محمود سلامة محمود الهايشة
(Mahmoud Salama Mahmoud El-haysha)
الحوار المتمدن-العدد: 8277 - 2025 / 3 / 10 - 11:25
المحور:
الادب والفن
"ترنيمة الطين والغياب"
في زاويةِ الشقَّةِ الضيقةِ،
جسدٌ يُلَـفُّ على ذاته،
كأنَّه وريدةٌ يابسة،
تُحَـاوِلُ إخفاءَ عُـرْيِها.
ساقان نحيلتان،
تَكْشِفُ عن طفولةٍ مكسورة،
عينان تَتَجَوَّلُ بيننا،
بين الأشياء وبين السكوت،
كطائرٍ تَاهَ عن سربه،
يَحْمِلُ ذكرى الطينِ،
ويَخْفِقُ بجناحين مثقَلين.
هنا،
الغيطانُ تَتَحَوَّلُ إلى جدران،
والسماءُ تَتَقَزَّمُ إلى بلكونة،
يُحَاوِلُها السقوطُ،
فَتَصْرُخُ أصواتُنا:
"احذري، احذري!"
لكنَّها تَسْقُطُ في صمت،
كَنَحلةٍ تاهتْ عن خليتها،
تَلْتَقِطُ أجزاءَها من الأرض،
تُحاوِلُ أن تَبْنيَ عُشًّا،
فَيَخْفِقُ القلبُ،
وَيَسْقُطُ الجسدُ،
ويَغْفو الحلمُ.
البابُ الموصدُ،
مِثْلُ حاجزٍ بينها وبين العالم،
بين الطينِ والحضَر،
بين الحريةِ والقيد.
تتَمَسَّكُ بالمزالج،
تُحَاوِلُ أن تَفْتَحَ طريقًا،
لكنَّ يدها تَسْقُطُ،
وتَسْكُنُ،
مُجَاوِرَةً لجسدٍ أرضيٍّ،
يَحْمِلُ ذِكْرَى الطينِ،
ويَدْفِنُ حلمَ العودةِ.
تُرَنِّمُ في صمتٍ،
ترنيمةً للغيابِ،
للغيطانِ المفقودةِ،
للطفولةِ المكسورةِ،
للطينِ الذي يَتَشَبَّثُ بها،
ويَتَحَوَّلُ إلى غبارٍ،
يُوَارِيهِ الزمنُ.
المعاني المستوحاة من القصة [قصة ترنيمة صغيرة للغربة، بقلم الكاتب/ فكري داود؛ والمنشورة بجريدة القاهرة بتاريخ 5 أبريل 2005م & بالمجموعة القصصية " دَهْسُ الطِّين"، عن اتحاد كُتابّ مصر، 2016، ص10-12]:
• اغتراب الطفولة: انتقال البنت من الريف إلى المدينة وانفصالها عن جذورها.
• الطين كرمز: ارتباطها بالأرض والأصل، وفقدانها لهذا الارتباط في المدينة.
• الباب الموصد: الحواجز التي تحول دون عودتها إلى الماضي أو تحقيق الحرية.
• السقوط: انكسارها النفسي والجسدي في مواجهة واقعها الجديد.
ملخص القصيدة:
القصيدة تُعَبِّر عن اغتراب الطفولة في المدينة، وتأرجُحها بين ذاكرة الطين وواقع الشقة الضيقة، حيث تُحَاوِلُ أن تُحافِظَ على هُوِيَتِها ولكنها تُوَاجِهُ السقوط والغربة. العنوان "ترنيمة الطين والغياب" يُلَخِّصُ هذا الصراع بين الذاكرة والواقع، بين الأمل والإحباط.
بقلم: الأديب/ محمود سلامه الهايشه - كاتب وباحث مصري؛ [email protected]
#محمود_سلامة_محمود_الهايشة (هاشتاغ)
Mahmoud_Salama_Mahmoud_El-haysha#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