أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - منذر خدام - العرب والعولمة( الفصل الرابع)















المزيد.....



العرب والعولمة( الفصل الرابع)


منذر خدام

الحوار المتمدن-العدد: 8274 - 2025 / 3 / 7 - 10:45
المحور: قضايا ثقافية
    


الفصل الرابع
النظام السياسي العربي والعولمة

1-مقدمة
يلعب النظام السياسي، وكيفية إدارة الحكم، دورا مفتاحيا في تحديد الخيارات العولمية للدول والشعوب، فإما تكيفا مع خيارات الأخرين، او تكيفا متبادلا. في الحالة الأولى يعاد أنتاج وتكييف الداخل الوطني مع متطلبات مصالح الخارج، هنا الخارج يفعل، والداخل ينفعل، الخارج يقود والداخل يتبع، الخارج يتطور والداخل يتغير حسب متطلبات تطور الخارج.
اما في الحالة الثانية فثمة تكيف متبادل، تتفاعل من خلاله المصالح وتتشابك، في عملية من التبعية المتبادلة، يصبح تقدم طرف شرط لتقدم الطرف الآخر، حصيلتها تطور مشترك، وتبادل للمنافع على قاعدة المزايا النسبية المتوفرة في كل بلد.
في الحالة الأولى فإن النظام السياسي هو نظام القلة( الطغمة) قائما على أساس تنمية مصالحها، على الضد من المصالح الوطنية والمجتمعية في كثير من الأحيان، لا يحترم القانون وغير شفاف ولا يقبل المساءلة والمحاسبة، ولذلك فهو نظام فاسد لا يسترشد بمبادئ الحرية والديمقراطية والحكم الرشيد، فاقد للإرادة السياسية المستقلة، وهو تابع بكليته لإملاءات الخارج.
في الحالة الثانية يكون النظام السياسي قائما على أساس نظام المصالح الوطنية والمجتمعية، مسترشدا بمبادئ الحرية والديمقراطية، شفافا يقبل المساءلة والمحاسبة، مبنيا بحيث تستطيع كل فئة اجتماعية الدفاع عن مصالحها في إطار سيادة القانون واحترامه. وفي علاقاته مع الخارج يكون طرفا فاعلا، يمتلك إرادة مستقلة، يساهم من خلالها في عملية تطوير مشتركة ومتكافئة في إطار الشروط التاريخية الموضوعية.
في إطار هذه الحالة تقع للأسف غالبية الأنظمة السياسية العربية كما سنرى لاحقاً.
2-مفهوم النظام السياسي
مفهوم النظام السياسي هو من المفاهيم التحليلية الحديثة المستجدة التي ترتبط بعلم اجتماع السياسة. يشير هذا المفهوم إلى شبكة من العلاقات والتفاعلات الإنسانية المرتبطة بالسلطة والتي تحدد إلى درجة كبيرة منطلقاتها الأيديولوجية وأشكال تنظيمها وكيفية ممارستها. وتتميز هذه العلاقات والتفاعلات بطابع الاستمرار والتجدد، بحيث أن أي تغيير في إحدى مكوناتها يؤدي إلى تغيرات في الوحدات الأخرى المكونة لها.
في عالم اليوم حيث تتسع وتتعمق العلاقات الاندماجية والتكاملية في إطار العولمة لم يعد ممن الممكن لأي مجتمع أن ينأى بنفسه عن التأثر بما يجري في العالم والمساهمة في صنعه سواء أكان ذلك في المجال الاقتصادي أو الثقافي أو السياسي. غير ان درجة التفاعل والتأثر المتبادل مع عالم العولمة يتوقف إلى حد كبير على طبيعة النظام السياسي القائم ومدى كفاءته، وعلى فعالية الفرد ومدى استجابة النظام لحقوقه الطبيعية والسياسية، والحدود التي يرسمها النظام لحريته. من هذه الناحية تكاد جميع الأنظمة العربية أن تكون خارجة عن العصر ومتطلباته. بطبيعة الحال ثمة أسباب مسؤولة عن هذا الواقع تعود جذورها إلى تفاعلات المكان وإلى الخصوصية الثقافية وإلى السيرورة التاريخية للعرب. غير ان الأسباب المباشرة لهذا الواقع فهي حاضرة في طبيعة القوى الاجتماعية المسيطرة على السلطة، وفقدانها للشرعية التي تعيد انتاجها باستمرار، وبالتالي ضعف حساسيتها لمصالح بلدانها وشعوبها، مما جعلها موضوعا سهلا ومطواعا لإعادة التكيف مع المصالح الخارجية.


3- طبيعة الشخصية العربية.
لقد شكل المكان الذي يشغله الوطن العربي عبر التاريخ عنصرا حاسما في التفاعلات التاريخية التي جرت عليه ومن حوله، وهو في الوقت الراهن على الرغم من التغير الكبير الذي طرأ على مفهوم المكان- الأرض، والمصالح الدولية المرتبطة به، لا يزال الوطن العربي محط اطماع إقليمية ودولية، تحدد إلى درجة كثيرة طبيعة التفاعلات العولمية المرتبطة بدمجه في إطار منظومتها الكونية.
لقد شكل المكان عنصر إغراء للاستعمار الأوربي الحديث، كما كان حاله في الماضي عنصر إغراء لكثير من الغزوات التي اجتاحته، فعمد إلى تمزيق هذا المكان، ليشكل عليه دويلات تفصلها حدود مصطنعة، على أمل إدامة سيطرته عليه. غير ان العرب، مع كل ذلك، لم ينقطعوا عن التواصل والتفاعل الثقافي والسياسي والتوجه نحو صياغة مستقبل مشترك. ولم تنجح بالتالي جميع الضغوطات الثقافية والسياسية والاقتصادية التي مورست عليه، ولا تزال تمارس، من قبل الدول الاستعمارية لتحويله إلى وحدات متمايزة متنافرة أو لجذبه ودمجه في تكوينات إقليمية أخرى، وإبعاده عن مجاله الحيوي المتميز الذي يشكل الوطن العربي، فاخترع له بدائل عديدة كان من أخطرها مفهوم الشرق الأوسط كنظام سياسي إقليمي يضيق أو يتسع حسب الطلب، لكن في جميع حالاته تكون إسرائيل في موضع القلب منه.
الوطن العربي بصفته إقليما سياسيا يمثل امتدادا جغرافيا من المحيط إلى الخليج يقوم عليه كيان أقوامي متميز بثقافته وبتاريخه وبالتفاعلات التي تجري فيه[1].فهو يواجه نفس التحديات الأمنية بالمعنى العام لكلمة أمن،
1- مطر، جميل و هلال، علي الدين " النظام الإقليمي العربي:دراسة في العلاقات السياسية العربي" ، (بيروت ،مركز دراسات الوحدة العربية،1979) ص22-38 أنظر أيضا مصالحة،محمد "الأمن العربي بين المفاهيم والواقع والنصوص"،(مجلة شؤون عربية ،العدد 35 ، كانون الثاني /يناير 1984) ص 27.
بالدعوة إلى التضامن حينا أو الوحدة حينا آخر، ويسعى إلى تنظيم قواه وجهوده من خلال جامعة الدول العربية، أو من خلال الدعوة إلى إنشاء السوق العربية المشتركة، أو منطقة التجارة الحرة.الخ..
ورغم الاهتزازات الجدية التي تعرض لها مفهوم الأمن العربي من جراء التدخلات الخارجية في شؤونه، أو بسبب الخلافات والصراعات العربية، التي كان أخطرها على الإطلاق حرب الخليج الثانية، وما ترتب عليها من تداعيات، فإن مفهوم الأمن العربي لا يزال له ما يبرره ويحظى باهتمام الدول العربية سواء بسبب وجود إسرائيل، أو بسبب احتلال إيران لبعض الجزر العربية، أو بسبب أطماع أثيوبيا في مياه النيل، واحتلال تركيا للواء اسكندرون وكيليكيا، وأطماعها في مياه الفرات ودجلة، واستمرار احتلال أسبانيا لمدينتي سبته ومليلة في المغرب..الخ.
مع ذلك ينبغي الاعتراف بأن القوى الخارجية قد نجحت في إدخال تعديلات جوهرية على طبيعة النظام السياسي العربي، والتفاعلات التي تجري في داخله، وحددت إلى حد بعيد خياراته. ويتنامى تأثير الخارج في الداخل الوطني كثيرا مع تعمق العلاقات الاندماجية الجارية على الصعيد العالمي في إطار ما يسمى بالعولمة. فالتوجه نحو الخارج في المجال الاقتصادي والثقافي والسياسي أصبح سمة العصر الراهن وخاصة بالنسبة للبلدان المتخلفة. كل ذلك جعل الإنسان العربي يتعرض لتأثير قوى عديدة مختلفة في الاتجاه تكاد تشطره إلى اكثر من شطر، من جهة قوى السكون التقليدية التي تحاول إبقاءه على ما هو عليه أو إرجاعه إلى الوراء تحت دعاوى الأصالة والتراث والتميز، وقوى الحركة والتغيير التي تعصف بالعالم وتحاول اقتلاعه من جذوره وتعيد تكوينه شخصية اغترابية متكيفة مع متطلبات الخارج وأهدافه. في إطار تجاذب القوى الذي يتعرض له الإنسان العربي أخذ يتأثر كثيرا من حيث الشكل بنتائج قوى التغيير فانفتحت شهيته على الاستهلاك من كل لون وبلا قيود وضوابط ، لكنه بقي في العمق إنسانا تقليديا في نمط تفكيره وفي حياته الاجتماعية. لقد أصبح الإنسان العربي المعاصر يجمع في ذاته المتناقضات دون أن يشعر بالحرج من ذلك. ففي الوقت الذي يقبل على استهلاك آخر منتجات الغرب وصرعاته باندفاع ورغبة، نراه يحجم وبعناد عن تقبل طريقته في التفكير، وأسلوبه في التنظيم والإدارة المجتمعية. كل ذلك انعكس في الهياكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعمليات التحديث الجارية والتي في مجملها أعادت تكييف النظام السياسي العربي في إطار علاقات التبعية للمراكز الرأسمالية، دون أن تحدث تغييرا جوهريا فيه. فلا الطبقات تصيرت ولا البنى القبلية والعشائرية اختفت ولا البنى الأقوامية للأقليات اندمجت في المجتمع، ولا تصيرت كبنى قائمة بذاتها في إطار الوطن العربي فبقيت من جملة القضايا العالقة التي تسبب النزاعات المستمرة. لقد حافظت البنية المجتمعية على طابعها التركيبي، مع كل ما يطابقها من أنماط تفكير ومنظومة قيم وعلاقات اجتماعية..الخ.
باختصار يمكن القول إن الإنسان العربي بتفاعله مع خصائص المكان والمؤثرات الخارجية عليه، قد تصير عبر التاريخ إلى كائن ثقافي من نوع خاص. من سمات خصوصيته تعلقه القوي بماضيه، ميله إلى النمذجة وبالأخص النماذج الكاملة منها، يعيش الحلم واقعا، يتداخل لديه الممكن النظري مع الممكن الواقعي، تنمو لديه النزعة الكلامية، يتطلع إلى الماضي وهو يحاول بناء المستقبل، ضعيف الحساسية بالزمن، شديد التمسك بالكاريزما(الزعامة) الفردية و يحاول دائما خلقها في جميع أشكال وجوده الاجتماعي، يميل إلى نفي الآخر اكثر من تغييره، شديد التمسك بالتقليد والتقاليد ..الخ.
3-البنية الاجتماعية المؤسسة للنظام السياسي العربي.
تعتبر المجتمعات العربية مجتمعات شابة حيث أن اكثر من 65% من عدد السكان ينتمون إلى الفئات العمرية الشابة(ما دون العشرين سنة). وتتميز أيضا بمعدلات نمو مرتفعة تزيد عن 3% في أغلب الدول العربية. يتركز القسم الأكبر من السكان في الريف[2] تنتشر في صفوفهم الأميةوالتقاليد والعديد من الأمراض الاجتماعية الأخرى، ويتميزون بضعف قابليتهم للتنظيم والتفاعل مع معطيات العصر ومنجزاته خصوصا في الحقل الاجتماعي. وحتى ذلك القسم من السكان الذي يسكن المدن لم يبتعد كثيرا عن أصوله وروابطه الريفية وذلك بسبب ضعف التشكل الطبقي في المجتمع العربي. بصورة إجمالية يمكن ملاحظة ثلاث طبقات في المجتمع العربي هي التالية :
1 -الطبقة البرجوازية بكل شرائحها البيروقراطية والطفيلية والكمبرادورية والتقليدية.
2- البرجوازية الصغيرة .
3-طبقة العمال والفئات الفلاحية الكادحة [3]
تتكون الطبقة البرجوازية من أربع فئات هي البرجوازية التقليدية، والبرجوازية البيروقراطية، والبرجوازية الطفيلية، والبرجوازية الكمبرادورية، لكل منها سماتها المتميزة ودورها الاجتماعي والسياسي الخاص.
لقد بدأت البرجوازية التقليدية سيرورة تشكلها خلال مرحلة الاستعمار نتيجة للتحولات التي أجراها المستعمر في بنية الاقتصاد خدمة لمصالحه فجرى التحول من الاقتصاد الزراعي التقليدي إلى الإنتاج الزراعي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2-الأمانة العامة وآخرون" التقرير الاقتصادي الموحد لعام 1995"،(القاهرة،جامعة الدول العربية،1995 )
3-عبد الفضيل، محمود " تضاريس الخريطة الطبقية في الوطن العربي نظرة إجمالية- نقدية" المستقبل العربي السنة (9) العدد (95) ،كانون الثاني/يناير 1987،ص 74-79.أنظر أيضا عبد الفضيل،محمود"التشكيلات الاجتماعية والتكوينات الطبقية في الوطن العربي:دراسة تحليلية لأهم التطورات والاتجاهات خلال الفترة( 1945-1985)، ص (112-205).

