|
إعادة تعريف الحقيقة باغتصاب العقل
غالب المسعودي
(Galb Masudi)
الحوار المتمدن-العدد: 8277 - 2025 / 3 / 10 - 13:40
المحور:
قضايا ثقافية
في اطار دلالات الشكل عندما تكون الحقيقة مطروحة كونها السحابة الأولى من المعاني سيكون تعريفها مشاكس وعنيد هناك تجديد وانفتاح ، تنوع تاريخي فردي واجتماعي، هناك تاريخ هائل من التجريد والخيال وهو جوهر عادتنا اللغوية ،الروايات الاسطورية لا تخلق واقعا اركيولوجيا، لكن هناك ابتكارات تساعدنا على بناء عالم مثالي من خلال امتلاك معالم النص ،فهم الحقيقة صيرورة مختلفة والقراءة هي قراءة نصوص محملة بالدلالة ،حتى نشعر بالحبكة وليست جملا مقطوعة، لان هناك احداثا غير منطوقة حتى داخل النص الاركيولوجي ،ما نعرف عنها هو مجرد انطباع شمولي لذا نلجأ الى التقريرية على المستوى الزمني لتكوين رؤية تقويمية من حطام الأزمنة، قد تشتبك مع النسيج الحكائي لإنتاج معرفة ،والمعرفة بداية الشك حتى في البديهيات واختيارا لتجاوز العجز الفيلولوجي الذي يتهم القراءة بالحكائية، في مغامرة الدلالة تصبح القراءة خارج التحليل الاستنباطي وخارج تعريف الحقيقة منحة مجانية ،في الوقت الذي تمر به الحقيقة داخل افق الوعي تبقى تكهنا ،نحن من نضع لها تسميات وليس هناك علاقة موضوعية بين الاسم والشكل، نسبغ عليها وعي الضرورة ،تتحول الاشكال الى مفاهيم وهو ما نطلق عليه حقيقة ،نتصورها كائنا حيا نحاورها وهي لا تكترث ، في فيض الثقافات المتنوعة تتغير اشكال الحقيقة بالأقل نظريا نتيجة شذوذ المدلولات. الحقيقة يمكن أن تُعرَّف ادراكيا على أنها توافق بين الفكرة والواقع مع ذلك، يمكن أن تتأثر الحقيقة بالعديد من العوامل مثل الثقافة، التجربة الشخصية، والمعلومات المتاحة. في العصر الحديث، يمكن أن تكون الحقيقة أيضًا مسألة نسبية، حيث تختلف الآراء والتفسيرات من شخص لآخر حيث تؤثر الروايات الجماعية أو المعلومات المضللة على فهم الأفراد للحقيقة وعلى إعادة تعريفها. خلال الحروب ، تستخدم الدعاية بشكل مكثف لتشكيل آراء العامة حول الأعداء على سبيل المثال، تم تصوير الألمان في الحرب العالمية الأولى على أنهم وحوش، مما ساهم في تشكيل حقيقة جماعية سلبية عنهم، يمكن أن نرى أيضًا كيف تُعيد بعض الثقافات تعريف الحقائق من خلال المناورة في بناء اللا مرئي، مثل الطبقات الاجتماعية أو المعتقدات الدينية التي تُفرض على الأفراد دون مناقشة في العصر الحديث، يمكن أن تؤدي المعلومات المضللة أو الأخبار الزائفة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى تشكيل قناعات جماعية حول قضايا معينة، ما يعيد تعريف الحقيقة بالنسبة للعديد من الأفراد هذه تُظهر كيف أن الحاجة الى تأصيل الوعي بالحقيقة وإعادة تعريفها يمكن أن تؤثر على تصورات الأفراد حول دلالتها، مما يؤدي إلى إعادة تعريفها لأنها ترفض الاستسلام بناءً على المعتقدات السائدة . اغتصاب العقل هو مفهوم مرتبط مع إعادة تعريف الحقيقة في سياقات معينة. اذ يتم استخدام وسائل الإعلام والدعاية لتشكيل روايات معينة تُعتبر "حقيقة". هذه الروايات يمكن أن تُبنى على معلومات مضللة أو مبالغ فيها، مما يُقنع الأفراد بتبني وجهات نظر معينة دون تفكير نقدي، الأفراد يميلون إلى اتباع الآراء السائدة في مجموعاتهم، مما يؤدي إلى تعزيز تصورات معينة عن الحقيقة. عندما تشير المجموعة إلى فكرة معينة على أنها "حقيقية"، يُمكن أن يتبناها الأفراد بشكل أعمى بسبب الخوف من الانعزال