أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - عين الكروم جارة العاصي المجيد














المزيد.....


عين الكروم جارة العاصي المجيد


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 8276 - 2025 / 3 / 9 - 09:12
المحور: الادب والفن
    


قرية البساطة والجمال واللقاء المؤجل

حين يذكر اسم قرية" عين الكروم". جارة العاصي والجسر ما بين: الغاب واللاذقية. بين السهل والجبل والبحر، والتي عرفناها أكثر من خلال قصائد صقر عليشي المشرفة على السهل، لا يحضر في ذهني فقط موقعها الجغرافي في أحضان جبال الغاب، بل تطفو أمامي ذكرياتٌ لم تكتمل، ووعودٌ بقيت معلّقة في هواء الأزمنة المتبدّلة. عين الكروم ليست مجرد قرية، بل هي عنوانٌ لمرحلة من حياتي، ارتبطت باسم صديقي الشاعر صقر عليشي، ذاك الذي كان بيتي في قامشلي عنواناً له، وبيته في دمشق عنواناً لي، يلحّ عليّ ألا أذهب إلى الفندق، فأجد نفسي بين دفء الأصدقاء وحميمية الرفقة، وقد كتبت نصاً في العام 1984 بعنوان غرفة صقر نشرفي مجموعتي" هكذا أكتب القصيدة".

كان لصقر عليشي فضلٌ كبيرٌ في حصولي على موافقة السفر لمرة واحدة. فضل في إنقاذ حياتي وأسرتي، في آن، عبر الدكتور نجاح العطار، بعد أن مُنعتُ من مغادرة سوريا بقرارٍ من الأمن القومي. أجل: الأمن القومي ذاته، بالإضافة إلى جهات أخرى. لم يكن ذلك المنع مجرد قيدٍ إداري، بل سبب خسارتي لوظيفة تعليمية مريحة في الخليج، ضاعت مني كما ضاعت أشياء أخرى تحت وطأة المعوقات السياسية والمادية، وإن كنت سأعمل في الصحافة بعدها، في أحد أكبر وأهم الصحف الخليجية.

في أوائل الثمانينات، دعاني صقر إلى قريته، مع الصديق الروائي عبدالسلام نعمان، غير أنني لم أتمكن من السفر بسبب عدم توافر أجرة الطريق لدي، أنا الصحفي والمدرس الذي- بالكاد- يكفيه مرتبه للحد الأدنى من الحياة. لم أصرّح حينها عن السبب، لكنني بقيت أمني النفس بزيارة القرية، غير أن الأقدار سبقتني، فتوفي والداه واحداً بعد الآخر، قبل أن أفي بوعدي.

في دمشق، ظل صقر عليشي صديقاً حقيقياً، يُصرّ على طباعة كتبي دون تردد، كما فعل مع ديواني "كتاب الإدكارات"، الذي طبعه بلا موافقة رسمية سنة 2005، من دون أن يدون اسم دار نشره عليه، مكتفياً بالإشارة إلى أنه طُبع في بيروت، ليفلت من مقص الرقابة التي لم تتقبل الرموز الكردية الواردة فيه. حتى لوحة الغلاف والصور الداخلية، التي رسمتها زوجته الروسية آليسا زيلينوفا، كانت امتداداً لروحه الكريمة، التي كانت تعكس صدق علاقته بالأصدقاء وأهمية الأدب عنده.

أما كرم، ولدي، فقد طبع له صقر ديواناً عام 2002، بعد أن جمع الشاعر عماد حسن نصوصه، لكن كرم، في لحظة تمردٍ فتي، أحرق النسخة التي وصلته، وقال: "بكير علي". ومنذ ذلك الحين، لم يطبع كتاباً، بل ضاعت منه رواية كتبها قبل أكثر من عشرين عاماً، ربما في انتظار زمنها المناسب، بعد أن اعتمد على الشاعر أحمد حسيني- شفاه الله- ليطبعها عبر دار كردية في تركيا- كما أوعده في العام 2008- ولم يتم ذلك، ولم يعد متحمساً لطباعة أي مخطوط له!

صقر، هذا" العلوي" النبيل، شأن ملايين بسطاء العلويين، ولا يشمل كلامي هذا شبيحة العلويين، المجرمين، كما كل شبيحة قد يتم- الآن- تعميدهم وتطهيرهم بالمطهر الطائفي السني، لا يختلف عن أصدقاء آخرين وقفوا موقفاً عظيماً في لحظات عصيبة. محمد غانم، الذي دافع عن الكرد الذين توثقت علاقته بهم عن طريقي، ودفع ثمن مواقفه بدخوله السجن، وكنت إلى جانب أسرته في تلك الأيام الصعبة، أتشارك معهم الخوف والقلق، وأوصل إليهم" محبة" الكرد من داخل وخارج الوطن. ودانيال سعود، الذي ظل منذ اندلاع الحرب ينسق بيانات ضد انتهاكات آلة النظام، ولم يقطع علاقته بالحقوقيين الكرد، رغم الخطر الذي كان يهدد حياته.