والصناعي المنفتح على السوق وبشكل خاص على الخارج. ومن البداية جاء تكوينها هجينا من عناصر إقطاعية ومن زعماء العشائر والقبائل إلى جانب كبار التجار والمرابين. وبسبب افتقارها إلى التصيّر الطبيعي المكتمل فإن البرجوازية التقليدية باعتبارها الممثل الاجتماعي للأشكال الطبيعية لدوران راس المال المحلي، رغم مضي نحو نصف قرن على الاستقلال الوطني، لا
تزال تحمل سمات النشأة الأولى مع كل التغيرات التي طرأت على العالم . ففي مجال استقصاء الربح تبرز بوضوح العناصر الرأسمالية، أما في المجالات الاجتماعية والسياسية فتبدو السمات الإقطاعية المتخلفة واضحة بجلاء.
الفئة البرجوازية الأخرى التي لعبت دورا خطيراً في جميع الدول العربية وبشكل خاص في الدول التي حكمتها الفئات الثورية الجديدة، هي البرجوازية البيروقراطية. ومع أن المصطلح لا يزال إشكاليا إلا انه أصبح محدد الدلالة وهو يشير إلى تلك الفئات التي تحتل مواقع معينه في جهاز الدولة أَثْرت من خلالها. من خصائص هذه البرجوازية أنها لا توجد خارج جهاز الدولة، وما إن تسيطر عليه حتى تقوم بتوسيعه بصورة كبيرة وتزيده فعالية، وتحول الدولة إلى دولة أمنية، وهي تتميز بالحد الأقصى من الفساد والتملق السياسي. يقول كارل بروتنتس(( وعندما يتكلمون عن البرجوازية البيروقراطية فإنهم يقصدون عناصر معينة بين جهاز الدولة وفي الدوائر الحكومية العليا، المعزولة عن الشعب، بل والمعادية له والتي تستخدم وضعها من أجل الإثراء الذاتي ومن أجل كل العمليات غير الشريفة … وبسبب وضعها الخاص وأساليب ثرائها ، تتميز البرجوازية البيروقراطية بالحد الأقصى من الفساد والملق السياسي وهي قادرة على أن تحتل أكثر المراكز عداءاً للوطن والشعب ))[4]. إن توسيع البرجوازية البيروقراطية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
4-بروتنتس، كارل "الاستعمار الجديد : جوهره وأشكاله"،(موسكو ،دار التقدم،1966 ). ص 52-53.
لرأسمالية الدولة هو في نفس الوقت تعظيم لدورها في المجتمع. وعند حد معين من التوسع الرأسمالي تتكون ظروف ملائمة لولادة فئة برجوازية جديدة هي البرجوازية الطفيلية الشريك الرئيس للبرجوازية البيروقراطية في اقتسام فائض القيمة المستحوذ عليه من قطاع رأسمالية الدولة ومن الاقتصاد الوطني ككل.
تتميز البرجوازية الطفيلية في تعميم النشاطات الاقتصادية غير الإنتاجية وتشجيع ما يسمى بمشاريع الأبهة وتنمية النزعة الاستهلاكية في المجتمع، وتعميم وضعية اللاقانون والفساد. ونظرا لسرعة جنيها للثروة وتعظيمها فإن
قسما هاما من البرجوازية التقليدية ينتقل من وضعية المستثمر والمنتج إلى وضعية الطفيلي. ومع توسع دائرة العلاقات الاقتصادية الخارجية تزداد وتتعمق علاقات التبعية. وإذا أخذنا بعي الاعتبار أن السياسات الإنمائية التي تنتهجها البرجوازية البيروقراطية والطفيلية تركز على الاستهلاك وعلى استنزاف الموارد المحلية وخصوصا من المصادر الاستخراجية، فإن تشويه الهياكل الاقتصادية والوقوع في فخ المديونية الخارجية والداخلية هي النتيجة المنطقية التي لا مفر منها. في هذا السياق يتعاظم شأن البرجوازية الكمبرادورية كمتطفل على مسار العلاقات لاقتصادية مع الخارج. ومن الطبيعي أن يكون لهذه البرجوازية تأثير قوي على جهاز الدولة. يقول بولنتزاس (( إن ما تعنيه تقليديا البرجوازية الكمبرادورية جزء من البرجوازية الذي ليس له قاعدة خاصة لمراكمة رأس المال، والذي يتصرف نوعا ما كمجرد وسيط للإمبريالية الأجنبية (لهذا يقرنون بعض الأحيان هذه البرجوازية بالبرجوازية البيروقراطية ) وهو بذلك تابع بتمامه لرأس المال الأجنبي من النواحي الثلاث: الاقتصادية والسياسية والأيديولوجية)) [5]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
5-بولنتزاس ، نيكوس (( الطبقات الاجتماعية في النظام الرأسمالي اليوم ))، ترجمة إحسان الحصني ، (وزارة الثقافة، دمشق ، 1983 ) ص 118 .
الطبقة الاجتماعية الأوسع انتشارا في البلدان العربية هي طبقة البرجوازية الصغيرة. لقد توسعت هذه الطبقة كثيراً بسبب الإصلاحات الاقتصادية التي جرت في البلدان العربية خلال العقود الأربعة الماضية، نجم عنها حراك بعض الفئات الاجتماعية صعوداً أو هبوطاً . ففئة ملاك الأراضي التي تأثرت كثيرا بإجراءات الإصلاح الزراعي التي اتخذها وطبقها العديد من الدول العربية هبطت إلى وضعية البرجوازية الصغيرة، في حين ازداد نفوذ العسكر وتحسن واقعهم المادي فانتقلوا إلى وضعية البرجوازية الصغيرة. تضم البرجوازية الصغيرة القسم الأكبر من الطبقة الفلاحية إلى جانب جمهور الحرفيين والمهن الحرة والعديد من الفئات الاجتماعية الأخرى.
4- التوجهات الاقتصادية الاساسية للنظام السياسي العربي
على الصعيد الاقتصادي فإن جميع البلدان العربية تنتمي إلى مجموعة بلدان الجنوب، فهي تمتلك ثروات هائلة ، مع ذلك فإن اقتصادياتها تتبع اقتصاديات المراكز الرأسمالية هيكليا ووظيفيا. ونتيجة لذلك فهي اقتصاديات ريعية تلعب فيها الصناعة الاستخراجية والخدمات الدور الحاسم[6].
من الناحية النظرية يعتبر الوطن العربي إقليماً اقتصاديا متكاملاً، خصوصا إذا آخذنا بعين الاعتبار ما يجري على الصعيد العالمي من توجهات جدية نحو نوع من التفكير الإقليمي الجديد، يتوقع له أن يشكل علاجا للعديد من المشكلات على الصعيد العالمي مع مطلع الألفية الثالثة. ومما يعزز التوجهات الإقليمية الجديدة النجاحات الظاهرة التي حققتها جهود
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
6-هلال، علي الدين و مسعد، نيفين(2000)، (( النظم السياسية العربية:قضايا الاستمرار والتغيير))، مرجع سبق ذكره ،ص 116.
انظر أيضا خير الدين حسيب،مشرف، مستقبل الأمة العربية: التحديات..والخيارات، التقرير النهائي لمشروع استشراف مستقبل الوطن العربي،مشروع استشراف مستقبل الوطن العربي(بيروت :مركز دراسات الوحدة العربية 1988)،جدول رقم(5-5)،ص264.
التعاون الإقليمي في أوربا منذ أن عقدت اتفاقية روما في عام 1957، وتحول الولايات المتحدة الأمريكية عن توجهها التقليدي المحبذ لتحرير التجارة على الصعيد العالمي إلى إنشاء مناطق للتجارة الحرة كخيار مكمل وذلك وفق اتفاقيات أبرمتها بهذا الشأن مع كندا في عام 1988(GUSTA ) ثم مع كندا والمكسيك في عام 1992 (NAFTA ) [7].
لقد انتشرت التوجهات الإقليمية الجديدة في جميع أنحاء العالم ولم تعد مقتصرة على أوربا وأمريكا الشمالية، فقد أعيد إحياء السوق المشتركة لأمريكا الوسطى(CACM ) واتحاد أمم جنوب شرق أسيا (ASEAN ) ، والسوق المشتركة في أمريكا اللاتينية (MERCOSUR ) بين الأرجنتين والبرازيل والاورجواي والباراجواي.
لم يكن باستطاعة الدول العربية البقاء بعيدة في منأى عن التفاعلات والتوجهات الاندماجية الجارية على الصعيد العالمي، وهاهي القمة العربية التي انعقدت في عام 1996 تفتح الباب من جديد أمام إقامة منطقة للتجارة الحرة بين الدول العربية تقوم على أساس تبادل المنافع وتغليب المصالح الاقتصادية على غيرها من المصالح الأخرى. وبالفعل فقد عقدت اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف بين الدول العربية لإنشاء مناطق للتجارة الحرة. إن التوجهات التكتلية العربية في المجال الاقتصادي ليست جديدة فهي تعود إلى بداية إنشاء جامعة الدول العربية. فهناك العديد من الاتفاقيات المتعلقة بالنشاط الاقتصادي عقدت بين الدول العربية منذ مطلع الخمسينات شملت جميع الميادين بدءاً من تحرير التجارة إلى إقامة المشروعات المشتركة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
7-د.محي الدين،محمود،أ.عبد الحكيم ،رشا(( حول التعاون الاقتصادي العربي في السياسة المصرية)) بحث مقدم إلى المؤتمر السنوي العاشر للبحوث السياسية، 7-9 كانون الأول/ديسمبر 1996 (مركز البحوث للدراسات السياسية،جامعة القاهرة، القاهرة،1996)، ص 2.


مرورا بتحرير انتقال رؤوس الأموال والعمالة إلى التنسيق العام بين السياسات الاقتصادية .انظر الجدول (4-1).

جدول (4-1 ) أهم الاتفاقيات بين الدول العربية
تحرير التجارة -اتفاقية تسهيل التبادل التجاري وتنظيم تجارة الترانزيت بين دول الجامعة العربية(1953).
-تسديد مدفوعات المعاملات وانتقال رؤوس الأموال بين الدول العربية(1953).
-اتفاقية الوحدة الاقتصادية بين دول الجامعة العربية(1964).
-قرار السوق العربية المشتركة(1964) الصادر من مجلس الوحدة الاقتصادية.
-اتفاقية تيسير التبادل التجاري وتنميته بين دول الجامعة العربية(1981).
المشروعات المشتركة -اتفاقية إنشاء شركة الملاحة العربية(1962).
-المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا(1974).
-الشركة العربية للاستثمارات البترولية(1975).
رؤوس الأموال -اتفاقية تسديد مدفوعات المعاملات(1953).
-الاتفاقية الموحدة لاستثمار رؤوس الأموال العربية في الدول العربية(1980).
اتفاقية استثمار رؤوس الأموال(1982).
انتقال العمال -الاتفاقية العربية لتنقل الأيدي العاملة(1967) و(1977).
التنسيق العام -معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي بين دول الجامعة العربية(1950)
-اتفاقية الوحدة الاقتصادية بين دول الجامعة العربية(1957).
-اتفاقية تنسيق السياسات البترولية(1960).
اتفاقية منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول(1976)
-اتفاقية الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي(1971).
-اتفاقية صندوق النقد العربي(1976)
استراتيجية العمل العربي المشترك(1980).
المصدر:-شقير،محمد لبيب((الوحدة الاقتصادية العربية تجاربها وتوقعاتها))، (مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت،1986)، جزءان، ص336.
ومع كل الجهود التي بذلت ظل البون شاسعاً بين ما استهدفته الاتفاقيات الموقعة بين الدول العربية وواقع العلاقات الاقتصادية العربية. فحصيلة نصف قرن من العمل العربي المشترك في المجال الاقتصادي لا تزال هزيلة وهناك أسباب عديدة تقف وراء ذلك من أهمها:
أ-تغليب حافز الربح الفردي على الحافز المجتمعي.
ب-تنامي الانقسامات بين الدول العربية وفي داخلها، والتهوين من خطر النزعات الانعزالية.
ج-تباين مستويات الدخل بين الدول العربية.
د-عدم احترام حقوق الإنسان، وانعدام الحريات الديمقراطية الحقيقية، وشخصنه السلطة.
هـ -التخوف من أن يؤدي التكامل الاقتصادي إلى اندماج سياسي.
و-إحجام القطاع الخاص عن المشاركة الفاعلة في العلاقات الاقتصادية العربية البينية.
ز-دور القوى الخارجية في إعاقة التكامل الاقتصادي العربي والتشكيك في جدواه.
ح-فقدان القرار السياسي والاقتصادي المستقل ونمو علاقات التبعية مع الخارج.
في النصف الثاني من العقد الأخير من القرن العشرين، أخذت ترتسم ملامح لتفكير إقليمي عربي جديد، شكل مؤتمر القمة الذي انعقد في القاهرة في عام1996 بداية انطلاقته. يمكن لهذا التفكير الإقليمي العربي الجديد أن يكتب له النجاح في حال توفرت له الإرادة السياسية خصوصا وأنه يسترشد بجملة من المبادئ تجعله مختلفا عن التوجهات الإقليمية القديمة.انظر الجدول (4-2). ومما يعزز نجاح التوجهات التكتلية الإقليمية الجديدة لدى البلدان العربية توفر مجموعة من العوامل:

جدول(4-2) مقارنة بين الإقليمية القديمة والإقليمية الجديدة
التفكير الإقليمي القديم التفكير الإقليمي الجديد
- إحلال محل الواردات - توجه تصديري
-تخصيص الموارد وفقاً لخطط مركزية تخصيص الموارد عن طريق السوق
-ريادة القطاع الحكومي -ريادة القطاع الخاص
-تكثيف الاعتماد على السلع الصناعية -تنويع المنتجات بما فيها الخدمات والاستثمار
-التعامل مع الحواجز الجمركية -التنسيق بين السياسات وتعميق الاندماج
-معاملة تفضيلية للدول الأقل تقدماً -معاملة بالمثل مع السماح بفترات للتكيف
المصدر : Galal.Ahmed "Incentives for Economic Integration in the middle East An Egyptian perspective".( the Egyptian center for Economic Studies. Cairom (1996) ,p 8
1-تنوع الموارد الطبيعية العربية وتكاملها، وتوفر العمالة ورؤوس الأموال العربية. لقد قدر حجم الاستثمارات العربية في الخارج بنحو 670 مليار دولار حتى عام 1993 ، في حين لم تزد الاستثمارات العربية البينية عن 12 مليار دولار .
2-اتساع السوق العربية والقوة الشرائية المتاحة فيها.
3-إمكانية إزالة العوائق من أمام التجارة البينية.
ويمكن ان يحقق التكتل الاقتصادي العربي الجديد في حال إنشائه فوائد عدية إضافية لجميع الدول العربية، منها تعزيز موقفها التفاوضي مع التكتلات الأخرى خصوصاً الاتحاد الأوربي فيما يتعلق بالشراكة الأوربية المتوسطية وحرية انتقال السلع والخدمات ورؤوس الأموال والتكنولوجيا.
ومما يدعو إلى التفاؤل اقتناع الدول العربية بضرورة التكامل الاقتصادي فيما بينها وما حققته قمة القاهرة (1996) من تنقية للأجواء العربية.فقد أشار الدكتور عصمت عبد المجيد الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية أن إحياء مشروعات التعاون الاقتصادي العربي من أهم القرارات التي اتخذتها القمة، ومن بينها القرار المتعلق بالشروع في إقامة منطقة تجارة حرة بين الدول العربية على طريق إقامة السوق العربية المشتركة.
من المعروف ان إقامة المنطقة التجارية الحرة بين الدول العربية هي خطوة خجولة في الاتجاه الصحيح على طريق إقامة التكتل الاقتصادي العربي، بل ويعتبرها البعض خطوة إلى الوراء بالمقارنة مع الاتفاقيات العديدة للتكامل الاقتصادي الموقعة بين الدول العربية والتي لم تخرج إلى حيز التطبيق. مع ذلك تتوفر لهذه الخطوة مقومات للنجاح لم تتوفر لغيرها من قبيل الإجماع العربي على ضرورتها في ظل المتغيرات العالمية وظهور التكتلات الاقتصادية الإقليمية في مختلف مناطق العالم، وحاجة الدول العربية لأسواق جديدة،وضرورة زيادة معدلات النمو لامتصاص البطالة الآخذة في التفاقم، بالإضافة إلى تقارب السياسات الاقتصادية العربية وتبينها لاقتصاد السوق وتحرير التجارة.
ومع افتراض وجود الإرادة السياسية والجدية في التوجهات العربية الجديدة لاقامة تكتل اقتصادي عربي فاعل، فإنه لا يجوز الاستهانة بالعديد من العقبات ذات الطابع الاقتصادي التي لا بد من إزالتها والموجودة في جميع الدول العربية بدرجات متفاوته. من هذه العقبات نذكر ما يلي:
أ - ضعف الهياكل التنظيمية القائمة وعدم كفايتها لضبط السوق.
ب – تفاقم المديونية الداخلية والخارجية.
ت – تدني كفاءة الموارد البشرية.
ث –ضعف الادخار المحلي والأجنبي.
ج – انتشار الفساد والبيروقراطية في أجهزة الدولة وفي المجتمع.
5 -الثقافة المؤسسة للنظام السياسي العربي.
في الحقل الثقافي يبدو الوطن العربي أكثر تجانسا وتماسكا وتمايزا عن غيره. فالثقافة العربية الإسلامية تشكل الفضاء العام للمجتمعات العربية فيه تتحدد مختلف التفاعلات الثقافية، وتتكون الاستعدادات الثقافية وتتشكل منظومة القيم العامة ..الخ. ونظرا لأهمية الثقافة في تكوين الشخصية العربية وفي وعيها لذاتها فإنها الأكثر تنظيما وتأطيرا في مؤسسات ترعى شؤونها على امتداد الوطن العربي.
وفي إطار الوحدة الثقافية العامة التي تجمع الوطن العربي، تبدو الثقافة السياسية هي الأخرى ذات طابع عام ومشترك. في الوقت الراهن تتمحور الثقافة السياسية العربية حول عدة قضايا رئيسية هي :
أ-قضية الانتماء والهوية.الانتماء هو نوع من التمايز المنطبع في الشعور الذي يجيب عن تساؤل من نحن؟ بهذا المعنى فهو يتضمن مجموعة من القيم الرمزية التاريخية التي تجعل من أي مجموعة بشرية تختلف عن غيرها وتحدد في الوقت ذاته العلاقة معها إن منافسة وصراعاً أو صداقة وتعاوناً.سؤال الانتماء هو سؤال عن الوجود.
أما الهوية فهي بالإضافة إلى استيعابها لبعض محددات مفهوم الانتماء وخصوصا البعد القومي، أي الشعور بالانتماء إلى تكوين أقوامي محدد، فإنها تتضمن العديد من المتغيرات التي تتولد في سياق السيرورة التاريخية والتفاعل مع الغير وتأخذ طابع العصر.سؤال الهوية هو سؤال كيف نحن؟ وبالتالي فهو سؤال عن الوضعية.
الانتماء يمكن أن يتحرك في مستويات عديدة بدءاً من أصغر شكل للوجود الاجتماعي، أي الأسرة وحتى مستوى المجتمع والدولة والأمة مرورا بالعشيرة والقبيلة والطائفة والطبقة أو الفئة الاجتماعية ..الخ [8]
في الوطن العربي لا تزال الانتماءات إلى أشكال الوجود الاجتماعي العائدة إلى ما قبل الدولة حاضرة وقوية ويزيد من قوتها تنامي الطابع الأمني للدولة وإلحاق جميع المنظمات الجماهيرية بها وتغييب المجتمع المدني أو منع تفتحه بصورة طبيعية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
8-علي الدين هلال،مسعد، نيفين((النظم السياسية العربية)) مرجع سبق ذكره ،ص126.
ب- القضية الثانية التي تشغل الثقافة السياسية في الوقت الراهن هي قضية المشاركة السياسية. في جميع الدول العربية، لا فرق بين نظام ملكي أو جمهوري، تكاد تكون المشاركة السياسية للجماهير معدومة أو محدودة وشكلية إلى حد بعيد، وذلك بسبب طبيعة الأنظمة السياسية الحاكمة وخوفها من المساءلة. إن احتكار السلطة السياسية من قبل نخب معينة عسكرية أو مدنية أو عائلية أو تكوين مركب منها جميعا، يجعل القرار السياسي ذا طابع نخبوي فوقي لا علاقة للجماهير به مما يدفعها نحو مزيد من السلبية (1).مع ذلك قد تنتفض في بعض الحالات الانعطافية وخصوصا عندما تمس في وجودها القومي أو في قضاياها القومية متحدية حكامها ومتجاوزة لهم كما حدث على إثر حرب الخليج الثانية، وكما حصل في بداية انتفاضة الأقصى.
ت-القضية الثالثة التي تشغل الثقافة السياسية العربية هي قضية الدين والقومية .هل الوعي القومي أم الوعي الديني يلعب الدور الحاسم في تكوين الشخصية العربية ؟ سؤال طالما استجر سجالات ونقاشات حامية دون التوصل إلى نتيجة حاسمة، وذلك بسبب كون السؤال خاطئ مبدئيا ومن حيث الأساس. الدين والقومية يتداخلان في الوعي العام وفي الثقافة العامة وفي الثقافة السياسية على وجه الخصوص لدى الأغلبية الساحقة من جماهير الأمة العربية، فلا يفرقون بينهما، وبالأحرى لا يجدون أي تعارض بينهما.وعلى المستوى الرسمي تكاد جميع دساتير الدول العربية أو أنظمتها الأساسية تنص على أن دين الدولة هو الإسلام(باستثناء لبنان)، وأن الشريعة الإسلامية هي من المصادر الأساسية للتشريع أو المصدر الرئيس له. كما تنص الدساتير العربية على أن كل قطر عربي هو جزء من الأمة العربية[9].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
9-هلال، علي الدين وآخرون،" الديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي"(بيروت،مركز دراسات الوحدة العربية،1983)، ص 110-111.

أضف إلى ذلك تتفق جميع الدساتير العربية على مبدأ المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات، لكن في الممارسة العملية، وهذه أيضا تتفق فيها الدول العربية. ثمة فارق كبير بين النص والتطبيق خصوصا عندما تتعلق الحقوق المنصوص عنها بالسياسة و حرية التعبير والتنظيم والتظاهر. حالة الطوارئ والحكم بالقوانين الاستثنائية هي الحالة السائدة في
الدول العربية حتى في تلك التي أخذت بشيء من الانفتاح[10]. وأكثر من ذلك فلا تزال الأسرة الخلية الأساسية لغرس القيم العامة وتنشئة الأجيال عليها ومنها القيم السياسية على وجه الخصوص، ففيها يتقرر إلى حد بعيد مستقبل الأبناء وطريقة تفكيرهم وفلسفتهم في الحياة، تليها وسائل الاتصال
الجماهيري من صحف ومجلات وكتب وراديو وتلفزيون، وأخيرا يأتي دور المنظمات السياسية من أحزاب وأندية وغيرها..الخ [11]
6-التكوينات الإيدولوجية المؤسسة للنظام السياسي العربي
الأيديولوجيا هي نسق فكري تقرأ به كل طبقة مصالحها ومصالح غيرها من الطبقات والفئات الاجتماعية وتحدد دورها في الصراع الطبقي باعتباره المحرك الرئيس للتقدم الاجتماعي.
تسود في الوطن العربي وفي كل قطر من أقطاره الأيديولوجيات التالية: الأيديولوجيا الدينية، والأيديولوجيا القومية، والأيديولوجيا الماركسية، والأيديولوجيا الليبرالية.
تلعب الأيديولوجيا الدينية، في الوقت الراهن الدور الأبرز في النضال ضد الصهيونية والإمبريالية وتحتل موقعا متقدما في صفوف المعارضة للأنظمة
10-إبراهيم ،سعد الدين ،محرر،"التعددية السياسية والديمقراطية في الوطن العربي"،(عمّان منتدى الفكر العربي ،1989) ص 228-243.
11-رشاد،عبد الغفار،" الثقافة السياسية : الثابت والمتغير" دراسة استطلاعية ،(الخرطوم ، مطبعة خطاب الحديثة، 1991) ص64. أنظر أيضا المنوفي،كمال " الثقافة السياسية وأزمة الديمقراطية في الوطن العربي"،المستقبل العربي، السنة 8،العدد 8 تشرين الأول/أكتوبر،ص68.
العربية. تقدم الأيديولوجيا الدينية نفسها باعتبارها الحافظ لهوية الأمة في وجه عمليات التغريب والاندماج في العالم، وفي بعض الدول العربية تمثل مصدر شرعية النظام ولا تستطيع جميع الدول العربية تجاهلها بل تحاول خطب ود القائمين عليها لما لها من قوة تعبوية كبيرة خصوصا في مرحلة الانحطاط السياسي التي تعيشها الأمة العربية في الظروف الراهنة .
أما الأيديولوجيا القومية فهي تركز على مسألة الانتماء إلى الأمة وتدعو بالتالي إلى وحدتها وتقدمها لتلعب دورها في الحضارة الإنسانية. ومع أن الأيديولوجيا القومية حديثة نسبيا في الوطن العربي، فهي تعود إلى بداية ما يسمى بعصر النهضة العربية عندما اعتبر العامل القومي هو المكون الرئيس للشخصية العربية ، وله الدور الكبير في نضال العرب في سبيل الاستقلال والتمايز عن العثمانيين وعن غيرهم من القوى الاستعمارية الأخرى.
لقد مرت الأيديولوجيا القومية في مراحل عديدة شهدت خلال بعضها انتشارا وفعالية وجرت تحت رايتها أهم النجاحات وأخطر الهزائم التي تحققت في القرن العشرين، وفي مراحل لاحقة تراجعت كثيرا لصالح تقدم الفكر الانعزالي والسياسات القطرية الضيقة وتقدم الفكر الديني والإسلام السياسي. وفي جميع المراحل التي مرت بها صعوداً أو هبوطاً لم تنفصل عن الدين ولم تناصبه العداء فالدين هو مكون أساسي من مكونات الشخصية العربية ومحدد هام لهويتها، لقد جرى الصراع بين القوى القومية والقوى السياسية الدينية خصوصا خلال مراحل المد القومي تحت رايات التقدمية وشعاراتها كما كانت تطرحها التيارات القومية، أو تحت راية ((الإسلام هو الحل )) كما رفعتها ولا تزال ترفعها التيارات السياسية الإسلامية، والرابح الوحيد من كل ذلك كان أعداء الأمة والدين من إمبرياليين وصهاينة .
إن تلازم البعد الديني والبعد القومي في تكوين الشخصية العربية على العكس مما جرى في أوربا ميز الفكرة القومية العربية بطابعها الإنساني على خلاف الفكرة القومية الأوربية التي كانت قائمة ولا تزال على التعصب والعرقية والاستعمار [12].
التيار الأيديولوجي الليبرالي هو التيار الثالث الذي لاقى انتشارا في الوطن العربي باعتباره قراءة محلية للفكر الليبرالي الأوربي الذي تصيّر بعد القرن السابع عشر وحتى أواخر القرن التاسع عشر مستقلا عن الديمقراطية بداية ومندمجا بها لاحقا.تقوم الفكرة الليبرالية على إطلاق الحرية في المجال الاقتصادي وتركز على محورية الربح و قدسية الملكية الخاصة، وتطالب
بالحد من تدخل الدولة في الشأن الاقتصادي، على أن تنظم العلاقة بين الملاك والعمال في جو من الحرية وعلى أساس التعاقد.
غير أن تطور الرأسمالية وتعمق التمايزات الاجتماعية التي خلقتها الليبرالية وحدة الصراعات الطبقية فرضت على القوى الليبرالية إعادة النظر في تنظيم الإدارة الحكومية للدولة، وفتح مجال المشاركة أمام ممثلي القوى الاجتماعية المختلفة، فكان لا بد من التحول إلى الديمقراطية. ولم تكن عملية التحول هذه سهلة بل شهدت صراعات حادة في حقل الفكر والأيديولوجيا كما في حقل الممارسات الطبقية. ومع أن الديمقراطية تقوم على فكرة المساواة التي تولدت في رحم التمايزات الطبقية، إلا أنها لم تكن تعني اكثر من المساواة الشكلية أمام القانون. مع ذلك فقد أضافت إلى الحياة السياسية عناصر هامة مثل التعددية الحزبية والسياسية، والانتخابات الدورية، وتبادل السلطة، وإقامة هيئات تشريعية يحترم فيها رأي الأغلبية..الخ.
لقد لاقى الفكر الليبرالي بعض الانتشار في الوطن العربي خصوصا بين المثقفين، وشكلت المطالب الليبرالية مثل المطالبة بالدستور وفصل السلطات والتعددية السياسية جزءا من المطالبة بالاستقلال، واستطاعت القوى ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
12-السيد يسين ، مشرف" تحليل مضمون الفكر القومي العربي" ،ط2،( بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1982)
الليبرالية أن تفرض الكثير منها خلال مرحلة الاستعمار أو بعيد الاستقلال في العديد من الدول العربية. إلا أن صعود المد القومي بحامله الجديد البرجوازية الصغيرة، استطاع أن يعطي للخطاب الليبرالي قيمة انفعالية سلبية لدى أوسع الجماهير العربية من خلال ربط الديمقراطية وغيرها من مكونات الفكر الليبرالي بالاستعمار والصهيونية، وأنها ليست اكثر من حصان طروادة لعودتهم إلى الوطن العربي وسيطرتهم عليه. لكن في العقدين الأخيرين من القرن العشرين خصوصا بعد الفشل الذريع للخطاب القومي والتجارب القومية التي كانت سائدة في الخمسينات والستينات وبعد انهيار المنظومة الاشتراكية، عاد الفكر الليبرالي من جديد ليطرح نفسه كمخرج من الاختناقات التي تعاني منها الأقطار العربية . ومن جديد أصبحت المطالبة بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان الراية التي تتحرك تحتها قوى اجتماعية عديدة وخصوصا قوى المثقفين، بل وأخذت الأنظمة العربية الحاكمة تسمح ببعض الهوامش لحرية التعبير والنقد، وذهب بعضها إلى مدى أبعد، فركب الموجة، وأعاد تنظيم سلطته وحكمه على أساس ديمقراطي فصّله على مقاسه.
إن الخطر الأكبر الذي يواجه الموجة الليبرالية الجديدة يتمثل في المقاومة العنيفة التي يبديها تجاهها الفكر الديني المستنفر والقوى السياسية الإسلامية التي قطعت شوطا بعيدا في التعبئة السياسية لقسم هام من الجماهير العربية.
التيار الأيديولوجي الرابع الذي لعب دورا هاما في رسم ملامح الثقافة السياسية العربية وفي مقاومة الاستعمار هو الأيديولوجيا الماركسية. تمثل الماركسية العربية قراءة تأملية اغترابية للفكر الماركسي الأوربي وبصفتها هذه لم يكن من الممكن أن تقدم قراءة علمية للواقع العربي، مما جعل أغلبية الأحزاب الشيوعية تعادي الفكر القومي والديني وتقلل من شأنهما في الحياة السياسية والاجتماعية العربية وفي تكوين الشخصية العربية والهوية العربية. لقد انعكست الأحزاب الشيوعية في وعي أوسع الجماهير باعتبارها قوى تابعة للاتحاد السوفيتي السابق، إلى جانب ممارساتها السياسية الخاطئة وتبنيها شبه الأعمى للسياسات السوفييتية تجاه المنطقة.
لقد تراجع التيار الأيديولوجي الماركسي كثيرا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والدول الاشتراكية الأخرى، وأخذت تطرأ على الحركات الشيوعية العربية تحولات باتجاه الاشتراكية الديمقراطية في مسعى منها للتأقلم مع المتغيرات الدولية، وإعادة بناء وتجديد ذاتها على أسس مختلفة اقل جمودا وأكثر انفتاحا خصوصا تجاه الديمقراطية.
هذه هي التيارات الأيديولوجية الرئيسية في الوطن العربي، ومع أنها تبدو للوهلة الأولى متمايزة إلى درجة القطيعة إلا أنها في حقيقة الأمر تشترك في العديد من السمات:
أ-تتميز هذه التيارات الأيديولوجية بنزعتها التوفيقية والتلفيقية، بحيث يحاول كل منها المزج بين أكثر من تيار أيديولوجي، أو يحاول أن يركّب منها جميعا أيديولوجيته الخاصة. فمن المعلوم أن التيار الديني خلال مرحلة المد الاشتراكي حاول استيعاب بعض عناصر الخطاب الاشتراكي في داخله، ونشاهد اليوم كيف أن التيارات القومية والماركسية والدينية تحاول احتواء بعض عناصر الخطاب الليبرالي، كما أن الخطاب الديني والخطاب القومي لم ينفصلا في الحياة الواقعية،بل كثيرا ما استعان الخطاب القومي بلغة الخطاب الديني في عملياته التعبوية، ويلجأ الخطاب الديني نفسه إلى استيعاب بعض عناصر الخطاب القومي من أجل زيادة قدرته على التجييش والتعبئة..الخ. ولم يقتصر ذلك على الأنظمة الحاكمة بل وتعداها إلى المعارضة بكل تلاوينها [13].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
13-الغزالي حرب،أسامة " الأحزاب السياسية في العالم الثالث"، سلسلة كتب عالم المعرفة،117،(الكويت ،المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب،1987 )
ب-تتميز الأيديولوجيا العربية على اختلاف تياراتها بأنها تروج للعلاقات الشخصانية في الحياة السياسية والاجتماعية. لقد أصبحت الأحزاب والحركات السياسية في الوطن العربي تعرف من خلال زعاماتها ، بل وفي بعض الحالات تنسب الأيديولوجيا إلى أشخاص بعينهم مثل الناصرية[14] .
ت- تتميز الأيديولوجيا العربية بالتناقض وبعدم الوضوح، وهي سمة تتولد من طابعها الشخصاني ونزعتها التوفيقية. تبرز هذه السمة كثيرا في ظروف التخلف وضعف تبلور الطبقات، وضغط الأيديولوجيات الخارجية، وضعف الكادر الفكري المحلي وعدم قدرته على إنتاج أنساق أيديولوجية أكثر تجانسا تقرأ بها كل طبقة مصالحها الخاصة في سياق الحراك الاجتماعي العام.
ث -الطابع النخبوي للأيديولوجيا العربية. من المعروف أن النخبة هي جزء بنيوي من أي تركيب اجتماعي مهما تغيرت الظروف، لها وظيفة محددة هي أن تقف في طليعة الحركة وتقودها، مهما اختلفت الأشكال الاجتماعية للكائن المتحرك. في الحقل السياسي تبدو النخب العربية القابضة على السلطة مستقرة نسبيا وضعيفة الحراك، فسواء كانت نخب ملكية أو جمهورية، تقليدية أو ثورية لا تتخلى عن موقعها إلا بالقوة أو الوفاة، وهي غالبا تنتمي إلى أصول عائلية أو عشائرية أو مذهبية. ولكي تحافظ على وجودها واستمرارها فإنها تنسج منظومة من العلاقات الشخصانية تكون هي في المركز منها مع كل ما يلزم لذلك من مسوغات أيديولوجية. نخبة من هذا النوع لا يمكنها أن تكون إلا نخبة متسلطة تقدم نفسها على أنها المدافع عن مصالح الوطن والمواطن في الوقت الذي تستعبد المواطن وتنهبه، وتحول الوطن إلى مزرعة خاصة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
14-محمد معلوم،حسين" قراءات في نقد اليسار العربي-التجربة الحزبية العربية "، ( القاهرة،الهيئة العربية للكتاب ،1991) ص 311-333 .


