخصية وأعمال الكاتب والمفكر والمساهم في الكتابة العلمية الجادة أحمد مستجير والكاتبة في أدب الطفل ومسرحه فاطمة المعذول التي تعد إسهاماتها إضافة مميزة واستمرارا لتجربة رائد أدب الطفل في العالم العربي المرحوم كامل كيلاني ،وغني عن البيان أن طفل اليوم هو رجل الغد فالاهتمام بثقافة الطفل العلمية والأدبية والفنية هي الضمان لإنتاج جيل عربي واعد ،كما أن إهمال الطفولة يعني تدمير المستقبل . وفي محور مع الفكر شهد المعرض لقاءا مع وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري وفي محور قضايا استراتيجية ندوة فكرية متبوعة بنقاش حول بؤر الصراع الإقليمية ومخاطر الأمن القومي المصري من تقديم اللواء أيمن عبد المحسن والسفير حازم خيرت والنائب طارق الخوري واللواء أركان حرب وائل ربيع. وفي محور مع الفكر حول العرب والغرب رؤى متبادلة من تقديم المفكر المغربي عبد الإله بلقزيز ومحمد المعزوز ،وفي محور شخصية المعرض ندوة حول أحمد مستجير والهندسة الوراثية من تقديم جمال مصطفى السعيد وفي محور مع الفكر تأملات في سيرتي النقدية من تقديم الدكتور محمود الربيعي وفي محور شخصية المعرض فاطمة المعذول رائدة مسرح الطفل وفي محور مع الفكر ندوة حول روايات المنفى والهجرة والغربة من تقديم هدى بركات من لبنان وفي محور مع الفكر لقاء مع المفكر اللبناني علي حرب عبر تقديمه مداخلة بعنوان "إنسانيتنا هي المشكلة "وفي محور مع الفكر لقاء مع وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي وفي محور تجار ب إفريقية ندوة حول الأدب الإفريقي من تقديم Madohona Arouna وAbra Christine وهما كاتبان من التوجو وNdaiogou Samb وهو كاتب من السنغال ،وفي محور تجارب ثقافية مصر والصين علاقات قديمة حديثة من تقديم Li, Shan وLiu, Ying وهما كاتبان من الصين. كما حظي زوار المعرض وعشاق الشعر بحلول الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي وقد تعدى التسعين ضيفا على المعرض في أمسية شعرية متبوعة بنقاش يوم الجمعة 24 يناير ،وقد كان الحضور مميزا إذ تجمع الشعراء وعشاق الشعر من مختلف البلاد العربية في قاعة "ديوان الشعر" ا لتي شهدت هذه الأمسية، وقد أمتع الحضور من مختلف البلاد العربية بقراءات شعرية من ديوانه وتدور القصائد حول الراهن العربي كجرح فلسطين النازف حيث يتطابق مع مأساة غزة أين سكت العالم على همجية إسرائيل ومذبحة الأطفال والنساء وتدمير عمران غزة ومنشآتها وبنيتها التحية ومرافقها الحيوية من مدارس ومستشفيات وكليات علمية ومأساة التهجير وكأن قدر الفلسطيني هو الخيمة والشتات وكل ذلك يحدث على مرأى ومسمع من العالم وقد مات فيه الضمير واستسلم للمارد الأمريكي الصهيوني وأهدافهما التوسعية المشبوهة في أمركة وأسرلة المنطقة العربية بالإخضاع تارة والتطويع والإرهاب والتدمير تارة أخرى، وقصائد عن الثورة الجزائرية وحجازي من أوائل الشعراء العرب الذين ساندوا الثورة الجزائرية بالشعر خاصة في قصائد "أوراس" حيث وجد القالب الشعري الحديث مناسبا لتطوير القصيدة العربية لمواكبتها الراهن العربي شأن شعراء عرب آخرين ساندوا الثورة الجزائرية بدافع قومي وإنساني كالبياتي ونازك الملائكة ونزار قباني وبدر شاكر السياب وشفيق الكمالي وغيرهم . وحول دور الغرب وفرنسا خاصة في إثراء شخصية حجازي تحدث الشاعر عن إقامته في باريس حيث اغتنى فكره ووجدانه أكثر وهو في عاصمة النور أسوة بأجيال من المفكرين والأدباء الذين كانت باريس محطة مفصلية في حياتهم وفي إنتاجهم الفكري والأدبي بدءا برفاعة رافع الطهطاوي وطه حسين