أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أمير أمين - عشرون شهراً في عدن اليمنية ..( 1 من 2 )















المزيد.....

عشرون شهراً في عدن اليمنية ..( 1 من 2 )


أمير أمين

الحوار المتمدن-العدد: 8277 - 2025 / 3 / 10 - 14:29
المحور: قضايا ثقافية
    


كانت ليلة 15 / 16 آذار عام 1984 في دمشق باردة جداً حيث نمت بغطاء خفيف وفي غرفة باردة تعود لأحد الاصدقاء , لذلك كنت اتقلب خلال الليل في الوقت الذي كنت افكر فيه برحلة يوم الغد الى مدينة عدن اليمنية وقد استلمت تذاكر السفر من قبل المسؤولين الحزبيين في الشام وكانت مجاناً كمساعدة منهم لأي نصير سابق يروم السفر الى أية وجهة , توجهت لمطار دمشق وكان معي صديقين لتوصيلي على حسابهما ثم وبعد اجراءات السفر صعدت داخل الطائرة وكانت هذه الرحلة هي الاولى في حياتي ولا أعرف اي شيء عنها وتعجبت حينما كانت المضيفات يقمن بالخدمة والابتسامات لنا وتقديم القهوة والماء والطعام الحار الجيد ثم توقفت الطائرة في مطار الكويت لساعة لكننا لم ننزل منها وبقينا في كراسينا, واصلت الطائرة اقلاعها وعند الغروب نزلنا في مطار عدن الدولي ..كان المطار ضاجاً بالمسافرين وصخبهم وصياحهم يعلو على كل شيء , توجهت مع الناس لاستلام حقيبتي وكان معي فرن دائري كهربائي إشتريته لعائلة أخي حسب توصيتهم لعمل السمك والخبز والمعجنات فيه , كنت ارتدي بدلة رمادية وربطة عنق وهذه اشتريتها من الشام وارتديها لأول مرة في حياتي كشاب لكنني حينما كنت طفلاً كانت الوالدة تشتري لنا بدلات نرتديها في الاعياد , كان الجو خانقاً في المطار وكانت درجة الحرارة مرتفعة جداً إستوقفني أحد المسؤولين قائلاً ..هذا الجهاز الكهربائي لك ..! شرحت له عنه وعن فائدته لأسرتي هنا في عدن ..فقال ممنوع ! وطلب من الشرطي ان يستلمه مني ..! ولا يجوز تمريره من المطار وبقيت معي حقيبتي فقط , شاهدت نافذة بيع وتصريف العملة فوضعت الليرات السورية التي بقيت معي أمام الرجل وطلبت منه تحويلها الى العملة اليمنية لكنه رفض بشدة وقال ..نحن نصرف فقط الدولارات وليس الليرات ..لاحظت بنت كانت تضع على متنها ثلاثة نجوم من الجهتين اي انها برتبة نقيب ..قلت لها أنا شيوعي عراقي وازور اليمن لأول مرة ولا توجد عندي نقود يمنية وهذا الشخص يرفض تصريف الليرات لي وتسهيل أمري ..قالت لي تعال معي ..! ثم اشارت له بتنفيذ المهمة ولكنه رفض فصرخت بوجهه ..صّرفها له بسرعة ولا تتكلم ! إمتثل لأمرها وأعطاني اربعة دنانير ونصف فسألت أحدهم ..هل بهذا المبلغ استطيع ان استقل التاكسي ..فقال هذا المبلغ كثير وممكن ان تدفع للسائق فقط دينار واحد منها ..! خرجت من البوابة ولمحني السائق وصاح ..هل تريد تاكسي ..قلت له نعم إذا كنت تعرف مكان ومقر الحزب الشيوعي العراقي اين هو ..فقال إصعد فهذا المكان ليس ببعيد والكل يعرفه ثم اردف أنه في الطابق الاول ويقع مقر الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في الطابق الاعلى ..قلت له يعني أكيد تعرفه ..قال ..إلاّ ومعناها عندهم نعم ..وما هي إلا دقائق معدودة حتى اوصلني للمكان وأخذ مني ثلاثة دنانير ! وإنصرف بعد ان ساعدني على وضع الحقيبة قرب الباب ..دخلت للمقر وسلمت على الموجودين وعرفت أنهم عراقيين وكانوا بشوشين ولما عرفوني قالوا أنهم سوف يوصلوني الى بيت أخي حيث كان الأول مسؤول الشبيبة وهو محمد عنوز والثاني مسؤول الطلبة وهو الدكتور احسان المالح ..استقليت معهم الباص وكان سعر التذكرة بشلن وتعجبوا من المبلغ الذي دفعته للسائق حيث كان الدينار يساوي عشرين شلن ..وصلت الى بيت أخي في البيكاجي وتفاجؤا بوصولي فقلت لهم ..الم تصلكم البرقية بقدومي من دمشق ...قالوا لاسبوعين كنا ننتضرك في المطار فلم تأتي وفي هذه المرة لم نستلم برقية تؤكد وصولك اليوم ..! وحول الفرن سألتني زوجة أخي الاولى ..وين الفرن ..!! قلت لها تم الاستيلاء عليه ..ولم أكمل التفاصيل ..نزلت بنفسها وأخذت تاكسي متوجهةً للمطار ثم عادت ومعها الفرن وقالت لقد اعتذروا مني ولم يعرفوني بأني قريب لها وهي كانت صحفية معروفة في ذلك الوقت ..