7-الحياة السياسية في الدول العربية.
في الحقل السياسي تتشابه الأنظمة السياسية العربية بغض النظر عن كونها أنظمة جمهورية أو ملكية فهي فاقدة للشرعية السياسية المستمدة من خيارات الشعب، كما أن أساليب الحكم وطريقة اتخاذ القرارات، والهياكل الخاصة بذلك تكاد تكون واحدة، فجميعها أنظمة استبدادية فردية. ولا تختلف كثيرا الأحزاب السياسية العربية سواء ما كان منها في موقع السلطة، أو في موقع المعارضة.
لقد ارتبطت ولادة الأحزاب السياسية في أوربا بالتوسع بحق التصويت والمشاركة التي نمت مع التوسع الرأسمالي، إلا أن هناك أحزابا سياسية، خصوصا في الدول النامية، وفي بعض بلدان أوربا الشرقية، لم يرتبط وجودها بالحياة البرلمانية، بل على الضد منها. هنا يجب البحث عن أسباب ولادة الأحزاب السياسية بالنضال ضد الاستعمار والعمل على التطور والخروج من دائرة التخلف. وفي مختلف الظروف كان البرنامج السياسي الموجه نحو السلطة بالدرجة الأولى هو الجامع للحزب. في الوقت الراهن ومع تسارع عمليات الاندماج العالمية مع تطور الرأسمالية وانتقالها إلى مرحلة أعلى، وتحسن المستوى الثقافي للشعوب في البلدان النامية ونمو الوعي بضرورة المشاركة السياسية بدأت الأحزاب السياسية في هذه البلدان تتبلور بصورة مستقلة عن خلفياتها الاجتماعية.
في البلدان العربية تتشابه الأحزاب السياسية كثيرا سواء من ناحية برامجها السياسية أو بناها التنظيمية بغض النظر عن مدى استقلاليتها عن خلفياتها الاجتماعية، ومهما كانت الراية الأيديولوجية التي ترفعها. فهي في الغالب الأعم تقوم على الروابط الشخصانية وتعرف من خلال أمنائها العامين، أو مجموعة من الأشخاص (وفي الغالب شخص واحد) يلعبون بدورهم دور الرابط الداخلي لهذه الأحزاب. بل وهناك أحزاب يتوارثها الابن عن الأب فهي أقرب إلى الأحزاب العائلية.
خلال تطور الحياة السياسية الحزبية في الوطن العربي تعرضت مختلف الأحزاب السياسية إلى ما يسمى بظاهرة الانقسام وإعادة البناء، وذلك تحت ضغط الصراعات الاجتماعية وانعكاسها عليها، مما استهلك منها جزءا كبيرا من طاقتها وفعاليتها. وقد طبعت ظاهرة الانقسام التي تعرضت لها الأحزاب السياسية الحياة السياسية العربية منذ بداية الاستقلال وحتى بداية السبعينات من القرن العشرين إلا أن حدتها خفت بعض الشيء في العقدين الأخيرين منه وذلك نتيجة اتساع رقعة العمل السياسي والقبول بالتعددية الحزبية في أغلب الأقطار العربية، والأهم من ذلك القبول بالأراء المختلفة في داخل الأحزاب نفسها. واللافت للانتباه أن قضية فلسطين وقضية الوحدة العربية والعلاقة مع الخارج كانت في صلب الصراعات الداخلية وسبباً رئيساً في انقسام الأحزاب السياسية العربية في حين غابت قضية الديمقراطية والمشاركة السياسية.
7-1 مبادئ الحكم الرشيد
إن الدخول في العولمة بفعالية على قاعدة التأثير والتأثر المتبادل يتطلب قيام الحكم السياسي على مبادء التشاركية، واحترام خيارات الشعب في النهاية، في إطار من التنظيم المؤسساتي، والانضباط، وحكم القانون. يطلق عادة على الحكم السياسي الذي يسترشد بهذه المبادئ باسم "الحكم الرشيد"، وتسمى العملية اختصارا باسم "الحوكمة". بكلام أخر الحكم الرشيد هو الحكم الذي يحترم حقوق الانسان ويعطيها طابعا عالميا أكثر فأكثر. وهذا الاحترام لا يكون في ظل الفساد والافساد المعممين، وفي غياب المؤسسات الحكومية الديمقراطية، والسلطة القضائية المستقلة، وعدم ضمان حرية التعبير والصحافة والتنظيم السياسي والنقابي.
تعود بعض مبادئ الحكم الرشيد إلى العهد الإغريقي القديم، حيث قام النظام السياسي، رغم ضيق قاعدته الاجتماعية، على بعض مبادئ الديمقراطية. وفي القرن الرابع عشر حاول الرسام الإيطالي أمبروجيو لورينزيتي التعبير عنه من خلال جداريتين رسمهما في بلدية مدينة سيين الإيطالية، تصور الأولى الحكم الرشيد، وتصور الثانية الحكم الفاسد من خلال شخصيات رمزية[15]. في الجدارية الأولى نرى العدالة(جوستيتيا) جالسة توازن الميزان، اما في الجدارية الثانية، فنرى شخصية الطاغية(تيرانيا) جالسة فوق جسد العدالة، وبجانبها شظايا الميزان المحطم. لقد أراد الرسام ان يقول إن جوهر الحكم الرشيد هو العدالة، في حين جوهر الحكم الفاسد هو الظلم.
في العصر الحديث تطورت مبادئ الحكم الرشيد من خلال تجارب البلدان الديمقراطية في جميع مناطق العالم، وليست حكرا على التجربة الأمريكية كما يدعي بذلك أحد مسؤولي إدارة بوش[16]. وتشكل هذه المبادئ بمعنى معين خلاصة التجرية الإنسانية في مجال الحكم السياسي، وتؤشر في الوقت ذاته على مدى كفاءته. ومع ان هذه المبادئ تحوز في الوقت الراهن على اعتراف كبير على الصعيد العالمي، خصوصا في الدول الديمقراطية، إلا انها لا تزال غير مستقرة، ويجادل بها كثيرون من انصار الحكم الفردي او الطغموي، خصوصا في البلدان الاسلامية ومنها بطبيعة الحال بلداننا العربية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
15-أليسون باركر،و جيمي فيلز،" الحكم الرشيد في ظل القانون"، https://www.hrw.org/arabic/ انظر أيضاً: https://www.undp-pogar.org/arabic/governence/
16-بولا دوبريانسكي(وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون العالمية)" مبادئ الحكم الرشيد:www.usinfo.state.gov/journals/ 18/9/2005
تتوزع هذه المبادئ على جوانب عديدة من جوانب الحياة السياسية، بعضها يتعلق بالمشاركة، وبعضها يتعلق بالتشريع، وفئة ثالثة تتعلق بالانتخابات وهكذا دواليك لتغطي جميع هذه الجوانب. سوف نحاول في هذا الموضع استعراض هذه المبادئ ليصار لاحقا لمعرفة كيفية ظهورها في الحياة السياسية العربية.
7-1-1- الحكم الرشيد -المشاركة.
المشاركة تعني أن يكون لكل فرد دور ورأي في صنع القرارات التي تؤثر في حياته، سواء بصورة مباشرة، أو عبر مؤسسات او منظمات وسيطة يجيزها القانون. بهذا المعنى يعتبر مفهوم المشاركة شديد الارتباط بالمجتمع الديمقراطي، وقد تم إدخاله بدلالته هذه كمكون أساسي من مكونات التنمية البشرية التي يتبناها ويسعى إلى تحقيقها برنامج الأمم المتحدة الانمائي. باستخدامه لمفهوم المشاركة، يركز برنامج الأمم المتحدة للتنمية البشرية على ثلاث مكونات رئيسة له هي: تنمية الانسان، والتنمية لأجل الانسان، والتنمية بالانسان.
يركز المكون الأول على اعداد الانسان القادر والكفء والسليم للمشاركة في جميع مناحي الحياة بفعالية ونشاط.
أما التنمية لأجل الانسان فتعني حق كل فرد في الحصول على حصة عادلة من خيرات التنمية، وتأمين الفرص والأطر التنظيمية والإدارية للحصول عليها.
من جهتها التنمية بالانسان فتعني تأمين الفرص وإتاحتها لجميع أفراد المجتمع للمساهمة في تنمية وتطوير مجتمعهم.
وإذا كانت تنمية الانسان لا تشكل من حيث المبدأ موضوعا خلافياً لدى صانعي السياسات التنموية، من حيث ضرورتها للتنمية، خصوصا في ظروف الثورة العلمية والتكنولوجية الراهنة، حيث يشكل الانسان اداة التنمية الأول، فإن مفهوم التنمية من أجل الانسان تظل خاضعة للتقسيمات الطبقية والفئوية في المجتمع المعني، وقدرتها على التأثير في مسارات التنمية وتوجهاتها. من هذه الناحية يشهد المجتمع المعاصر استقطابا حادا بين من يستحوزون على النصيب الأكبر من نتائج التنمية بحكم تمكنهم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، وبين الأغلبية الساحقة من الشعوب في العالم التي لا تحصل سوى على الفتات.
ما يثير الجدل كثيرا هو التنمية بالانسان خصوصا لجهة تمكينه اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا بحيث يستطيع التأثير على الأداء الاقتصادي والاجتماعي للمجتمع، وهو التأثير الذي لا تكون التنمية بدونه حسب برنامج الأمم المتحدة للتنمية. فالمشاركة هنا هي وسيلة وغاية في الآن ذاته، يمكن ممارستها بصورة فردية عبر القيام بنشاطات سياسية او اقتصادية مختلفة. غير انه يبقى الشكل الأفضل للمشاركة هو عبر إنشاء المنظمات المجتمعية المختلفة التي يمكن أن تنشأ على أساس اقتصادي او نقابي أو سياسي وحتى إثنية. المهم في الأمر هو تامين مستويات مرتفعة من المشاركة بحيث يبدع الناس من خلالها ويفجرون طاقاتهم، ويشعرون بالرضى عما يقومون به في النهاية. فالشعور بالانجاز يشكل حافزا قويا على مواصلته واستمراره.
" إن المجتمع القائم على المشاركة شرط مسبق للتنمية في عالم اليوم. فالمشاركة تمكن المجتمع من الاستخدام الأمثل لطاقات وقدرات أفراده وجماعاته المنظمة. فهي تدعو إلى اعطاء دور أكبر للمجتمع المدني، وتوجب تطبيق اللامركزية على صعيد الإدارة العامة أوالحكومية، وتمكن المواطنين من المشاركة في بنية السلطة ومن التأثير على السياسات الاجتماعية. وأخيرا تحرر المشاركة قدرات المراة وتفسح المجال امام تنمية النوع الاجتماعي"[17].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
17- أنظر https://www.undp-pogar.net مادة " الحكم الرشيد- المشاركة.


