أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - ذاكرة مدينة يوثقها الكاتب العراقي سلام أمان في رواية - أبناء آنو-















المزيد.....


ذاكرة مدينة يوثقها الكاتب العراقي سلام أمان في رواية - أبناء آنو-


علي المسعود
(Ali Al- Masoud)


الحوار المتمدن-العدد: 8276 - 2025 / 3 / 9 - 18:47
المحور: الادب والفن
    


ذاكرة مدينة يوثقها الكاتب العراقي سلام أمان في رواية " أبناء آنو"

رواية " أبناء أنو" لكاتب العراقي " سلام أمان "، تتألف من مائتين وإثنان وثلاثون صفحة ، الرواية من منشورات الأتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين لعام 2025 . سبق للكاتب وإن نشر الرويات التالية : رواية ( رماد شجرة النبق) عام 2018 ، رواية ( الطائر الأخضر ) عام 2019 ، (بغداد - بلغراد ) عام 2022 ، ورواية (تباين) عام 2023.
العنوان ودلالته
في البداية ، العنوان" ، وهو ما يسميه النقد الحديث بعتبات النص ، مجموعة العناصر التى تعد بمثابة مداخل تسبق المتن النصى . في رواية " أبناء آنو" وضع الكاتب ( سلام أمان ) عنواناً وكان ملفتاً للنظر ، بحيث يستفزّ القارئ ويحفزه على بالمتابعة ، حتى إذا غاص به لم يعثر على أثر له ، بل يقودنا الكاتب الى عالم الخيال . لا شك أنّ الكاتب قد بذل جهداً كبيراً في أختيار العنوان، وجعل مقدمة روايته أقتباس من التكوين البابلي : ( وأوكلهم لآنو ليحرصوا على طاعته ..ووضع في السماء ثلاثمائة لحراستها .. وثلاثمائة أخرى في الأرض ) ، ("أنو " إله السماء في حضارة بلاد ما بين النهرين، من حيث الأهمية يقع في المرتبة الأولى عند السومريين والبابليين، وقد نعت بأبي الالهة. وكان يعتقد أن مقره في السماء العليا، وكان يرمز له بنجمة ذات ثمانية رؤوس والتي تشير إلى جهات الكون الجغرافية ). ( ويكيبيديا الموسوعة الحُرة) .
الشخصيات الرئيسية في الرواية
موضوع الرواية واقعي نسَجَهُ الكاتب ( سلام أمان) من تجاربه الخاصة ومن معايشته للمدينة والشخصيات الثقافية فيها ، تاتي الرواية على لسان الراوي ( فارس) إبن الاستاذ خليل ، يعيش في عائلة متوسطة والده يعمل معلم ووالدته معلمة وله أخت هي شروق .سرد الرواية صادق وواقعي نسَجَهُ االكاتب على لسان الراوي فارس من معايشته الخاصة وتجاربه المتعددة . ربما يكون أحد أسباب جمال الرواية الحنين الكامن وراء فكرة معينة تتوافق دائما مع الواقع . الشخصية المهمة في السرد ( مجيد )، الذي يصلح أن يكون نصباً تاريخياً لجيل كامل من أبناء الحلة الذين ولدوا في أحيائها القديمة ، لكن أسماءهم ظلت تتردد كنجوم تضئ سماء المدن . أقرب صديق للراوي ( فارس) كان (وليد ألاسود ) المشترك في أغلب السباقات الرياضية للمدرسةويمثلها في جميع المسابقات الرياضية ، والذي يملك مميزات غير عادية . إسمه ( وليد مجيد) ولكنه ليس أبنه ، حسب رواية ( مجيد ) بأن وليد أبن النهر ، حين قذف به الشط في حضنه، ( الشطُ جابه وربك خلاه بحضني) ، هكذا يرد (مجيد ) حين يسأل عن أصل (وليد الأسود ) .