أو الرفض الاجتماعي ويمكن أن يدفع الأفراد إلى تبني أفكار أو معتقدات قد لا يتفقون معها. هذا الضغط يمكن أن يُعيد تعريف ما يُعتبر صحيحًا أو خاطئًا، تُستخدم استراتيجيات مثل الخوف، والقلق، والانتماء لتحقيق السيطرة على عقول الأفراد. هذه الاستراتيجيات يمكن أن تؤدي إلى استجابة عاطفية تتجاوز التفكير العقلاني ويمكن أن تلعب أنظمة التعليم والتنشئة الاجتماعية دورًا في تشكيل الآراء والمعتقدات. عندما تُفرض أفكار معينة كحقائق، يمكن أن يؤدي ذلك إلى اغتصاب القدرة على التفكير النقدي، يُمكن السلطات أو الجماعات من تعزز معتقدات معينة من خلال المكافآت أو العقوبات، مما يُجبر الأفراد على تبني تلك المعتقدات كوسيلة للبقاء ضمن المجموعة. اغتصاب العقل يمكن أن يحدثا من خلال مزيج من الدعاية، والضغط الاجتماعي، واستراتيجيات التلاعب العاطفي. يُظهر هذا كيف يمكن أن تؤثر الديناميات الجماعية على الأفراد، مما يقود إلى تشكيل قناعات قد تكون بعيدة عن الواقع أو الحقيقة الموضوعية. المؤرخون والتحيزات الشخصية العديد من المؤرخين يكون لديهم تحيزات شخصية أو سياسية تؤثر في كيفية سرد الأحداث. يمكن أن تؤدي هذه التحزبات إلى روايات غير موضوعية في بعض الفترات التاريخية، قد تكون المصادر المتاحة محدودة أو غير موثوقة، مما يؤثر على دقة الروايات ويجعلها عرضة للتفسير الشخصي، المصادر المختلفة قد تعطي رؤى متباينة حول الأحداث نفسها، مما يجعل من الصعب تحديد "الحقيقة" التاريخية. في كثير من الأحيان، يتم التركيز على الشخصيات البارزة أو الأحداث الكبرى، مما يغيب تجارب الناس العاديين والأصوات المحلية، التي قد تقدم رؤى مختلفة. بعض المؤرخين يفشلون في وضع الأحداث في سياقها الثقافي والاجتماعي الصحيح، مما يؤدي إلى تفسيرات غير دقيقة أو سطحية، هذه تسلط الضوء على أهمية النقد والتحليل عند دراسة المصادر التاريخية، وتؤكد على ضرورة التعامل مع التاريخ بوعي وموضوعية. التفسير الميتافيزيقي للحقيقة يمكن أن يلعب دورًا معقدًا في تشكيل الهويات الثقافية والدينية، مما قد يسهم في بناء وعي نكوصي ذاتي التكاثر على مدى العصور. التفسيرات الميتافيزيقية يمكن أن تساعد الأفراد والمجتمعات في تشكيل هويتهم. عندما تُبنى الهويات على أسس ميتافيزيقية، يتم تعزيز الانتماء الجماعي والمشاركة في سرديات مشتركة، من خلال تبني تفسيرات ميتافيزيقية، تظل القيم والمعتقدات متوارثة عبر الأجيال. هذا يمكن أن يؤدي إلى استمرارية في التفكير والسلوك، مما يعزز من حدة الصراع بين المرئي واللامرئي، يمكن أن توفر التفسيرات الميتافيزيقية إجابات عن الأسئلة الوجودية والكونية، يساعد الأفراد في فهم العالم من حولهم ويعزز من إيمانهم بالمعتقدات الجماعية، عندما تتبنى مجموعة معينة تفسيرات ميتافيزيقية مشتركة، يمكن أن يعزز ذلك من التماسك الاجتماعي ويعطي الأفراد شعورًا بالانتماء، ويسهم في بناء مجموعة متماسكة، التفسيرات الميتافيزيقية قد تؤدي إلى مقاومة التغيير أو التفكير النقدي. عندما تكون الحقيقة متجذرة في ميتافيزيقا معينة، يكون من الصعب على الأفراد الخروج عن هذه القواعد أو تحديها ،غالبًا ما تستخدم السلطة التفسيرات الميتافيزيقية لتوجيه السلوكيات وتبرير السياسات، مما يعزز من قوة السلطة ويجعل الأفراد أكثر استعدادًا للامتثال ،يتم نقل المعتقدات الميتافيزيقية عبر الأجيال من خلال التعليم، الأدب، والفنون، مما يسهل تكاثرها واستمرارها، ، يمكن القول إن