|
أبو هشام وعيد الجلاء والهايكو
إياد الغفري
الحوار المتمدن-العدد: 8275 - 2025 / 3 / 8 - 01:03
المحور:
كتابات ساخرة
هايكو لعيد الجلاء: ================ تمر السنوات ذكرياتك الحزينة ماتت لتفسح الطريق لغيرها
================ أبو هشام من الشخصيات الطريفة التي عرفتها في حياتي، كان يبحر في عوالم أخرى وهو يجري بمكواه على القمصان المجعدة ليجعلها ملساء تلائم ذائقة سكان الحي المترفين، تسأله عن فلان فيقول لك "حلس ملس نجس" هو أدرى لأنه كان يكوي قمصانهم ويعلم مدى نظافتهم من الياقات التي تأتيه.
- والله مبينتك بلشت تختير، عواض ما تغازل الصبايا وتهتم بالمعجبات عم تحكي عن ذكريات زمان - والله ما بقيان إلنا غير الذكريات يا عقلي الباطن. - الله لا يردك... ختيرت على بكير - أيه والله..... لقد..... - شوف.... إذا بتقول هرمنا بدي ألعن أبو أخت الساعة اللي صرت فيها عقلك الباطن. - كنت... - بلا كنت بلا خرى... كان فعل ناقص... حاول مرة بحياتك تحكي بدون ها النقاصة... بالفعل المضارع... أو بصيغة المستقبل....
تأملت في أصدقائي، منهم من خسر عمله واسودت الدنيا في وجهه، منهم من فقد قريباً في المجزرة السورية الكبرى ويندب حظه، الملايين فقدت أحبتها، بيوتها، الألفة التي كانت تمنحنا إياها مدننا، لكن نوعاً من السادية السورية التي فطمنا عليها يهون المصاب "الحمد لله نحنا أحسن من غيرنا" "حوالينا ولا علينا يا رسول الله". في عمل الدليل السياحي، كنت أحب مناطق من سوريا وأكره مناطق... الرقة كانت من أبشع محطات الرحلة السياحية، عند قصر البنات كنت مع السائق أوزع 2-3 كيلو سكاكر على الأطفال ونقرأ الصلوات الإبراهيمية وندعو الله ألا يقذفنا الأطفال بالحجارة عند تحرك الباص.... لا أدري ولكني كنت أكره زيارة الرقة بسبب زعرنة أطفالها وقذفهم للباصات السياحية بالأحجار، كنت أكره المناطق لأسباب شخصية... للغبار... لرائحة الهواء... لكني كنت أشعر بسعادة عجيبة عندما ينحدر الباص في الثنايا ليقترب من دمشق وكنت أشعر بالألفة عند مشارف القابون وعندما أشاهد لواقط الإذاعة والتلفزيون على قمة قاسيون أشعر أني عدت لوطني.... الوطن مفهوم عصي عن التوصيف... بالنسبة للبعض لعبت الدعاية العروبية "بلاد العرب أوطاني من الشام... الخ" دوراً في غسيل الدماغ... أنا لست طائفياً ولكني مناطقي... وطني يمتد من أوتوستراد العدوي - مسبح التروبيكانا وينتهي على مشارف الهامة عند مطعم ضوء القمر ومن الجهة الأخرى أخر أوتوستراد المزة.
- فهمنا يعني إذا بلش التقسيم شو الوضع؟ - ما عندي مشكلة، وأتمنى أن ترجع دول المنطقة لنفس جو الألفة والمحبة الذي كنا عليه أيام الاحتلال الفرنسي قبل الجلاء اللعين. - بس وين الوطنية اللي صرعتنا فيها؟ - أنا يا عقلي الباطن مواطن شامي... العروبة شغلة ما بتعنيني، انتمائي لدمشق وللقبانيين "نزار وأبو خليل" وقبلهم أبو نواس الحكمي الدمشقي، وكاتبي المفضل زكريا تامر. - والماغوط وونوس وعدوان اللي عامل حالك بتحبهم....؟ - على عيني... أدباء متميزون من دول شقيقة.
