|
في تداعي سائر التجمع الوطني السوداني بالسهر والحمي ،الحزب الأتحادي الديمقراطي مريضآ
محمد عثمان ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 1796 - 2007 / 1 / 15 - 11:32
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
لم نك قادرين علي سماع الأصوات من حولنا بسبب ضجيج الرصاص وقعقعة السلاح والقنابل ، لكن الصوت البشري مختلف عن كل ماعداه من الأصوات . يمكنك سماع الصوت البشري مهما علا الضجيج من حوله ، يمكنك سماعه حتي لو لم يكن يهتف او يصرخ بل حتي لو كان يهمس همسا منخفضا ، يمكنك سماع الهمس البشري وسط الضجيج الهادر أذا كان ذلك الهمس ينبس بالحقيقة.
من فيلم المترجمة
أخراج سيدني بولاك و بطولة نيكول كيدمان
تناولت العديد من الصحف والمواقع الألكترونية كتاب فتحي الضو الجديد (سقوط الأقنعة ) والذي يرصد فيه بمهارة ومثابرة ومعرفة تجربة نشوء وأنهيار التجمع الوطني الديمقراطي و كعادته و كما قرانا في كتبه السابقة
يهتم فتحي الضو بالتفاصيل الدقيقة و المعلومات الموثقة ويبذل في سبيل ذلك وقتا ومالا وجهدا لذلك تأتي كتبه مراجع ممتعة وذات سلطة ( معرفية بالطبع ) يصعب اسقاطها .
وفي حالة كتابه الأخير حظي الضو بأحتفاء قلما توافر لكاتب او مؤرخ سياسي سوداني، تجلي ذلك في اسفاره و حواراته والنقاش الذي تناول سقوط الأقنعة في المنتديات الألكترونية أضافة الي جلسات الحوار والنقاش و الندوات التي اقامها الكاتب في غير مكان و كان أخرها ندوته في واشنطن والتي قدم لها السفير علي حمد ابراهيم عرضا علي صفحات موقع سودانايل علي شبكة الأنترنت.
حالة الأستقبال الكبير التي حظي بها كتاب الأستاذ فتحي الضو ( والذي نأمل أن نتمكن من تقديم دراسة تحليلية وافية له لاحقا) تمنح قياسا لرأي شريحة مهمة من الشارع السوداني و هي شريحة قراء الكتب ( حتي لا نقوم بمنحهم مزايا تفضيلية قد يحصلون عليها اذا قلنا المثقفين أو المتعلمين) وهذه شريحة مهمة أنتمت في البدايات الي مشروع التجمع و قدمت فيه مساهمات لا سبيل لأنكارها أو تجاوزها في الأطار الفكري والنظري لذلك المشروع بعيدآ عن التنفيذ الذي أودي بالحلم الي الهاوية .أنتمي مفكرون ومثقفون ونشطاء كبار وقادة رأي وفنانون و موسيقيون وشعراء ومسرحيون و صحفيون و زعماء قبائل وعمد ومشايخ وعسكريون وشباب و شرفاء و آخرون عجزت الأطر النظيمية للتجمع في أستيعابهم داخل مؤسساته الكسيحة فرضوا سعداء بدور العضو الفاعل والمؤيد الناشط وفي هذا بذلوا جهدآ سيبقي منتوجه شاهدآ علي رفعة ما قدموا سنذكر مقالات ودراسات كتبت أذ نسينا بيانات تافهة وتصريحات كاذبة كانت تقال ، سننشد اشعارا وقصائد عصماء كانت تنشد دونما مكبرات صوت (و ربما بالهمس الذي عنيناه في الجمل مفتتح هذا المقال) في حين انا نسينا خطابات كاسدة البضاعة ضعيفة الأنشاء كانت تتلي أمام الكاميرات و في الفضائيات ، سنطرب لأغنيات فصيحة في حين اكرمنا الله بنسيان غثاء الهتافات المبحوحة وقصائد المدح البوار. فكيف انفض كل هذا السامر وبقيت حفنة من الناس أشتهرت دون كل شيء بالجهل و( اتساع الذمة) بالتعبير الشعبي المصري و الأستثناءات محفوظة فاصابع اليد الواحدة ليست سواء.
