|
كتاب البعث – سامي الجندي (1)
خليل الشيخة
كاتب وقاص
(Kalil Chikha)
الحوار المتمدن-العدد: 8275 - 2025 / 3 / 8 - 20:52
المحور:
الادب والفن
اختصار كتاب البعث لسامي الجندي - الجزء الأول أظن ان هذا الكتاب هام بسبب أن صاحبه سامي الجندي هو أحد الشخصيات التي شاركت في بدايات البعث، وكان له قريب أيضاً في البعث اسمه عبد الكريم الجندي مسؤول جهاز الأمن الداخلي والمخابرات العامة (كان هذا الرجل قاسٍ مع المعارضين إلى حد المرض). ولد سامي الجندي في مدينة السلمية، والتي هي موطن للطائفة الإسماعلية في سوريا، عام 1921 وتوفى عام 1995. درس ومارس طب الأسنان وتعرف على زكي الأرسوزي في دمشق، وعندما قام انقلاب البعث في عام 1963 أصبح عضواً في مجلس قيادة الثورة والناطق الرسمي له ثم عين وزيراً للثقافة والإرشاد القومي في حكومة صلاح البيطار ثم عين وزيراً للإعلام في عام 1964 في عهد أمين الحافظ وآخر منصب له كان تعينه سفيراً لفرنسا. هذا الكتاب هو عبارة عن نقد واضح وشعور بالغبن للبعث والرفاق الذين كما يرى هو بأنهم انحرفوا عن تعليمات الحزب. البعث حزب اتى ليخدم شرائح بعينها أو حتى أشخاص وهذا الحزب هو مصمم بالأصل “لذوي الاحتياجات” الخاصة كما قال الاقتصادي السوري أسامة القاضي. يبدأ الكاتب في مقدمة مهمة إذ يقول: وجدنا أنفسنا على كراسي الحكم غرباء بعقلية جديدة ووسائل قديمة، لا تجربة ولا إيديولوجيا، فقد طننا أن عصور الانحطاط قد انتهت بسلفنا من السياسيين وأننا نبدأ حضارة جديدة (10). كان كل ما لدينا كتب رسمية صادرة عن قياداته تغفل الخطأ وتلح على تاريخ الحزب بأنه دائماً انتصارات والآخرون هم المسؤولون عن هناته وكل ما قيل عن النقد الذاتي كان تبريراً. لقد بنى البعث كل بريقه على القضية الفلسطينية وانتهى به المطاف إلى أفدح وأذل هزيمة في التاريخ العربي المعاصر (12)، لأن الدجل الغوغائي أعمى عيون امتنا وهي مضللة وعلى حافة الدمار (14). إن هزيمة حزيران هي تعبير عن هذا العالم الذي لا يمكن أن ينتصر، فهو أناني مهزوم في أعماقه (15). يقول ناظم حكمت (وهو شاعر وأديب تركي) إذا لم أحترق أنا وأنت فكيف نخرج من الظلام إلى النور. - نشوء البعث العربي: يجهل الناس أن حركة 32 شباط أحلت زكي الأرسوزي أباً روحياً للحزب بدل ميشيل عفلق (17)، فالبعث هو وارث لـ عصبة العمل القومي التي تأسست عام 1932 – انضمت إلى الكتلة الوطنية عام 1936 – وهذه النواة التنظيمية لكل من عفلق والأرسوزي. فقد كان القوميون العرب في بداية 1932 بلا تنظيم سياسي، إلا أنها استطاعت أن تجمع أكثر شباب سوريا إذ وصل أعضاؤها عام 1940 في مدينة حمص إلى 8 آلاف وكانت حليفة الكتلة الوطنية، وقد أتخذ الأعضاء موقفاً سلبياً من الاستعمار الفرنسي ورفضوا التعاون معه أو حتى التوظيف بالحكومة، فقاطعها المجلس النيابي، لكنها أصيبت بعطب حين مات أمينها عبد الرزاق الدندشي، (أهم المؤسسين للعصبة) ولحق بها عطب آخر حين قبل أمينها الثاني صبري العسلي الدخول إلى المجلس النيابي والتحاقه بالكتلة الوطنية ثم انسحب منها زكي الأرسوزي (20). والأرسوزي، كان قد تزعم المقاومة العربية في لواء إسكندرونة قبل ضمها إلى تركيا وكان من أوائل من كشف عورات التخلف. ففي عام 1939 اجتمع كل من الأرسوزي وميشيل قوزما وميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار وشاكر العاصي واليس قندلفت ليؤسسوا "الحزب القومي العربي" (21). قد تأثر هؤلاء بالفكر الأوروبي، فقد وضعوا رمزاً للحزب النمر ووضعوا أهدافه: العرب أمة واحدة، وللعرب زعيم واحد (تعليقي: هذه أول مصائب البعث)، العربي سيد قدره (22). السبب أن الأرسوزي اختار رمز النمر لأنه أكثر توثباً من الأسد الذي يتميز بالهدوء