الثلاثي (مجيد وجعفر قوانه وجلولي) من بضع أمتار على الشط يبنون وطنأ ، يمسحون عن أرواحهم هشاشتها بالأغاني والمواويل ، والابوذية التي ينزفها مجيد وهو يستذكر فيها أخاه الأصغر الذي أختطفته الحرب . من الشخصيات الغريبة في الرواية كانت شخصية المصري( ميلاد حنا) الذي يدعي بأنه دكتور أثار ، ولكن الروائي ( سلام أمان يصعق القارئ بحقيقة الدكتور المصري المغلف بالآسرارعند نهاية السرد الروائي ،لم يكن سوى (مارك هارفي ) عميل المخابرات الامريكية الذي جاء لتتبع أثر ( وليد الاسود) ، ويكشف ل( وليد ) بانه أحد ( ابناء آنو ) االذين جاءوا من الفضاء ، وأقنعه لوليد عند تفسيره تفردة بتلك الطاقة والقوة الجسمانية التي تميز الآخرين . يبرز في أسلوب الروائي ( سلام أمان ) في روايته ، وبالتحديد واقعيته في سرد احداث حقيقية وبشكل مفصل ودقيق .
يرسم لنا الكاتب الجوانب المختلفة لكل شخصية ، فضائلها وعيوبها ، مخاوفها ورغباتها العميقة. بهذه الطريقة ، نجح في جعلنا نتعاطف معها وندخل حياتها بطريقة حميمة. لا يقتصر نقل ( سلام أمان)على وصف ظروف الحياة الصعبة والقاسية ، وبطش السلطة على معارضيها . بل تناول أيضا قضايا حساسة ، منها على سبيل المثال ، فعالية اليسار وضعف تأثيره الاجتماعي بسبب القهر والملاحقة لرجاله من قبل السلطة وأدواتها . يشعر (مجيد) بالياس والخيبة حين يتحدث مع جعفر الخارج تواً من المعتقل : ( هل تعلم من وشى بجيفارا؟ ، انهم نفس الفلاحين الذي كان يناضل من أجل حقوقهم المغتصبة ) . إنكسار مجيد بعد اعتقال صديقه جعفر اليساري وحين زاره مجيد بعد خروجه من السجن واثار التعذيب واضحة المعالم ، راسه ملفوفا بالشاش واصابعه مكسروة . يرد جعفر :( نتطلع الى تلك الشجرة التي كنا اغصانها فوق ساقها وفروعها ونتألم أن نرى السوسة تنخر في لحائها أو مرضاً يجردها من أوراقها ) . نجح الكاتب في خاتمة الرواية في أن يصوغ حنينه وعشقه إلى مدينته (الحلة) وحالة النوستالجيا تلك يكشفها فارس في خاتمة الرواية ، حين يتساءل في مهجره الالماني : ( في مرة كل أسأل نفسي ، هل أنا واقع في غرام الحلة ؟، أم أنا أحن من خلالها لطفولتي وعائلتي ، أصدقائي وجيراني ، ضحكاتنا البريئة ) . يستخدم الكاتب ( سلام أمان ) لغة دقيقة ومباشرة من دون زخارف غير ضرورية ، مما يعكس قسوة وفظاظة الواقع الذي يصفه. نثره رشيق وسلس ، مما يسمح للقارئ بالانغماس الكامل في القصة وعيش تجارب الأبطال بطريقة مكثفة. بالإضافة إلى ذلك ، يستخدم المؤلف مجموعة متنوعة من الموارد الأدبية لإثراء روايته. يتيح لنا استخدام الاستعارات والمقارنات تصور مواقف ومشاعر الشخصيات بوضوح. وبالمثل، فإن استخدام الحوارات الحية والواقعية يقربنا أكثر من الحياة اليومية للعاملات، ويسمح لنا بفهم نضالاتهن وأحلامهن .
رحلة القارئ بين المكان والشخصيات