الأزمة التي يعيشها الكيان الشبحي ليست محل جدال وهذي بعض من مظاهرها :
كل القوي التي كان البعض يكابر بوجودها تحت جناح التجمع هي غير موجودة فيه فعلآ و قولآ كالنقابات و القيادة الشرعية و الأحزاب بما فيها الحزب الشيوعي ( أكبر الأحزاب الصغيرة و صاحب اكبر المساهمات الفكرية و النظرية والتنظيمية في البدايات) و الشخصيات الوطنية المستقلة و بالطبع لاتنكر هذه المقالة و جود تلك القوي في فضاء العمل السياسي خارج اطار التجمع.
و اذا بقينا مع الحزب الشوعي فمنذ عودة قياداته في الخارج الي الخرطوم لم بعد يحفل بالكيان الذي كان مناطا به تنفيذ الأنتفاضة المحمية وظل يكتفي في هذا الجانب باصدار بيان من حين لآخر حول تصريح مضلل يدفع به أخوتنا الأتحاديون كبيان أجتماع المكتب السياسي الأخير حول أن المشاركة في السطة شأن يخص التجمع فقال الشيوعي أنهم براء من هذا وأنهم اتفقوا علي المشاركة في البرلمان فقط..
مادون ذلك واصل الشيوعيون عملهم في اطار تحالف جديد يضمهم الي حزب الأمة و المؤتمر الشعبي وربما آخرين.
النقابات أمرها مثير للغرابة فبينما لديها ممثلون في مؤسسات التجمع فأنه تصعب اعادة أي من هؤلاء الممثلون الي أي من تلك النقابات التي يعتقدون بتمثيلها أذ لا يمكن بالمنطق القبول بشخص لا يعمل في مؤسسة ما بتمثيل العاملين فيها و أذا قبلنا هذا التمثيل فكيف يستمر الأمر لماذا علي العشرة اعوام الا تجري في تلك النقابات أنتخابات ؟ (!).
هكذا أصبح التجمع تحالفآ أستيهاميا فانتازيآ لا صلة له بالحقيقة او الواقع ، كيانآ تدور فيه الوقائع ( مفردها وقيعة) و تتحرك فيه الشخصيات علي النحو الذي عرفناه في قرية ( عصافير آخر ايام الخريف ) الرواية الشجية ل أحمد حمد الملك والتي تتحدث عن غرباء يدخلون قرية و يسيطرون علي الأسواق والمنازل بينما ينزوي السكان الأصليون بعيدآ عن مسار الأحداث يتفرجون خلسة و في أسي علي هؤلاء الغرباء وهم يحتلون اسرة نومهم و اشجار قيلولتهم و أحتفالات أسواقهم الأسبوعية ومسامرات امسياتهم .كانوا يرونهم وهم يتلاعبون بفصول اعوامهم و مواسم امطارهم وأغنيات حصادهم و يعيدون توجيه ألحانهم دون أن يملك أحد علي ذلك ردآ أو دفعآ فكيف تكون الهزيمة؟.
لم يبق من أحد ، أخذ مؤتمر البجا و السود الحرة طريقا مخالفآ والتحالف الفيدرالي و حركة تحرير السودان ( دارفور) والحركة الشعبية كل منهم اتخذ سبيلا و ذهب التحالف الوطني الي النسيان بمثقفيه وعسكره دون أن يملك أحد القدرة علي اعطائه ثوان من الأنعاش والنفس الأصطناعي . كل هذا و مازال التجمع الوطني يضع صور عبدالعزيز خالد و شيخ عمر محمد طاهر علي موقعه الألكتروني كأعضاء في هيئة قيادته ، هكذا خرج التجمع عن زماننا و ضبط مواقيته علي ساعة هلامية لا تحفل بمواقيتنا و لا أزمنتنا و فصول أعوامنا.
الفراغ الذي أحدثه غياب التجمع أدي الي أعادة تدوير ( Recycling ) الترابي وحزبه المؤتمر الشعبي و تقديمهم لقيادة المعارضة و هكذا بقي صار للشعب السوداني زعيم معارضة مستعمل أستعمالآ قاسيا في المعارضة مرات و في السلطة مثلها فعلي من نراهن نحن أبناء الشعب السوداني المخذولون.