المهم نمت هذه الليلة في عدن وكان الجو حار ساخن ورطب وكان بيت أخي يتكون كما البقية من غرفة واحدة ومعها حيز صغير للطبخ وفيها حمام وكان المكان كله لا يسع إلاّ لشخص واحد ..! فقد ضايقتهم وبقيت معهم الى ان عاد أخي من إجازته الى مكان عمله السابق كمقاتل وصحفي في كردستان في اليوم التالي بدأت استطلع المنطقة بصحبة أخي وذهبت الى مكان عمله في دار الهمداني وتعرفت على الشهيد أحمد سالم وكان المسؤول فيها وقتل لاحقاً في احداث عدن في يناير عام 1986 وبعد مدة قليلة وجد لي عمل بسيط بأن أكون منضد حروف في المطبعة براتب يكتبه هو وأشار الى أنني يمكنني ان أستلم الكتاب وأذهب به للبيت وأعمل عليه التصحيحات المناسبة وهكذا فعلت وخاصة حينما وقع عندي كتاب فلسفي للرفيق حميد بخش وكانت به مئات الاخطاء وعملت اللازم الذي أفرح الشهيد أحمد سالم ولكن هذه المهمة استمرت فقط لشهرين ثم جرى ترشيحي لأن أكون في معهد عبد الله باذيب للعلوم الاشتراكية اي المدرسة الحزبية في منطقة خور مكسر ..داومت بها لمدة سنة وكنت أعيش فيها .ولي غرفة صغيرة يتقاسمني صديق طيب من الفلسطينيين العراقيين ..وكان يعيش في بغداد وكان والده يعمل خياطاً في الباب الشرقي وهو إن لم يقل لك أنه فلسطيني فلا تعرفه سوى كونه عراقي ومن داخل ازقة بغداد ..كان طيب جداً سافر بعد خروجي من عدن الى كوبا ووصلتني منه رسالة وعرفت انه في العاصمة هافانا الكوبية وثم ضاعت عني اخباره للآن للأسف ..المهم في هذا المعهد درسنا الحركة الشيوعية والتاريخ والفلسفة والاقتصاد وأسس البناء التنظيمي وغيرها وكانت سنة مهمة لنا ومعنا طلبة من جميع الفصائل الفلسطينية وعند التخرج تم تسليمنا الشهادة من قبل الرئيس علي ناصر محمد الذي صافحنا بحرارة هو ومسؤول التنظيم المركزي للحزب الاشتراكي اليمني الفقيد ابو بكر باذيب الذي سأله عني ..من أين الاخ ..! فقال له عراقي ..شد على يدي مع الامنيات الطيبة ..كان المعهد يحتوي على قاعة كبيرة جداً وفيها مسرح مرتفع عنها تقام فيه الامسيات والندوات والاجتماعات الحزبية والحكومية وكنت مع أصدقائي نحضر جانباً منها وكثيراً ما نشاهد رجال الدولة والحزب ومعهم قادة عدد من الدول والمنظمات الجماهيرية العربية والعالمية ومن قادة المقاومة الفلسطينية ..أما الاحتفالات الطربية والمسرحية فكانت تتم في منطقة التواهي في الجزء الآخر من المدينة وهذه وغيرها سوف أتطرق له لاحقاً في الجزء الثاني ..اليمن كانت تعج بالنشاطات تلك الفترة وكانت في حركة مستمرة من توافد الوفود من عدد من البلدان وكان الشيوعيون العراقيون متميزون فيها بنشاطهم وعملهم الدؤوب ويعاملون بثقة تامة وبإحترام من قبل المجتمع ومن كافة المسؤولين وهم يعملون كأطباء ومهندسين ومدرسين ومعلمين وفي دوائر الدولة الاخرى وكان بعضهم يدرس في الجامعات وكانت في معهدنا مكتبة كبيرة وتحتوي على الاف الكتب وخاصة الماركسية والقصص والروايات الادبية القيمة فعندما جاءت العطلة طلب مني مدير المكتبة وهو عضو لجنة مركزية في الحزب الاشتراكي اليمني بأن أعمل لبضعة ساعات معهم في المكتبة لمساعدة العاملين فيها في تنظيم الكتب ووضعها في أماكنها الصحيحة وهكذا فعلت لمدة معينة وتقاضيت بعض النقود نتيجة لذلك ...كان المطعم كبير وهو بعهدة رجل كان والده اثيوبي وأمه يمنية وهو سمين ودائم الابتسامة كان إسمه شيبوب ..يقوم بتحضير وجبات الطعام وخاصة عند الظهر والعشاء وغالباً ما يعمل الدجاج المحمص مع الرز الغارق بالزيت وأيضاً يقوم بعمل السمك المقلي ويعطينا الكثير مما نريد وعند العشاء نطلب منه البيض الطازج ونأخذه لغرفنا ونقليه داخل الغرفة ويشاركنا عدد من الاخوة في هذه الوجبة الدسمة لأن بعضهم لا يمكنه ان يأكل داخل المطعم لأنه استلم تصريح من الطبيبة العراقية بأن يستلم بدل أكل اي نقود وهي شابة عراقية حلوة متزوجة من شخص يمني كان طالباً معها في رومانيا وعندها طفلة وارادت ان تساعدني بأن تعطيني تصريح عدم الاكل وأن استلم حولي 30 دينار بدلها ..فلم اوافق لأن المسألة متعبة لي وأريد أكل جاهز ودائم من المطعم وهذا ما فعلته لذلك يقوم بعض الاخوان بإرسالي الى شيبوب الذي يعرفني بأنني لا استلم بدل الاكل ويعطيني بيض وخبز وغيره فنتقاسمها مع الجميع ..إنه رجل بمنتهى الطيبة والكرم ..وكان يدخل القلب بسهولة وبسرعة ..!