تبدأ الرواية من مدينة (الحلة )وكما يصفها الكاتب : "المدينة التي ولدت ونشأت فيها ، صديقة أزلية للشط لم نتركه يوماً واحداً" ، وفي افتتاحية الرواية يتحدث احد أبطالها ( مجيد ) واصفاً علاقته بها وبشطها : ( لاأتذكر متى بدأت علاقتي بذالك النهر الذي دأبنا على تسميته ( الشط) . إذن فإن الرحلة الحقيقية الوحيدة التي يتعهد المؤلف بوصفها هي الرحلة الواقعة ضمن العلاقات بين البشر والأماكن التي يسكنونها، بحيث تظهر سلسلة من العناصر المجردة وغير المادية من وصف ملموس للمكان (مدينة الحلة)، بمبانيها وشوارعها والمقاهي والنوادي، وحتى الروائح والمشاعر والديناميكيات الاجتماعية وأحلام السكان ورغباتهم . ياخذنا الروائي في رحلة الى منطقة الويسية ، شارع المكتبات ، الجسر العتيق ، مقهى أبو سراج ، كازينو الجندول الواقعة عند نهاية الجسر ، حديقة الجبل ، مبنى البلدية ، وحديقة ( أسد بابل) ، أخيرأ ( نادي الحلة ) المحاذي لشط الحلة من الجانب الآخر . التركيز على المدينة في سرد الكاتب ( سلام أمان) يأتي انطلاقاً من خلفية ثقافية؛ باعتبارها الفضاء الاجتماعي الأبرز ، فالمدينة( الحلة ) تجمع ثقافات متعدّدة وأيديولوجيات متباينة، ولم تبق على حال واحدةٍ بل طرأت عليها تحوُّلاتٍ جوهرية .
في روايته " أبناء آنو " أعطى الروائي (سلام أمان ) أهتمام كبير لكل من المكان والزمان وجعلهما ألاساس في هندسة ألاحداث ، ونجح الكاتب في جعل المكان في الرواية عنصر غالب ، ويمثل محوراً أساسياً من المحاور التي تدور حولها عناصر الرواية . وكما ذكر الكاتب في لقاء سابق عن مدينة ( الحلة ) محور السرد : " الحلة هي مدرستي الأولى وحب مراهقتي الأول . هي بداية الوعي الذي تشكل في مقهى ابو ثامر مقابل مدرستي الأعدادية وبين نخلات شارع أربعين قبل ان تقتلعها يد الحضارة الشرسة . في معارض الرسم المدرسية وعلى خشبة مسرح قاعة التربية في مهرجاناتها الأدبية ". يبدو أن الكاتب ( سلام ) واثق بأن الرواية ممكن أن تبنى على مخيلة شخصية واحدة وهذا الأمر يجوز فيما لوكانت سيرة روائية لشخص واحد تتقاطع في حياته قضايا أجتماعية وسياسية. وكذلك النوستالجيا إلى ذاكرة مدينة قديمة "بيوتها الضيقة حتى على أحلام ساكنيها من فقراء (الحلة) والوقوف على (تحولات) المدينة وتغيير نمط عيشهم وحياتهم . مرة ثانية تستعاد الحرب ولكن بشكل طفيف ومع أحدى ضحاياها، ففي روايته نفجع بلوعة ينزفها مجيد يستذكر فيها أخاه الأصغر الذي أختطفته الحرب . بالإضافة إلى ذلك ، لا يقتصر سرد الكاتب على وصف الواقع المادي للمدينة ، ولكنه يتناول أيضا القضايا الاجتماعية والسياسية ذات الأهمية الكبيرة في تلك المرحلة التاريخية .
تتعمق الرواية أيضا في السياق السياسي في ذلك الوقت. الصراع الطبقي واضطهاد النساء ونقص الفرص للفئات الأكثر حرمانا ، هذه بعض القضايا التي تناولها الكاتب بإتقان وبشكل بسيط ومن دون الأسهاب فيها ، مما يدل على التزامه بإدانة الاعتقالات والتعذيب والظلم الذي عاناه المثقفين واليساريين من قبل السلطة في سبعينيات القرن الماضي . في الجزء الاخير من الرواية ، يتناثر أبطالها ويصبحوا ( طشاري ) في بالدان المهجر ، يتزوج فارس في المانيا (هيلين ) التي ترحل بعد أن أنجبت له وليد ، وأخته (شروق ) تتصل به من السويد بعد أن تزوجت وانجبت ثلاث بنات هي الاخرى في السويد . أما صديقه ( وليد الأسود) وهو أحد ( أبناء آنو ) الذي يختفي بشكل غامض .

