أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين علوان حسين - الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 18-19-20/20















المزيد.....


الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 18-19-20/20


حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)


الحوار المتمدن-العدد: 8276 - 2025 / 3 / 9 - 02:50
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


16. حبل الكذب قصير :"سبي عين التمر"
ضمن مقاله المعنون: "الجواري و السَبَايَا في التاريخ الاسلامي"، المنشور في العدد (8236) من الحوار المتمدن الأغر، والمؤرخ في 28/1/2025، كتب السيد عبد الحسين سلمان المحترم يقول:
" معركة عين التمر: ذكر الطبري في تاريخ الأمم والرسل والملوك (3 /377)، وابن الجوزي في المنتظم في تاريخ الأمم والملوك (4 /107)، وابن كثير في البداية والنهاية (6/ 385):
سبي خالد بن الوليد سبايا كثيرة بعث بهم إلى المدينة، وأخذ من كنيسة عشرين غلاما .....
غزوة ( عين التمر) والاربعين طفل !!
عين التمر : مدينة عراقية تقع في محافظة كربلاء في العراق وتبعد مسافة 40 كم غربي مدينة كربلاء.
سكان المدينة: من العرب من طائفة اليهود النصارى ( أختلف المؤرخون العرب في ديانة سكان مدينة عين التمر, قسم منهم يقول انهم مسيحيون وقسم اخر يقول هم يهود, والراجح عندنا انهم من طائفة اليهود النصارى, ولنا فيها بحث مستقل في المستقبل القريب عن هذه الطائفة)
المحتل: الجيش الفارسي
تاريخ الغزوة: سنة 12 هجرية
ورد في كتاب البداية والنهاية لأبن كثير:
بعد هذه المعركة التي انتصر فيها المسلمون بقيادة خالد بن الوليد على نصارى العرب المتحالفين مع الفرس, دخل المسلمون الحصن ووجدوا في الكنيسة التي في الحصن أربعين غلاماً عليهم باب مغلق، فكسره وجد في الكنيسة التي به أربعين غلاما يتعلمون الإنجيل.
فقسمهم خالد في أهل البلاد, فمنهم من أخذ غلامه ورباه, ومنهم من باعه على أهل مدينته, من هؤلاء الغلمان الذين وجدهم خالد في كنيسة عين التمر كان:
1. “سيرين”، وهو والد الفقيه التابعي الكبير محمد بن سيرين ( لإمام القدير في التفسير، والحديث، والفقه، وتعبير الرؤيا،)
.2. ومنهم الغلام “يسار” وهو جد (محمد ابن إسحاق) شيخ مؤرخي السيرة النبوية
3. ومنهم الغلام “نصير”، وهو والد القائد الشهير فاتح الأندلس وقبرص وشمال أفريقية ( موسى بن نصير)
4. ومنهم رباح أبو عبد الله وعبيد الله ابني رباح ( من الفقهاء و رواة الحديث)
5. وهذا قصته عجيبة غريبة وهو : حمران بن أبان , الذي أصبح من حصة عثمان بن عفّان، والذي اتّخذه فيما يعد:
1. كاتبا وحاجبا حتى صار خاتم عثمان عنده
2. كان حمران يصلي خلف عثمان ، فإذا أخطأ صحح له
3. وروى الحديث عن عثمان بن عفان ومعاوية بن أبي سفيان.
4. كما أنه ولي البصرة في سنة 72 هـ في خلافة عثمان
5. ويقول عنه عبد الملك بن مروان:
أن حمران أخو من مضى وعم من بقي، وهو ربع من أرباع بني أمية"
انتهى النص العائد للمنقود.
المصدر:
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=856258
في النص أعلاه، يؤكد السيد عبد الحسين سلمان المحترم أن غلمان الكنيسة الاربعين المحررين كانوا من أبناء نصارى العرب قطعاً وليسوا من أبناء محتليهم الفرس الأعاجم؛ ولو كانوا من أبناء الحامية الفارسية المرابطة في عين التمر يومئذٍ لما تم حبسهم في الكنيسة أصلاً، ولكانوا قد تم اجلاؤهم مع جيش الفرس بقيادة مهران بن بهرام الذي انسحب في حينها مبكراً من معركة عين التمر دون الاشتباك مع جيش المسلمين بقيادة خالد بن الوليد.
ولكن ما سبب حبس الجيش الساساني لهؤلاء الأطفال العرب الأربعين في الكنيسة بحيث أن خالد بن الوليد قد أضطر لكسر باب سجنهم لتحريرهم؟