حزب واحد فقط قدم - فيما قرأت - تحليلا لتجربة التجمع الوطني الديمقراطي هو حزب البعث السوداني في مساهمة وصلتني عن طريق البريد الألكتروني اذ كتب الأستاذ / محمد علي جادين مقالة رفيعة عبر فيها عن نقد حزبه لهذا الكيان و قال بعدم قناعتهم بقدرة وفاعلية أدوات التجمع في المعركة ضد الأنقاذ (منذ بضع سنوات كنا قد توصلنا من خلال العمل الحزبي ونشاطنا في هيئة قيادة التجمع الوطني الديموقراطي في الخارج وسكرتارية الداخل الي ان محدودية فعالية التجمع الوطني التي تقر بها كافة اطرافه، لاسيما بالمقارنة لحجمه ووضوح خطه السياسي وبرنامجه المستقبلي، تعود اساسا الي تدهور وزن القوي الحديثه المستنيرة خلال ربع القرن الاخير تقريبا نتيجة التفاعل بين ثلاثة عوامل اساسية هي : ترييف المدن تحت وطأة الحروب الاهليه وانهيار الهياكل الاقتصادية الزراعية- البدوية وذوبان الطبقة الوسطي في خضم تدهور الاقتصاد وتحريره غير المرشد ديموقراطيا واجتماعيا ثم التوسع الكبير للمنظومة التعليميه علي حساب نوعية التعليم من حيث المناهج واساليب التدريس والبنية التحتيه .. وذلك بالاضافة الي العوامل الثانويه مثل الهجرة الخ...
لكن المساهمة الفكرية الرصينة للأستاذ / جادين لم تقل كل شيء ففي حين تناولت الظروف الأجتماعية المرتبطة بالتبدل الذي طرأ علي هيكل المجتمع السوداني كأنعكاس لحركة الأقتصاد و ما استتبع ذلك من غياب أو تضاؤل دور الطبقة الوسطي معطوفآ علي ما رأت الورقة من ظهور للعامل الدولي في متوالية الحرب والسلام فان الورقة لم تتوفر بالشكل المطلوب علي درس أسباب القصور الذاتية في التجمع وديناميات ( Dynamics) العمل داخل تلك المنظومة والتي أفضت فيما نزعم الي أتكاء ذلك التحالف العريض الي منسأة تآكلت والجمع من حولها لايشعرون وكيف أن غياب ضابط لأيقاع العمل علي نغم مؤسسي تحكمه قواعد المحاسبية و الشفافية قد أودي بمجمل اللحن الي النشاز.
ولعل في هذا تساؤل نورده بكثير من المحبة و المل في مساهمات الأستاذ / جادين الفكرية و السياسية و هو ألا يشكل أتساع و تمدد الطبقة الفقيرة و المسحوقة ( حتي لا نقول البروليتاريا ) بديلا لقيادة الطبقة الوسطي لحركة المجتمع في المفاصل التاريخية ( الثورة) كما شهدنا في انتصارات اليسار - الذي لم يقطع أحد حتي الآن بماركسيته أو شيوعيته - في فنزويلا والبرازيل وشيلي و بوليفيا وأخيرا في نيكاراغوا و هل يمكن أن يصح ما حدث في أمريكا الجنوبية علي حالة السودان.نقول هذا وفي النفس حتمآ شي من أسئلة سنقولها في مقام آخر ونحن نتحدث عن البعث السوداني .
أذن من تبقي في التجمع الآن ، ليس سوي الحزب الأتحادي الديمقراطي ( الذي صار يشار اليه ب المرجعيات) و ربيبته الحركة الوطنية الثورية(الفتح) و ليس في هذا فتح ندعيه أو اكتشاف نزعم بتفردنا في الوصول اليه ففي اواخر العام الماضي أطلق الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان الأستاذ / فاقان اموم و الذي يتولي منصب المين العام للتجمع الوطني الديمقراطي تصريحا قال فيه أن التجمع هو الحزب الأتحادي الديمقراطي والعكس صحيح أن الحزب الأتحادي هو التجمع .