أثناء انتفاضة 2004، حين هدد ماهر الأسد بمحو إحدى المدن الكردية واستهدف شبيحة النظام الكرد ، ومن بينهم شبيحة سنة بارزون: مراتب و عناصر مجرمة، كما حال أدواته من المجرمين من بين العلويين، وكان الكرد واعين لذلك، دعا صقر عليشي إلى ندوة وسهرة في صالة دار الينابيع بدمشق. حضر اللقاء إبراهيم محمود، ومحمد الجزاع، وعبدالإله الباشا، وأنا، والتقينا بكتّاب وصحفيين وإعلاميين وأكاديميين علويين، حيث شرحنا لهم ما قام به النظام. جاء اللقاء ضمن تكليفنا الأربعة من قبل الحركة الكردية في سوريا بإجراء لقاءات مع المثقفين وشرح الوضع لهم. تضامنوا معنا وقالوا: "ما كنا نعرف الظلم الواقع عليكم"، ومنهم من قال: "اليوم أعرف الكرد". آنذاك، التقينا بالكثيرين، بينهم علي عقلة عرسان وعشرات المتابعين.

عين الكروم، كما علمت، لم تسلم من التعفيش، كما لم تسلم قرى ومدنٌ كثيرة من ويلات الحرب والنهب والتغيير القسري. واليوم، وأنا أريد الاطمئنان على صقر، وعن مكانه في هذا الشتات الذي ابتلع جميع أهلنا العلويين، أجد نفسي مشدوداً إلى تلك القرية الجبلية، التي قد تكون أحد عناويني، إذا ما كتب لي أن أعود إلى وطنٍ يستعيد حريته، ويسترد كرامته.

8 آذار 2025

........

ملاحظة:

ثقافتي البيتية والكردية والسورية وراء شعوري بحرج كبير كلما أكتب متردداً، مصطلحي: سنة وعلويين- مسلمين ومسيحيين، وما تركيزي على الكرد إلا لمواجهة أعداء الإنسانية العنصريين.



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة الثأر في سوريا: تهديد للسلام والمستقبل وضرورة محاكمة ا ...
- خالد كمال درويش: والآن، من يستقبلنا بابتسامته الملازمة!
- وباء التحريض: ديناميكية الخسَّة وصناعة الانحطاط
- في العنف والعنف المضاد أو ثقافة العبث وجذور العنصرية القديمة
- من أسقط الأسد؟ أو سقوط وهم القوة وصمود هم المصالح
- الالتفاف على القضية الكردية في سوريا الجديدة: إعادة إنتاج ال ...
- تشويه صورة الأقليات في سوريا: وهم الأكثرية وصناعة الإقصاء
- تشويه الصورة المصطنعة ل- الأقليات- في سوريا: وهم الأكثرية وص ...
- الكرد في سوريا بين الإقصاء الممنهج ووعود الخداع
- أول رمضان سوري دون حكم البعث والأسد
- سحر أنقرة ينقلب على رؤوس طباخيها.1
- ضدَّ إعادة تدوير نظام البعث – الأسد
- الشاعرة البوطانية ديا جوان: حياة مترعة بالكفاح والحلم
- بيان استنكار لماسمي بمؤتمر الحوار الوطني
- ملك العود ملك المقامات: رشيد صوفي ما كان عليك أن تغادرنا الآ ...
- زمن الزور زمن التزوير: إلى روح الموسيقار الكردي الكبير رشيد ...
- الكتابة عبر الذكاء الاصطناعي وسلطة الكاتب
- أبواق الفتنة والتهليل لقرع طبول الحرب!
- فيمن ينتظرون حرباً تركية ضد الكرد السوريين: من يخرج بسواد ال ...
- العهد الجديد وتحريض الشوفينيين ضد الكرد والدروز والعلويين


المزيد.....




- هل تفقد أفلام جيمس بوند هويتها البريطانية؟ بروسنان يعلق على ...
- الكاتبة والصحافية العراقية أسماء محمد مصطفى تقيم أول معرض فن ...
- مجموعة رؤيا الإعلامية الأردنية توقع اتفاقية تعاون استراتيجي ...
- مبادرة -بالعربي- تكشف ملامح قمتها الافتتاحية في الدوحة ‎
- ميغان ماركل تكشف عن لحظات حميمة مع هاري وليليبيت (صور)
- بعد فراق دام 20 عاما.. لقاء مؤثر بين النجمة السورية منى واصف ...
- الفلسفة وفن الأوبريت أهم فعاليات اليوم الرابع للأسبوع الأدبي ...
- تعزية في وفاة الفنانة الكبيرة نعيمة سميح
- تيم حسن يخرج من قمقم الممثل الأوحد في -تحت سابع أرض-
- وفاة المطربة المغربية الشهيرة نعيمة سميح


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - عين الكروم جارة العاصي المجيد