الخبر اليقين عن هذا هو عند الطبري - الذي يتجنب المنقود الاقتباس منه بهذا الصدد لأمر في نفس يعقوب. يقول الطبري عن خالد بن الوليد:
" ووجد في بيعتهم أربعين غلاما يتعلمون الإنجيل عليهم باب مغلق فكسره عنهم وقال ما أنتم قالوا رُهُن فقسمهم في أهل البلاء منهم أبو زياد مولى ثقيف ومنهم نصير أبو موسى بن نصير ومنهم أبو عمرة جد عبد الله بن عبد الاعلى الشاعر وسيرين أبو محمد بن سيرين وحريث وعلاثة فصار أبو عمرة لشرحبيل بن حسنة وحريث لرجل من بنى عباد وعلاثة للمعنى وحمران لعثمان ومنهم عمير وأبو قيس فثبت على نسبه من موالى أهل الشأم القدماء وكان نصير ينسب إلى بنى يشكر وأبو عمرة إلى بنى مرة ومنهم ابن أخت النمر."
انتهى النص المقتبس من تاريخ الطبري، ص. 577.
إذاً، فقد كان اولئك الأطفال رهائن عند جيش الاحتلال الفارسي؛ إنهم "رُهُن" محبوسين في بيعة (كنيسة) حصن عين التمر، حسب نص جوابهم لخالد بن الوليد باعتبارهم من الناطقين بالعربية؛ وهو ما لا يقوله المنقود، الذي يضع العديد من علامات التعجب التي تستنكر على جيش المسلمين تحريره لهم، ولا تستنكر قيام الجيش الفارسي بأخذهم رهائن من ذويهم العرب وحبسهم في كنيسة!
ولكن ما حكاية أخذ أطفال الشعوب الأخرى رهائن بحوزة الجيش الساساني ؟
لقد كان حجز الرهائن من أطفال الأقوام الغريبة المتحالفة تقليداً مستداماً لدى جيوش الامبراطوريتين الرومانية والفارسية، والهدف منه هو ضمان ولاء الأحلاف المعقودة مع تلك الأقوام، وعدم نقضهم لعهودهم ازاء الفرس والرومان. بل أن الاباطرة الرومان كانوا يتفاخرون بكثرة عدد الرهائن من أبناء الأقوام غير الرومانية المقهورة والمتعاهدة مهم ممن يستبقونهم لديهم؛ كما كانوا يستعرضونهم في مهرجانات الاحتفال بانتصاراتهم في روما للتدليل على جبروتهم.
المصدر:
https://www.athensjournals.gr/history/2016-2-3-4-Thijs.pdf
في واقعة عين التمر تلك، كان الجيش الساساني يُجهّز القبائل العربية النصرانية المتحالفة معه في حروبه ضد الجيش الاسلامي بقيادة خالد بن الوليد بمختلف مستلزمات ومعدات الحرب، ويدفع لهم الجرايات؛ ولضمان عدم انقلاب تلك القبائل عليه، فقد كان يأخذ منهم الأطفال العرب رهائن.
ما هو الوضع القانوني لأولئك الأطفال العرب المحررين ؟
هؤلاء الأطفال الرهائن هم من أبناء القبائل العربية النصرانية التي كانت تحارب مع الساسانيين ضد جيش المسلمين، اي أنهم من "أسرى" العدو. ولما كانوا قاصرين ومجهولي ولي الأمر، نرى جملة الطبري في النص أعلاه تقرأ: "فقسَّمهم في أهل البلاء منهم"، أي أن خالد بن الوليد وهب كل قائد من أهل البلاء والشكيمة في القتال من جيشه واحداً من أولئك الأطفال العرب الأسرى.
إذاً، فكل واحد من أولئك الاطفال كان نصرانياً عربياً قبل تحريره، ثم أصبح مولى مسلماً لقائد عربي بعد تحريره لأن من سنة العرب المسلمين عتق الأسرى حال اسلامهم.
وينقل المنقود لاربعة من هؤلاء في نفس مقاله المؤرخ في 28/1/2025 هذه الأخبار:
1. “سيرين”، وهو والد الفقيه التابعي الكبير محمد بن سيرين ( لإمام القدير في التفسير، والحديث، والفقه، وتعبير الرؤيا،)
.2. ومنهم الغلام “يسار” وهو جد (محمد ابن إسحاق) شيخ مؤرخي السيرة النبوية
3. ومنهم الغلام “نصير”، وهو والد القائد الشهير فاتح الأندلس وقبرص وشمال أفريقية ( موسى بن نصير)
4. ومنهم رباح أبو عبد الله وعبيد الله ابني رباح ( من الفقهاء و رواة الحديث)
5. وهذا قصته عجيبة غريبة وهو : حمران بن أبان , الذي أصبح من حصة عثمان بن عفّان، والذي اتّخذه فيما يعد:
1. كاتبا وحاجبا حتى صار خاتم عثمان عنده
2. كان حمران يصلي خلف عثمان ، فإذا أخطأ صحح له
3. وروى الحديث عن عثمان بن عفان ومعاوية بن أبي سفيان.
4. كما أنه ولي البصرة في سنة 72 هـ في خلافة عثمان
5. ويقول عنه عبد الملك بن مروان:
أن حمران أخو من مضى وعم من بقي، وهو ربع من أرباع بني أمية"