إن عدنا لحقبة ما قبل الجلاء المشؤوم فسوف نفخر بمناطقيتنا وستغدو دولة دمشق من الدول الهامة اقتصاديا، بالطبع سنخسر منتجات الجزيرة ونفط البادية وكهرباء السد وصابون الغار والزعتر الحلبي... لكن بالله عليكم، السد كما سمعنا من المليون وثلاثمائة وتسعة وتسعون ألفاً وتسعمائة وتسع وتسعون..... خبير سدود السوريين اللي صرعوا طيزنا الأسابيع الماضية قد صار خبر كان..... النتيجة كهربا "يوك" وإذا تدمر جسم السد... فالجزيرة قمح "يوك" وقطن "يوك".... يعني دولة دمشق ستكون بغنى عن مثل هذه الأقاليم المدمرة... - بدنا بدولة دمشق كم شركة مرتبين، استيراد وتصدير، مؤسسات "أو جيه" وسوليدير شامية تعيد بناء ما تدمر حتى في الدول المجاورة...... وعمولات وجمارك لينحل باطنا.
هذه الرؤية يا سادتي هي رؤية سياسية واضحة للمستقبل بعدما شاهدت طروحات الأستاذ رياض سيف وقبله الأخ كيلو لمستقبل سوريا، 250 عضو من كافة أنحاء القطر...؟ أي يا أستاذ رياض الله يطولنا بعمرك... إذا واحدنا ما عم يتفق مع مرتو أو مع صاحبته على رأي سياسي... اللي مع النظام صاروا 6000 حزب وتوجه، واللي ضده كانوا 7000 رأي وحزب واتجاه سياسي وعم يتمددوا... أنا مع التقسيم... السبع دويلات تبع فرنسا حلوين وفلة، وبنعمل بكل دويلة شوية كانتونات. - وتعود أيام الثلاثينات وخالد بيك والبارودي والأتاسية....؟ - طبعاً لأ.... شو شايفني جنيت؟ دولة العلويين منقسمها لعدة كانتونات بناءً على العشائرية، ويكون الخياطية أو الحدادية هم مركز السلطة، ودولة دمشق بيستلم حكمها أحفاد الحمزاوية "سعيد أفندي وكمال أفندي"..... وآل العظم والبارودي تبعك بنرجعهم للحموية أو للباب العالي مع الشكر، والأتاسية مع المحبة والود بالباصات الخضر لحمص العدية وألف بوسة وراهم.... وطبعاً لا يحق لي كمواطن دمشقي التدخل في شؤون دول مجاورة، ولكن نصيحة لوجه الله، كانتون للأخوة الأكراد في كل دويلة... لأن بعض سكان ركن الدين إن ذهبوا لأربيل سيواجهون صعوبات في اللغة، وإن بدأت دولة دمشق بتحضير أكرادها للاندماج في مجتمعاتهم الجديدة بإنشاء مراكز ثقافية تُعلم الكورمانجي... فستكون الكارثة إن انتهى المطاف بهم في دويلة تتكلم الظاظائية أو الصوراني أو البارديني..... نحن في دولة دمشق سنرحب بالجالية الكردية المقيمة في ركن الدين وسنمنحهم حق الإقامة المؤقتة المشروطة على أن يتم تجديدها مرتين كل عام (على الأقل). ================
- أيه وبعد ما تفزلكت وأدليت بدلوك في الحلول المستقبلية لها الخرابة اللي كان اسمها بلدك، قيمنا من التنظير والفذلكة اللي ما إلها طعمة وحكيلنا قصة أبو هشام. - مين أبو هشام؟ - اللي مسمي المقال على أسمه.
================
طبعاً الإبحار في المستنقع السوري مليء بالمخاطر... هناك دوماً من سيحملك المسؤولية إن قلت جملة فيها دوس على ذيله أو ذيل الفصيل الذي يمثله.... ينبري دوماً أحد العناتر ليدافع عن معارض شتمنا أمه صدفة وبدون سوء نية، ويتناطح رمادي أقرب للنظام لينزه الدب الروسي عن الشرك بالله..... النصيحة ألا تكتب ما يسيء لشخص ما، أن تكون النصوص حيادية يمكن تفسيرها كما يريد القارئ.... - الهايكو أحسن شيء؟
في الويكيبيديا ورد في شرح الهايكو للمبتدئين: تنطلق الألفاظ بطريقة عفوية وآنية، تعطي صورة تكون محسوسة، عناصرها مترابطة، فكل منها تقاسم للتو لحظة من حياته مع الآخر: تغوص روحي في الماء ثم تطفو مع طائر الغاق (أونيتسورا)
طبعاً توقعتُ أن الغاق هو القاق، لكن تبين بعد البحث أن المقصود هو Phalacrocorax وهو طائر ذو جراب في عنقه يقتات على الأسماك ويستخدم لصيدها...