الشخصيات النسائية في الرواية
في الرواية تتنوع الشخصيات النسائية في إنتمأتهنً الاجتماعية والطبقية . يستخدم الكاتب ( سلام أمان ) لغة دقيقة ومفصلة تغمرنا تماما في جو من الترقب والتدقيق ، وتسمح لنا بفهم تعقيدات المجتمع الذي تجري فيه الحبكة . فضلا عن ازدواجية المعايير في المجتمع التي تُقمع المرأة فيه . يستخدم الكاتب قلمه للتنديد بهذه المظالم وتسليط الضوء على الحاجة إلى التغيير الاجتماعي . أضافة الى شخصية ( شروق ) شقيقة الراوي( فارس) ، نتعرف على الرياضية ( نهلة) لاعبة كرة الطائرة التي تشارك في سباقات الساحة والميدان في البطولات التي تجرى في المدينة . يلتقي بها (فارس) عند حضورهما مباراة لكرة السلة في نادي الحلة وينجذب أليها.. تظهر (نورا ) كامرأة ذات شخصية قوية ، لا تخشى التعبير عن آرائها والدفاع عن حقوقها. على الرغم من وضعها الاجتماعي المحروم، لكنها مصممة على النضال من أجل حياة أفضل، سواء من أجل نفسها أو من أجل عائلتها .
(نورا )حبيبة جعفر الكادحة التي تعمل بائعة في الاسواق المركزية ساقها قدرها أمام ضابط في الجيش العراقي حاول التحرش بها ، لكنها صدته وبقوة ، بعدها رفضت كل الاغراءات التي قدمها لها ، ودافعت عن شرفها حين أهانته امام الجميع ، لكنه توعدها شراُ، وفعلا بعد يومين عاد مع قوة عسكرية بحجة لديه اوامر بتفتش الاسواق المركزية ، بعد طرد الزبائن من ألاسواق ، وأعطاء الأوامر لجنوده بمنع دخول اي شخص الى البناية، قام بجريمته الشنيعة حين أغتصبت الشابة ( نورا )، (القانون والدولة هي الخيمة التي حدثت الجريمة تحت ساريتها ، إغتصاب بسلطة القانون ، نقلوها الى بيتها ، خافوا أن ينقلوها الى المستشفى ) ، ( نورا ) لم تجد حبل أمل تتعلق به ، فأطبقت بحبل الغسيل على رقبتها ، في اليوم التالي وجدوها معلقة من رقبتها بسقف غرفتها . الشخصية الأخرى، المدرًسة ( الست غصون ) هي الأخرى لها حكاية تخبرنا بها شروق شقيقة فارس ، (غصون) لم ينفعها جمالها الطاغي ولا صيت عائلتها الغنية ، والدها كان سفير سابق ، وكانت حلم شباب كثيرين في المدينة ، تزوجت المهندس (عصام ) إبن مدير البلدية الذي كان يدرس في أحد الدول ألأوروبية وجاء ليستقر في مدينة ( الحلة) ، ولكن بعد اسبوع وبضعة أيام من الزواج ،عادت (غصون) لوحدها قبل أن تكمل شهر العسل ، وحصل الطلاق ولم يعد ( عصام ) الى بلده الآ بعد مضي عدة سنوات ، بعدها لم تتزوج الست غصون وظلت عزباء .
يقدم الكاتب ( سلام أمان) شخصيات نسائية على اختلافهنُ الطبقي ، لكن أحلامهنً متشابهة . يتساءل الكاتب عن ازدواجية المعايير في المجتمع، التي تدين االرجال بسبب رغباته وملذاته ، ويتجسد ذالك بالضابط الذي يعتدى على الموظفة ويغتصبها في مكان عملها مستغلا سلطته ، وبالتالي ينهي حياة تلك المرأة الحالمة ، حين تقرر أن تلق رقبتها بالحبل وجدت مشنوقة وملفوفة بعار الرجل الذي أعفى من أي مسؤولية . يدعونا الكاتب من خلال روايته إلى التفكير في وضع المرأة في المجتمع ، مستخدماً إسلوبه السردي المباشر الذي يعكس قسوة الواقع الذي كان يعيشه في ذلك الوقت. الرواية تحمل قيماً عظيمة من خلال ما يطرحه الكاتب من قضايا اجتماعية تهمّ الرجل والمرأة معاً، وبما تسجله في ثناياها من تغير وتطور على عدة مستويات شهدتها مدينة الحلة من فترة الستينيات والسبعينيات . طوال القصة ، نرى كيف يصبح موت الشابة (نورا ) وشنقها لنفسها دليل على ادانه النظام السياسي وسوء استخدام السلطة بعد اغتصابها من قبل ضابط كبير في موقع عملها ف( الاسواق المركزية ) وهي من دوائر الدولة . باختصار ، الأسلوب الأدبي للكاتب سلام أمان هو عينة من شفافية وجمال السرد المتدفق في سلاسته . واستخدامه للموارد الابداعية الاخرى من القصائد أو الموروثات الشعبية ، وكذالك قدرته على إنشاء شخصيات فريدة تجعل هذه الرواية تحفة من الواقعية العراقية. إنه بلا شك عمل أدبي يستحق القراءة والدراسة بعمق .
الحب والعاطفة في ( أبناء آنو)
الحب والعاطفة هما عنصران أساسيان في رواية " أبناء آنو" ، وهي رواية تدعونا للتفكير في جمال العلاقات الإنسانية والقيم النبيلة السائدة في مدينة وديعة اهلها من البسطاء. يتم تقديم الحب في " أبناء أنو "بأشكال مختلفة ، من الحب الرومانسي والعاطفي إلى الحب المحظور والسري . من خلال لغة رشيقة، يغمرنا الكاتب برذاذ من عالم من المشاعر الشديدة وصراعات الحب التي تجعلنا مفتونين من البداية إلى النهاية . الحب في هذه الرواية ليس مجرد مسألة جاذبية جسدية ، ولكنه أيضا متشابك مع الاختلافات الاجتماعية وطبيعة المجتمع الحلي المحافظ ، حين يتستذكر العامل ( جعفر ) حبيبته ( نورا ) الذي لايفصل الحب عن الأيدلوجيا ، يقول واصفاُ الحبيبة : ( ستبقى نورأ حلماً مثل عمال العالم الذين لن يتحدوا أبداً ) . يوضح لنا ( سلام أمان ) كيف يمكن للحب أن يكسر الحواجز الاجتماعية ويتحدى الأعراف الراسخة . في " أبناء آنو " . تستسلم الشخصيات تماما لمشاعرها ، وتسمح لنفسها بالانجراف بعيدا عن شدة عواطفهم . الكاتب " سلام أمان " نجح في التقاط مواقف وحالات وجدانية سردها الكاتب ببراعة . أحد نقاط القوة الرئيسية لهذه الرواية تكمن في طريقة أستخدامه لبنية سردية بسيطة وسلسلة مصممة بعناية لتطوير الحبكة واستكشاف القضايا الاجتماعية والسياسية ذات الأهمية الكبيرة. في النهاية ، هي أكثر بكثير من مجرد رواية بسيطة. إنها صورة مخلصة للمجتمع العراقي وبالتحديد البيئة الحلية في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي .

الموارد الادبية التي أدخلها الكاتب الى النص

يستخدم ( سلام أمان ) أسلوبا سرديا واقعيا ، وهو سمة من سمات الاسلوب الذي أعتمده الروائي في أعماله السابقة ، من خلال المزاوجة بين الشعر والاغاني والسرد البسيط . يتميز السرد بموضوعيته وقدرته على عكس صراعات وتناقضات المجتمع في ذلك الوقت . اللغة التي استخدمها الكاتب هي أيضا انعكاس لطبيعة الشخصيات ، البسيطة ، والمثقفة ، المقهورة . يكتسب "سلام أمان " في هذا العمل الأدبي صوته الخاص ويستخدم اللغة كشكل من أشكال التبرير لإيصال رسالته . ادخل الكاتب الكثير من النصوص الشعرية والغنائية ، مثل : ( لم يبق لي من صحب قافلتي سوى ظلي)، من قصيدة للشاعر مظفر النواب ، أو (أيه ياجعفر أرح ركابك من هم ومن عشر .. كفاك جيلان محمولا على خطر )، للشاعر محمد مهدي الجواهري ، ومن النصوص التي أرتكز عليها الكاتب : ( قد لايموت النسان في السجن من الضرب أومن الحر والبرد أو من الامراض والحشرات ، لكنه قد يموت من الأنتظار) ، للكاتبة نوال السعداوي ، أما الاغنيات التي ترنم بها كل من (مجيد) مع (جعفر ) في جلساتهم المسائية على شط الحلة ، تبدأ من أغنية سعدي الحلي ( أريدك بالحلم خطار ..مر بيٌَ عشك أخضر ) ، او اغنية قحطان العطار ( أحن لمسامرك ..والكاك ..شألكاك). يستخدم الروائي سردا مفصلا ودقيقا لوصف البيئة القمعية واللإنسانية التي يتطور فيها الأبطال. منذ بداية الرواية ، الواقعية موجودة في ( أبناء آنو) من خلال تمثيل الصراعات الاجتماعية والسياسية في ذلك الوقت. يتناول الكاتب قضايا مثل الصراع الطبقي وعدم المساواة الاجتماعية واضطهاد المرأة ، مما يدل على التوترات والتناقضات في المجتمع في ذلك الوقت. لا يخشى المؤلف إظهار قسوة الواقع ، دون الوقوع في المثالية أو الرومانسية ، مما يمنح الرواية طابعا أصيلا ومعقولا .
في الختام : تعد الواقعية في رواية ( أبناء أنو) أحد العناصر الرئيسية التي تجعل هذه الرواية تحفة من الأدب العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص . تمكن الكاتب ( سلام أمان) من تصوير الواقع الاجتماعي والسياسي لمدينة عريقة ببراعة ، من خلال سرد مفصل وقابل للتصديق ، وإنشاء شخصيات معقدة وأصيلة ، وهي شهادة حقيقة على قدرة الكاتب في عكس واقع مدينة و رسم صورة واقعية عن مدينته التي احبها ومازالت شخوصها مطبوعة في ذاكرته .