7-1-1-أ- المشاركة والمجتمع المدني.
إن فكرة وجود المجتمع المدني، بما هي فكرة تركز على ممارسة المجتمع لأدوار اجتماعية وسياسية واقتصادية خارج سلطة الحكومة ودفاعا عن مصالح فئاته، ارتبطت تاريخيا بتطور الحياة السياسية في البلدان الرأسمالية المتقدمة، غير أن بعض مظاهر المجتمع المدني يمكن مشاهدتها في أزمان سابقة كثيرا على المجتمعات الرأسمالية، من خلال اتحادت الحرفيين المستقلة عن السلطات الحكومية وفي بعض التنظيمات الأهلية.
يضم المجتمع المدني في دلالته الراهنة جملة من المنظمات والجمعيات النقابية، والحرفية والصناعية، والزراعية، وجمعايت للمهن الحرة، ومنظمات أهلية أوغير حكومية، وكذلك الأحزاب السياسية..الخ.
إن وجود المجتمع المدني ومستوى تمكين منظماته مؤشر بالغ الأهمية على الحكم الرشيد. فمنظمات المجتمع المدني تعزز من المشاركة في الشؤون العامة، وترفع من درجة شفافية النظام السياسي، وتقوي من حكم القانون والمساءلة. أضف إلى ذلك يمكن لمنظمات المجتمع المدني المساهمة في صنع السياسات وحماية حقوق أعضائها وتقديم الخدمات المختلفة لهم.
7-1-1-ب - المشاركة و الإنتخابات.
في ظل الحكم الديمقراطي تعتبر دورية الانتخابات من اجل تجديد القيادات ركنا أساسيا من الديمقراطية، ومؤشر على مدى رشاد الحكم السياسي. غير ان اختيار نوع النظام الانتخابي وكيفية تنظيم الانتخابات تشكل مجالا واسعا للتلاعب بخيارات الناس وتحد من مشاركتهم وبالتالي تنتقص من درجة الرشاد في الحكم.
لقد أفرزت التجربة الديمقراطية نمازج عديدة من القوانين الانتخابية بعضها يعتمد النظام النسبي وبعضها يعتمد نظام الدوائر الانتخابية، هذا عداك عن نظام الاستفتاء الموجود في بعض الدول العربية.
يتطلب نظام الدوائر الانتخابية الفوز بأغلبية أصوات المشاركين في العملية الانتخابية فقط، لكن مع ذلك يمكن ان نجد نسخة معدلة عنه تشترط الفوز بالأغلبية المطلقة من أصوات المسجلين في الدائرة الانتخابية.
اما النظام النسبي فهو يعتمد البلد بكامله دائرة انتخابية واحدة، يحصل كل فريق على حصة من المقاعد في دوائر التشريع المختلفة بحسب حصته من أصوات الناخبين. يطبق هذا النظام الانتخابي بأشكال عديدة منها نظام اللوائح الحزبية المغلقة او المفتوحة، ونظام التصويت التراكمي او نظام التحويل الفردي. وتشترط الدول التي تطبق هذه النظام شرط الحصول على حد ادنى من أصوات الناخبين للفوز بمقاعد نيابية.
إن المفاضلة بين نظام انتخابي وآخر يخضع لطبيعة السلطة السياسية القائمة، ومدى استعدادها لتقبل مشاركة اوسع للجمهور الانتخابي في العملية السياسية. مع ذلك يظل نظام التمثيل النسبي هو الأفضل من منظور الحكم الرشيد، لأنه يفسح في المجال لأوسع مشاركة شعبية ممكنة في العمليات الانتخابية، ولا يسمح كما في حال نظام الدوائر الانتخابية بتدخل المال السياسي في العملية الانتخابية، ويزيل الحاجة إلى تكرار العمليات الانتخابية. أضف إلى ذلك الناخب هنا يحدد خياراته الانتخابية في ضوء البرامج السياسية والانتخابية للأحزاب، وليس استنادا إلى مزايا الشخص المرشح، وموقعه الاعتباري.
ويبقى نظام الدوائر الانتخابية رغم مساوئه، الأسهل من حيث مراقبته وشفافيته، وفض المنازعات الناجمة عن المنافسة بين المرشحين. في بعض الدول يتم تطبيق نظام مشترك من النظامين او تطبيق النظامين في الوقت ذاته، بحيث يتم مراعاة دور الفرد ومزاياه وموقعه الاعتباري، إلى جانب البرامج السياسية او الانتخابية للقوى السياسية المنظمة في المجتمع.


7-1-1-ج-المشاركة و النوع الاجتماعي.
إن موضوع مشاركة المرأة وتمكينها في المجتمع من الموضوعات التي يتركز عليها النقاش حاليا من منظور التنمية وحاجاتها ومتطلباتها. ومع ان المقاربات المتعلقة بهذا الموضوع تختلف من بلد إلى آخر بحسب المنظومة الثقافية السائدة فيه ونظرتها للمراة، يمكن تمييز ثلاث مقاربات رئيسة: المقاربة الأولى وعنوانها " المراة في التنمية" تشدد على ضرورة مشاركة المراة في التنمية على قدم المساواة مع الرجل، وبالتالي فإن من استهدافات المشروعات التنموية زيادة مشاركة المرأة فيها.
اما المقاربة الثانية والتي جاءت تحت عنوان " التنمية والمراة" فإنها تنطلق من كون المراة بحسب تكوينها العضوي والنفسي تختلف عن الرجل، ولذلك ينبغي فرز المشروعات التنموية التي تلائم المراة وتخصيصها بها. هنا يجري التشديد على قضايا الاقتصاد المنزلي وتحسين الخدمات العامة الخاصة بالنساء.
بدورها المقاربة الثالثة " الجندر والتنمية" فإنها تركز على دور التنمية في تحرير المراة من القيود الاجتماعية الموروثة، وتوسيع مشاركتها في الحياة العامة. لهذا الغرض تعد برامج خاصة بالمراة من حيث التعليم والصحة العامة والانجابية، وتوسيع مشاركتها في النشاطات الاقتصادية..الخ [18].
7-1-1-د- المشاركة و التشريع.
في النظام الديمقراطي تعتبر الهيئة التشريعية من أساسيات الحكم، فهي التي تسن القوانين والتشريعات، وتراقب عمل السلطة التنفيذية، وتعزز من الشفافية والمساءلة. ويتجاوز في كثير من الحالات دور الهيئة التشريعية المهام السابقة إلى تتبع تنفيذ السياسات والبرامج، والعمل وسط الناس ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
18- https://www.undp-pogar.net فقرة الحكم الرشيد>> المشاركة>> النوع الاجتماعي.
والاستماع إلى مطالبهم وأرائهم ونقلها إلى المسؤولين او مساءلتهم عنها تحت قبة الرلمان. وبقدر ماتكون الهيئات التشريعية قريبة من الناس ومن قضاياهم بقدر ما تتوسع مشاركتهم في الحياة العامة، وتزداد فعاليتهم في التنمية.
تختلف كثيراً من بلد لأخر وظيفة الهيئة التشريعية ومدى تمكينها وطريقة انتخابها، ففي بعض الدول لا تخرج عن كونها ديكورا للحكم بلا فعالية حقيقية، وفي بعضها الآخر تشكل المستوى الثاني في الحكم بصلاحيات واسعة بما فيها سحب الثقة من مسؤولي السلطة التنفيذية وإقالتهم، وفي حالات اخرى قد تتشارك في وظيفة التشريع مع رئيس الدولة. من حيث المبدأ كلما كانت الهيئة التشريعية منتخبة بصورة تمثيلية واسعة، تمارس وظيفتها في ضوء تفويض واسع وشامل في نطاق عملها الذي يحدده القانون، كلما دل ذلك على رشاد الحكم.
7-1-1-هـ–المشاركة و الحكم المحلي.
لقد أفضت خبرة الدول الديمقراطية انه بقدر ما يتم توزيع المسؤوليات على مؤسسات الحكم المحلي، او التنظيمات المدنية، بقدر ما يزداد فعالية وكفاءة الحكم. بكلام آخر تحولت الدعوة إلى اللامركزية في الحكم إلى دعوة عامة، وأصبحت إحدى مبادئ الحكم الرشيد. تقوم فكرة اللامركزية على نقل بعض مهام السلطة السياسية والسلطة التنفيذية إلى المستويات المحلية لإدارة المجتمع والدولة، وبذلك يتم تحقيق ثلاث فوائد رئيسة على الأقل: الفائدة الأولى وتتمثل في وضع مؤسسات الحكم في متناول الناس الذين تخدمهم، وبالتالي توسيع مشاركتهم فيها، الفائدة الثانية تتمثل في مراعاة خصائص البيئات المحلية مما يزيد في كفاءة الحكم، والفائدة الثالثة التقليل من العمليات والإجراءات البيروقراطية مما يقلل من تكاليف الحكم ويزيد في كفاءته.
تشير الأدبيات الخاصة بالتنظير لموضوع اللامركزية إلى أنها يمكن ان تتحق عبر أربعة أشكال عامة وهي :
- التنازل يعني نقل السلطة إلى حكومات محلية مستقلة ذاتيا او شبه مستقلة.
- التفويض ويعني نقل بعض المسؤوليات الإدارية والخدمية إلى الحكومات والمؤسسات المحلية.
- عدم التركيز ويعني توكيل تنفيذ البرامج الوطنية إلى الفروع الأدنى من من أجهزة الحكومة.
- التجريد ويعني نقل الخدمات وإدارة المؤسسات الحكومية إلى الشركات والمؤسسات الخاصة [19].
إن تطبيق اللامركزية او المركزية يتعلق بحجم الدولة وبظروفها الخاصة، ففي بعض الدول الصغيرة قد تكون المركزية في الحكم أكثر كفاءة من اللامركزية، حيث قد تؤدي هذه الأخيرة في حال تطبيقها إلى الفوضى في الاقتصاد وفي المجتمع، وإلى إضعاف الروابط الوطنية. أضف إلى ذلك وهذه حالة تكاد تكون عامة، فإن الإدارات المحلية قد تفتقر إلى الخبرة اللازمة، بالمقارنة مع الإدارات الوطنية، ويسهل انتشار الفساد والمحاباة فيها. والأخطر من كل ذلك هو عند تطبيق اللامركزية بحيث تشمل قطاع الضرائب تؤدي إلى انتشار المنازعات في كيان الدولة، وإلى العجز عن تطبيق البرامج التنموية والإصلاحية الضرورية.
إن تطبيق اللامركزية بكفاءة وفعالية يقتضي مشاركة الدولة وأجهزتها فيها، إلى جانب هيئات المجتمع المدني والقطاع الخاص، فبدون اوسع مشاركة جماهيرية في إدارة الحكم، تنخفض درجة الاستجابة لحاجات الناس، وتصعب المساءلة، مما قد يؤدي إلى فشل برامج التنمية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
19-www.undp-pogar.net فقرة الحكم الرشيد -المشاركة -الحكم المحلي.22/8/2007

7-1-2- الحكم الرشيد - سيادة القانون
إن وجود القانون العادل وسيادته مقدمة ضرورية لخلق بيئة أمنة ومعروفة مسبقا لحياة وعمل جميع المواطنين. يفترض بالقانون ان يعلو على الحكم ذاته، وان يكون معلنا ومعروفا وأن يطبق على الجميع بدون تمييز. وإذا كان الحكم يعني ممارسة السلطة في جميع مجالات الحياة الاجتماعية وعلى جميع المستويات، فهو بهذا المعنى يتخطى حدود الدولة ليشمل هيئات المجتمع المدني والقطاع الخاص، فالدولة وحدها لا تستطيع إقامة الحكم
الرشيد بدون مشاركة المجتمع المدني والقطاع الخاص. ولكي يطبق القانون يستوجب وجود المؤسسات والهيئات المعنية بذلك من مؤسسات قضائية واجهزة أمنية ومؤسسات عقابية..الخ. وبقدر ما تكون هذه المؤسسات جيدة التنظيم، يعمل بها أناس أكفاء، ومؤمنة جيدا ماديا ومعنويا، بقدر ما يطبق القانون بصورة عادلة.
إن وجود القانون العادل، وتطبيقه على الجميع بدون تمييز او محاباة، يعتبر من وجهة نظر برنامج الأمم المتحدة الانمائي شرط ضروري لتحقيق التنمية المستدامة، و"القضاء على الفقر، وخلق فرص العمل، وتامين مقومات معيشة كافية، وحماية البيئة وتجديدها" [20].
لقد كانت سائدة، حتى حين، وجهة نظر تقول بأن الدولة هي الوحيدة المسؤولة عن سن القوانين وعن تطبيقها، غير ان وجهة النظر هذه اخذت تتعرض للنقد لجهة تقليص دور الدولة في هذا المجال، أسوة بتقليص دورها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، لصالح إفساح المجال اكثر أمام القطاع الخاص وهيئات المجتمع المدني لتقوم بدورها في ضبط العلاقات الاجتماعية في مجالات عملها، والفصل في المنازعات بين أعضائها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
20-www.undp-pogar.org انظرفقرة الحكم الرشيد والقانون.22/8/2007

7-1-2-أ- سيادة القانون والدستور
الدستور هو القانون الأعلى للدولة والمجتمع، وبصفته هذه فهو الذي ينظم العلاقات القانونية التي تقوم عليها الدولة وجميع مؤسساتها واجهزتها، وكذلك الهيئات المدنية وحتى المواطنيين كأفراد. يبين الدستور على شكل مبادئ عامة تنطبق على الجميع حقوق وواجبات المواطنين، وعلاقات المواطنيين بالدولة، وسلطة هذه الأخيرة عليهم، ويحدد أيضا صلاحيات وواجبات جميع مستويات السلطة والحكم، وكيفية تشكيلها وتجديدها..الخ.
تختلف الدساتير من بلد إلى أخر فهناك دساتير لنظم حكم جمهورية رئاسية او برلمانية، وهناك دساتير لأنظمة حكم ملكية دستورية، او ملكية مطلقة او ملكية نسبية، وهناك دول عريقة لا يوجد فيها دستور مكتوب، بل عرف مثل بريطانيا، كما ان الكيان الصهيوني لا يوجد فيه دستور، بل قوانين واعراف مستقرة..الخ.
تفصل الدساتير عادة بين هيئات الحكم الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، وتوزع الصلاحيات عليها، وتحدد الضوابط لعمل كل منها. إن وجود الدستور الجيد وتطبيقه الصارم والعادل، شرط ضروري للحكم الرشيد، ولتحقيق مستوى جيد من الأمان الاجتماعي، وبالتالي لمشاركة الناس بفعالية في الحياة العامة، وفي إدارة شؤونهم الخاصة، وفي التنمية المستدامة.
7-1-2-ب- سيادة القانون والقضاء
إن وجود الدستور وكذلك القوانين الناظمة لمختلف مجالات الحياة، وإعلانها وشفافيتها..الخ، لا يعني ان المواطنين وتنظيماتهم المختلفة سوف يتقيدون بها تلقائيا، بل تنشأ في كثير من الأحيان مخالفات لها تؤدي إلى قيام منازعات بين المواطنين أنفسهم، وبين الدولة والمواطنين، وبين مختلف أشكال المنظمات والهيئات والمؤسسات الاجتماعية فيما بينها، وبينها من جهة وبين منتسبيها من المواطنيين..الخ. هنا ياتي دور القضاء للسهر على ضبط هذه العلاقات وعلى فض المنازعات الناشئة بسبب مخالفة القوانين والأنظمة المرعية.
القضاء هو السلطة الثالثة في جميع انظمة الحكم، غير أن دوره الفعلي يتفاوت كثيرا من دولة إلى اخرى بحسب كونها دولة ديمقراطية أو غير ديمقراطية، دولة متقدمة او متخلفة..الخ. فالقضاء هو الأساس الذي يستند إليه حكم القانون، وهو الذي يضمن خضوع المؤسسات وهيئات الدولة والمواطنين للمساءلة عن تصرفاتهم. وبقدر ما يكون القضاء مؤمنا ماديا ومعنويا، ومجهزا بالكوادر النزيهة والكفوءة بقدر ما تسير عمليات التقاضي بصورة سلسلة وعادلة وضمن آجال زمنية مقبولة ومبررة.
لا ينفع كثيرا وجود القانون الجيد والعادل في غياب المؤسسات والأجهزة القضائية الجيدة، ولذلك يعتبر وجود القضاء بهذا المعنى شرط ضروري للحكم الرشيد. ومن شروط القضاء الجيد هو استقلاله التام عن بقية سلطات الدولة، وعدم تأثره بتوزع علاقات القوة في المجتمع.
7-1-2-ج- سيادة القانون وحقوق الإنسان.
إن من المعايير الرئيسة لعدالة الدستور والقوانين الأخرى في المجتمع هو مدى استرشادها بحقوق الانسان الطبيعية والسياسية والاقتصادية وغيرها. ومع ان هذه الحقوق لا تزال ذات طابع تاريخي محلي ، إلا ان طابعها الإنساني الشامل يتزايد باستمرار، بحيث ما كان يعتبر شانا داخليا لم يعد كذلك. لقد اصبح موضوع انتهاك حقوق الانسان في أية دولة مبررا قويا لتدخل الهيئات المدنية الدولية، وحتى هيئات القانون الدولي للضغط على المنتهكين وردعهم عن انتهاكاتهم لحقوق مواطنينهم. واكثر من ذلك أصبح التقيد بحقوق الانسان كما نصت عليها العهود والمواثيق الدولية والمحلية شرط ضروري للحكم الرشيد. ولقد تبين من خلال التجربة التاريخية أنه بقدر ما تصان حقوق الإنسان الأساسية وفي مقدمتها حقوقه الطبيعية والسياسية، بقدر ما تزداد مساهمة الناس في الشؤون العامة بفعالية، وبالتالي تتقدم التنمية المستدامة ويتحقق الازدهار، بتكاليف أقل.
في الوقت الراهن ورغم التقدم الكبير الحاصل على صعيد احترام حقوق الانسان، لا يزال انتهاك هذه الحقوق منتشرا في جميع الدول بتفاوت شديد. وانتهاك الحقوق هنا لا يقتصر على مواطني الدولة المعنية بل يتعداه ليشمل الانتهاك الذي يوجه لحقوق شعوب بكاملها من قبل دول ديمقراطية ومتقدمة، وتدعي حمايتها لحقوق الانسان ومبشرة بها.
7-1-2-ج- الحكم الرشيد – الشفافية والمساءلة.
إن الشفافية والمساءلة هما مفهومان مترابطان، ويشكلان معا احد مقومات الحكم الرشيد.
الشفافية تعني اصطلاحا التصرف بوضوح وعلانية، والسماح بتدفق المعلومات، بحيث يستطيع كل مهتم بموضوع معين، او بمصلحة معينة ان يجمع المعلومات الضرورية للتحديد سلوكه وتصرفه تجاه الموضوع او المصلحة. وأكثر من ذلك الشفافية تتطلب تحديد الاجراءات في مجال اتخاذ القرار العام بكل وضوح وعلانية، واعتماد قنوات مفتوحة للاتصال بين أصحاب المصالح والمسؤولين.
اما المساءلة فتعني تحمل مسؤولية اتخاذ القرار والنتائج المترتبة عليه، وإتاحة الفرصة لاستجواب المسؤولين عن تصرفاتهم. وتأخذ المساءلة أشكالا مختلفة، فقد تكون مجرد نقاش واستفسار عن حيثيات اتخاذ قرار ما، او حصول نتيجة معينة لسلوك معين، لكنها قد تأخذ أشكالا جزائية وقانونية. وفي الأنظمة الديمقراطية تشكل دورية الانتخابات نوعا من المسائلة عن السياسات المطبقة بنجاحاتها او إخفاقاتها.
الشفافية والمساءلة تجعل المؤسسات العامة تعمل بكل نشاط ومسؤولية، وتحد من انتشار الفساد، وتقلل كثيرا من الاخطاء.