والرزانة. عندما وضع الأرسوزي هدف أن للعرب زعيم واحد، كان متأثراً بنشأته العلوية وهذا الزعيم هو صورة علمانية لإمام الزمان الذي يقتدى به بالصلاة ويطاع فيما يقضي به (23). كان الأرسوزي ارستقراطي النزعة والاشتراكية عنده هي تكافؤ الفرص (24). عندما ذهب الأرسوزي للعراق عام 1939 يعلّم أفكاره، رجع شاتماً لقتل الملك غازي الذي كان يرى به بطلاً (25). التقينا بزميل في كلية الحقوق هو عبد الحليم قدور، قال لنا بأن علينا تأسيس حزب أسمه " البعث" واقترح بأن يقسم التنظيم إلى جانب ثقافي وآخر سياسي، وسمعه الأرسوزي. يومها كتب صدقي إسماعيل (صاحب قصة الله والفقر) بأننا نعيش تحت ظل الوحدة العربية على الجدار (26), عندما أتهمنا البعض بالإلحاد، كانوا على صواب، وكنا عرقيين أيضاً معجبين بالنازية، نقرأ كتبها ونتابع فكرها خاصة كتابات نيتشه ونحن أول من فكر بترجمة كتاب كفاحي لـ أدولف هتلر (27). فقد كان الأرسوزي يرى أن الجاهلية في الإسلام هي مثله الأعلى وهي المرحلة الذهبية، ناقشته بالقرآن عام 1946 فعاب علي نزعتي الدينية قائلاً: أنت راهب في ثياب ثوري، كان يتحدث الفرنسية قبل عام 1940 وبعد هذا العام تعلم العربية (28). عندما قام رشيد الكيلاني بثورته بالعراق جن الأرسوزي واتهمه بالخيانة وتنبأ بفشله رغم ضلاله بالتفاصيل. عندما هاجم الإنكليز سوريا عام 1941 وحوصرت دمشق وانفصل الشمال عن الجنوب، نفته السلطات الفيشيّة واجبرته المشي من مصياف إلى تلكلخ. لكن أطلقوا سراحه. كان عدد أعضاء الحزب في عام 1941 لا يتجاوز 12 عضواً (29). بدأ الشقاء يدمر حياة الأرسوزي، وبدأ الشك ومرض الاضطهاد (البارانويا) يسيطران عليه، وغدا كل من حوله جاسوس، وكان لا يغفر لمن يدله على أخطائه، هو على صواب دائماً. كنا نحب الشعب ونكره الأفراد نقدس الكل ونحقد على الأجزاء. كنا فقراء نسخر من فقرنا وانفصالنا عن الواقع (30). في عام 1941 أسس ميشيل عفلق وصلاح البيطار حزباُ حمل اسم البعث تارة والإحياء تارة أخرى. فقد أرسل حزب الإحياء للعراق متطوعين لعون ثورة الكيلاني تحت مسمى نصرة العراق. عندما رشح عفلق نفسه للمجلس في البرلمان، صوت له 145 ناخباً فقط وهو رقم أكثر من أعضاء الحزب آنذاك. أما من ناحية مسألة الاشتراكية، فلم تكن واضحة في فكر عفلق. بعد عام 1936 بدا البعض يشكك في قيادة الكتلة الوطنية للمستقبل السوري رغم أنها حركة لمقاومة الاستعمار وهي بالأصل كانت عبارة عن منظمات ظهرت أبان الاحتلال التركي والفرنسي (31). ذهب ميشيل عفلق مع أعضاء حزبه الأقلاء بمظاهرة إلى شكري القوتلي وطالبوه بترشيح نفسه كرئيس، فلم يعجب بعث الأرسوزي هذا التحالف مع القوتلي والكتلة الوطنية. في تلك الفترة كان هناك حزبين للبعث، حزب الأرسوزي وحزب عفلق. وبدأ عقد بعث الأرسوزي ينفرط فتوجه معظم الأعضاء إلى عفلق لأنه كان المعبر الوحيد على الساحة بمسألة القومية العربية في دمشق، خاصة بعد أن ضعفت عصبة العمل القومي (32). - البدايات: لم يقم حزب البعث بكتابة نظامه الداخلي حتى عام 1957 (عندما اندمج مع الحوراني)، فقد كان العمل الشعبي بالنسبة لنا هو عبارة عن قصيدة نظمناها جيداً. كان عفلق شاعراً ومنظراً سياسياً، إلا أنه ككاتب لم يكتمل بعد (34). عندما أتصل زملائي بي وطلبوا مني الانتساب إلى حزب عفلق، قلت لهم لا أريد أن انتسب إلى حزب يحمل جنازته وجنازة الشعب بيده (35). إلا أني انتسبت للحزب عام 1946 وكان عدد أعضاءنا لا يتعدى 500 عضواً، وعندما اندمجنا مع الحوراني (حزب العربي الاشتراكي) عام 1952، أصبح عددنا 2500 عضواًً (36). لم يستطع نظام شكري القوتلي أن يحقق العدالة الاجتماعية، كانت مظاهر الديمقراطية تخفي عيوباً وشللاً فاعتبرت هي المسؤولة عن الظلم. كان الانتساب