انتهى نص السيد عبد الحسين سلمان المحترم.
وقول المنقود في حمران بن أبان: " كما أنه ولي البصرة في سنة 72 هـ في خلافة عثمان " هو خطأ تاريخي فاحش، لأن الخليفة عثمان بن عفان قتله ثوار مصر في السنة 35 للهجرة. وهذا الخطأ الفاحش هو من مصاديق أمّية المنقود المعيبة في التاريخ الإسلامي.
أما معنى قول الخليفة عبد الملك بن مروان في حمران: "أخو من مضى" فهو اعتبار هذا الخليفة الأموي له أنه أخ لعاتقه الخليفة عثمان بن عفان ومروان بن الحكم؛ و "عم من بقى"، اي أنه عم الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان نفسه، وهو ليس فقط فرد من أفراد بني أمية، بل هو "رُبع من أرباعهم". وهذا أكبر دليل نصي بات يؤكد سنة العرب في كون "مولى القوم منهم"، والذي يتجاهله المنقود تماماًن مثلما تم عرضه في الحلقات السابقة.
إذن فقد كان تحرير جيش المسلمين لإولئك الأطفال العرب وتقسيمهم على القادة العرب الأشداء فاتحة خير عليهم، حيث أصبح منهم ومن أولادهم من بعدهم الولاة والقادة والعلماء والكتاب، حسبما يوضح بعظمة لسانه السيد عبد الحسين سلمان المحترم في النصوص أعلاه.
ولكن المنقود ينسى في مقاله هذا - الذي يثبّت فيه حقيقة عروبة نسب هؤلاء الأطفال المحررين كونهم من أبناء قبائل النصارى العرب - قوله السابق فيهم بكونهم "من العجم" في نص مقاله "هل التاريخ الاسلامي صناعة عباسية / أعجمية" ؟ المنشور في العدد: 8229 - 2025 / 1 / 21 من الحوار المتمدن الأغر، والذي يقرأ:
"الفقهاء و القضاة المسلمون من العجم
إنّ القيامة فيما أحسب اقتربت ... إذ كان قاضيكم نوح بن درّاج
جاء في العقد الفريد :
قال ابن أبي ليلى( تابعي ومفتي وفقيه وقاضي كوفي، وأحد رواة الحديث النبوي.) : قال لي عيسى بن موسى ( أميرٌ عباسي، ووليُّ عهد لفترتين ثم عُزل، وهو من الولاة القادة، وابن أخي الخليفة أبو العباس السفاح) ، وكان جائراً شديد العصبية للعرب :
1: من كان فقيه البصرة؟
قلت: الحسن بن أبي الحسن(ت110 ه)،
قال: ثم من؟ قلت: محمد بن سيرين(ت-110ه)؛ قال: فما هما؟ قلت: موليان؛
2: قال: فمن كان فقيه مكة؟ قلت: عطاء بن أبي رباح (114 ه )ومجاهد بن جبر(ت-104 ه) وسعيد بن جبير(ت-95ه) وسليمان بن يسار؛ قال: فما هؤلاء؟ قلت: موإلى،
3: قال: فمن فقهاء المدينة؟ قلت: زيد بن أسلم ومحمد ابن المنكدر ونافع بن أبي نجيح؛ قال: فما هؤلاء؟ قلت: موالى. فتغير لونه،
4: ثم قال: فمن أفقه أهل قباء؟ قلت: ربيعة الرأي وابن الزناد؛ قال: فما كانا؟ قلت: من الموالي. فاربد وجهه،
5: ثم قال: فمن كان فقيه اليمن؟ قلت: طاووس وابنه وهمام بن منبه؛ قال: فما هؤلاء؟ قلت: من الموالي. فانتفخت أوداجه وانتصب قاعدا
6: ثم قال: فمن كان فقيه خراسان؟ قلت: عطاء بن عبد الله الخراساني، قال: فما كان عطاء هذا؟ قلت: مولى. فازداد وجهه تربدا واسود اسودادا حتى خفته،
7: ثم قال: فمن كان فقيه الشام؟ قلت: مكحول؛ قال: فما كان مكحول هذا؟ قلت: مولى. فازداد تغيظا وحنقا،
8: ثم قال: فمن كان فقيه الجزيرة؟ قلت: ميمون بن مهران؛ قال؛ فما كان؟ قلت: مولى. قال: فتنفس الصعداء،
9: ثم قال: فمن كان فقيه الكوفة؟ قال: فوالله لولا خوفه لقلت: الحكم بن عيينة وعمار بن أبي سليمان، ولكن رأيت فيه الشر، فقلت: إبراهيم والشعبي؛ قال: فما كانا؟ قلت عربيان، قال: الله أكبر، وسكن جأشه.
10: سرجون بن منصور" الرومي كان يكتب لمعاوية على ديوان الخراج، ويكتب لزياد مولاه مرادس،
11: على الخراج زاذان فروخ، وكان ذلك في أيام معاوية بن يزيد بن معاوية،
12: ويكتب لعبد الملك على ديوان الرسائل "أبو الزعيزعة" مولاه،
13: وعلى ديوان الخاتم للوليد بن عبد الملك شعيب الصابي مولاه،
14: ويكتب له على المستغلات بدمشق يفيع بن ذؤيب مولاه،
15: موسى بن نصير، وكان والده من سبي عين التمر،
16: ولّى أبو المهاجر دينار مولى الأنصار إفريقية 47هـ،

