أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رشيد غويلب - صراع الهيمنة الرأسمالية في زمن البلطجية















المزيد.....


صراع الهيمنة الرأسمالية في زمن البلطجية


رشيد غويلب

الحوار المتمدن-العدد: 8277 - 2025 / 3 / 10 - 20:49
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


علق السكرتير العام لحزب العمل البلجيكي بيتر ميرتنز، وصاحب كتاب "التمرد"، على اجتماع 28 شباط بين ترامب وزيلينسكي. وحلل عواقبه على أوكرانيا وأوروبا، فضلاً عن مخاطر الدعوات إلى المزيد من العسكرة.
إن ما فعله الرئيس الأميركي ترامب أمس مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي يحدث عادة خلف الأبواب المغلقة. أما الآن، وعلى حد تعبير ترامب، فقد كان "تلفزيونا عظيما". وهذه هي الطريقة التي تعامل بها الولايات المتحدة البلدان في الجنوب العالمي لسنوات: حيث يُتوقع من المستعمرات الجديدة أن تقول بخنوع "شكرا" وتوقع الاتفاقيات المفروضة التي تنهب مواردها. ولا يختلف الأمر عن الطريقة التي يتحدث بها ترامب عن بنما أو غرينلاند أو غزة. ترى الولايات المتحدة العالم ككرة عملاقة من الموارد التي تملكها. وهذه الرؤية لها تسمية واحدة هي الإمبريالية. لم تغادر الولايات المتحدة العالم حقا؛ بل عادت ببساطة عارية وبلا خجل، وداست بأقدامها على القانون الدولي، آخر قوة مضادة متبقية كانت تقيدها ذات يوم.
محليا، يفعل ترامب الشيء نفسه. فهو يعيد إحياء رأسمالية القرن التاسع عشر التي كانت قائمة على "بارونات اللصوص". وهي رأسمالية بلا نقابات، ولا حماية للعمال، وسلطة مطلقة لاتخاذ القرارات التي تؤثر على الملايين، بما في ذلك الترحيل. وللفوز بهذه الحرب، استعان ترامب بإيلون ماسك وفريقه.
لقد اكتسب سلوك زيلينسكي في مواجهة أقوى رئيس في العالم تعاطفا كبيرا، وخاصة بين دول الجنوب التي اعتادت على البلطجة الأميركية. لكن هذا لا يقربنا من السلام. لقد كتب مارتيز في كتابه "تمرد": "لقد أُطعمت الحرب، التي لا يمكن الانتصار فيها، مفرمة اللحم عشرات الآلاف من الشباب وهم في مقتبل العمر".

