أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - للاإيمان الشباني - اليوم العالمي للشعر














المزيد.....


اليوم العالمي للشعر


للاإيمان الشباني

الحوار المتمدن-العدد: 8275 - 2025 / 3 / 8 - 01:01
المحور: الادب والفن
    


احتفاءٌ بالكلمة الخالدة

...

منذ أن بدأ الإنسان رحلته على هذه الأرض، كانت الكلمة أداةً سحرية لنسج أحلامه، والتعبير عن آماله وآلامه، والتواصل مع الآخرين عبر الزمن والمكان، وكان الشعر في صلب هذه الكلمة، حيث لم يكن عبثا، وإنما هو وسيلة أدبية، كما أنه كان صوت الإنسان الداخلي، صدى روحه، ونبض وجدانه. إنه الفن الذي حمل مشاعر البشرية عبر الأجيال، وتحوّل إلى سجل حيّ للتجارب الإنسانية، متجذرًا في الذاكرة الجماعية لكل شعب. وانطلاقًا من هذه الأهمية، خصصت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) يومًا عالميًا للشعر، يحتفى به سنويًا في الحادي والعشرين من مارس، تأكيدًا على دور الشعر في إغناء الثقافات وتعزيز الحوار بين الشعوب.

يُعدّ الشعر لغةً عالميةً تتجاوز الحدود، فهو يجمع البشر على اختلاف لغاتهم وأعراقهم، ويعبر عن مشاعرهم العميقة بلغة قد تكون بسيطة أحيانًا، لكنها تحمل في طياتها معاني واسعة، إنه ذلك الصوت الداخلي الذي يجعل الإنسان قادرًا على مواجهة الحياة بروح شاعرية، تستلهم الجمال حتى من بين الألم، وتخلق فسحة تأمل وسط ضجيج العالم، ومن خلال الشعر، يتمكن الإنسان من التقاط لحظات الحياة العابرة، وتحويلها إلى كلمات خالدة، تظل حية في الوجدان، حتى بعد رحيل أصحابها.

لا يقتصر دور الشعر على كونه تعبيرًا أدبيًا فقط، بل يمتد ليكون جزءًا أساسيًا من هوية الشعوب وتاريخها، فمنذ العصور القديمة، كان الشعر هو الوسيلة الأولى لحفظ تاريخ الأمم وقصصها وأساطيرها. ففي العالم العربي، كان الشعر هو الديوان الذي دوّنت فيه المآثر والبطولات، وحفظت من خلاله القيم والمبادئ، أما في الثقافات الأخرى، فقد شكّل الشعر ركيزةً للحكي الشفهي، حيث تناقلته الأجيال جيلاً بعد جيل، فكان وسيلة للتعليم والترفيه والتأريخ والتعبير عن المعتقدات.