-الشفافية المالية.
إن المالية بالنسبة للدولة كالدماء بالنسبة للكائن الحي، ففيها تنعكس وتترك اثارها جميع المؤثرات والتفاعلات الداخلية والخارجية في كيان الدولة والمجتمع. فالمالية السليمة تؤشر إلى اقتصاد سليم ومعافى، اما المالية غير السليمة فتؤشر إلى انتشار الفساد في كيان الدولة.
تشمل المالية العامة للدولة جميع موارد الدولة المالية وكذلك جميع ابواب صرفها، وفي كلتا الحالتين ينبغي ان تكون المالية واضحة وشفافة، وخاضعة للمراجعة والتدقيق القانونيين.
تشمل المالية النظام الضريبي للدولة وكذلك النظام المصرفي، والمشتريات العامة والنظام الضريبي..الخ.
في نظام الحكم الرشيد تعد مالية الدولة بصورة علنية وشفافة، وتراجع بصورة دورية جميع الحسابات العامة، بل وتكون خاضعة لمراقبة الهيئات الدولية.
- الشفافية ومكافحة الفساد.
الفساد ظاهرة عالمية ترافق عادة مجهودات التنمية، غير انه في الأنظمة الاستبدادية يكاد يتحول إلى أسلوب في الإدارة، والسياسة العامة. " افسد الناس تصيطر عليهم" هذه هي مقولة الأنظمة الاستبدادية خصوصا في منطقتنا العربية.
في الدول المتقدمة والديمقراطية تجري محاربة الظواهر الفاسدة باستمرار من خلال الشفافية والمساءلة وتطبيق القانون، في حين في الدول النامية ومنها الدول العربية، على العكس يجري مكافأة الفاسدين الكبار، وحمايتهم من المساءلة.
الفساد سوسة التنمية، ولا يمكن تحقيق تنمية شاملة ومستدامة في ظل انتشار الفساد، بل إن محاربة الفساد والنجاح في ذلك يؤشر بصورة لا لبس فيها على نجاح جهود التنمية، والعكس صحيح أيضاً.
7-2- مؤشرلاات الحكم الرشيد في الدول العربية
إن البحث عن مؤشرات الحكم الرشيد في الدول العربية هو بحث في موضوع مجازي إلى حد كبير، فالحكم في الدول العربية، بغض النظر عن كونه نظاما جمهوريا أو ملكيا، يفتقر إلى هكذا مؤشرات من الناحية العملية، ويفتقرها، في بعض الدول العربية، من الناحية الشكلية أيضاً. فعلى الرغم من أن أغلبية الدول العربية لديها، على سبيل المثال، دساتير، وتقر بدورية الانتخابات، لكنها من جهة اخرى لا تسمح بتبادل السلطة، وتفتقر إلى وجود مجتمع مدني فاعل، بل تعيق قيام هكذا مجتمع. أضف إلى ذلك فإن اتخاذ القرارات الحكومية التي تتعلق بمصالح الناس لا يشارك فيها سوى قلة قليلة من المسؤولين الحكوميين، ويبقى القرار النهائي في يد الحاكم الأعلى رئيسا كان او ملكاً. إن فكرة المشاركة غير مقبولة على نطاق واسع في جميع الدول العربية، وتفتقر إلى الأطر القانونية والتنظيمة التي تسمح للناس بالمشاركة في كل ما له علاقة بمصالحهم وحياتهم. يعبر عن ذلك بتكثيف شديد رواج فكرة الزعيم او القائد او المهيب..الخ في الأدب السياسي الرسمي، وعلى صعيد العامة من الناس.
أ- ففيما يتعلق بوجود قانون أساسي للدولة(دستور) تكاد أغلب الدول العربية لديها دساتيرها الخاصة التي تنظم عمل السلطات الحكومية وأجهزة الدولة المختلفة فيها،غير ان نظام الحكم وسلطاته يبقى شديد التمركز في يد الرئيس او الملك. أنظر الجدول المقارن رقم (4-3).
ب- أما فيما يتعلق بوجود المجتماعت المدنية يلاحظ أنه في أغلب الدول العربية تتوفر الأطر القانونية الخاصة بالجمعيات المدنية والأهلية وغير الحكومية، وبالنقابات العمالية والمهنية وغيرها. كما أنه في العديد من الدول العربية توجد قوانين خاصة بالصحافة والإعلام، وبمنظمات القطاع الخاص التجارية والصناعية وحتى بتشكيل الأحزاب السياسية..الخ. غير أن الأنظمة السياسية الحاكمة، من جهة اخرى، لا تتيح لهذه المنظمات والهيئات
جدول (4-3) وجود الدستور ونظام الحكم في الدول العربية
البيان وجود دستور نظام الحكم درجة المركزية
الأردن موجود ملكي عاليى
الامارات موجود ملكي لا مركزي وسط
البحرين موجود ملكي عالية
تونس موجود رئاسي عالية جدا
الجزائر موجود رئاسي برلماني وسط
جيبوتي موجود رئاسي برلماني وسط
السعودية غير موجود ملكي عالي جداً
السودان موجود رئاسي عالي
سورية موجود رئاسي عالي جداً
العراق موجود حكومي برلماني وسط
عمان غير موجود سلطاني عالية جداً
قطر غير موجود أميري عالية جداً
الكويت موجود أميري برلماني وسط
لبنان موجود حكومي برلماني وسط
ليبيا غير موجود رئاسي عالية جداً
مصر موجود رئاسي عالية
المغرب موجود ملكي دستوري عالية
موريتانيا موجود رئاسي برلماني وسط
اليمن موجود رئاسي عالية
المصدر: أعد الجدول من قبلنا استنادا إلى معطيات برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. انظرWWW.UNDP-POGAR.NET
المدنية بالمشاركة بفعالية في الدفاع عن مصالح أعضائها، ولا في المشاركة في صنع القرارات السياسية التي تمس مصالحها، فهي إن وجدت ففي الغالب تكون مدجنة وملحقة بأجهزة السلطة والحكم. فالاضرابات العمالية والمهنية ممنوعة في الدول العربية، او انها نادرة الحدوث، وإذا حصلت فإنها تقمع بشدة. البلد العربي الوحيد الاستثناء من هذه الوضعية هو لبنان، حيث يوجد فيه مجتمع مدني وأهلي فاعل ومؤثر. وفي مصر يوجد أيضا مجتمع مدني نشيط غير انه ضعيف التأثير على السلطة السياسية.
ت- اما فيما يخص دورية الانتخابات في الدول العربية فهي موجودة، وإنما وفق أنظمة انتخابية مفصلة وفق رغبات الحكام، تعيد انتخاب مريديهم ومحازبيهم، ولا تتيح عمليا أية فرصة لفوز المعارضة، وبالتالي لا تسمح بتبادل الحكم. هذا هو حال جميع الأنظمة التي تجري فيها الانتخابات، فالفائز الوحيد فيها هو الحاكم نفسه. قد تسمح بعض الأنظمة وكنوع من الديكور، كما في تونس واليمن والأردن ومصر على سبيل المثال ، بوصول بعض المعارضين إلى الهيئة التشريعية، دون ان يكون لهم أية فعالية او تأثير على ما تريده السلطة الحاكمة. إنتخابات من هذا النوع، بعيدة عن الرقابة، فمن الطبيعي ان تكون غير شفافة، وتتعرض إلى تزوير شامل.هنا أيضا يذكر لبنان باعتباره الاستثناء الوحيد الذي تجري فيه انتخابات دورية شفافة ونزيهة، رغم المؤثرات الطائفية والمذهبية وما يفرضه الاقطاع السياسي والزعماء المحليين من قيود.
ث- فيما يخص الجندر او النوع الاجتماعي في الدول العربية، الذي يؤشر على مدى مشاركة المرأة في التنمية، أوفي الحياة العامة، فالشريعة هي التي تنظر في هذه المسألة، يسثنى من ذلك تونس. غير أن القراءات المختلفة للشريعة في الدول العربية خلقت نوعا من التبايانات في قوانين الأحوال الشخصية، إلى جانب التأثير الكبير للعادات والتقاليد المحلية. فمن المعروف ان المجتمع العربي هو مجتمع ذكوري بامتياز، تتعرض فيه المرأة لشتى انواع التمييز، في البيت وفي الحياة العامة وفي المجتمع رغم ان أغلب الدول العربية موقعة على " اتفاقية القضاء على التمميز ضد المراة". وأكثر من ذلك فإن قسما كبيرا من منظومة القيم والأخلاق السائدة في المجتمعات العربية مؤسسة على الموقف من المرأة، وعلى العلاقة معها، لذلك فهي تبقى حبيسة البيت او الحجاب، او العزل خشية من التدنيس، او الاساءة إلى الأخلاق العامة والشرف..الخ. في هكذا وضعية فإن المقاربة التنموية الأفضل للوطن العربي، من ناحية دور المرأة فيها، هي المقاربة التي تجعل من المرأة موضوعا للتنمية، ينبغي بذل جهود إضافية من اجل تعليمها، وتحريرها من العادات البالية المقيدة لحريتها، وينبغي أيضا تغيير نظرة الرجل للمرأة بحيث تصبح شريكة ورفيقة له، وليس ربة منزله فقط.
تتفاوت كثيرا القوانين القطرية المتعلقة بالمرأة، فبينما نجد أنها تساويها بالرجل فيما يتعلق بالشأن العام في كل من سورية ولبنان وتونس ومصر، يمكنها ان تشارك بالانتخابات العامة وأن ترشح نفسها، وان تستلم مناصب عليا في الحكومة وفي إدارات الدولة، نجدها قد حصلت مؤخرا على بعض هذه الحقوق في الكويت وقطر والبحرين واليمن والجزائر والمغرب، ولا تزال محرومة منها في عمان والسعودية والإمارات وليبيا.
ج-فيما يخص الجانب التشريعي فإن غالبية الدول العربية لديها مجالسها التشريعية، وهي أعضاء في الاتحاد البرلماني العالمي والاتحاد البرلماني العربي. في بعض البلدان كما في مصر يتكون المجلس التشريعي من مجلسين يتقاسمان التشريع، غير انه في كل من سورية والأردن وتونس والمغرب فإن الوظيفة التشريعية يتقاسمها كل من المجلس التشريعي ورئيس الدولة أو الملك. في ليبيا لاتوجد هيئة تشريعية بالمعنى المتعارف عليه، بل نظاما هرميا من اللجان الشعبية والمؤتمرات الشعبية، ويبقى القرار النهائي بيد قائد الدولة. ولا تزال السعودية والإمارات وقطر تفتقر إلى وجود مجالس تشريعية منتخبة، بل هيئات استشارية معينة من قبل حاكم البلاد. في الجزائر ولبنان ونسبيا في اليمن والكويت تقوم المجالس التشريعة بالدور المناط بها وفق القوانين السائدة.
ومهما يكن من أمر وجود المجالس التشريعية في الدول العربية، او من عدمه، فإن السلطة التشريعية الحقيقية تبقى في يد الحكومة او في يد رئيس الدولة او ملكها، تقوم المجالس التشريعية بإخراجها فقط من الناحية الشكلية. تفتقر الدول العربية عموما إلى هيئات إنضاج ودعم القرار، او إلى هيئات استشارية من الخبراء المختصين الذين ينبغي ان يقولوا كلمتهم بمشاريع القوانين قبل عرضها على الهيئات التشريعية. واكثر من ذلك قلما تستشار الجهة المعنية بالقانون، او الناس الذين تتأثر مصالحهم به، رأيهم به.
إن التشريع في الدول العربية يفتقر إلى الأصول المعروفة، وهو شكلي إلى حد بعيد، وهذا ما ينعكس سلبا على اداء الحكم. أضف إلى ذلك فإن الدور الرقابي للهيئات التشريعية شبه معدوم في الدول العربية، مما يبقي هيئات الحكم بعيدة عن المساءلة.
ح-إن طبيعة النظام السياسي العربي، وتركيز السلطات في يد الحاكم الفرد، رئيسا كان او ملكا، وغياب المجتمع المدني الفاعل، لاتتوافق مع فكرة اللامركزية الإدارية، ولذلك فإن الدول العربية باستثناء السودان، لا تسمح بتفويض بعد سلطاتها الأساسية للحكام المحليين، ولاة او محافظين او أومراء.فاللاركزية الإدارية تتطلب مشاركة واسعة للمجتمع المدني وللقطاع الخاص، في إدارة شؤونه، وتقديم الخدمات العامة للمواطنين، وبالتالي تخفيف الكثير من الأعباء الإدارية والتنموية عن السطات المركزية، والحد من البيروقراطية و الفساد.فحسب بعض المعطيات لا تزيد حصة الإدارات المحلية في الدول العربية من النفقات العامة عن 5 بالمائة من إجمالي النفقات العامة في الدول العربية، في حين تصل إلى20 بالمائة في منظمة
التعاون الاقتصادي والتنمية[21]
خ-إن فكرة القانون، الأصل فيها حماية حقوق الأفراد والجماعات، والمساواة بين الأفراد أمامه، وهي تعلو عادة على هيئات الحكم، فلا شيئ فوق القانون. بهذا المعنى فإن فكرة القانون عداك عن فكرة سيادته، لا تزال ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 21-برنامج إدارة الحكم في الدول العربية،www.undp-pogar.net ،مادة" الحكم الرشيد > المشاركة > الحكم المحلي. 22/8/2007
غير متأصلة في عالمنا العربي، ولذلك فإن خرق القانون هو ظاهرة عامة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بمصالح القوى الحاكمة او المهيمنة. بل ، في كثير من الأحيان، يفصل القانون على قد مصالح هذه الفئات.
وبالعلاقة مع فكرة القانون، يلعب القضاء المستقل دورا هاما في توطيد
سلطته في الدولة والمجتمع، ويؤمن إخضاء الأفراد والمؤسسات الحكومية المختلفة، وغير الحكومية للمساءلة عما تقوم به.ولكي يقوم القضاء بهذا الدور الهام ينبغي تأمين استقلاله، وفصله عن بقية السلطات.
تتعدد في الدول العربية مصادر القانون، فتشمل "السنة والشريعة الاسلامية، والقانون المدني الفرنسي، والقانون العام الانكليزي، والقانون المصري والقانون العثماني..الخ"[22]. وتختلف من بلد عربي إلى آخر الهيكلية القضائية، وإجراءات التقاضي، لكنها تتفق مع ذلك على كثرة المحاكم في المستوى الأدنى، لتقل كلما ارتقى المستوى بحيث تقف في المستوى الأخير،على رأس الهرم القضائي محكمة التمييزأو الاستئناف. لكن إلى جوار الهرم القضائي المدني العادي توجد محاكم خاصة، مثل محاكم الأحداث، والمحاكم الشرعية، والمحاكم العسكرية، والمحاكم الدستورية، والمحاكم الأمنية، والمحاكم الإدارية..الخ.
ومهما يكن من أمر البناء الهيكلي للنظام القضائي في الدول العربية، تبقى العبرة في مدى استقلاله عن السلطة التنفيذية أو الإدارية. من هذه الناحية فإن واقع الحال في الدول العربية يشير إلى خضوع القضاء بدرجات مختلفة للسلطات التنفيذية في الدول العربية، وإلى تفشي ظاهرة الفساد فيه.
د-من المؤشرات الهامة على سيادة القانون وبالتالي على الحكم الرشيد، مدى احترام حقوق الانسان، وتشمل في العادة هذه المؤشرات النواحي التالية[23] :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
22-www.undp-pogar.com فقرة الحكم الرشيد> سيادةالقانون> القضاء.22/8/2007
23-www.undp-pogar.com فقرة الحكم الرشيد> سيادة القانون> حقوق الانسان.22/8/2007