في عشية الاجتماع، بدا أن الاتفاق الذي سيحمل ترامب بموجبه أوربا تكلفة الحرب وشيكا، في حين تسعى الولايات المتحدة إلى السيطرة على واستخراج الموارد والمعادن في أوكرانيا من خلال صندوق جديد. لقد أصبح واضحا أن هذه الحرب القذرة لم تكن أبدا من أجل القيم، بل من اجل المصالح الجيوستراتيجية والسيطرة على الموارد والأراضي الخصبة فقط. والسؤال هو: لماذا انهار الاتفاق في اللحظة الأخيرة؟
إن أحد الاحتمالات هو سعي الولايات المتحدة إلى إضعاف موقف زيلينسكي بشكل أكبر وإذلاله والدفع في نهاية المطاف إلى تغيير النظام. لقد كانت هذه هي السمة المميزة للسياسة الخارجية الأمريكية لعقود من الزمن: تغيير النظام، عندما لا يخدم استمراره المصالح الأمريكية. لقد كان هذا مصير مانويل نورييغا في بنما وصدام حسين في العراق. اليوم حليف موثوق به، وغدا يُطاح به. قال هنري كيسنجر: "أن تكون عدوًا للولايات المتحدة أمر خطير؛ لكن أن تكون صديقًا لها فأمر مميت".
وحتى "أعظم صديق" للولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، يتعلم هذا. جاء في كتاب "تمرد" (أيلول 2023)، إن أوروبا هي القارة الخاسرة على وجه التحديد لأنها تتبع واشنطن بشكل أعمى. وقال مارتينز لرئيس الوزراء البلجيكي دي ويفر في البرلمان الأسبوع الفائت: "إنه نوع من متلازمة ستوكهولم (تعاطف الضحية مع جلاده)، فكلما أذلت الولايات المتحدة أوروبا، كلما تشبثت أوروبا بأذيال العم سام".
يصر وزير الدفاع البلجيكي ثيو فرانكين على الحفاظ، بأي ثمن، على علاقات مميزة مع واشنطن، ويدعي أنه يجد الإلهام في "النموذج الاجتماعي" الأميركي، ويرى أنه من الطبيعي أن يضم ترامب غرينلاند، وسيطلب بكل سرور المزيد من طائرات إف-35 المقاتلة باهظة الثمن من الولايات المتحدة.
كم من الصدمات تحتاجها أوروبا لكي تنضج؟ ألم يكن ركود الاقتصاد الألماني بعد العقوبات كافيا. وكذلك تدخل إيلون ماسك في الحملات الانتخابية؟ ومازال الإذلال، الذي مارسه نائب الرئيس الأميركي فانس ووزير الدفاع بيت هيجسيث في ميونيخ، غير كافيا؟ وحرب التعريفات الجمركية الجديدة التي يشنها ترامب؟ أقل من ذلك بكثير. واليوم، تصاب المؤسسة الأوروبية بالذعر مرة أخرى، وتنطلق مثل حصان بري هارب من الحظيرة: المزيد من الأسلحة، والمزيد من العسكرة، والاستعداد للحرب العالمية الثالثة! لا ينبغي لأوروبا أن تصبح نسخة طبق الأصل من الولايات المتحدة. فهي لا تحتاج إلى ترامب محلي. بل يتعين عليها بدلا من ذلك أن تجرؤ على رسم مسار جديد. في هذه الاثناء، تصر وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كايا كالاس على إطالة أمد الحرب القذرة في أوكرانيا، وتغذيتها بالأسلحة والشباب المراهقين. تفتقر كالاس إلى الشرعية الديمقراطية اللازمة للإدلاء بمثل هذه التصريحات التحريضية. إن أوروبا تحتاج إلى عدد أقل من دعاة الحرب مثل كالاس والمزيد من النضج لتغيير المسار حقًا والتوحد مع دول الجنوب العالمي مثل البرازيل والصين، التي سعت منذ فترة طويلة إلى حلول تفاوضية.
وكما جاء في” تمرد"، فإن هذه الحرب كان لها دائمًا وجهان. فمن ناحية: انتهاك سلامة أراضي أوكرانيا، وانتهاك القانون الدولي من خلال العدوان الروسي. وتفهم دول الجنوب العالمي هذا. ومن ناحية أخرى، هناك حرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وروسيا على أراضي أوكرانيا، حيث يصبح عشرات الآلاف من الشباب وقودًا للصراع الجيوستراتيجي. والآن تعترف واشنطن وبلا خجل بأن هذه كانت حربًا بالوكالة تغذيها الولايات المتحدة. ومع ذلك، يزعم ترامب أنها كانت "خاطئة"، وأن روسيا ليست الخصم الحقيقي للولايات المتحدة، وكل الجهود يجب أن تتحول إلى الحرب القادمة التي يستعدون لها: ضد الصين. فقط، التي ترى واشنطن انها تتحدى هيمنتها الاقتصادية والتكنولوجية.
الواقع أن أحدث المغالطات السائدة هي أن "إذا كنت تريد السلام، فاستعد للحرب". ويبدو هذا جذاباً، ولكنه كارثي في الواقع. فقد أظهر التاريخ أن الحرب تقترب عندما تستعد الاقتصادات للحرب وتستعد العقول للصراع. وخطوة بخطوة، تحل الهستيريا محل التحليل الرصين. ويزداد عدد الساسة الذين يثرثرون عن الحرب؛ ويقل عدد الذين يجرؤون على الحديث عن السلام. ويتوقف التفكير، وترفض الحلول الدبلوماسية، ويضيع السلام العالمي. ولا مستقبل لأوروبا كقارة حرب. وسوف تعمل العسكرة على تدمير صناعتها التحويلية، ولن يساعدها التوتر الدائم مع جيرانها الشرقيين على الاقتراب من السلام.
"علمتنا أنه يتعين عليك التحدث إلى الجانب الآخر. فلا يمكنك أن تقول: "لن نتحدث ــ فنحن نعرف ما يفكرون فيه". والدبلوماسية ضرورية، وخاصة في اللحظات المتوترة"، كما يقول جيفري ساكس. ويتعين على أوروبا أن تجد طريقها الخاص. وروسيا لا تزاح؛ ولا يمكنك محوها من الخريطة. وبدلاً من الغرق في دوامة الهستيريا والعبارات المبتذلة، يتعين على أوروبا أن تعمل على تطوير دبلوماسية ناضجة، دبلوماسية ترسم مساراً مستقلاً، مع رؤية لقطاع التصنيع فيها، واحترام القانون الدولي، والعلاقات البراغماتية مع كل العمالقة الاقتصاديين: الولايات المتحدة، والصين، والهند، وروسيا، والبرازيل، وجنوب أفريقيا.