مثل هذا التصريح عميق الدلالة كان يمكن ان يحيل جمهرة الأتحاديين الي التداول بشان الأزمة التي تعتور جانبي العملة من تنظيمهما( الحزب/ التجمع ) لكن هذا كلام نظري بالطبع فالتفكير ليس فعلا سهلا في الحزب الكبير و سلوك هذا الطريق أي أستخدام العقل بأي درجة قد يعني الضرر البين بالشخص مقترف الجريرة و قد يصل الأمر الي حل الجهاز الذي ينتمي اليه الشخص كله فقد سبق أن تم حل المكتب السياسي بسبب عضو مشاغب كان يحرص علي أستغلال فرصته في الحديث في التعبير عن رايه و لما كان فصل العضو أو أصدار أي قرار بتأديبه قد يمنح ذلك العضو بطولة ستظل محفوظة له فقد كان الأيسر حل المكتب كله .هكذا فليسقط المعبد علي الرهبان جميعآ.
ما أسهل الأمر.. منذ عامين تقريبا شد المئات من الأتحاديين الرحال صوب القناطر الخيرية و انتخبوا مؤسسات للحزب لم تتمكن من ممارسة أي دور بسبب صعوبات عدة بل لم تتمكن من الأجتماع حتي و بعد عامين تقريبا عادت عضوية أحدي المؤسسات ( المكتب السياسي) لتمحو بجرة قلم ما فعلته المؤسسة التي انتخبتها ( مؤتمر المرجعيات) .
ما تمخض عنه أجتماع المكتب السياسي يبعث علي الحزن فبغض النظر عن القرارات العجيبة التي أتخذها و هو يتقمص لبوس المؤتمر العام فأن الحزب عاد اكثر انقساما عوضآ عن أن يخرج أكثر أتحادية او توحدآ.لكن كعادة الحزب العتيد خرج أيضآ بقرارات فكهة منها أستحداثه منصب المراقب العام(!) و هو مسمي منقول بالمسطرة من هيكل جماعة الأخوان المسلمين و في ظل الضبابية التي تكتنف دور هذا المراقب العام أو شخصيته أذ لم يتم تعيين أي شخص ليتولي هذا المنصب فأننا نتخيل أنه سيكون منصبآ سريآ يحتله شخص لا يعرف حقيقته أحد مثل رقم صفر في مغامرات الشياطين ال 13 أو شخصية شارلي في سلسلة أفلام المغامرات الفكاهية ملائكة شارلي ( Charlie s Angels) لكن هذا المراقب المكتسب لصفة العمومية أو العموم قادر علي أصدار قرارات مهمة تصل الي الأعضاء بوسائل مبتكرة مثل الرسائل علي الهواتف المحمولة وعلي العضو تنفيذها في التو دون توان لأنه يعلم أن عين المراقب العام تراقبه ( يا للهول).
حفل البيان الختامي ايضا بعبارات فكهة تعلقت بالوضع في لبنان و فلسطين( فيما تجاهل الأزمة السياسية في فيجي) و بفضل الله لم يقرر تعيين مستشارين لرئيس الحزب لتلك المناطق علي غرار مستشاريه لشئون القرن الأفريقي او دول الساحل والصحراء.
بحكم قدر من الأجتهاد و بعض الضرورات أتابع بعض انشطة الأحزاب في وسائل الأعلام و لم اعثر علي شيء شبيه فلم اقرأ ان الحزب الجمهوري الموريتاني مثلا عقد اجتماعآ لمكتبه السياسي وتناول اجتماعه الأزمة في دارفور أو التعديلات الدستورية في البحرين لكن في الحزب الأتحادي الديمقراطي كل شيء يجوز.
لا أود الخوض اكثر في ما نتج عن اجتماعات المكتب السياسي فقد تناولتها العديد من الأقلام بالنقد والتهكم اللائق فيما أكمل مؤيدو الحالة الراهنة تكملة الصورة بكتاباتهم المطبلة فأوضحوا للجميع أي نوع من الناس يقف الآن موقف ال (مع) مما جري في القاهرة.
أذن هناك ضرورة لجموع الأتحاديين للنظر في المرآة و مواجهة الذات . هل ثمة حزب بهذا الشكل قادر علي الفعل وعلي الوصول الي السلطة كهدف نهائي ( Ultimate Goal)؟ أذا و جدوا الأجابة نعم فليفسروا لنا لماذا قدم المؤتمر الوطني أطيب التهاني بنجاح الأجتماعات و سنقر بخطئنا و جهلنا ان افلحوا في أقناعنا بأن المؤتمر الوطني مخدوع أو غير راغب في البقاء في السلطة أو لا يعرف مصلحته أو أي حجة أخري . و ارجو ممن وجد الأجابة (لا) أن يواصل معنا قليلا.