للحزب هزيلاً في المدن وقوياً في القرى (38). كانت الأحزاب في سوريا عديدة، لكن أكثر الأحزاب تأثيراُ في الحياة السياسية كان حزب الشعب (الذي انشق عن الكتلة)، وجماعة الإخوان المسلمين والحزب الشيوعي والحزب العربي الاشتراكي للحوراني، إلا أن الحزب الشيوعي ظل هامشياً وثانوياً في سوريا (41). عندما اشتعلت الثورة في عام 1945ضد الفرنسيين، قامت القوات الفرنسية بقصف دمشق، فدخلت القوات البريطانية لحسم النزاع ومن ثم نالت سوريا استقلالها الكامل عام 1946. كانت فرنسا من الدول التي عارضت قيام وطن قومي يهودي في فلسطين، فشجعت الثورات فيها ودعمتها بالسلاح ما بين الحربين (43). أول حزب حاول أن يجتذب عناصر عسكرية إلى صفوفه هو الحزب القومي الاجتماعي السوري في حمص عام 1934 في ظل الانتداب الفرنسي، فقد بنت فرنسا كلية عسكرية في حمص يتخرج فيها ضباطاً كي يخدموا في جيش قوات الشرق الفرنسية (49). ومنذ عام 1949، بدأ حزب البعث يمهد لانقلاب عسكري (51). عندما رشح حسني الزعيم نفسه للرئاسة بعد انقلابه، خرج من المسرحية مشيراً وحاكماً مطلقاً (52). وقع حسني الزعيم على اتفاقية النقد والتابلاين في أيار من عام 1949 (53). (تعليقي: التابلاين أو Tapline- Trans-Arabian Pipeline هي انابيب نفط آتية من السعودية عبر سوريا ثم إلى لبنان وكانت مملوكة لشركات أمريكية، وقبل الزعيم التمرير، لكن المجلس النيابي السوري والقوتلي قد رفضوا التوقيع على الاتفاقية لأنها غير عادلة ومنهم من فسر عدم إغضاب بريطانيا لأنها كانت تملك النفط في العراق وتنافس أمريكا وكما سرت الشائعة أن الانقلاب كان بهندسة أمريكية). عندما وضع الزعيم عفلق بالسجن ثم اخرجه بعد استعطاف، غضب منه أعضاء الحزب وعدّوه غير كفؤ لرئاسة الحزب، ورأى الأعضاء أن يستبدلونه بـ الدكتور وهيب غانم (هذا الشخص الذي نسّب حافظ الأسد للحزب) الذي لمع أسمه عام 1947 (55). ................... ...................... - كتاب البعث - سامي الجندي -دار النهار للنشر – بيروت – لبنان – 1969 طبعة 1 – 162 صفحة
#خليل_الشيخة (هاشتاغ)
Kalil_Chikha#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كتاب الصراع على السلطة في سوريا كاملاً
-
كتاب: الصراع على السلطة في سوريا (4)
-
كتاب: الصراع على السلطة في سوريا (3)
-
كتاب: الصراع على السلطة في سوريا (2)
-
كتاب: الصراع على السلطة في سوريا (1)
-
اجتهادات ابو عبدو
-
من أجل الخبيّزة
-
سوريا والعراق: سياسة النقائض
-
انقلب مركب الأسد
-
إحد عشر يوماً هزت سوريا
-
جول جمّال هازم الإستعمار
-
الشرطي والبرجوازي عند شابلن
-
في خيانة السادات
-
مجزرة في مدينة غرينسبورو
-
ضجة حياة ماعز
-
غوركي ورواية اعتراف
-
نظرياتنا ونظرياتهم
-
أهزوجة وشتيمة وطوشة
-
مكسيم غوركي: سيرة ذاتية كاملة
-
جامعات غوركي
المزيد.....
-
مجموعة رؤيا الإعلامية الأردنية توقع اتفاقية تعاون استراتيجي
...
-
مبادرة -بالعربي- تكشف ملامح قمتها الافتتاحية في الدوحة
-
ميغان ماركل تكشف عن لحظات حميمة مع هاري وليليبيت (صور)
-
بعد فراق دام 20 عاما.. لقاء مؤثر بين النجمة السورية منى واصف
...
-
الفلسفة وفن الأوبريت أهم فعاليات اليوم الرابع للأسبوع الأدبي
...
-
تعزية في وفاة الفنانة الكبيرة نعيمة سميح
-
تيم حسن يخرج من قمقم الممثل الأوحد في -تحت سابع أرض-
-
وفاة المطربة المغربية الشهيرة نعيمة سميح
-
انتحرت أم قتلت؟.. حسين فهمي يتحدث عن موت سعاد حسني المفاجئ
-
حسن جلبي.. تألق فن الخط العربي في العصر الحديث
المزيد.....
-
نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر
...
/ د. سناء الشعلان
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
المزيد.....
|