أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرضا المادح - جليد الاوهام قصة قصيرة














المزيد.....


جليد الاوهام قصة قصيرة


عبد الرضا المادح
قاص وكاتب - ماجستير تكنلوجيا المكائن


الحوار المتمدن-العدد: 8274 - 2025 / 3 / 7 - 01:58
المحور: الادب والفن
    


جلس على المقعد الخلفي لسيارة لم يعرف هويتها، هل هي للشرطة السرية، ام سيارة خاصة تستخدمها دائرة المهاجرين؟ الخوف على مصيره لايزال يستنزف كميات كبيرة من الادرينالين، ساعات الانتظار الطويلة في مطار العاصمة ستوكهولم والتحقيق الاولي من قبل الشرطة زادت من قلقه.
تلفتَ عبر زجاج النافذة ذات الشمال وذات اليمين محاولا ً أن يفهم مايجري، كان يجهل اللغة التي يتحدث بها الشخص الراكب امامه مع السائق، الغابات الخضر تحيط بالطريق، سيقان اشجار الصنوبر المستقيمة العالية تذكره بغابات النخيل، إشارات الطرق الكبيرة اللماعة ترشد السيارة الى مكان ما، بعد أن مرت بمدينة صغيرة انعطفت السيارة الى شارع فرعي وسط غابة صغيرة ينتهي بأبنية متقاربة ذات طابق واحد، في غرف الادارة ساعده شرح المترجم على فهم مايجري.
ـ سيتم اسكانك بغرفة مع اربعة عراقيين، ستستلم هويه مؤقته، وسادة، بطانية، شراشف ....، تناول الطعام سيكون في مطعم المعسكر ووفق وقت محدد، كما سيخصص لك مبلغ من المال كأعانة شهرية.
بدأ الاطمئنان يدب في اوصاله قليلا ً، مما ساعده على بناء علاقات طيبة مع العراقيين في المعسكر الذي يضم بشر من مختلف الاجناس والدول.
تعوّدوا على الحياة اليومية الروتينية للمعسكر، إفطار، غداء، عشاء وبينهم فراغ يملؤونه بالحديث عن معاناتهم في الوطن وبالتجوال في الاسواق التي تبعد نصف ساعة سيرا ًعلى الأقدام، هاجس الحصول على تصريح الاقامة كان المهيمن على صحوهم ومنامهم، قصص المغامرت واحتيال المهربين والموت غرقا ً.... أصبحت جزءٌ من زادهم اليومي.
خبر انتشر كالنار في الهشيم، امرأة وثلاثة اطفال تمّ إحتجازهم في غرفة التسفيرات الخاصة بالمعسكر والتي تقع في الطرف الشمالي منه، قصتها لم تُقنع المحققين، بكاء اطفالها وتوسلاتهم ذهبت هباءً، لهجتها السورية أماطت اللثام عن عراقية مزيفة، همهمات الأسى الرمادية والترقب غطّت سماء المعسكر مع لسعة برد خريفية مُبكرة.
ـ عليكم أن تكونوا جاهزين بعد الافطار غدا ً لنقلكم الى معسكر آخر.
الخبر الذي نقله لهم المترجم اثار حفيظتهم وزاد من توترهم.
ـ لماذا ...!؟
ـ المعسكر مزدحم وكل يوم يصل مهاجرون جدد.
لم يتجرأ أحد بمزيد من الاسئلة، فالبعض نبه الى الحذر من المترجمين، يقال أنهم يعملون كمخبرين أيضاً.
همس أحدهم:
ـ ربما هذا فخ لنا، ينقلوننا بالحافلات الى المطار ويسفروننا الى المجهول.
عادت الى اذهانهم الممارسات المعتادة في بلدانهم، فزادت من حرارة الخوف في نفوسهم رغم البرد الذي يغلف المكان.
ـ سُرقت لي دراجة، واخبروني بأن أستلمها من مركز شرطة الكفاح، هناك اعتقلوني ونقلوني الى مديرية الامن العامة، لأشهر استمر التعذيب دون أن افهم لماذا، كانوا يرددون إنك يساري وعليك أن تعترف وتدلنا على جماعتك!، وحين ايقنوا أني لا اعرف يساري من يميني اطلقوا سراحي!.
إمتلأت الحافلة، هدير المحرك الخفيف هو سيد المكان، حقائبهم الصغيرة حُشرت تحت المقاعد، انطلقت الحافلة بأتجاه ما، دارت رؤوسهم بين الاتجاهات الأربع، تجاوزت عقارب الزمن أكثر من ساعة، دبَّ الاطمئنان بأجسادهم من جديد، فالمطار لايبعد أكثر من نصف ساعة.
لساعات وشبكيات اعينهم تسطبغ باللون الاخضر للغابات، انحرفت الحافلة عن الطريق الرئيسية لتدلف الى فرع ضيق لغابة لانهائية، توقفت عند مبنى ضخم من اربعة طوابق عرفوا لاحقا ًانه كان يستخدم كمشفىً للمجانين..!.
أشهرٌ طرّزها الملل والخوف وحالات كثيرة امتدت لسنوات، رجل كسا وفر العمر رأسه، يطقطق بمسبحة لاتفارقه اعتزازا ً:
ـ غابة... معسكر... غابة... معسكر... غابة... معسكر...
جاء لأحدهم الخبر فشعر بميلاد جديد، أحاطت به التهاني والتبريكات ممزوجة بالحسد الخفي، عليه أن يعدَّ نفسه للانتقال بعيداً عن المعسكر.
في لحظات الوداع قال لصديقه بأصرار:
ـ لن اعود ابداً لوطن أذلني وأساء لكرامتي.
ـ لاتتسرع أنه حكم مشاعر ملتهبة.
بعد نصف عام إلتقيا في مدينة صغيرة وسط غابة، فوجده وحيدا ًحزيناً مهموماً، لايعرفه حتى الجيران.
ـ أكرع همومي من كأس الغربة كل ليلة، فلا اشعرُ بالدفء، تجترني ذكرياتي ويؤرقني الحنين...
ـ آه... ياوطني.
ـ ......... .