ماهي المشروعية الفكرية و النظرية التي يستند عليها الحزب في الوقت الراهن و التي قد تمكنه من استقطاب عضوية جديدة أو التبشير ببرامجه ( أين البرامج نفسها؟) ؟ وحتي نكون منصفين فأن هناك بعض الأطروحات التي يستخدمها البعض لتقديم الحزب كسند للبرنامج الأقوي و هو أن هذا الحزب هو حزب السيد الميرغني و هذه أدلوجة لا ننكر قوتها و حجيتها لذا فأننا سنتناول بعض الأطروحات الأخري .
_أولا أن هذا الحزب هو حزب الوسط و هذه أيقونة غير مفسرة و غير مشروحة فهل يعني من يقولون بهذا الرأي ما نفهمه من معني الوسط أن هذا حزب يتبني سياسات معتدلة لا تلتزم بايديولوجيا اليمين أو اليسار بما يعني أنها تمثل طريقآ ثالثآ مرنآ يستجيب لحاجات الواقع دون عقيدة وثوقية دوغمائية؟.أشك في ذلك فالممارسة داخل الحزب تفسر مفهوم حزب الوسط بمفهوم حزب الوساطة و في هذا التباس بائن بين المعنيين.
ما يدفعنا الي الزعم بالتباس معنيي الوسط والوساطة في ذهن الحزب ما ظل يصدر عن القادة و (الكتبة ) علي السواء من أننا:
كنا شريكآ خفيآ في نيفاشا فأذا كنا كذلك لماذا نرفض الآن نتائجها في السر و نلعنها في أحاديث الصالونات .
كنا شريكآ و وسيطآ في محادثات الشرق فلماذا لم يقر بدورنا أحد و لماذا لم نمنح حتي فرصة الحديث وبالتالي التعبير عن مساندتنا لهذا الأتفاق في حفل توقيعه المحضور في أسمرا.
ملأنا الدنيا جعجعة أننا نريد أقامة مؤتمر لقضايا الشرق تحضره الحكومة و المعارضة و جميع الأطراف فأين هو هذا المؤتمر بعد أن دلقنا ماء وجه وفودنا امام بوابات السفارات الأجنبية في القاهرة و الجامعة العربية أستجداء للدعم لهذا المؤتمر المزعوم. الحمد لله الذي الهمني شخصيآ عدم المشاركة في أي من لقاءات هذا الوفد رغم عضويتي فيه فقد كنت أعلم انه لم يك ينطو علي محمول جدي.
نزعم الآن ان حزبنا يعمل لوساطة بين القصائل المتناحرة في دارفور و الحكومة و هي وساطة لم ينجح فيها الرئيس أوباسانجو و روبرت زوليك وجينداي فريزر.
وساطتنا المزعومة لم يرحب بها رئيس جبهة الخلاص أحمد ابراهيم دريج فيما تناولها بتصريح مهين زعيم حركة العدل والمساواة الدكتور خليل ابراهيم اذ تحدث عقب لقائه رئيس الحزب في القاهرة للصحافة قائلآ ان السيد الميرغني في مقام الوالد مما يمكن السيد الميرغني و أعوانه من قول ما يريدون بالشأن الدارفوري دون خضوع لمحاسبة من قبل الأبناء و في نفس الوقت يظل الأبناء في حل من أي التزام لم يقطعوا به أمام أحد، أذن هي محاولة لتحييد هذه الوساطة المندفعة دونما خطة أو تأهيل و دونما كوابح وفتح الطريق أمامها للسقوط في السفح بلا معوقات.