إن احتفاء اليونسكو باليوم العالمي للشعر يأتي من وعيها بالدور الحيوي الذي يلعبه الشعر في الحفاظ على التنوع اللغوي والثقافي في العالم، ففي عصر العولمة، حيث تهيمن بعض اللغات الكبرى على المشهد الثقافي العالمي، تواجه العديد من اللغات المحلية خطر الاندثار، وهنا يأتي الشعر ليعيد لهذه اللغات صوتها، وليحافظ على ثرائها عبر التعبير الشعري، الذي يُعتبر أحد أهم أشكال التواصل الإنساني. ولذا، يشجع هذا اليوم على دعم اللغات المهددة بالانقراض، ومنحها مساحة في المشهد الثقافي العالمي، حتى تستمر في الوجود كجزء من التراث الإنساني المشترك، كما يسعى اليوم العالمي للشعر إلى إحياء التقاليد الشعرية الشفوية، وتعزيز تدريس الشعر في المؤسسات التعليمية، وتشجيع الحوار بين الشعر والفنون الأخرى مثل الموسيقى، والمسرح، والرقص، والفنون التشكيلية. فالشعر ليس كيانًا منفصلًا عن الفنون، بل هو متداخل معها، إذ تتجلى فيه الإيقاعات الموسيقية، وتتحول كلماته أحيانًا إلى لوحات بصرية، أو مشاهد مسرحية تعبر عن أعمق المشاعر الإنسانية.
ورغم أن الشعر لا يزال حاضرًا بقوة في حياة الكثيرين، إلا أنه يعاني في بعض المجتمعات من تراجع الاهتمام به، خاصة مع هيمنة وسائل الإعلام الحديثة والاهتمام المتزايد بالأشكال الأدبية الأخرى، مثل الرواية والقصة، وهناك أيضًا صورة نمطية عن الشعر، تجعله يبدو للبعض فنًا نخبوياً أو قديمًا، بعيدًا عن اهتمامات الإنسان المعاصر. لكن الحقيقة أن الشعر لا يفقد قيمته، بل يتجدد مع الزمن، ويجد دائمًا وسائل جديدة للتعبير عن ذاته. ففي عصر التكنولوجيا، انتقل الشعر إلى الفضاء الرقمي، وانتشرت القصائد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبحت للشعراء منصات إلكترونية يشاركون فيها إبداعاتهم مع العالم.
إن الاحتفال باليوم العالمي للشعر لا يعني فقط الاعتراف بأهمية الشعر في الماضي، بل هو دعوة إلى إعادة الاعتبار له في الحاضر والمستقبل. فهو وسيلة للتواصل العاطفي والفكري بين البشر، وأداة لتقريب المسافات بين الشعوب، وطريقة للتعبير عن قضايا الإنسان في مختلف الأزمنة. ولهذا، تشجع اليونسكو الدول الأعضاء والمؤسسات الثقافية، والمدارس، ودور النشر، والهيئات الفنية على تنظيم فعاليات شعرية في هذا اليوم، لإعادة الشعر إلى مكانته في الحياة الثقافية والاجتماعية.
في النهاية، يظل الشعر شاهدًا على روح الإنسان، يعكس همومه وأحلامه، ويمدّ جسورًا من المحبة والتفاهم بين البشر. إنه الفن الذي لا يموت، لأنه ينبع من أعماق الوجود الإنساني، ويحمل في طياته جوهر الحياة نفسها. وفي اليوم العالمي للشعر، نحتفل بهذه القوة الخلاقة التي تجعل من الكلمات أكثر من مجرد حروف، بل تجعلها نبضًا للأرواح، ورمزًا لوحدتنا الإنسانية المشتركة.



#للاإيمان_الشباني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنثى فوق العادة (الملكة كليوبترا السابعة )
- مغرب الثقافات
- عائشة قنديشة
- نساء فوق العادة (صفية)
- نساء فوق العادة (خربوشة)
- نساء فوق العادة (خناثة بنت الشيخ بكار )
- الفقيهة نفيسة: العلم والورع والنسب الشريف
- نساء فوق العادة (نسيبة بنة كعب )
- القصيدة طامو
- فاطمة البويه
- المرأة المغربية
- نساء فوق العادة الملكة (ديهيا)
- رمضان وتجلي النور في القلب
- أنواع العلاقات المجتمعية
- الاحاسيس
- الشك وآثاره الوخيمة


المزيد.....




- مجموعة رؤيا الإعلامية الأردنية توقع اتفاقية تعاون استراتيجي ...
- مبادرة -بالعربي- تكشف ملامح قمتها الافتتاحية في الدوحة ‎
- ميغان ماركل تكشف عن لحظات حميمة مع هاري وليليبيت (صور)
- بعد فراق دام 20 عاما.. لقاء مؤثر بين النجمة السورية منى واصف ...
- الفلسفة وفن الأوبريت أهم فعاليات اليوم الرابع للأسبوع الأدبي ...
- تعزية في وفاة الفنانة الكبيرة نعيمة سميح
- تيم حسن يخرج من قمقم الممثل الأوحد في -تحت سابع أرض-
- وفاة المطربة المغربية الشهيرة نعيمة سميح
- انتحرت أم قتلت؟.. حسين فهمي يتحدث عن موت سعاد حسني المفاجئ
- حسن جلبي.. تألق فن الخط العربي في العصر الحديث


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - للاإيمان الشباني - اليوم العالمي للشعر