1-موقف الدول من اتفاقيات الأمم المتحدة(سبع اتفاقيات رئيسة)[24] واتفاقيات منظمة العمل الدولية(ثمان اتفاقيات)[25] المعنية بحقوق الانسان، إلى جانب الاتفاقيات الاقليمية او الوطنية ذات الصلة.
2-وجود مؤسسات لحقوق الانسان في كل دولة.
3- الانجازات التي تحققت في مجال حقوق الانسان.
4- الصعوبات التي تواجه حقوق الانسان في كل دولة.
5- ثقافة حقوق الانسان والاصدارات ذات الصلة.
من بين هذه المؤشرات الدالة على احترام حقوق الانسان سوف نتوقف عند مواقف الدول العربية من الاتفاقيات الدولية المعنية بها، على اعتبار ان المؤشرات الأخرى غير ذات أهمية في الدول العربية. فمؤسسات حقوق الانسان غير موجودة بصورة مستقلة وفاعلة، ولا يمكن الحديث عن انجازات ذات مغزى على صعيد احترام حقوق الانسان، وبالتالي فهناك صعوبات جمة على هذا الصعيد تعود في غالبيتها إلى طبيعة النظام السياسي العربي، الذي يحول دون وجود ثقافة جماهيرية لحقوق الانسان ومنظمات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
24- اتفاقيات الأمم المتحدة وهي1- العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. 2- العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. 3- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري. 4- اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او الاإنسانية او المهينة.5- اتفاقية حقوق الطفل.6- اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.7-اتفاقية حماية العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.وهناك العديد من البروتوكولات الاضافية الاختيارية مثل أ-البروتوكول الخاص بتقديم الشكاوى من قبل الأفراد. ب- البروتوكول الخاص بإلغاء عقوبة الاعدام، ج-البروتوكول الخاص بمنع استخدام الأطفال في النزاعات المسلحة. د-البروتوكول الخاص ببيع الطفال او استغلالهم في الدعارة.
25- اتفاقيات منظمة العمل الدولية وهي :الاتفاقية 87 المعنية بحرية التجمع، والاتفاقية 98 الخاصة بحق التنظيم النقابي والمفاوضة الجماعية، والاتفاقية29 الخاصة بالسخرة، والاتفاقية 105 الخاصة بالعمل الاجباري، والاتفاقية100 الخاصة بالمساواة في الأجور والاتفاقية 111 الخاصة بالقضاء على التمييز في شغل الوظائف، والاتفاقية 138 بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام والاتفاقية 182 الخاصة بمنع استخدام الأطفال والقاصرين.


تقوم عليها. اما فيما يخص مواقف الدول العربية من الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الانسان، يمكن القول أن اغلب هذه الدول قد وقعت عليها سواء تلك الصادرة عن الأمم المتحدة أو تلك الصادرة عن منظمة العمل الدولية. أنظر الجدول(4-4)
جدول(4-4 ) الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الانسان التي وقعت عليها الدول العربية
اتفاقيات منظمة العمل الدولية اتفاقيات الأمم المتحدة الدول
182 138
111
100 105 29