ربما التباس آخر لمعني حزب الوسط و هو كما نفهم من تصرفات البعض يعني أن يقف الحزب دائما في المنطقة الرمادية و لي في هذا أمثلة عدة :
1. عقب توقيع أتفاق نداء الوطن في جيبوتي بين الحكومة و حزب الأمة عام 1999 أنعقد في ديسمبر من نفس العام أجتماع هيئة القيادة في كمبالا و في ذلك الأجتماع كان الجميع مستاؤون مما وصف حينها بخيانة السيد الصادق المهدي لمواثيق التجمع التي تمنع التفاوض الثنائي و استحضر الجميع صورة ماعرف بالمصالحة الوطنية بين حزب الأمة و نظام نميري عام 1977.في ذلك الأجتماع دعاني عضو هيئة قيادة مرموق الي غرفته و قدم لي أطروحته حول ما فعل حزب الأمة و قال لي أن السيد مبارك الفاضل المهدي بتوقيعه علي ذلك الأتفاق يفقد مشروعية بقائه كأمين عام للتجمع و أنه يرجوني أن اتقدم في الأجتماع بأقتراح بعزله و أسقط في يدي فأنا اعرف ان الحزب الأتحادي سيقف في المنطقة الرمادية و سينسف اقتراحي بعد ان أكون قد حملت وجه القباحة في مواجهة حزب الأمة. أعتذرت للرجل بحجة أنني جئت في طائرة و احدة مع الدكتو ر عمر نورالدائم ( رحمه الله) و ساعود معه في نفس الطائرة الي أسمرا و تقديمي لهذا الأقتراح سيحرجني مع الرجل ، فاذا وجدتم غيري لهذا الأقتراح فبها و الا فان الله غالب . المهم تقدم بأقتراح مشابه في ذلك الأجتماع العميد عصام ميرغني أبوغسان عن قوات التحالف و نسف رئيس التجمع الأقتراح بطلب تفويضه في المر و توجيه صوت لوم للسيد مبارك المهدي. 2. عقب هجوم قوات التجمع علي مدينة كسلا نفي رئيس التجمع علمه بالعملية في محادثة مع الأمام الصادق المهدي ثم أصدر بيانا دعا فيه قوات الطرفين الي وقف العدائيات في عملية تخذيل لا مواربة فيها للقوات التي تعمل بأمرته _ علي الأقل نظريا_ و كان بأمكانه القول أن القوات التي قامت بالعملية قوات منفلتة و هكذا فانها يجب ان تخضع للعقاب أو أنها غير ذلك ونحن في حالة حرب مع الحكومة ونتضامن مع حلفائنا في تحمل مسئولية ذلك. 3. بينما كان الجميع يتحدث في بدايات عام 2003 عن ضرورة تكثيف الضغط علي حكومة الأنقاذ بعد توقيعها علي أتفاق مشاكوس للأستفادة من حالة الضغط الدبلوماسي الدولي عليها للتسرب و حجز مقاعد للتجمع في الجولات القادمة للمفاوضات بما يضمن تحقيق سلام شامل بمشاركة كافة الأطراف و بضمانات و زخم دوليين ، أختار الحزب الأتحادي الديمقراطي التراجع مرة اخري الي المنطقة الرمادية و وقع مذكرة تفاهم سرية في فبراير 2003 مع المؤتمر الوطني أنجز فحواها المرحوم الفريق يوسف أحمد يوسف من جانب الحزب و المهندس الحاج عطا المنان ادريس من جانب المؤتمر الوطني و لم تعلن تفاصيلها علي أي مستوي من مستويات الحزب فواصل الجميع نضالهم اليومي و حملاتهم المناهضة للحكومة و هم لايدرون انهم كانوا مكشوفي الظهر تمامآ.و في ظل غياب أي معلومات اخري عن تلك المذكرة فاننا نحسب أن الهدف منها كان تقديم قوارب نجاة محسوبة بدقة لأنقاذ عدد معين من ركاب سفينة المعارضة المعطوبة و قد كان .
_ ثانيآ أن هذا الحزب هو حزب السلام و قد ظل يسعي لذلك منذ توقيع مبادرة السلام السودانية عام 1988
في أديس أبابا و لراحة هؤلاء نقول ان ماتم توقيعه اتفاقئذ لا يملك اي سمة من سمات الأتفاقيات و اذا تغاضينا عن عجز الصياغة في النسخة العربية للمبادرة فأنها لم تقدم للحزب الأتحادي الديمقراطي سوي أحبولة اعلامية((Gimmickلم يحسن أحد استغلالها بل عجلت بانقلاب الجبهة الأسلامية القومية .