انتهى النص المقتبس من مقال السيد عبد الحسين سلمان المحترم.
إذاً، فالسيد عبد الحسين سلمان المحترم يحكم في مقاله المنقود المشور بتاريخ 21/1/2025 بكون الأطفال الخمسة من سبي عين التمر: سيرين ويسار ونصير ورباح وحمران إنما هم من العجم. ثم، ينسى بعدئذٍ قوله السابق هذا فيقرر أنهم من نصارى القبائل العربية في مقاله اللاحق المعنون: "الجواري و السَبَايَا في التاريخ الاسلامي"، بتاريخ 28/1/2025 في العدد (8236) من الحوار المتمدن الأغر. وقد قيل: حبل الكذب قصير! وهو يتجنب تثبيت قول الطبري بأن أولئك الأطفال كانوا رهائن من أبناء القبائل العربية النصرانية لدى الجيش الساساني المرابط في حصن عين التمر. أما سبب استعجام المنقود للعرب الخلّص في كل متن مقاله فإنما يعود لرفضه المُغرض فهم حقيقة كون موالي الحلف والعتق عند العرب هم من العرب أنفسهم، مثلما تم بيانه.
أول هؤلاء الغلمان المحررين هو نصير، والد موسى بن نصير، الذي يقول عنه ابن خلدون أنه كان من حرّاس الخليفة معاوية بن أبي سفيان:
" لما ولي الوليد بن عبد الملك كتب إلى عمه عبد الله، وهو على مصر ويقال عبد العزيز، أن يبعث بموسى بن نصير إلى إفريقية، وكان أبوه نصير من حرس معاوية فبعثه عبد الله، وقدم القيروان وبها صالح خليفة حسان فعقد له، ورأى البربر قد طمعوا في البلاد فوجه البعوث في النواحي، وبعث ابنه عبد الله في البحر إلى جزيرة ميورقة فغنم منها وسبى وعاد. "
المصدر:
https://shamela.ws/book/12320/2346
إذاً، فقد أصبح الغلام العربي موسى – الذي يستعجمه جزافاً السيد عبد الحسين سلمان – من حراس الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان بعد اسلامه وعتقه.
السؤال الآن هو: هل كانت من سياسة خلفاء بني أمية أن يتركوا جانباً رجال العرب جميعاً وهم مادة الاسلام، ولا ينتقون غير "العجم" حراساً لهم ممن يرتهنون حيواتهم بهم؟ مثل هذا الكلام مردود على صاحبه الذي يخرّف بما لا يعرف، ويفتري بالضبط عكس ما هو مشهور وثابت من التصاق الخلفاء الأمويين الشديد بالعصبية العربية في اختيارهم لرجال دولتهم. يقول أبن خلدون بهذا الصدد:
"كان الأمويون يستظهرون في حروبهم وولاية أعمالهم برجال العرب مثل عمرو بن سعد بن أبي وقاص، وعبيد الله بن زياد بن أبي سفيان، والحجاج بن يوسف، والمهلب بن أبي صفرة، وخالد بن عبد الله القسري، وابن هبيرة، وموسى بن نصير، وبلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، ونصر بن سيار، وأمثالهم من رجالات العرب." (المُقدّمة: ص 183).
أذن، فإبن خلدون يثبِّت في نصه أعلاه كون موسى بن نصير إنما هو من رجالات العرب، وليس العجم، مثلما يفتري المنقود لأنه من أب عربي نسباً ولغة ومربى ومشيخة.