2010 04 07
البصرة



#عبد_الرضا_المادح (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثوب الخلود ـ قصة قصيرة
- إنعكاسات - قصة قصيرة
- الطـَـنطـَـل - قصة قصيرة
- الرضعة الاخيرة...!
- كذبة الصعود للقمر وكذبة 11 سبتمبر...!
- أدلِرْ والقمر
- لقاء في المزبلة...!
- فراغ في النفق
- صرخةٌ من غزة ...!
- عبـــاس الفــَــوْري
- درب التبـّــانه
- الوهم / عاشقة طيور الحب / قصتان قصيرتان
- زقاق في الحيدرخانه
- الجورنيكا تُكتبُ من جديد ...!
- جرّافـة الموتى ...!
- حَصارُ الأحلام ...!
- وجع السنين ...!
- لقمة عيش ...!!
- الدفان والحرب
- الخبـزُ وعبـدُالله *


المزيد.....




- عــرض مسلسل ليلى الحلقة 24 مترجمة قصة عشق
- نبض بغداد.. إعادة تأهيل أيقونة العاصمة العراقية شارع الرشيد ...
- فنانة شابة في علاقة حب مع نور خالد النبوي؟ .. يا ترى مين ضيف ...
- إيران.. 74 جلدة لنجم شهير حرض على خلع الحجاب!
- سلي أولادك بأفضل أفلام الكرتون.. اضبط أحدث تردد لقناة كرتون ...
- انتقادات واسعة للمسلسل العراقي -ابن الباشا-.. هل هو نسخة من ...
- فنان مصري مشهور يفقد حاسة النطق.. وتامر حسني يتدخل
- شاهد.. مغني راب يصفع مصارعا قبل نزالهما في الفنون القتالية
- -أشغال شقة جدا- كاد ألا يرى النور.. مفاجآت صادمة عن المسلسل! ...
- معرض للفنان العراقي صفاء السعدون بين جدارن جامعة موسكو الحكو ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الرضا المادح - جليد الاوهام قصة قصيرة