|
استراتيجية جديدة ام تصعيد عسكري جديد في العراق؟
طه معروف
الحوار المتمدن-العدد: 1796 - 2007 / 1 / 15 - 11:36
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
التصعيد العسكري الامريكي هو عنوان آخر في المشهد السياسي العراقي .المحاولة الامريكية الاخيرة لا ينطوي على اي رؤية استراتيجية جديدة بعدما فشل المشاريع السياسية الامريكية بالكامل في العراق وفي المنطقة .الظروف البائسة التي تعيشها الجماهير في العراق جعلت من أكبر مجرم الذي عرفه التأريخ القديم والحديث وهو( صدام) بطلا قوميا لا لسبب لإن الجماهير تعاني الآن بدرجة اكثر مما كان تعاني في فترة النظام الدموي البعثي .العراق بدأت تتجه بوتيرة اسرع تحت وطأة الاحتلال وسلطة الميليشيات نحو الهاوية ولربما السقوط في اتون الحرب الأهلية اوسع مما هي عليه الآن. حديث المحافظين الجدد بقيادة بوش حول استراتيجية الجديدة في العراق ،ليس إلا محاولة عقيمة لتخطيط وتصعيد العمل العسكري في إطار الحرب الارهابية و الفشل الأمريكي في العراق. استراتيجية الأمريكية فشل منذ بداية الحرب عندما تحوا العراق الى ساحة وميدان الأقتتال لقطبي الأرهاب العالمي ،الأمريكي والأسلامي، وما نتجت عنه من فشل العملية السياسية في ظل المد والسيطرة الطائفية في العراق وخصوصا بعد نجاح التغلغل والنفوذ الأيراني في العراق الذي أدى الى تشديد الصراع وتقوية قدرة سلطة الميليشيات المسلحة الشيعية لبسط سيطرتها على معظم مناطق العراق. إن تفكير بمستقبل مشرق في العراق في ظل سيطرة والمد الطائفي هو وهم خادع .إن مشكلة الجوهرية في الوضع السياسي الذي يسود العراق الآن هو وجود قوى الاحتلال وسيطرة وتولي اصحاب العمائم من الشيعة والسنة على مقاليد الامور السياسية .ان العراق يحتاج الى عمل سياسي وليس تصعيد العمل العسكري كما تريده الطغمة الفاشية العسكرية الامريكية. ان اي عمل عسكري بحجة استتباب الامن في بغداد او مناطق عراقية اخرى ،هو استفزاز بالجماهير وتؤدي لا محال الى مزيد من القتل والدمار والتهجير وخصوصا فان طبيعة العمليات العسكرية الامريكية العشوائية تستهدف دائما مناطق السكنى والشوارع والمحلات المكتظة بالسكان من كل الطوائف. تبخرت الادعائات الامريكية والمتعاونين معه حول نجاح العملية السياسية في العراق وهاهي الآن يتحول هذا "الانجاز المذهل" من لسان رموز الطغمة الامريكية الفاشية الى عدم الثقة بحكومة مالكي المنبثقة من هذا "الانجاز المذهل"و الذي لا يتمتع بثقة الجماهير(حسب قول رايس) ولم يلتزم بتعهداته السابقة العاتقة على نفسه لسيطرة على الوضع السياسي والامني في العراق.اللافت للنظر او المثير للاستهجان هو مطالبة الادارة الامريكية من رئيس حكومة ميليشيات الطائفية الذي هو جزء من المشكلة العراقية بتصدي لميليشيات الشيعية !!!! في الوقت فان ميليشيات المهدي هو ذراع مسلح لحكومة المالكي الطائفية،إذن فكيف بالامكان ان يثور و ينقلب رئيس حكومة ميليشيات على قاعدة دعمه الاساسية في صراعه الطائفية .وكان حظور عصابات جيش المهدي اثناء اعدام صدام هو خير دليل على وجود الانسجام السياسي بين مالكي وهذه الميليشيات ناهيك مشاركتهم في الحكومة وبرلمان ب 30 مقعدا. وفي حال حدوث التصعيد العسكري في العراق فإنه لن تؤدي إلا الى مزيد من القتل والدمار والتهجير ليضاف الى تعداد القتلى اعدادا اضافيا اخرى مع الازدياد في موجات النازحين وتعميق الصراع الطائفي ودفعها نحو الحرب الارهابية على نطاق واسع وخصوصا بعدما قررت الاحزاب القومية الكردية المشاركة في هذا الاقتتال الرجعي وارسال قواته الميليشياتية الى بغداد .إن مثل تلك المحاولة سيؤدي الى تقويض الحالة الامنية في كردستان التي يتمتع بها مقارنة بالمناطق العراقية الاخرى الساخنة الذي تشهد الفوضى والانفلات الامني .يبدو ان الاحزاب القومية الكردية تحاول ان ترد وتقف بوجه مشروع دراسة بيكر-هاملتون بهذه الطريقة الهدامة. تحاول تلك الاحزاب ان تربط مصير كردستان بمصير سياسة العسكرتارية الفاشلة للمحافظين الجدد الذين لم يتوعدوا يوما ما بحل عادل لقضية الجماهير في كردستان ويتوافقون من حيث المبدأ مع التقرير المذكور حول تقوية السلطة المركزية بعكس ادعائات الاحزاب القومية الكردية التي تريدون خداع الجماهير والتغطية على فشل تحالفاتهم السياسية عبر دعم استراتيجية الجديدة او التصعيد العسكري الامريكي في العراق.. وما تثير الدهشة هو ازدياد القوات العسكرية الامريكية ب 20الف جندي آخر و بصحبتهم مليار دولار "لإعادة اعمار العراق" !!! .