ونفس هذه القاعدة تنطبق على كل الأطفال العرب من سبي عين التمر وذريتهم، ومنهم حمران بن أبان الذي كان من حصّة المسيّب بن نجبة الفزاري، فابتاعه منه الخليفة عثمان بن عفّان، وعلّمه الكتاب واتّخذه كاتباً وحاجباً، وأعتقه حتى صار خاتم عثمان عنده، فكان يفتح على عثمان في الصلاة. وقد ولّاه الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان على البصرة، التي ضربت فيها سكة النقود بإسمه. وخلفاء بني أمية حاشاهم أن يُأمِّروا الأعاجم على العرب، ولا يسكّون النقود العربية بإسم الأعاجم، ولا يقولون لأعجمي أنه أخو الخليفة الأموي مروان بن الحكم ولا عم الخليفة عبد الملك بن مروان .... قليل من العقل والنزاهة الفكرية يكفي لإدراك هذه الحقائق التاريخية التي توضح نفسها بنفسها.
ولما كان إبن خلدون قد اعتبر أن الإنسان العالِم إنما هو بلغته ومرباه ومشيخته، فأنني أدعوا المنقود إلى مراجعة ما سوّلت له نفسه به من سوء، وإلى اعادة التدقيق في وقائع حيوات وسِيَر من يستعجمهم من أعلام العرب كافة بتحري لغتهم ومرباهم ومشيختهم وفق المعايير العلمية تلك لإبن خلدون. فإن كان ممن يقدِّرون ابن خلدون حق قدره من العلم والإصابة فعليه تدبر مبدأ هذا العالم الجليل بأن "الناس مُصدَّقون في أنسابهم"، وبعدم جواز طعن المتأخرين بأنساب الأقدمين على هواهم، وبكون الأنساب إنما هي وهمية أصلاً. وأخيراً، بودي أن ألفت نظر السيد عبد الحسين سلمان المحترم إلى حقيقة كون استعجامه لرجالات العرب من العلماء والقادة وفق مقالته الأعجمية المنقودة يستحيل عليها أن تُزيد العجم شرفاً مثقال ذرة، ولا تُنقص من شرف العرب مثقال ذرة، ولا علاقة لها بشرف الكلمة ولا بالبحث العلمي مثقال ذرة.
وبقدر تعلق الأمر بالدين، فقد كانت حضارات الشرق الأوسط القديمة (حضارة وادي الرافدين ووادي النيل ووادي السند) هي المنبع الذي خرجت منه كل الأديان الكبيرة القديمة (عمَّ هيكل الآلهة السومري العالم القديم من ايران والاناضول وأرمينيا الى المغرب، ومن اليمن إلى أثينا وروما) والحالية (المسيحية، الاسلام، البوذية)، لتنتشر في أقطار العالم كافة بفضل السبق التاريخي الحضاري للشرق. أما الغرب، فلم تنبع من امبراطورياته الهمجية على مر عصور التاريخ سوى الحروب البينية والعدوانات الصليبية العالمية وأسلحة الدمار الشامل والابادات الجماعية الكونية والنهب المنظم للثروات واستعباد شعوب قارات العالم كافة والتمييز العنصري وتدمير البيئة وتهديد مستقبل البشرية بأفدح الأخطار، وما تزال، حتى حين. كما انتجت مواخير استخباراته أحقر وأبشع السماسرة له من كل التقليعات والأصناف من إمَّعات تكريس تدمير مصالح شعوبهم ونهب ثرواتها وتشويه تاريخ حضاراتهم. واليوم، بدأت رياح الشرق بالهبوب من جديد لتكتسح جيف بربرية الغرب، ولتبشر بمستقبل واعد جديد لا تعكره سوى داعشية حروب الغرب البربري الشمولي المندلعة بسبب رفض تنانينه تقبل حقيقة أن حضارته المتعفنة الملطخة بدماء مئات الشعوب قد أفلت عنها الشمس، بلا عودة، وحان ميحان كنسها إلى مزابل التاريخ، مرّة وإلى الأبد، بعد أن دامت شرورها المستطيرة أطول مما يجب.
تمت.