مثل هذه الأسطر الثلاثة "بداية المقال" يمكن لمن هو في الداخل التفاعل معها دون حمل المسؤولية، ولا يمكن لعنصر أمن أن يسأل لم أحب فلان هذا البوست.... لكون النص لا يشتم عيد الجلاء بل يرى أن أحزانه قد ماتت لحزن أعم صرنا فيه، وكافة أطراف المقتلة السورية حزينة أو تدعي الحزن.... فيمكن للمؤيد أن يرفع الإبهام الأزرق، وكذلك الثائر الحائر... بغض النظر عن أن الإثنين لو رأيا طائر الغاق لما عرفا من هو ولاحتسباه على الله دجاجة ونتفا ريشه قبل الشوي... هايكو يا محترم.....
الهايكو له أوزان تعتمد على المقاطع المستخدمة في كتابته... شيء قريب من تشطيرات الفراهيدي... لأنه وعلى زعم الويكيبيديا "......أشعار الهايكو من بيت واحد فقط، مكون من سبعة عشر مقطعا صوتيا (باليابانية)، وتكتب عادة في ثلاثة أسطر (خمسة، سبعة ثم خمسة)....." لشرح استحالة صياغة الهايكو بالعربي نأخذ مثالاً من الصينية ولمن لا يعلم فإن اليابانية المكتوبة تعتمد على المقاطع الصينية "الكانجي" يمكننا أخذ السطرين التاليين من مقال سابق:
毛澤東 毛澤東思想概論
الأول هو اسم القائد الخالد: ماوتسي تونغ السطر الثاني يعني: فِكرُ ماوتسي تونغ وتنطق ماو زي دونغ سوه شيان كايي ويهن يعني كلمة فكر أتت على أربعة مقاطع.... سوه شيان كايي ويهن
فبالله عليكم كيف يمكن أن نحول عروض ياباني أو صيني للغة الضاد؟
بالترجمة يضيع كل شيء... ولا يبقى سوى النص الهوائي المائي لا لون ولا طعم ولا رائحة، فأين طائر الغاق من: مِــكَــرٍّ مِــفَــرٍّ مُــقْــبِــلٍ مُــدْبِــرٍ مَــعــاً. كَــجُلْـمُوْدِ صَـخْرٍ حَطَّهُ السَّـيْلُ مِنْ عَلِ
تصوروا يا سادتي لو أن يابانياً لعيناً مصاب بعقدة نقص، ترجم البيت السابق للياباني ونتج عنه مقاطع باللغة اليابانية فكيف سيشرح المترجم الكريم لأكلة السوشي مستفعلن مفاعلات مفعول...؟ =================== مرة طلبت من أكيكو وهي صبية جميلة من اليابان كنت أتودد لها أيام الشباب أن تكتب اسمي بالياباني... كانت ترتدي ميني يكشف عن مفاتنها.... وتجلس في غرفتي في المدينة الجامعية على حافة السرير..... كنا نحتسي الساكي وكانت البوادر كلها مطمئنة إلى أن الفتح المبين قادم... ابتسمت بسحر ودلال وقالت لي انتظر..... طبعاً الذئب الشرقي الذي في داخلي قال لها: والله لح أنتظر... خرجت من الغرفة وعادت مع فتاتين يابانيتين وشاب يشبه بروس لي شعره أسود منسدل وعيناه كنقطة أخر السطر.... تجادلوا بالياباني وتناقشوا، واحتسوا ما تبقى من الساكي وأنا أنتظر ما سيحدث.... اكتشفت فيما بعد أنهم شكلوا "كونسلتو" ياباني لتحديد كيف يمكن كتابة اسمي ثم اكتشفوا أن الوسيلة الأمثل هي بثلاثة مقاطع، خطتها أكيكو على دفتري ثم غادرتني منحنية بتهذيب مع عصابة الياكوزا اليابانية.... اكتشفت يومها أن اسمي بالياباني هو "إي – يا - دو"، سررت مبدئياً لأنها كتبت اسمي بدلع.... ثم اكتشفت أنها طارت مني.... طبعاً لعنت أخت الساعة التي سألت فيها هذا السؤال اللعين.... وكما تقول طروب "ومن إيدي أنا طار العصفور...."، فنمت ليلتها مبكراً.