98 87 7
6
5
4
3
2
1
* * * * * * * * * * * * العراق
* * * * * * * * * * * * * * * سورية
* * * * * * * * * * * * * لبنان
فلسطين
* * * * * * * * * * * * * الأردن
* * * * * * * * * * * * الكويت
* * * * * * * * * السعودية
* * * * * * * * * البحرين
* * * * * * قطر
* * * * * * * * * الامارات
* * * * * * * عمان
* * * * * * * * * * * * * * اليمن
* * * * * * * * * * * * * * * مصر
* * * * * * * * * * * * السودان
الصومال
* * * * * * * * * جيبوتي
* * * * * * * * * * * * * * * ليبيا
* * * * * * * * * * * * ** * تونس
* * * * * * * * * * * * * * * الجزائر
* * * * * * * * * * * * * * المغرب
* * * * * * * * * * * * * * موريتانيا
المصدر: أعد الجدول من قبلنا استنادا إلى معطيات الحكم الرشيد أنظرwww.undp-pogar.com 22/8/2007
تبين معطيات الجدول (4-4) أن أغلب الدول العربية قد وقعت على المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان، بل ووقع قسم كبير منها على البروتوكولات الاختيارية الملحق بها، غير أن هذه الحقوق لم تتحسن كثيرا، فالأنظمة العربية لا تحترم تواقيعها إذا كان الموضوع يتعلق بحقوق مواطنيها، وخصوصا السياسية منها. فهي تمنع انشاء منظمات خاصة مدنية تعنى بمراقبة وتتبع قضايا حقوق الانسان فيها، كما أنها تعيق الاصدارات التي تنشر ثقافة حقوق الانسان، وبالمحصلة فإن التقدم على طريق احترام حقوق الانسان العربي لا يزال بطيئا جداً.
هـ- لم يكن توقيع اغلب الدول العربية على المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الانسان سهلا، فكثرت تحفظاتها على بعض ماجاءت به، وتاخرت كثيرا في التوقيع والمصادقة عليها مقارنة ببقية دول العالم. لقد تحفظ العراق على العهدان الدوليان الخاصان بحقوق الانسان لجهة عدم الاعتراف بإسرائيل، كما تحفظ على المادة 22 الخاصة بحل النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المعنية سواء لجهة تطبيق الاتفاقية او لجهة تفسيرها. كما تحفظ على الفقرتين 6 و7 من المادة 2 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لجهة تعديل القوانين المتحيزة ضدها في مجال العقوبات، و تحفظ أيضاً على الفقرتين 1 و2 من المادة 9 المتعلقتين بحق المرأة بالمساواة بالرجل في مجال اكتساب الجنسية وكذلك جنسية أطفالها. تحفظ العراق أيضا على المادة 16 المتعلقة بإلغاء التمييز ضد المراة في مجال الزواج والعلاقات الأسرية. وتحفظ على الفقرة 1 من المادة 14 المتعلقة بحق الأطفال بتغيير دينهم لتعارض ذلك مع أحكام الشريعة الاسلامية.
وتحفظت سورية على الفقرة 1 من المادة 26 من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وكذلك على الفقرة 1 من المادة 48 من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية المتعلقاتان بمعايير الانضمام. وتحفظت أيضا على المادة 22 الخاصة بحل النزاعات بين الأطراف المعنية لجهة تطبيق او تفسير الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الانسان. اما فيما يتعلق بالاتفاقية الخاصة بإلغاء التمييز ضد المراة فقد تحفظت سورية على المادة 2 منها الخاصة بالمساواة امام القانون، والمادة 9 الفقرة 2 المتعلقة بالحقوق المتساوية مع الرجل فيما يخص جنسية الأطفال، والمادة 15 الفقرة 4 المتعلقة بحرية التنقل ومقر الاقامة، والمادة 16 الفقرة 1 المتعلقة بالحقوق المتساوية في عقد الزواج وفسخه، والمادة 29 الفقرة 1 الخاصة بالتحكيم بين الدول في حال النزاع حول تفسير او تطبيق الاتفاقية.
وفيما يخص اتفاقية مناهضة التعزيب فقد تحفظت سورية على المادة 20 التي تتعلق بحق اللجنة الدولية لمناهضة التعزيب للتحقيق في قضايا التعزيب والقيام بزيارات ميدانية.
وتحفظ لبنان على المادة (22) من اتفاقية " القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، لجهة إحالة المنازعات إلى محكمة العدل الدولية. وتحفظ على المادة (9 ف/2) من اتفاقية" القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة المتعلقة بجنسية الأطفال، والمادة (16 ف/1) المتعلقة بالقضاء على التمييز ضد المراة في قضايا الزواج والعلاقات العائلية، وخصوصا ما يتعلق باختيار اسم العائلة، والمادة (29 ف/1) المتعلقة بفض المنازعات.
اما الأردن فقد تحفظ على المادة (9ف/2) من اتفاقية "لقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" التي تمنح المراة حقوقا متساوية مع الرجل فيما يتعلق بجنسية أولادها، وتحفظ أيضا على المادة(15 ف/4) التي تساوي بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بحرية التنقل والسكن، وتحفظ على المادة (16 ف/1) التي تساوي الرجل والمرأة في الحقوق والمسؤوليات. كما تحفظ على المواد (14و20و21) من اتفاقية " حقوق الطفل " والتي تتعلق بحرية التفكير والوجدان والدين والتبني، فيما يتعارض مع الشريعة الاسلامية.
بالنسبة للكويت فقد تحفظت على المادة (2/2) من العهد الدولي المتعلق بالحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وعلى المادة (3) المتعلق بمساواة الرجل والمراة في هذه الحقوق، وعلى المادة (9) المتعلقة بالضمان الاجتماعي، لجهة تطبيقها على الكويتين فقط، وعلى المادة (8/1-د) التي تكفل الحق بالاضراب. وتحفظت ايضا على المادة(2/1) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تقضي بعدم التمييز من أي نوع كان، والمادة (3) التي تساوي الرجل بالمراة في هذه الحقوق، وعلى المادة (25/2) الخاصة بحق كل مواطن بالانتخاب. وتحفظت على اتفاقية " القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري" لجهة عدم الاعتراف باسرائيل، وعلى المادة (22) المتعلقة بسبل حل المنازعات فيما يخص هذه الاتفاقية. وتحفظت دولة الكويت أيضا على المادة (20) من اتفاقية " مناهضة التعزيب" لجهة حق اللجنة الدولية المعنية للتدخل وإجراء تحقيق، والمادة (30/1) المتعلقة بسبل حل المنازعات. فيما يخص اتفاقية " حقوق الطفل " فقد تحفظت الكويت عليها بصورة عامة لتعارضها مع أحكام الشريعة الاسلامية، وخاصة المواد (7) و(21) المنتعلقة بحنسية الطفل والتبني.
من جهتها تحفظت السعودية على " اتفاقية القضاء على جمع أشكال التمييز العنصري بما يتعارض مع أحكام الشريعة الاسلامية، وعلى المادة (22) منها الخاصة بإحالة أي نزاع مع أطراف أخرى إلى محكمة العدل الدولية. وتحفظت على اتفاقية" القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" بما يتعارض مع الشريعة الاسلامية، وعلى المادة (9 ف/2) المتعلق بمنح حقو متساوية للمرأة مع الرجل فيما يتعلق بجنسية الأولاد، والمادة (29 ف/1) التعلقة باحالة النزاعات إلى لجان تحكيم دولية، وتحفظ المملكة على المادة (22) من اتفاقية " مناهضة التعزيب" لجهة عدم الاعتراف بلجنة مناهضة التعزيب، وتحفظت على المادة (30) منها لجهة عدم الالتزام بما ورد فيها.
بالنسبة للمملكة البحرين فقد تحفظت على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لجهة الاعتراف باسرائيل، وعلى المادة (22 )المتعلقة بتسوية المنازعات بين الدول بشانها، وعلى المادة 2 من اتفاقية إلغاء التمييز ضد المراة، وكذلك على المادة 9 الفقرة 2 منها المتعلقة بمنح حقوق متساوية للمرأة والرجل فيما يخص جنسية الاطفال، وعلى المادة 15 الفقرة 4 المتعلقة بمساواة المراة بالرجل من حيث التنقل والاقامة. وتحفظت على المادة (16) الخاصة بمساواة المراة مع الرجل فيما يتعلق بقضايا الزواج والعلاقات العائلية، وعلى المادة (29/1) الخاصة بالتحكيم الدولي في المنازعات، وتحفظت على المادة (30/1) من اتفاقية" مناهضة التعزيبط لجهة التحكيم الدولي.
أما بالنسبة لقطر فقد تحفظت على ما ورد في اتفاقية " مناهضة التعزيب" بما يتعارض مع الشريعة الاسلامية، وعلى المواد (21 و22) المتعلقتين باختصاص لجنة مناهضة التعزيب. ام بالنسبة لاتفاقية " حقوق الطفل" مفد تحفظت عليها بصورة عامة لتعارضها مع القانون الاسلامي.
تحفظت دولة الامارات على اتفاقية " القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري" لجهة عدم الاعتراف بإسرائيل، وتحفظت على المادة (2 ف/6) من اتفاقية" القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المراة التي تتعلق ببطلان القوانين التي تشكل تمييزا ضد المراة لتعارضها مع الشريعة الاسلامية، وتحفظت على المادة (9) التي تساوي المرأة بالرجل فيما يتعلق بجنسية الأطفال، وعلى المادة (15 ف/ 2) المتعلقة بالأهلية وعلى المادة (16) التي تساوي الرجل بالمراة من ناحية العلاقات الأٍثرية والزواج، وتحفظت على المادة (29 ف/1) الخاصة بالتحكيم في قضايا الخلاف.
تحفظت الإمارات ايضا على المادة (7 ف/1، 2) من اتفاقية " حقوق الطفل" المتعلقة بالجنسية، وعلى المادة (14) المتعلقة بدين الطفل، والمادة(17) المتعلقة بضمان حق الطفل في الحصول على المعلومات من المصادر الوطنية والدولية المتنوعة، والمادة (21 ) المتعلقة بالتبني.
أما سلطنة عمان فقد تحفظت على المادة (9 ف/4) من اتفاقية " حقوق الطفل" لجهة توفير المعلومات عن الأسر التي ينفصل فيها الطفل عن أبويه، وتحفظ أيضا على المادة (21) المتعلقة بالتبني، والمادة (7) المتعلقة بجنسية الأطفال مجهولي الأباء الذين يولدون على أرضها، والمادة (14) المتعلقة بحرية اختيار الطفل لدينه، والمادة (30) التي تسمح لأطفال الأقليات الدينية بالجهر بعقيدتهم.
تحفظ اليمن على العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية لجهة عدم الاعتراف باسرائيل، وكذلك على اتفاقية " القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري للسبب ذاته، وكذلك على المادة (22) منها المتعلقة بمحكمة العدل الدولية، وكذا على المادتين (17 و18ف/1) المتعلقتان باحكام انضمام الدول الى الاتفاقية، لوجود نصوص تمييزية ضد الدول، وتحفظ اليمن أيضا على المادة (29ف/1) من التفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المراة" المتعلقة بلجان التحكيم وفض المنازعات.
اما بالنسبة لمصر فقد تحفظت على العهدين الدوليين فيما يتعارض مع أحكام الشريعة الاسلامية، وعلى المادة (22) من اتفاقية " القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري" المتعلقة بإحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية، وتحفظت على المادة (2) من اتفاقية " القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة"، وكذلك على المادة (19/2) و المادة (16) و المادة (29/2) وهي المواد التي تعطي المرأءة حقوقا متساوية مع الرجل بالنسبة لجنسية الطفال وحرية التنقل والاقامة، والمساواة الكاملة في العلاقات الأسرية، وفي إحالة أي تنازع إلى التحكيم الدولي.
تحفظت جيبوتي على اتفاقية "حقوق الطفل" لجهة عدم الالتزام بما لا يتوافق مع عقيدتها وقيمها الموروثة.
بدورها ليبيا فقد تحفظت على العهدين الدوليين، وكذلك على اتفاقية " القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري" لجهة عدم الاعتراف بإسرائيل، وتحفظت على المادة( 22) لجهة طريقة حل المنازعات وصلاحيات محكمة العدل الدولية في هذا المجال، وتحفظت على المادة (2) من اتفاقية " القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المراة" لجهة إلزام الدول بتضمين دساتيرها المساواة بين الرجل والمراة، وعلى المادة (16/1) المتعلقة بمساواة المراة مع الرجل في قضايا الزواج والعلاقات العائلية، والمادة (29/2) المتعلقة بحق اللجان المتخصصة التدخل في حال انتهاك أحكام هذه الاتفاقيات.
بالنسبة للجمهورية التونسية فقد تحفظت على اتفاقية" القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المراة" بما يتعارض مع الدستور التونسي، وعلى المادة (15ف/4) المتعلقة بمساواة المراة والرجل فيما يتعلق بحرية اختيار مكان السكن وحرية التنقل، وعلى المادة (9 ف/2) المتعلقة بمنح حقوق متساوية للمراة والرجل فيما يخص جنسية الطفال، والمادة (16 ف/ 1) المتعلقة بقضاي الزواج والعلاقات الأسرية، وعلى المادة (29 ف/1) النتعلقة بالتحكيم الدولي.
الجزائر بدورها تحفظت على العهدين الدوليين وخاصة المادة (1) المشتركة بينهما المتعلقة بحق تقرير المصير والسيطرة على الثروات الطبيعية، حيث وجدت ان المادة(1/3) في كلا العهدين والمادة (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية توحي ببقاء حالة التبعية بما يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة. وتحفظت أيضا على المادة (8) والمادة (22) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لجهة أولوية القانون الوطني، وتحفظت على المادة (13) من العهد الدولي للحقوق الاقتصادية .. وعلى المادة (23) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بما يتعارض مع القوانين الجزائرية.
وتحفظت الجزائر أيضا على المادة (2) من اتفاقية " القضاء على جميع اشكاتل التمييز ضد المراة" بما يتعارض مع قانون الأسرة الجزائري، وعلى المادة (9ف/2) المتعلقة بمساواة المراة بالرجل فيما يتعلق بجنسية الأولاد، وعلى المادة (15ف/4) المتعلقة بحرية التنقل والسكن، والمادة (29ف/1) المتعلقة بحل المنازعات. فيما يخص اتفاقية "حقوق الطفل" فقد تحفظت الجزائر على الفقرتين الأولى والثانية من المادة (14) المتعلقتين بحرية المعتقد والتفكير والوجدان، والمواد (13-16-17) المتعلقة بامكانية حصول الطفل على المعلومات من كافة المصادر. جميع هذه التحفظات سوف تفسر في ضوء القانون الوطني والشريعة الاسلامية.
وتحفظت الجزائر على المادة(29ف/1) المتعلقة بقضايا التحكيم في المنازعات الدولية في موضوع اتفاقية " حماية العمال المهاجرين وأسرهم".
تحفظ لبنان على المادة (22) من اتفاقية " القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري" لجهة محكمة العدل الدولية، وتحفظ على المادة (9ف/2) من اتفاقية " القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المراة" المتعلقة بمساواة المراة والرجل فيما يخص جنسية الاطفال، والمادة (16ف/1) المتعلقة بالمساواة في الزواج والعلاقات العائلية، لجهة اختيار اسم العائلة.، والمادة (29ف/1) المتعلقة بطرق حل المنازعات بين الطراف بشأن تطبيق هذه الاتفاقية.
و تحفظت المملكة المغربية على المادة 22 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، المتعلقة بشان تسوية النزاعات بين الطراف المعنية. وتحفظت على المادة 2 المتعلقة بمساواة المراة امام القانون بحيث لا تتعارض مع قواعد توريث العرش وأحكام الشريعة الاسلامية، وتحفظت على المادة 15 الفقرة البند ف من الفقرة 4 المتعلقة بالمساواة في التنقل والاقامة، كما تحفظ على المادة 9(ف/ 2) التي تتعلق بالمساوات بين الأبوين فيما يخص جنسية الأطفال، والمادة 16 المتعلقة بالمساواة في عقد الزواج، والمادة 29 المتعلقة بأحكام تسوية المنازعات بين الطراف في حال نشب خلاف حول تطبيق او تفسير هذه الاتفاقية.
اما فيما يخص اتفاقية مناهضة التعزيب فقد تحفظت المملكة على المادة20 المتعلقة باختصاص لجنة منتاهضة التعزيب، وتحفظت على المادة 21 المتعلقة بحق طرف تقديم شكوى ضد طرف آخر.
وتحفظت المملكة على المادة 14 من اتفاقية حقوق الطفل في مجال حرية التفكير والوجدان والدين. وتحفظت على المادة 92(ف/1) المتعلقة بحقوق المهاجرين لجهة حل المنازعات بين الطراف في حال نشوب خلاف متعلق بتطبيق او تفسير الاتفاقية المعنية.
تحفظت موريتانيا على المادة (20) من اتفاقية " مناهضة التعزيب " لجهة التحقيق السري والسماح للجنة مناهضة التعزيب من التحقق والقيام بزيارات ميدانية، والمادة (30/1) الخاصة بالتحكيم الدولي. وتحفظت موريتانيا بصورة عامة على اتفاقية" القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المراة " بما يتعارض مع أحكام الشريعة الاسلامية، وكذلل تحفظت بصورة عامة على اتفاقية " حقوق الطفل".
اما بالنسبة لاتفاقية " حقوق الطفل " فقد أعلنت تونس تحفظا عاما عليها بما يتعارض والدستور التونسي وخصوصا المادة (6) والمادة (2) والمادة 07) الخاصة بالجنسية والأرث والاجهاض..الخ.
في نهاية هذا المسح الشامل لتحفظات الدول العربية تجاه الاتفاقيات التي وقعت عليها نلاحظ ان مجمل تحفظاتها تتعلق بالمساواة بين المراة والرجل، وبحقوق الطفل، وكذلك بالعهدين الدوليينن وبطرق حل المنازعات الدولية بشان تطبيق هذه الاتفاقيات. واللافت أن تحفظات الدول العربية جاءت بحجة تعارض ما تحفظت عليه مع احكام الشريعة الاسلامية.
و- فيما يخص النظام المالي والضريبي، الذي هو أساس من أساسات الحكم الرشيد، واداة من ادواته لتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية وتحسين مستوى حياة الناس، يمكن القول ان جميع الدول العربية تنص في دساتيرها او قوانينها الأساسية على كيفية تنظيم مالية الدولة، وإعداد الموازنات السنوية، وأبواب صرفها..الخ. بمعنى آخر فإن الإطار القانوني لتنظيم مالية الدولة وجباية الضرائب موجود وقائم في الدول العربية، غير أنه، من جهة أخرى، يؤخذ على النظام المالي والضريبي للدول العربية ما يلي:
- عدم كفاءته سواء من ناحية الاعداد والجباية، او من ناحية الصرف.
-تكريسه للتمايزات الاجتماعية، وتحفيزه على الاستقطاب في المجتمع.
-محاباته للمتمكنين اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا على حساب غالبية أفراد المجتمع.
- افتقاره للشفافية ولقاعدة بيانات دقيقة.
إن التهرب الضيبي في الدول العربية ظاهرة منتشرة ومكشوفة، يمارسها قطاع الأعمال بالتواطؤ مع الجهاز البيروقراطي الحكومي. كما ان الميزانيات العربية غالبا ما تمول بالعجز، الذي يغطى عادة عن طريق الاستدانة الداخلية او الخارجية، مما يزيد في مديونية الدول العربية.
إن أحد أسباب فشل البرامج التنموية العربية يكمن في ضعف الأداء المالي والضريبي للحكومات العربية.
ز- فيما يخص مؤشر الفساد في الدول العربية، فحدث ولا حرج، لقد تحول الفساد في غالبيتها من كونه ظاهرة يمكن ان ترافق أي عمل تنموي إلى أسلوب في الادارة والضبط المجتمعي، وتمكين القوى المتسلطة من الاستمرار. إنه لمن المحزن حقا ان نجد الدول العربية تحتل مواقع متاخرة في التقارير الدولية المتعلقة بالفساد والرشوة، الى جانب العديد من الدول الاسلامية، الأمر الذي جعل رئيس وزراء ماليزيا يطالب بالدعوة لعقد مؤتمر اسلامي على مستوى القمة، يكرس لمناقشة أسباب هذه الظاهرة ومخاطرها على المجتمعات الاسلامية، ليصار إلى تحديد المخارج الممكنة والمحتملة منها. واللافت ان انتشار ظاهرة الفساد والرشوة في الدول العربية، حصل مع ان أغلب الدول العربية قد وقعت على اتفاقيات الأمم المتحدة الخاصة بذلك. أنظر الجدول(4-5).
جدول(5-5) اتفاقيات الأمم المتحدة التي وقعتها الدول العربية وتاريخ التوقيع
الدولة اتفاقية مكافحة الفساد


تاريخ التوقيع اتفاقية محاربة الجريمة المنظمة


تاريخ التوقيع فرقة العمل الشرق اوسطية المعنية بغسل الموال وتمويل الإرهاب وجود فرع للشفافية الدولية
العراق لم يوقع لم يوقع عضو يوجد
سورية 9/12/2003* 13/12/2000* عضو لا يوجد
لبنان لم يوقع 18/12/2001 عضو يوجد
فلسطين
الأردن 9/12/2003 26/11/2002* عضو لا يوجد
الكويت 9/12/2003* 12/12/2000 عضو لا يوجد
السعودية 9/1/2004* 12/12/2000 عضو لا يوجد
البحرين 8/2/2004* 7/6/2004 عضو عضو
قطر 1/12/2005 لم توقع عضو لا يوجد
الامارات 10/8/2005 9/12/2005* عضو لا يوجد
عمان لم توقع 13/5/2005 عضو لا يوجد
اليمن 11/12/2003 15/12/2000* عضو يوجد
مصر 9/12/2003 13/12/2000 عضو لا يوجد
السودان 14/1/2005* 15/2000 عضو لايوجد
الصومال لم توقع لم توقع ليس عضوا لا يوجد
جيبوتي 17/6/2004 20/4/2005 لا يوجد
ليبيا
تونس 30/3/2004* 13/12/2000 عضو لا يوجد
الجزائر 9/12/2003 12/12/2000 عضو يوجد
المغرب 9/12/2003* 13/12/2000 عضو يوجد
موريتانيا لم توقع 22/7/2005 عضو لا يوجد
المصدر:www.undp-pogar.com مكافحة الفساد: اتفاقيات الأمم المتحدة والاتفاقيات الأخرى.
* لم تصدق
توضح معطيات الجدول (4-5) ان أغلب الدول العربية قد وقعت على اتفاقيات الأمم المتحدة الخاصة بمكافحة الفساد والجريمة المنظمة العابرة للدول، مع ان بعضا منها لم يصادق عليها، وهي أعضاء مؤسسة في فرقة العمل الخاصة بالشرق الأوسط والمعنية بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب. غير أن الدول العربي لا تقيم أية اتصالات بمنظمة الشفافية الدولية ماعدى بعض الاستثناءات القليلة ( انظر معطيات الجدول4- 5)



#منذر_خدام (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العرب والعولمة( الفصل الثالث)
- العرب والعولمة(الفصل الثاني)
- العرب والعولمة( الفصل الأول)
- العرب والعولمة( مدخل)
- العرب والعولمة(مقدمة)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الحادي عشر)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الهاشر)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل التاسع)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الثامن)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل ااسابع)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل السادس)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الخامس)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الرابع)
- في المنهج= دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الرابع)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الثالث)
- في المنهج-دراسة نقدية في الفكر الماركسي( الفصل الثاني)
- في المنهج. دراسة نقدية في الفكر الماركسي ( الفصل الأول: منطق ...
- في المنهج. دراسة نقدية في الفكر الماركسي
- لمجتمع المدني ودوره في الأزمة السورية
- لمحة من تاريخ القضاء الدولي


المزيد.....




- وسائل إعلام إيرانية: المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات سيسل ...
- سوريا.. حقيقة فيديو منسوب لتهديد أحد مقاتلي الإدارة الجديدة ...
- فرنسا تمنع فيلما وثائقيا حول جرائمها الكيميائية في الجزائر
- من هم العلويّون في سوريا؟
- فارّون علويون إلى لبنان يتحدثون عن -مخاوفهم من النظام الحالي ...
- عراقجي: رسالة ترامب إلى إيران جاهزة لكنها لم تُسلَّم بعد
- موسكو تدرس ردها على هدنة الـ30 يومًا بعد محادثات جدة وروبيو ...
- سلسلة زلازل حول بركان في واشنطن تثير مخاوف من ثوران وشيك
- كيف يؤثر الدخل المرتفع على مستويات التوتر والرضا عن الحياة؟ ...
- روسيا.. انفجار للغاز المنزلي يخلف إصابات في مدينة توبولسك (ف ...


المزيد.....

- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف
- أنغام الربيع Spring Melodies / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - منذر خدام - العرب والعولمة( الفصل الرابع)