#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)       Hussain_Alwan_Hussain#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 17-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 16-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 15-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 14-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 13-20
- مأساة أوجلان: مأساة شعب مظلوم
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 12-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 11-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 10-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 9-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 8-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 7-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 6-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 5-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 4-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 3-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 2-20
- الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 1-20
- وئام ملا سلمان: الشاعرة المجددة توحّد الشاعرة مع الشعر لخلق ...
- الانقلاب الكوري الجنوبي والحرب الاوكرانية


المزيد.....




- مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى
- الفاتيكان يكشف عن أحدث التطورات الصحية للبابا فرنسيس
- عائلة الباشا المقدسية حافظت على كنيس يهودي فكانت المكافأة طر ...
- فيديو كلمة الشرع من المسجد حول الأحداث في سوريا
- خديعة جديدة.. ما وراء سماح إسرائيل بالصلاة في المسجد الأقصى ...
- وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية .. تكشف عن موعد عيد الفطر 20 ...
- أحصل على ثواب مضاعف “موقع تسجيل الاعتكاف في المسجد الحرام 20 ...
- قرار إسرائيلي بإبعاد مقدسية مرابطة في المسجد الأقصى منذ أكثر ...
- 60 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى وسط تش ...
- مقتل مئات المدنيين من الطائفة العلوية في الساحل السوري


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسين علوان حسين - الرد على مقالة الباحث: السيد عبد الحسين سلمان/ 18-19-20/20