ولكن مادا يمكن للجماهير ان تفعل بمليار دولار في بلد التي تسببت الحرب في تدمير البناء التحتي ونسف شرايين الاقتصاد ووصل نسبة البطالة الى اكثر من 70% والحياة فيها صبغت بالعدائات الطائفية والعمال والموظفين المستهدفين يوميا للقتل والإختطاف ،اليس هذا هي التوهين و الضحك على ذقون الجماهير.ومن ناحية اخرى فهناك كثيرون من امراء الحرب حصلوا على ملياراو اكثر على حساب قتل وتهجير الجماهير بل العملية السياسية بالكامل يسوده السطو والاختلاس والفساد الذي مهدت الطريق لنشؤ اطياف من العصابات الطائفية والعرقية الذين يقبضون الرواتب لقاء اعمالهم الاجرامية وبسط سيطرتهم على جميع القطاعات والمرافق الاقتصادية وخصوصا القطاع النفطي بمشاركة وعلم سلطة و قوى الاحتلال . ان هذا المبلغ ، المليار دولار، ستذهب ايضا بالتأكيد مثل المليارات السابقة الى جيوب العصابات الطائفية والقومية لقاء تلك الخدمة التي تقومون بها لقوى الاحتلال؟.ان اعمار العراق لا يتم دون انهاء الاحتلال وان التصعيد العسكري سوف تزيد من معانات الجماهير وتؤدي الى قطع سبل معيشة و حياتهم اليومية . ومن جانب آخر تحاول الدبلوماسية الامريكية ارسال الاشارة الى حلفائه في المنطقة حول نيته في تغيير بعض من سياساته ولأول المرة تنتقد حكومة مالكي باللهجة الحادة ،كحكومة غير موثوقة جماهيريا، او التعرض المتكرر على قنصلية الايرانية في بغداد واربيل والذي تشيرايضا الى احتمال تقوية الكتل السنية وجمع فلول البعثيين لمشاركة في العملية السياسية بقوة وهذا الامر مقبول لدى دول مثل سعودية واردن ومصرودول الخليج وامريكا ايضا الذين يقبلون ويفضلون جميعا البعثيين وحتى النظام البعثي بدون صدام .وهذه الدول الرجعية تسعى ان تظهر بمظهر المحايد في الوضع العراقي الراهن ولكن هؤلاء رغم ادعائاتهم بالحياد ساهما الى حد ما لتوظيف الطائفية وتقوية الصراع والانفلات الامني . ان تحرير الجماهير من تلك السياسة والمشاريع الرجعية لا تمر عبر التصعيد العسكري او تدخلات الاقليمية الرجعية وانما عن طريق النضال من اجل انهاء الاحتلال ورفع الهوية الانسانية مقابل الهوية الطائفية والعرقية بغية تصدي لسياسة وشعارات الهمجية للطائفيين والقوميين و هذه هي الطريقة السياسية والانسانية الممكنة و الوحيدة للخلاص من آفة هذا الداء القاتل التي تحرق الأخضر واليابس في اتون الحرب الارهابية والصراع لا نهاية له. طه معروف 14-1-2000
#طه_معروف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إعدام صدام مناورة سياسية امريكية وصورة بشعة للانتقام الطائفي
-
الرد على فشل سياسة تحالف الاحزاب القومية الكردية هو انفصال ك
...
-
الحوار المتمدن في المنظور الطبقات وقواه السياسية
-
التحركات الدبلوماسية لا تغطي فشل امريكا في العراق
-
حكم الاعدام على صدام لا ينهي مأساة الجماهير العراقية
-
!كردستان العراق في ظل فشل الأحتلال الامريكي وتحكم البدائل ال
...
-
البرلمان العراقي يتعامل -بالحذاء- مع معارضي الشريعة الاسلامي
...
-
تصريحات البابا بنديكتوس، تذكي الحرب الارهابية العالمية
-
مغزى إستبدال العلم في كردستان العراق وغضب الشوفينية العربية
...
-
مؤتمر العشائر-للمصالحة- صور مشوهة للعراق ودليل على غياب الحك
...
-
ألإعلام والأقلام المأجورة جزء اساسي من الفساد المستشري في جس
...
-
الحروب الأمريكية الأسرائيلية في الشرق الأوسط ،رافعة لصعود ال
...
-
حرب لبنان واستقطاب القوى والمحاور الرجعية في المنطقة
-
الأحزاب القومية الكردية في تسعى لإستكمال مستلزمات الحرب الأه
...
-
هل يمنع استمرار الاحتلال نشوب الحرب الاهلية في العراق؟
-
النموذج الامريكي لتحررالمرأة العراقية؟
-
أيان هيرسي علي في ميزان الديمقراطية الغربية
-
مخاطر الأحزاب القومية الكردية على نضال و حقوق جماهير كردستان
...
-
حتمية الخيار العسكري الامريكي ضد ايران
-
من الذي يقرر مصير العراق؟
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|