جابر احمد
الحوار المتمدن-العدد: 8270 - 2025 / 3 / 3 - 16:45
المحور:
الادب والفن
توفي في مدينة فاسا الفنلندية الفنان الكردي عازف السنطور الأستاذ فاروق متين، وذلك إثر مرض عضال ألمَّ به، تاركًا وراءه إرثًا ثقافيًا لشعبه الكردي العظيم ولكل محبي الموسيقى في العالم.
تعرفتُ على الأخ فاروق متين بعد وصولي إلى مدينة فاسا مع أسرتي، وذلك في الأيام الأخيرة من القرن الماضي، قبل ما يقارب ربع قرن، عندما زارني هو وزوجته في بيتي. وعندما سألته كيف عرف أنني في فاسا، أجابني: “إن إخوة من أكراد إيران، تربطهم علاقات نضالية مع الإخوة العرب الأهوازيين، كلفوني بزيارتك، وأنا سعيد بهذه الزيارة”. ثم أعطاني رقم أحدهم، وهو السيد محمود بشاري (أبو هبة).
لقد أدخلت زيارته الفرحة إلى قلوبنا، خاصة وأننا كنا نعيش الغربة، ولا نعرف اللغة الفنلندية، ولا كيفية التعامل مع الدوائر الحكومية. ثم أعطاني رقم هاتفه، وقال لي: “اتصل بي متى شئت، وفي أي وقت، وسأكون عندك خلال عدة دقائق”. واستمرت العلاقة بيننا منذ ذلك التاريخ حتى سماعي خبر وفاته من بعض الإخوة الأكراد، فكان ذلك مؤلمًا جدًا.
نبذة مختصرة عن حياة الفقيد
ولد الأستاذ محمد فاروق متين في مدينة مهاباد، إحدى المدن التاريخية الكردية، عام 1331 هجري شمسي، الموافق لعام 1952 ميلادي. بدأ العمل في مجال الموسيقى، وتحديدًا العزف على آلة السنطور، بالإضافة إلى مشاركته في برنامج “قصة الليل” في إذاعة وتلفزيون مهاباد، وذلك في عام 1352 هجري شمسي (1973 ميلادي).
تم تعيينه كموظف في إدارة الهاتف والتلغراف، المعروفة بشركة الاتصالات في مهاباد، حيث عمل لعدة سنوات. وخلال هذه الفترة، قدم مساهمات استثنائية في مجال الفنون لشعبه الكردي، سواء في الإبداع الموسيقي أو المسرح، واستمر في هذا النشاط حتى اندلاع ثورة الشعوب الإيرانية عام 1357 هجري شمسي (1978 ميلادي)، التي أطاحت بالنظام الملكي عام 1979.
لكن في أوائل الثورة، وبسبب كونه كرديًا وله دور بارز في التعريف بالفن الكردي ونقله للأجيال الشابة، تم فصله من عمله في كل من الإذاعة والتلفزيون وشركة الاتصالات في مدينة مهاباد.
ونتيجة للضغوط المستمرة التي تعرض لها من قبل الأجهزة الأمنية التابعة للنظام الحاكم في إيران، اضطر إلى مغادرة وطنه عام 1370 هجري شمسي (1991 ميلادي). وكانت وجهته الأولى تركيا، حيث أقام لمدة عام، ثم انتقل إلى فنلندا بعد أن منحته هيئة الأمم المتحدة حق اللجوء. استقر في مدينة فاسا الفنلندية، وبقي فيها حتى آخر يوم من حياته، في مارس عام 2025، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا زاخرًا.
رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، وليكن دربه ملهمًا للأجيال القادمة.
#جابر_احمد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