نساء فوق العادة (حنان عشراوي)

للاإيمان الشباني

الحوار المتمدن-العدد: 8277 - 2025 / 3 / 10 - 17:23
المحور: الادب والفن
    

حنان عشراوي


حنان عشراوي، واحدة من الشخصيات الفلسطينية البارزة التي لعبت دورًا محوريًا في السياسة والثقافة والتعليم وحقوق الإنسان. وُلدت في الثامن من أكتوبر عام 1946 في نابلس لعائلة تنتمي إلى مدينة رام الله، حيث كان والدها، الدكتور داود ميخائيل، طبيبًا معروفًا وناشطًا في القضايا الاجتماعية والسياسية. نشأت حنان في بيئة تقدر العلم والعمل الوطني، وكان لهذه النشأة أثر بالغ في مسيرتها اللاحقة.

تلقت تعليمها الأساسي في "مدرسة الفرندز للبنات" بمدينة رام الله، ثم انتقلت إلى بيروت عام 1964 لدراسة الأدب الإنجليزي في الجامعة الأمريكية. خلال دراستها، انخرطت في النشاط السياسي من خلال "الاتحاد العام لطلبة فلسطين"، حيث أصبحت الناطقة باسمه، كما انضمت إلى "الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية"، وساهمت في أنشطة اجتماعية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين.

حصلت على شهادة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي ثم الماجستير من الجامعة الأمريكية في بيروت، قبل أن تسافر عام 1969 إلى الولايات المتحدة لاستكمال دراستها في جامعة فيرجينيا، حيث تخصصت في الأدب المقارن وأدب العصور الوسطى. لكن ارتباطها بالقضية الفلسطينية جعلها تعود إلى الضفة الغربية عام 1973 قبل إنهاء أطروحتها، إذ رأت أن دورها في الداخل أهم من أي مسيرة أكاديمية خارج الوطن.

بعد عودتها، أسست "دائرة اللغة الإنجليزية" في جامعة بيرزيت، وترأستها مرتين، بين عامي 1973 و1978 ثم من 1981 إلى 1984. وخلال هذه الفترة، عادت إلى الولايات المتحدة لمناقشة أطروحة الدكتوراه. ثم تولت لاحقًا عمادة كلية الآداب في جامعة بيرزيت من 1986 حتى 1995، وساهمت في تطوير البرامج الأكاديمية للجامعة، مع تركيز على القضايا الوطنية والثقافية.

إلى جانب عملها الأكاديمي، كانت ناشطة في مجال حقوق الإنسان، حيث أسست وشاركت في عدد من اللجان الحقوقية مثل "لجنة المساعدة القانونية وحقوق الإنسان" في جامعة بيرزيت، وشاركت في تأسيس "نقابة العاملين في الجامعة". كما واجهت مضايقات متكررة من سلطات الاحتلال بسبب مواقفها الوطنية، حيث تم احتجازها مرارًا بسبب مشاركتها في التظاهرات المناهضة للاحتلال وانتهاكاته بحق الفلسطينيين.

مع اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987، أصبحت عضوًا في اللجنة السياسية للانتفاضة، ولعبت دورًا بارزًا في تمثيل القضية الفلسطينية دوليًا. في الفترة التي سبقت مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، كانت من بين الشخصيات الفلسطينية التي قابلت وزير الخارجية الأمريكي جيمس بيكر، ثم أصبحت الناطقة الرسمية باسم الوفد الفلسطيني المفاوض بين عامي 1991 و1993، حيث مثلت وجهًا قوياً للدبلوماسية الفلسطينية أمام العالم، وشاركت في المفاوضات التي قادها حيدر عبد الشافي.

في عام 1996، انتُخبت عضوة في المجلس التشريعي الفلسطيني عن مدينة القدس، حيث ترأست اللجنة السياسية بين عامي 1996 و1997، ثم لجنة الإصلاح التشريعي من 2000 إلى 2005. كما عُيّنت وزيرة للتعليم العالي والبحث العلمي بين عامي 1996 و1998، لكنها استقالت بسبب خلافات مع القيادة الفلسطينية حول سياسات الإصلاح وسير المفاوضات السياسية.

واصلت عشراوي مسيرتها السياسية والحقوقية، وأعيد انتخابها لعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2006 ضمن قائمة "الطريق الثالث" التي ترأسها سلام فياض. ثم انتُخبت عام 2009 عضوة في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث ترأست دائرة الثقافة والإعلام. استمرت في هذا المنصب حتى استقالتها في نوفمبر 2020، معبرة عن استيائها من طريقة إدارة الملفات السياسية الفلسطينية.

لم تقتصر إنجازاتها على المجال السياسي، فقد أسست العديد من المؤسسات الحقوقية والمجتمعية، أبرزها "الهيئة المستقلة لحقوق المواطن"، التي تهدف إلى تعزيز حقوق الإنسان في التشريعات والممارسات الفلسطينية، و"المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي والديمقراطية" (مفتاح)، التي تعمل على دعم الديمقراطية والحكم الرشيد، إضافة إلى "الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة" (أمان)، التي تسعى لمحاربة الفساد. كما شغلت عضوية مجالس أمناء في مؤسسات عربية ودولية مثل جامعة بيرزيت، ومؤسسة الدراسات الفلسطينية، والمجلس الدولي لحقوق الإنسان، والبنك الدولي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومعهد الأمم المتحدة لبحوث التنمية الاجتماعية.

في أغسطس 2023، تولت حنان عشراوي رئاسة مجلس أمناء جامعة بيرزيت خلفًا لحنا ناصر، وهو منصب يعكس ثقلها الأكاديمي والإداري. لا تزال واحدة من أبرز الأصوات النسائية الفلسطينية التي أثرت في مجالات السياسة والتعليم وحقوق الإنسان، ورغم تقاعدها السياسي، فإن إرثها الفكري والنضالي يظل حاضرًا في المشهد الفلسطيني.

#للاإيمان_الشباني (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات