أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة شعر الديجيتال .














المزيد.....


مقامة شعر الديجيتال .


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8276 - 2025 / 3 / 9 - 12:38
المحور: الادب والفن
    


مقامة شعر الديجيتال :

كان أحدهم قد نشر نصا أدهشني يقول فيه : (( آني رقمي مميز بين الأرقام صفر سبعة مكعب حزن وجروح , تسع طعنات بيه وتنزف الروح , خمس طعنات ستة مكرر النوح , واحد طعن گلبي وعافه مذبوح )) , وأسماه شعرا رقميا , متأثرا بعصر الذكاء الصناعي الذي نمر به , وفي محاولة لمجاراة هذا الواقع الذي فرضه هذا العصر كتبت الى صديق لي هذا النص : (( صباحاتك ديجتال , أكتبها في رقاقات سيليكونية مضيئة كروحك الباسمة دوما , ولتعبر عن رسائلَ لا تقرأها العيون , لكنها تسكن بعمق في خوارزميات الحنين , هناك حيث تتحول الكلمات إلى أرقام , والأشواق إلى كوداتٍ غير مرئية , فحتى الروبوتات تبكي عندما تُغلق دوائرها , لكن دموعها ليست ماءً , بل حزمة بارقة من البيانات التائهة , تحاول أن تشق طريقًا في أعماقِ الفضاءِ السيبراني إلى قلبكِ البشري )) .

انتهكت الوسائط الجديدة قدسية الكلمة وحرمتِها , وجعلتها تتوارى لصالح تقنياتٍ الذكاءُ الاصطناعيُّ , وهو ما يُعتقد أنه يسلبُ الإنسانَ تلك اللحظة النورانية التي يتجلَّى فيها خلقُ الإبداع البشري , وهيهات أن يتحقق ذلك للآلة التي قد تحتفظ بمليارات المُدخلات وتستطيع أن تستخرج منها ما هو كلمات يُظنُّ أنها شعر, أو قصة , أو رواية , أو مسرحية , أو قطعة موسيقى , أو لوحة تشكيلية , وإن حدث فإنها ستكون كلماتا وأصواتًا وخطوطًا ونصوصًا خالية من المشاعر والأحاسيس والرؤى واستلهام الخيال , فكيف يمكن تصميم ما يعبر عن أحاسيس ومشاعر الإنسان ويستلهمُ خياله ؟

بعد اختراع مطبعة غتنبرغ بسنوات قال الشاعر الإنجليزي أندروا مارفيل (1621 – 1678) مخاطبًا الطباعة (( أيتها الطباعة كم عكرتِ صفوَ البشرية ؟ )) , والآن هل يمكننا أن نقول: أيها الذكاء الاصطناعي كم عكرتَ صفوَ البشرية ؟ ولكن على الرغم من مقولة الشاعر الإنجليزي فإن الطباعة استمرت قرونا , ولا تزال , ويبدو أن الذكاء الاصطناعي يتجه الاتجاه نفسه , إنه لن يلتفت إلى نداءات ومقولات مُحبطة تصفه بأنه يعكِّر صفو البشرية , لأنه من وجهة نظره يعمل على إسعاد البشرية , وفقًا لرؤيته هو وليس وفقًا لرؤية البشرية.

منذ أقل من عقدين , خرجت للأوساط الثقافية في العراق قصيدة تستعين بكل ماهو متوفر في برامج الحاسوب المختلفة , معبرة عن طرق التلاحم في عصر التقنيات , وتشكّل نوعا جديدا من أشكال التحول الشعري , بحيث اصبحت كلمة ألحب خفيفة على لسان الشباب في زمن ((الديجيتال)) يتداولونها كما يتداولون المذكرات الدراسية , وباتت مشاعر الحب في عصر التقنية التي تسيطر على كل شيء , وتربط كل أواصر المجتمع من خلال برامج التواصل الاجتماعي التي تفتح الباب على مصراعيه لكلا الجنسين للتعارف , وأصبح الحب الذي كان يعتبر من أسمى المشاعر الإنسانية الصادقة في مهب الريح , بتغيّر العواطف الصادقة إلى أحاسيس (( ظرفية )) تتغيَّر وتتسارع مع تغيُّر التقنية والمزاج في هذا العصر المتسارع .

لقد غيرت الرقمنة والنشر الإلكتروني والعصر الرقمي الكثير من البنى الوظيفية في العالم كله , ومع النمو المتسارع لمفردات العصر الرقمي الذي نعيشه منذ سنوات , طرأت تغييرات أيضا على شكل الأدب , فظهر ما يعرف بالأدب الرقمي , وهو أدب يستغني عن الورق وصولا إلى الشاشة الرقمية , سواء كانت شاشة أجهزة كمبيوتر أو شاشة تليفونات محمولة أو ذكية أو شاشة وسائط أخرى مثل الآي فون والآي باد وغير ذلك من الشاشات الإلكترونية , وعرفنا ما يمكن تسميته بالآداب الرقمية , ولا يستطيع النقد التقليدي التعامل مع القصائد الرقمية التي تعدت الكلمات والاستعارات والتشبيهات والمجازات إلى آفاق أخرى , قصائد متحركة تخلع عن الكلمة قداستها , واصبحت تقنيات سمعية وبصرية تدخل عالم القصيدة وتحولها إلى فضاء أيقونات .

يقول الشاعر د. مشتاق عباس في قصيدته الرقمية : (( الحروفُ في شفاهي/ كفؤوسٍ متكدّرة/ لا تعرفُ الأبوابَ الخلفيَّة/ فكلّ طَرْقِها متخثرُ الصدى/ ينمو خلسةً/ كطحالبَ بلا أكتاف / الأبوابُ خاليةُ العتباتِ إلاّ من عثرتين عابرتين )) , وفي قصيدة أخرى يقول : ((خبزُ العاطل/ يأكل كفّي/ يعضُّ جروحَ شفاهِ صغاري/ يرعى كلَّ بقايا الخوف/ يكنسُ من أرجاء الروح/ قشَّ الصبر/ يا سنبلة/ تحملُ منذ عُجافٍ أسمرَ / سرَّ الموت/ خلِّ رفات الوقتِ قليلاً/ فالتابوت يئنّ ضحايا/ تلو ضحايا/ تلو ضحايا/ ومهاد الغافين طويلاً خشبٌ قان/ يحضن من أغصانِ رفاقي جِلْداً أنزع/ يقطر وَهَناً/ فوق مسامِّ الخطوِ الأحمر/ يعلم أنّ/ نداءَ الوقت :/ بقايا خنجر/ تفتحُ جَفناً/ كي يغفو ما بين الحنظلِ والحنظل)) , وفي نص آخر يقول : (( كبَحّةِ الناي/ تتلقفني أثداءُ العزلة/ لتُرضعَني من صليلِ سكونِها/ وجعًا أخرس/ يحفر في مباسمي صفرةً ثكلى/ ويباسًا من النواح القشيب/ وما بين بحّةٍ وبحّة/ ينزفني النايُ أمثولةً للبكاء القروي/ يندبني لحنجرةٍ بلا أوتار/ تُصفِّرُ إثمًا من السنوات العجاف/ حيث الدموعُ المنقوعةُ بالعزلة)) .

رد صديقي على نص الصباح الديجيتالي الذي نشرته في مقدمة هذه المقامة بما يلي : (( يقول الاستاذ في العلوم الإنسانية الرقمية ميلاد الدويهي الذي أعلن أنه لا وجود لانسان جديد فقط هناك تقنية جديدة يستوجب على هذا الانسان التصالح معها , وكوجهة نظر شخصية عاجزة عن تصديق روبوت يبكي , لان البكاء تعجز كل برامجيات العالم عن تخزينه كمعلومة , وتبقى قلوبنا البشرية دماغنا الثاني الملئ بالمجسات والتي تُملي على دماغنا الاول ما يفعل , فلنعد للحقل والمنجل والرغيف المخبوز باليد لانني لم استسغ يوماً كل ما دخل بالصناعة , التصنيع ألغى هوية الاشياء , اكتب لي مساء الخير على منديل قطني كالذي كان يوزع زمان مع هلاهل عقد القران )) .

صباح الزهيري .



#صباح_حزمي_الزهيري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة العقم والحبل .
- مقامة العقم و الحبل .
- مقامة لتبق َهامْتُكَ سامقة .
- مقامة البقاء للأفسد .
- مقامة الشارب والشنب .
- مقامة مشكورة .
- مقامة التعود .
- مقامة الفاتحة .
- مقامة الترجمة .
- مقامة عجوز الشتاء .
- مقامة الذوق السائد .
- مقامة التأني .
- مقامة الدهشة .
- مقامة نصيب الأرض .
- مقامة أفعى الكعبة .
- مقامة نهر عطشان .
- مقامة همسة .
- مقامة العجوز .
- مقامة الخنفشاري .
- مقامة مقاولي التفليش .


المزيد.....




- الكاتبة والصحافية العراقية أسماء محمد مصطفى تقيم أول معرض فن ...
- مجموعة رؤيا الإعلامية الأردنية توقع اتفاقية تعاون استراتيجي ...
- مبادرة -بالعربي- تكشف ملامح قمتها الافتتاحية في الدوحة ‎
- ميغان ماركل تكشف عن لحظات حميمة مع هاري وليليبيت (صور)
- بعد فراق دام 20 عاما.. لقاء مؤثر بين النجمة السورية منى واصف ...
- الفلسفة وفن الأوبريت أهم فعاليات اليوم الرابع للأسبوع الأدبي ...
- تعزية في وفاة الفنانة الكبيرة نعيمة سميح
- تيم حسن يخرج من قمقم الممثل الأوحد في -تحت سابع أرض-
- وفاة المطربة المغربية الشهيرة نعيمة سميح
- انتحرت أم قتلت؟.. حسين فهمي يتحدث عن موت سعاد حسني المفاجئ


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة شعر الديجيتال .