#رشيد_غويلب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خطط تَسلُّح الاتحاد الأوروبي.. أرباح على حساب السلام
- قراءة في النجاح الانتخابي لحزب اليسار الالماني
- على الرغم من تقدم اليمين المحافظ والمتطرف/ الانتخابات الألما ...
- خطاب فانس في مؤتمر ميونخ للأمن وجديد الرأسمالية الغربية
- صوتوا لحزب اليسار الألماني في الانتخابات المبكرة
- مؤتمر ميونخ للأمن.. اختفاء الإجماع الغربي وغياب الحلول
- بعد تولي ترامب السلطة / ملفات الاختلاف داخل المعسكر الغربي ت ...
- بعد الاقتراب من التعادل في الجولة الأولى.. هل تصبح مرشحة الي ...
- البحث عن سردية معاصرة لليسار
- لا لترامب والحرب، نعم للاشتراكية.. حول الطبقة العاملة وعسكرة ...
- خمس سنوات على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي.. خيبة أمل تع ...
- للفلسطينيات المفرج عنهن وجوه وأسماء أيضاً
- احتجاجات غاضبة ضد التعاون بين اليمين المحافظ والنازيين الجدد ...
- كولومبيا وبقية بلدان أمريكا اللاتينية ترفض غطرسة ترامب
- قبيل الانتخابات المبكرة في ألمانيا.. دعوات لهيكلة الدولة على ...
- حزب اليسار الألماني.. مؤتمر استثنائي وحملة انتخابية واعدة
- تمثيل واسع لليمين المتطرف الأوربي في مراسيم تنصيب ترامب
- لماذا تفوز الأحزاب اليمينية المتطرفة بأصوات الطبقة العاملة ف ...
- الليبرالية والديمقراطية أمران مختلفان
- طلبة صربيا يحتجون على الفساد والقمع


المزيد.....




- وسط مفاوضات مقررة في السعودية.. فيديو يظهر تقدم القوات الروس ...
- سوريا: الشرع وعبدي يوقعان اتفاقا لدمج كافة مؤسسات الإدارة ال ...
- توقيع اتفاق اندماج قسد في مؤسسات الدولة السورية.. ماذا تقول ...
- الرئيسان المصري والتونسي يؤكدان رفضهما المطلق لتهجير الفلسطي ...
- ماذا نعرف عن المحادثات التي ستستضيفها جدة بين الأمريكيين وال ...
- ماسك: منصة إكس تتعرض لهجوم إلكتروني -إما من مجموعة منسقة أو ...
- معهد -سيبري-: تغيرات دراماتيكية في استيراد وتصدير الأسلحة
- ماسك يصف السيناتور الديمقراطي كيلي بـ -الخائن- بعد زيارته لأ ...
- عميد المهندسين في تونس: نحو 39 ألف مهندس غادروا البلاد
- ويتكوف: زيلينسكي قدم اعتذارا لترامب عما حدث في البيت الأبيض ...


المزيد.....

- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - رشيد غويلب - صراع الهيمنة الرأسمالية في زمن البلطجية