#أمير_أمين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشهيد عبد الجبار وهبي ورفاقه الميامين
- حميد..النصير الشيوعي الطيب البسيط
- كيف تم إغتيال الكادر الشيوعي شاكر محمود البصري ..!
- خمس وسبعون عاماً على استشهاد يوسف سلمان فهد ورفاقه !
- صور بطولية لمقاومة انقلاب 8 شباط الدموي !
- آخر صورة للشهيد عبد الكريم قاسم ورفاقه الضباط البواسل !
- الشهيد الشيوعي الذي نهشت لحمه الذئاب !
- ملاحظات عن نتائج إنتخابات مجالس المحافظات العراقية !
- رسالة الشهيد الملازم الطيار ابو الندى الى رفاقه الانصار ..!
- موقف المربي الفاضل يحيى ( ق ) من البراءة !
- تعالوا معنا الى قنديل..!
- خمس وسبعون عاماً على مولد إتحاد الطلبة العراقي العام ..!
- خمسون عاماً في صفوف الحزب الشيوعي العراقي !( 2 من 2 )
- خمسون عاماً في صفوف الحزب الشيوعي العراقي !( 1 من 2 )
- ربع قرن على رحيل ثابت حبيب العاني ( 2من 2)
- ربع قرن على رحيل ثابت حبيب العاني ..! (1 من 2)
- البيت على قد أحلامنا ..والعيشة على قد الحال ..! (2 من 2 )
- البيت على قد أحلامنا..والعيشة على قد الحال ..! ( 1 من 2 )
- الخبز الحافي ومحمد شكري ..وجهان لعملة واحدة .
- وداعك مؤلم جداً رفيقنا عادل حبة !


المزيد.....




- تقديم الساعة 60 دقيقة.. بدء تطبيق التوقيت الصيفي في مصر
- ترامب: نقترب من التسوية وموسكو ليست عقبة
- مدمرة هندية تعترض صاروخا بمنظومة متطورة
- منظمة التحرير الفلسطينية توافق على استحداث منصب نائب للرئيس ...
- تواصل المواجهات في الفاشر وسط أزمة إنسانية متفاقمة
- -وول ستريت جورنال- تكشف هوية أقرب مستشار لنائب الرئيس الأمري ...
- في لحظة تاريخية مؤثرة.. عشرات الآلاف يلقون النظرة الأخيرة عل ...
- إيران تبدي استعدادها لمفاوضات نوويّة مع الترويكا الأوروبية.. ...
- لأول مرة في تاريخها - منظمة التحرير الفلسطينية تستحدث منصب ن ...
- نتنياهو: مستعدون لمواجهة إيران لوحدنا


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - أمير أمين - عشرون شهراً في عدن اليمنية ..( 1 من 2 )