لن يضير هنا ان نضرب مثلا يقرب الينا صورة ما حدث في اديس ابابا ، فهب ان الدكتور جلال يوسف الدقير الأمين العام للحزب الأتحادي الديمقراطي - الأمانة العامة والمشارك بفعالية في الحكومة حزم حقائبه الي واحدة من عواصم العالم و وقع اتفاقا للسلام مع الفصائل المحاربة في دارفور و عاد الي الخرطوم ظافرآ، كيف ستستقبله الحكومة و حزب الأغلبية المؤتمر الوطني و هل سيتشبث الدقير باتفاقه مطالبا بأن يقوم هو بتنفيذه دون أي (غيرة سياسية) من الآخرين أم سيمنح الحكومة تفويضا بالمضي قدما لجهة انفاذ ما توصل اليه .هناك خلل رئيسي في وسيلة التوصل الي ذلك (الأتفاق ) و في القانون كما نعلم لا يتم اعتماد أية أدلة مهما بلغت حجيتها اذا تم الحصول عليها بوسائل خاطئة أو اجراءات يشوبها الخطأ.
النتيجة الوحيدة التي تمخض عنها ذلك الأتفاق هي الأنقسام الحاد و حالة الأستقطاب التي طبعت علاقة جميع القوي الشمالية و التي سمحت لحزب المؤتمر الوطني بالتسرب من خلالها و بناء قواعد جعلته يتحول من حزب صفوي محكم التنظيم الي تنظيم سياسي به قدر من المرونة و البراغماتية و الجماهير فهل أنتم منتبهون .
_ثالثا أن لهذا الحزب ( علاقة استراتيجية مع الحركة الشعبية لتحرير السودان ) بما يضمن للطرفين تشكيل حكومة أغلبية مريحة بعد الفوز في الأنتخابات و بالتالي ضمان وحدة السودان لأن الحركة أذا تمكنت من المشاركة في حكم كل البلاد مع حليف أستراتيجي مثلنا فما الذي سيدفعها للتقهقر جنوبآ.
و اشك في أن من يقولون بهذا يفهمون ما تعنيه كلمة استراتيجي بدقة ، فالكلمة المتحدرة من اصلها الأغريقي كماتوصل بحثنا فيما عثرنا عليه من قواميس و موسوعات تعني فن وعلم استخدام كافة القوي و المعطيات و الأمكانيات المتاحة ضمن خطة مفصلة وبعيدة المدي للوصول الي هدف معين . فهل كانت العلاقة مع الحركة أستراتيجية بهذا المعني ، أذن لماذ تساءل الفريق سلفاكير ميارديت ( كما تقول القصة التي لم نتمكن من الأستيثاق منها أكثر) في لقائه مع السيد رئيس الحزب عن فحوي الأتفاقات التي ابرمها الراحل قرنق ضمن الشراكة الأستراتيجية وتروي الحكاية أن سلفاكير قال ببساطة انه لايعرف ( أنتو كنتو متفقين في شنو ).
_رابعا أن هذا الحزب هو الحزب الذي قاد المعركة الوطنية لأستعادة الديمقراطية و قدم التضحيات الجسام لأجل هذا الهدف وفي هذا ليس لدينا اعتراض لكن فقط لماذا يعدو الحزب الآن بعيدآ عن تلك الأهداف و يسعي الآن لتحقيق رغبات ليس من بينها استعادة الديمقراطية او بسط الحريات أو أشاعة العدل؟ لماذا كل الطرق تؤدي الان الي الأسواق لا الي البرلمان؟.
_ان هذا هو حزب مولانا السيد محمد عثمان الميرغني و الناس ينضمون اليه محبة في هذا الرجل و هذا أمر لا نعترض عليه بل نجزم بصحته و لعلنا في هذا نجد تفسيرآ لحالة أن يكون الشخص عضوا في الأتحادي الديمقراطي و مصالحه مع حزب أخر سيقوم بالتصويت حتما له.
وبعد ليس لدينا كثير قول عن الأسس الفكرية و النظرية و عن برامج الحزب الأتحادي الديمقراطي (المرجعيات) لكن و الأمر كذلك د عونا نتساءل عن معني كلمة المرجعيات و مؤتمر المرجعيات و كيف يكون العضو مرجعية و ليس مرجعآ مثلآ؟ فهل من مجيب؟
#محمد_عثمان_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في تآكل المنسأة ، أو عن كيف خسر التجمع الوطني السوداني المعا
...
-
في تآكل المنسأة أو كيف خسر التجمع السوداني المعارض ذاته والع
...
المزيد.....
-
مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا
...
-
مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب
...
-
الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن
...
-
بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما
...
-
على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم
...
-
فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
-
بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت
...
-
المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري
...
-
سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في
...
-
خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|