وأحمد ضيف وتوفيق الحكيم وزكي مبارك وأحمد حسن الزيات وصولا إلى محمود أمين العالم وحجازي وجيل جديد من المفكرين والأدباء مازال يتخذ من باريس عاصمة للمثاقفة وإثراء الشخصية الفكرية عبر الإفادة من عطائها الفكري والأدبي والفني والحضاري ، وقد قرأ الشاعر على الحضور قصيدة مهداة إلى صديقه الجزائري الفرنسي أستاذ الأدب العربي بجامعة السوربون سابقا جمال الدين بن الشيخ وقد ربطتهما صداقة حيث عرض بن الشيخ على حجازي تدريس الأدب العربي بالسوربون فوافق وكانت الرحلة الجميلة التي أفاد فيها واستفاد. معرض القاهرة اليوم في دورته السادسة والخمسين يؤكد محورية ومركزية مصر في قيادة الأمة العربية ثقافيا وفكريا وفنيا رغم حالة الوهن والتشرذم العربيين وأحداث غزة بينت الوجه الشاحب للأنظمة العربية وهزال الموقف العربي رغم خطورة ما حدث من تكالب القوى الإمبريالية على احتواء قضية فلسطين بالرغم من ادعاءات حل الدولتين والبحث فقط عن مغانم ومكاسب تجارية إمبريالية دون الاهتمام بثراء وتنوع الثقافة العربية التي تعد إحدى الثقافات الكبيرة في المحيط الإنساني ،ومصر عبر معرضهما العالمي للكتاب تؤكد على أن الكلمة وصناعة الكتاب وترويجه يشكل الجامعة للوحدة الثقافية العربية والتي تعد بغد عربي مشرق واعد رغم المحن و مصاعب الطريق،ومن خلال هذا المعرض تضرب مصر موعدا آخر في العام المقبل ليتجدد اللقاء بالفكر والأدب والفن على أرض الكنانة.
#إبراهيم_مشارة (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لقاء مع الشّاعر أحمد عبد المعطي حجازي على هامش معرض القاهرة
...
-
في البحث عن جبران : الأسطورة والإنسان
-
إسرائيل واغتيال العقل النووي العربي
-
ومن الحبّ ما قتل
-
صالح الشّرنوبي مأساة النّبوغ والرّحيل الباكر
-
حوار مع الروائي الفلسطيني عادل سالم نرعى الثقافة والمثقفين م
...
-
ما تبقى لي حصاد القدس العربي 2
-
حصاد القدس العربي مرايا ذاكرة نقدية للنص
-
حوار مع محمد الصالح الصديق: أزمتنا فكرية
-
سارتر في مصر والموقف من القضية الفلسطينية
-
باحثة البادية في مرآة ميّ زيادة
-
جحا العابر للثّقافات
-
الكويت وتجربة التنوير العربي
-
جورج طرابيشي: ست محطات في حياته
-
الكتابة ضد السجن والرصاص من طه حسين إلى بختي بن عودة
-
محمد زفزاف الحاضر فينا أبدا
-
المرآة في الكف ،الدّمامة المبدعة وتنمّر الآخرين
-
آمال جنبلاط والإقامة في العتمة
-
جولدتسيهر في مرآة حميد دباشي
-
المتنبّي والعلويّة، هل كان علويّا؟
المزيد.....
-
روسيا تعلن استعادة 100 كيلومتر مربع في كورسك وتهدد قدرات كيي
...
-
مصر.. الداخلية تعلن ضبط 3 تشكيلات عصابية جديدة تحتال على الم
...
-
-لا مقارنة إطلاقا-.. نجيب ساويرس يرفض تشبيه خالد مشعل حرب 19
...
-
اتفاق قسد والحكومة السورية بين شبح الحرب الأهلية وسوريا لامر
...
-
الجزائر تستورد مليون رأس ماشية استعداداً لعيد الأضحى
-
فيديوهات تحريضية ضد العلويين في سوريا تثير غضبا
-
مفاوضات السلام في السعودية: زيلينسكي يعرض خطته لوقف الحرب مع
...
-
هل يصوم لامين يامال في رمضان؟
-
انتخابات مصيرية في غرينلاند: الاستقلال أم النفوذ الأمريكي؟
-
كيف صارت السعودية وسيطا أساسيا في الأزمات العالمية؟
المزيد.....
-
العرب والعولمة( الفصل الرابع)
/ منذر خدام
-
العرب والعولمة( الفصل الثالث)
/ منذر خدام
-
العرب والعولمة( الفصل الأول)
/ منذر خدام
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أنغام الربيع Spring Melodies
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|