كاتب عراقي

هامش :
العبارات بين الاقواس مأخوذة من الرواية



#علي_المسعود (هاشتاغ)       Ali_Al-_Masoud#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صرخة إمرأة بوجه العنف المنزلي في فيلم - الحُكم -
- -كعكتي المفضلة-.. حكاية امرأة وحيدة تخوض ثورتها في خريف العم ...
- فيلم - بيدرو بارامو-، مناورة للحظات سريالية من تخيل لرؤية أل ...
- - لا أزال هنا- فيلم برازيلي يعيد إحياء جراح الديكتاتورية
- فيلم - الباص الأخير- تأمل في الحياة والحب والالتزامات تجاه ا ...
- فيلم - العذراء الحمراء - يروي القصة الحقيقة للثورية العبقرية ...
- فيلم - لي - إعادة اكتشاف فترة مظلمة في التاريخ من خلال عدسة ...
- الفيلم الوثائقي -غزة، قطاع الإبادة - يوثق الإبادة الجماعية ف ...
- رحلة البحث عن الجذور والهوية في الفيلم الوثائقي - الإيراني - ...
- فيلم - قطار الأطفال - يحمل رسالة عظيمة عن أهمية الجذور والرو ...
- فيلم - عدوي ، أخي - وثائقي يكشف ضحايا حرب الثمان سنوات بين ا ...
- أسوأ عدو لي- وثيقة سينمائية تدين ممارسات النظام الإيراني وجل ...
- فيلم - لمسة‏‏ - رحلة البحث عن الحب المفقود
- -عن الأعشاب الجافة- فيلم تركي عن الأنانية البشرية والتعقيدات ...
- فيلم -خبز وأزهار - يحمل رسالة من النساء في أفغانستان الى الع ...
- ‏ -ملفات بيبي-فيلم كشف كيف إطال نتنياهو للحرب في غزة للهروب ...
- فيلم المتدرب - يطرح ‏‏أسئلة غير مريحة حول طبيعة السلطة والنف ...
- الفيلم الأيراني -آيات دنيوية- يقدم مشاهد مذهلة للقمع اليومي ...
- فيلم -موت صداقة- إستحضار لأحداث أيلول الأسود عام 1970
- فيلم -إنجراف-.. قصيدة غير متوقعة للشفاء والتواصل الإنساني


المزيد.....




- هل تفقد أفلام جيمس بوند هويتها البريطانية؟ بروسنان يعلق على ...
- الكاتبة والصحافية العراقية أسماء محمد مصطفى تقيم أول معرض فن ...
- مجموعة رؤيا الإعلامية الأردنية توقع اتفاقية تعاون استراتيجي ...
- مبادرة -بالعربي- تكشف ملامح قمتها الافتتاحية في الدوحة ‎
- ميغان ماركل تكشف عن لحظات حميمة مع هاري وليليبيت (صور)
- بعد فراق دام 20 عاما.. لقاء مؤثر بين النجمة السورية منى واصف ...
- الفلسفة وفن الأوبريت أهم فعاليات اليوم الرابع للأسبوع الأدبي ...
- تعزية في وفاة الفنانة الكبيرة نعيمة سميح
- تيم حسن يخرج من قمقم الممثل الأوحد في -تحت سابع أرض-
- وفاة المطربة المغربية الشهيرة نعيمة سميح


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي المسعود - ذاكرة مدينة يوثقها الكاتب العراقي سلام أمان في رواية - أبناء آنو-