التفسير الميتافيزيقي للحقيقة يسهم في بناء نكوص معرفي يمتلك فعالية ذاتية التكاثر عبر العصور يؤدي إلى تحديات في التفكير النقدي والتغيير الاجتماعي ،بالرغم من ان نجاح أو فشل الأقوام أو الحركات الاجتماعية المبنية على ميتافيزيقيات معينة يعتمد على مجموعة من العوامل الأخرى ،مثل وجود قيم ومعتقدات مشتركة تعزز من التماسك الاجتماعي، كلما كان الأفراد متفقين على مجموعة من المبادئ، زادت فرص الحركة أو القوم على التكيف مع الظروف المتغيرة، مثل التحولات الاجتماعية أو السياسية. لكن المرونة التي تساعد على الاستمرار في مواجهة التحديات ستكون مفجعة إذا كان الموضوع يتحرك اتجاه شكله وهو الحقيقة والمعرفة ضمن حيز المكان الواقعي في ظل إشارات الرعب التي تبدو أكثر التباسا، وبالتالي ينمو خطاب الهيمنة والاستبداد في مسار متأرجح، هذا شلل حضاري ونهاية ملفتة ومفجعة تنشر التشتت تتقدمها رايات تراجيديا الفكر البري لتشيد نموذجا مدجن من التجربة الثقافية في نشر المعرفة من خلال تعليم متردي. نجاح أو فشل الأقوام أو الحركات الاجتماعية يعتمد على توازن العوامل الداخلية والخارجية والتماسك والقدرة على التكيف تعتبر من العوامل الرئيسية للنجاح، في حين أن الانزياح الطائفي يبدو بنية متوحشة ومحددة سلفا، يمكن أن تؤدي إلى الفشل والانغلاق.
#غالب_المسعودي (هاشتاغ)
Galb__Masudi#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المثقفون وصياغة الوعي المغاير
-
طواحين دون كيشوت
-
المجاهرة بالغباء والجهل البسيط
-
صعاليك الامس وصعاليك اليوم
-
الانسان وآليات التخفي والخداع
-
الحدس جسر بين العقلانية واللاعقلانية
-
حياة بلا عقل
-
اللجوء إلى جهنم ورفض التدجين
-
إستراتيجيات الخوف من الموت والوعي المأزوم
-
ضوضاء تاريخي من الخداع
-
مازالت بذرة التفاح محرمة
-
اللوحة مخلوق يساعد على تشكيل الالوان
-
جسد مهمل يرقص مع الألوان
-
ثلاثية سارتر
-
الملامح الثقافية للعصر الامبريالي الجديد
-
سيميائيات النص وضياع المعنى
-
المثقف والضياع في مقبرة الكتابة
-
تواطؤ المُثقف وفيزياء السُلطة
-
صخب العقل والسعادة المزيفة
-
خمسون عاما من التفكيك وخمسون آتية من تفكيك التفكيك في الشرق
...
المزيد.....
-
اصطدام ناقلة نفط أمريكية بسفينة شحن قبالة سواحل إنجلترا واند
...
-
بجعة تدفع العديد من الضباط إلى مطاردة جامحة على طريق سريع..
...
-
مجازر وعمليات تنكيل في الساحل السوري.. ماذا حدث؟
-
موسكو تطرد دبلوماسيين بريطانيين اثنين بسبب اتهامات بالتجسس و
...
-
خمسة محاربين أوكرانيين مبتوري الأطراف يشاركون في برنامج للتز
...
-
صحف ألمانية: سوريا على مفترق طرق وشفير هاوية
-
نيبينزيا: روسيا تنسق مع الولايات المتحدة بشأن القضية السورية
...
-
إدارة ترامب توجه طلبا إلى العراق بشأن الباحثة الإسرائيلية ال
...
-
حماس: ندين ونرفض خرق إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار وعدم الت
...
-
ماسك يصف وزير الخارجية البولندي بأنه -دمية سوروس-
المزيد.....
-
العرب والعولمة( الفصل الرابع)
/ منذر خدام
-
العرب والعولمة( الفصل الثالث)
/ منذر خدام
-
العرب والعولمة( الفصل الأول)
/ منذر خدام
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
مقالات في الثقافة والاقتصاد
/ د.جاسم الفارس
-
قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
أنغام الربيع Spring Melodies
/ محمد عبد الكريم يوسف
المزيد.....
|