السؤال هنا هو هل كان العصفور الذي طار من فصيلة الغاق أم لا.
نختم احتفالنا بعيد الجلاء اللعين بقصة أبو هشام.
أبو هشام كان في محله يوماً فأتت دورية مخابرات وسألته عن جيرانه بيت فلان الفلاني.... - طبعاً، بعرفهم زبايني... ناس أوادم وبحالهم. - وفلان الفلاني شو رأيك فيه... شو بتعرف عنه؟ - عطاكم عمرو السنة الماضية. - متأكد أنت؟؟؟؟ هذا الكلام لح يكون على مسؤوليتك، وبدك توقع على المحضر وعلى ها الأقوال. - قصة أني متأكد..... ماني متأكد، بصراحة أنا شفت سيارة دفن الموتى وقفت قدام البيت، ونزلوه بالتابوت عا السحلية وحطوه بالسيارة، ومرتو نزلت عا الدرج بدون إيشارب وناكشة شعرها وعم تبكي وتقول وين رحت يا أبو محمد وتركتني...... بس تقول أني متأكد.... فأنا والله ما بعرف وماني متأكد.
أنا اليوم مثل أبو هشام لست متأكداً من أي شيء ولا أتحمل مسؤولية أي شيء..... يسألني أحد الأصدقاء إن كنت أعرف ما يجري على الأرض في إدلب... لا والله أنا بعيد، يسألني أخر إن كنت أشك للحظة في أن النظام قد استخدم الكيماوي بالفعل..... لست متأكد من أي شيء. ربما الشيء الوحيد الذي يمكنني التأكد منه... هو أنني خسرت وطناً.
أستغفر الله لي ولكم وكل عام وأنتم بخير
إياد الغفري – دولة دمشق 17 نيسان 2017
#إياد_الغفري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوداع سوريا
-
أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّهِ لِلّهِ
-
العدالة العالمية
-
الإنكار
-
هل هناك ضوء في نهاية النفق؟
-
من الخاسر؟
-
جنوب الليطاني بس؟
-
الله يجيرنا مما كان أعظم
-
الانحياز للضلال
-
الفقيد رياض الترك
-
إتاداكيماس
-
الرد على الجريمة بجريمة هو جريمة
-
مبادرات جديدة
-
القبيسيات
-
التصوير الضوئي
-
لله يا محسنين
-
نظرية المؤامرة الحلقة 667
-
الثأر والكبير
-
بالنووي يا بوتين
-
النيك 18+
المزيد.....
-
مجموعة رؤيا الإعلامية الأردنية توقع اتفاقية تعاون استراتيجي
...
-
مبادرة -بالعربي- تكشف ملامح قمتها الافتتاحية في الدوحة
-
ميغان ماركل تكشف عن لحظات حميمة مع هاري وليليبيت (صور)
-
بعد فراق دام 20 عاما.. لقاء مؤثر بين النجمة السورية منى واصف
...
-
الفلسفة وفن الأوبريت أهم فعاليات اليوم الرابع للأسبوع الأدبي
...
-
تعزية في وفاة الفنانة الكبيرة نعيمة سميح
-
تيم حسن يخرج من قمقم الممثل الأوحد في -تحت سابع أرض-
-
وفاة المطربة المغربية الشهيرة نعيمة سميح
-
انتحرت أم قتلت؟.. حسين فهمي يتحدث عن موت سعاد حسني المفاجئ
-
حسن جلبي.. تألق فن الخط العربي في العصر الحديث
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|